"من الصعب منع أردوغان من مخاطبة مواطنية في ألمانيا"
٣٠ يونيو ٢٠١٧
رفضت الحكومة الألمانية طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحديث إلى مواطنيه في ألمانيا على هامش قمة العشرين. خبير في القانون الدستوري يقول إن من يدخل ألمانيا، لا يمكن منعه ببساطة من مخاطبة مواطنيه.
إعلان
DW: أعلنت الحكومة الألمانية رفضها لطلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن الحديث إلى مواطنيه على هامش قمة العشرين في هامبورغ. وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل أشار في تصريحات نقلتها عنه وكالات الأنباء، إلى وجود سند قانوني يمنع مثل هذا الحدث، فما الذي يعنيه غابرييل تحديدا؟
هانز- بيتر شنايدر: الأمر ليس بهذه السهولة، وإلا لكانت الحكومة الألمانية قد اتخذت قرارا حياله منذ فترة طويلة. لم تبحث المحكمة الدستورية الاتحادية الوضع الراهن مطلقا، ولكن ما حدث هو قرار صادر من المحكمة الدستورية في آذار/مارس 2017 كرد على شكوى دستورية كان هدفها عرقلة إلقاء رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم لخطاب في ألمانيا. لم تقبل المحكمة الدستورية هذه الشكوى لكنها بالرغم من ذلك – ودون ضرورة ملحة- عبرت عن رأيها في القضايا الخاصة بدخول قادة ورؤساء حكومات دول أجنبية إلى ألمانيا وإلقاء خطابات فيها. طرح المحكمة المفصل حول هذا الموضوع ودون وجود ضرورة لذلك، من الأمور الملفتة للانتباه.
ما هو الوضع بالنسبة لحالة أردوغان تحديدا؟
الظهور المحتمل للرئيس أردوغان خلال قمة العشرين في هامبورغ مختلف، إذ لا يمكن منعه من دخول ألمانيا لحضور قمة العشرين، لأن من حقه المشاركة في القمة ومن حقه أيضا زيارة ممثلية بلاده (القنصلية التركية) في هامبورغ. لا يمكن للمرء منعه من دخول شرفة القنصلية والحديث إلى مواطنيه. بالطبع سيتم الإعلان عن هذا بشكل مسبق، وهنا يمكن الحديث حول ما إذا كان الأمر يتعلق بتجمع، يمكن من الناحية النظرية إصدار قرار بمنعه؛ وهو أمر جائز من الناحية القانونية في حالة واحدة فقط وهي وجود خطورة من تحول هذا التجمع لأعمال عنف. إشارة غابرييل كانت بالأحرى لرأي المحكمة الدستورية (المذكور أعلاه).
تحدثت عن الأهمية التي يحملها تطرق المحكمة الدستورية بالتفصيل للوضع القانوني لمثل هذه الزيارات، فما الذي دفع المحكمة لذلك برأيك؟
أعتقد أن المحكمة أرادت أن تضع خطا واضحا لحالات مشابهة، لذلك أشارت بوضوح إلى السفر إلى ألمانيا، بمعنى أوضح: لا خطابات في حال عدم دخول البلاد. يمكن للحكومة الاتحادية منع دخول البلاد في إطار نفوذها المتعلق بتنظيم السياسات الخارجية، لكن ما أغفله المرء هنا هو عدم إمكانية منع قادة الدول من حضور مؤتمرات مثل قمة العشرين. لا يمكن التنبؤ بالتطورات عندما يدخل الشخص المعني لألمانيا بالفعل، لاسيما وأن بوسع أي شخص ذي صفه رسمية أن يتحدث أمام مواطني بلاده.
ترغب الحكومة الألمانية الآن في منع إلقاء الساسة الأجانب بشكل عام لخطابات قبل ثلاثة أشهر من أي انتخابات مزمعة، ما إمكانية نجاح مثل هذه الفكرة؟
لن يستقيم هذا الأمر برأيي، لأن السؤال عما إذا كان من حق رؤساء دول أجنبية إقامة حملات انتخابية هنا، مرتبط في الأساس بسؤال آخر وهو: هل علينا أن نتركهم يدخلون ألمانيا من الأساس في هذه الحالة؟ توضيح هذا الأمر سيضع الحكومة الاتحادية في تناقض هو السماح بدخول البلاد ورفض إلقاء خطابات في نفس الوقت! ذهبت المحكمة الدستورية أبعد من ذلك وأشارت إلى أن دخول البلاد هو مفتاح الحل، فمنع الدخول يغلق باب النقاش من الأساس حول إلقاء خطابات.
من الناحية الأخرى فإن القرار بمنع دخول قادة الدول بشكل عام، إلى ألمانيا قبل ثلاثة أشهر من أي انتخابات، سيقيد إمكانية التحرك السياسي للحكومة الألمانية بشكل كبير، لأن هذا لن ينطبق على تركيا وحدها وإنما على باقي الدول والرؤساء؛ وهو أمر لا أنصح به.
البروفيسور هانز- بيتر شنايدر قام بتدريس القانون الدولي والإداري في جامعة هانوفر التقنية حتى عام 2003، كما عمل لسنوات كقاض في عدة محاكم من بينها المحكمة الدستورية لولاية سكسونيا، ويعمل حاليا كمدير تنفيذي للمعهد الألماني للأبحاث الفيدرالية.
شتيفاني هوبنر/ ابتسام فوزي
العلاقات التركية الأوروبية ـ محطات من الاتفاق والاختلاف
العلاقات التركية الأوروبية، والتركية الألمانية على وجه الخصوص، لم تكن يوما في غاية التناغم، لكنها شهدت خلال السنة الماضية فترة تقارب مصالح، أعقبتها توترات بلغت أوجها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sagolj/Zivulovic/Kombo
أفضت أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا إلى تقارب المصالح بين أنقرة وبروكسل، حيث عول الأوروبيون على أنقره في وقف هذا التدفق عبر أراضيها، فيما وجدت تركيا فرصتها في الاستفادة من هذه الفرصة التي قلما جاد بها الزمن.
صورة من: Getty Images/M. Cardy
يقضي الاتفاق باستقبال تركيا اللاجئين الذين يتم إعادتهم من اليونان مقابل استقبال أعضاء الاتحاد الأوروبي للاجئين سورين بطريقة قانونية، لكن هذا الاتفاق تضمن شروطا ما تزال خلافية منها إعفاء الموطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وقيام تركيا بتعديل التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وهنا كانت العقد في المنشار أمام هذا الاتفاق.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
المستشارة أنغيلا ميركل، التي تتحمل بلادها العبء الأكبر لتدفق اللاجئين، تزعمت جهود تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
لكن العلاقات بين برلين وأنقرة توترت بعد تبني البرلمان الألماني قرارا يصنف مجازر الأرمن عام قبل مئة بأنها "إبادة جماعية".
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
وما تزال العلاقات بين تركيا وألمانيا فاترة إثر قرار البرلمان الألماني فضلا عن إحباط أنقرة مما اعتبرته تضامنا فاترا معها في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز، والذي بدأ على خلفيته فصلا جديدا من التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
فإثر حملة الاعتقالات وما أسمي بحملة "التطهير" التي نفذتها وتنفذها أنقرة على خلفية محاولة الانقلاب تلك وتكميم الأفواه، تصاعدت الانتقادات الأوروبية لأنقرة، ما أفضى مجددا إلى توترات في العلاقات وعرض الاتفاق بشأن اللاجئين للجمود وربما للفشل قريبا.
صورة من: picture-alliance/Zuma/T. Adanali
وكرد على محاولة الانقلاب رفضت أنقره تعديل قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، كما أنها تسعى لاستصدار تشريع لإعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كانت أنقره قد ألغتها بطلب من الاتحاد الأوروبي ضمن شروط مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وهذا ربما يشكل رصاصة الرحمة على هذه المفاوضات. (الصورة لأردوغان مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز)
صورة من: picture-alliance/epa/J. Warnand
وظهرت دعوات من داخل الاتحاد الأوروبي لوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حيث شككت النمسا في قدرة تركيا على الوفاء بالمعايير الأوروبية الخاصة بالديمقراطية. لكن الاقتراح النمساوي لم يحظ سوى بدعم ضئيل داخل الاتحاد رغم الاستياء داخل التكتل إزاء أنقره.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Atalay
في بداية سبتمبر/أيلول الماضي سعى الاتحاد الأوروبي مع تركيا لاختبار الأجواء لعودة التقارب بين الجانبين عقب التوتر منذ الانقلاب الفاشل، وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبور "نحتاج لتقارب ونحتاج لتطبيع الوضع". وقد عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية التكتل مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك، كما زارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F.Aktas
لكن التوتر عاد مجددا بين أنقره والاتحاد الأوروبي وبينها وبين برلين على خلفية تضييق أنقره على حرية الصحافة واعتقال صحفيين، وكذلك اعتقال نواب معارضين مؤيدين للأكراد. ووصل الأمر بأردوغان مؤخرا إلى اتهام برلين بـ "إيواء إرهابيين"، وهو ما رفضته برلين.