خبير عربي: الرهان على ألمانيا لإيجاد حل مقبول للأزمة بين بيرن وطرابلس
٢٦ فبراير ٢٠١٠انتقدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والكثير من الدول الأوروبية الدعوة التي أطلقها الزعيم الليبي معمر القذافي "للجهاد" ضد سويسرا واصفا إياها بالبلد "الكافر". ومن جانبه ، وصف الاتحاد الأوروبي دعوة القذافي إلى الجهاد ضد سويسرا بأنها "مثيرة للدهشة" ويأتي في توقيت سيء "يعمل فيه الاتحاد الأوربي عن كثب مع سويسرا لإيجاد حل دبلوماسي للقضية الراهنة".
تصريحات القذافي تلك تأتي على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين طرابلس وبيرن، حيث إنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها القذافي سويسرا. ففي خريف 2009 انتقد الزعيم الليبي سويسرا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما اقترح بتفكيكها وتوزيع أراضيها على البلدان المجاورة. وكانت العلاقات بين سويسرا وطرابلس قد تدهورت بشكل ملموس بعد توقيف أحد أبناء القذافي، هنيبال، وزوجته في يوليو 2008 في جنيف بناء على شكوى ضدهما تتهمهما بالاعتداء بالضرب على اثنين من طاقم الخدمة في الفندق الذي كانا يقيمان فيه في جنيف. غير أنه تم الإفراج عن نجل القذافي بعد ذلك بفترة قصيرة، كما أسقطت عنه الاتهامات.
ولكن ليبيا قطعت إمدادات النفط لسويسرا وسحبت مليارات الدولارات من حسابات لها في أحد البنوك السويسرية. كما تلا ذلك اعتقال السلطات الليبية لرجلين سويسريين هما رشيد حمداني وماكس جولدي، وتمت محاكمتهما بتهمة "الإقامة غير الشرعية" و"ممارسة أنشطة اقتصادية غير مشروعة". وفي حين تم الإفراج عن الأول بداية هذا الأسبوع ، مازال جولدي يمضي عقوبة بالسجن لمدة أربعة أشهر في ليبيا.
تراجع في مسار المفاوضات
ويرى الدكتور حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم والوطن العربي ودول المتوسط في جنيف وفي حديث خاص لدويتشه فيله أن تصريحات القذافي الأخيرة حول سويسرا تعد "تراجعا في مسار المفاوضات الدبلوماسية التي بدأت تأخذ بعدا إيجابيا منذ إطلاق سراح المواطن السويسري رشيد حمداني"، إلا أنه في الوقت ذاته يرجع هذا التصعيد في خطاب القذافي تجاه سويسرا إلى الإبقاء على القائمة التي تضم شخصيات ليبية من بينها القذافي محظور عليها الحصول على تأشيرة شينغن وهو ما يكون قد أثار حفيظة الزعيم الليبي.
يذكر أن سويسرا قد وضعت خلال الأسابيع الأخيرة 180 مسئولا ليبيا في قائمة سوداء خاصة بمنطقة شينغن، ما يعني منعهم من دخول أراضي الدول الموقعة على الاتفاقية والتي تضم معظم دول الاتحاد الأوروبي.
صمت سويسري وانتقاد إيطالي
أما بيرن، فقد فضلت عدم التعليق على ما ورد في خطاب القذافي في بنغازي، ما قد يكون محاولة للحيلولة دون المزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين ، خاصة وأن سويسرا تركز حاليا جهودها الدبلوماسية للإفراج عن السويسري الثاني ماكس جولدي الذي يقبع منذ خمسة أيام في أحد السجون الليبية والممنوع من مغادرة البلاد منذ 19 يوليو 2008. ويرى عبيدي أن "تصريحات القذافي الأخيرة أثبتت فشل المقاربة السويسرية حتى الآن في الوصول إلى حل مقبول للجانبين، مشيرا إلى أن "المراهنة الآن على تدخل قوي من قبل الاتحاد الأوروبي خاصة من قبل ألمانيا التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الجماهيرية الليبية لإيجاد حل مقبول للأزمة التي تعود الآن إلى أكثر من عام ونصف".
أما إيطاليا التي تعرف بعلاقتها الجيدة بليبيا فقد أنتقد وزير داخلتيها في وقت سابق روبرتو ماروني سلوك سويسرا إزاء خلاف تأشيرات الدخول مع ليبيا، واصفا إياه بأنه يهدد مستقبل منطقة شينغين التي تسمح بحرية التنقل بين الدول الموقعة على الاتفاقية، حيث ردت ليبيا على الموقف السويسري بالتلويح برفض منح تأشيرات الدخول لكل مواطني الاتحاد الأوروبي. غير أن تلك السياسة لم تطبق بشكل متسق، حيث منحت ليبيا تأشيرات دخول لبعض المواطنين الإيطاليين.
الكاتبة: هبة الله إسماعيل
مراجعة: هشام العدم