خبير: "بعض الإعلام الألماني غير ملمٍ بالشأن التركي"
٢٠ مارس ٢٠١٧DW تركيا بلد يعج بالمشاكل واردوغان حاكم مستبد والأكراد يتعرضون للقمع ـ هل هذه هي نظرة وسائل الإعلام الألمانية لتركيا؟
تشانا أفير: جزء كبير من وسائل الإعلام يقوم بتغطية إعلامية يشوبها النقص. هذا له بشكل عام شرعيته، لكن غالبا ما ينقص التمييز. فلماذا؟ لأنه قلما يتم النظر إلى الكواليس الخلفية، ولاسيما المشاكل السياسية الداخلية لا يتم الكشف عنها على الوجه الصحيح.
ما هي القضايا السياسية والاجتماعية التي تغطيها وسائل الإعلام الألمانية بكفاءة وتميز؟
القليل من وسائل الإعلام الألمانية يقدم تقارير عن الدور الحقيقي لحزب العمال الكردستاني الذي تم تصنيفه في ألمانيا وأيضا الاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية. إذن ليس فقط الألمان من أصل تركي أو السياسة التركية الرسمية تسمي حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية. هناك أيضا مؤسسات إعلامية تتحدث مثلا عن هذا، وبعض وسائل الإعلام المكتوبة تقوم بتغطية جد محايدة.
مثال آخر: ليس جميع الأتراك في ألمانيا ينتخبون حزب العدالة والتنمية. هناك حركة معارضة واسعة في تركيا وحتى بين الأتراك المقيمين في الخارج. وهذا لا يتم طرحه دوما في ألمانيا من الناحية الإعلامية بشكل صحيح. فالعرض الإعلامي لتركيا في الشرق الأوسط وفي نسق مع سوريا والعراق هي أفضل بكثير. وهناك تغطية إعلامية أكثر حيادية وكذلك تغطية إعلامية تنظر في العمق. لكن بصفة مبدئية تخضع التغطية الإعلامية لتيار رئيسي معين موجه حسب المشاكل والذي يستخدم على طول كلمات رئيسية مثل أن تركيا تخضع حكم مستبد، بل هي ديكتاتورية وبأن البلاد تنزلق وما شابه ذلك.
قلما تم في الماضي الحديث طويلا في وسائل الإعلام الألمانية وانتقاد تركيا. هل يؤثر هذا على العلاقات الألمانية التركية؟
لقد تأثرت تلك العلاقة. العلاقات الألمانية التركية متأثرة في الحقيقة منذ 2005 بسبب رفض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من جانب ساركوزي حينها في فرنسا وميركل في ألمانيا. وهذه العلاقة تدهورت ببطء وبسبب التطورات السياسية الداخلية في تركيا والتصرف ضد متظاهرين مثلا والآن بسبب تسريح مئات الآلاف في تركيا وصلت العلاقة إلى مستوى متدن. والعلاقات الاقتصادية ماتزال جيدة، لكن هناك الكثير من عدم الثقة. وهذا له تأثير سلبي على الأتراك في ألمانيا.
إذا ظهر ساسة أتراك من حزب العدالة والتنمية في ألمانيا، فإننا نشاهد عبر التلفزة نساء محجبات ورجالا يلوحون بالأعلام التركية. من هم هؤلاء الأتراك في ألمانيا من الناحية الاجتماعية؟ هل هم من الناس البسطاء؟
لا، بل هم أيضا أشخاص متعلمون من الجيل الثاني والثالث في ألمانيا يتعاطفون مع اردوغان وأيضا مع حزب العدالة والتنمية وينتخبونه. إنهم بالأحرى أناس عندهم نواقص في قضيتي الهوية والاندماج ويشعرون بأنهم ليس في وطنهم في ألمانيا لأسباب مختلفة. ولاسيما في الأوساط الدينية المحافظة يقف الناس أمام تحدي تبرير متزايد لتدينهم.
النقاش حول دور الإسلام ودوره البنيوي في ألمانيا يؤدي أيضا في أجزاء هذا المجتمع إلى تغيير في التوجه باتجاه تركيا. ومن الناحية الواقعية نجد أن 10 في المائة فقط من الأتراك في ألمانيا من ناخبي حزب العدالة والتنمية. ونحو نصف مجموعهم يحمل الجنسية الألمانية ولا يحق له الانتخاب في تركيا. ولكن حتى المواطنين الأتراك الذين يحق لهم الإدلاء بصوتهم بين مجموع 1.4 مليون ناخب لم يشارك منهم إلا 40 في المائة في الانتخابات الأخيرة، بينهم 60 في المائة صوتوا لأردوغان. وهذا يعني أولا أنها ليست الغالبية، بل الأقلية، وثانيا هم أولائك الأشخاص الذين لا يجدون في ألمانيا وطنا عاطفيا وأثر عليهم اردوغان منذ سنوات من ناحية الهوية لمنحهم هذا الوطن العاطفي.
هل تنظر وسائل الإعلام الألمانية بصفة سليمة إلى مشكل الهوية لدى الأتراك في ألمانيا؟
لا ليس بما فيه الكفاية. هنا يجب التطرق إلى جوانب جديدة في تعدد الجنسية وإدراكها كشيء عادي. يعني الناس الذين يعيشون في أوساط المهاجرين يحملون في قلبهم وطنين. فدعوة المهاجرين إلى أخذ القرار في الانتماء إلى بلد ما يبقى مشكلة. فهذه التوجيهات والهويات لم تعد لها دلالة في زمن العولمة أو داخل مجتمعات الهجرة، وهذا لا يتم الكشف عنه في وسائل الإعلام ولا في النقاش العام.
إذن وسائل الإعلام الألمانية لها كفاءة محدودة في تحليل المشاكل؟
بالفعل يمكن لنا قول ذلك. ماتزال هناك حاجة إلى توطيد الإمكانيات.
+ تشانر أفير باحث في مركز الدراسات التركية بمدينة إيسن.
أجرى المقابلة فولكر فاغنير