خطاب السيسي حول السلام.. عرب يسخرون وإسرائيليون يرحبون
علاء جمعة
٢٠ سبتمبر ٢٠١٧
تباين ردود الفعل حول خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ففيما رحب البعض بتأكيده على التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قوبل الخطاب بتهكم آخرين حول خروجه عن النص.
إعلان
أثارت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الفلسطينيين على التغلب على الخلافات فيما بينهم والاستعداد للقبول بالتعايش مع بعضهم البعض ومع الإسرائيليين في سلام وأمن. وقال السيسي في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "أتوجه بكلمتي وندائي الأول إلى الشعب الفلسطيني وأقول له مهم جداً الاتحاد خلف الهدف وعدم الاختلاف وعدم إضاعة الفرصة والاستعداد لقبول التعايش مع الآخر مع الإسرائيليين في أمان وسلام:
وأدى خروج الرئيس المصري عن النص عدة مرات إلى وقوعه في أخطاء أثارت سخرية المعلقين العرب، حيث أكد السيسي على أهمية المفاوضات من أجل ضمان أمن الموطن الإسرائيلي جنباً إلى جنب لضمان أمن المواطن الإسرائيلي:
وأكد أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم في حوار مع DW عربية أن الفصائل الفلسطينية لديها ثقة في مصر وفي الشعب المصري، على الرغم من "أن مصر في العقل والنفس العربية لم تعد أم الدنيا، وهذا بسبب القيادات المصرية التي لم تتصرف بقدر مصر، يعني كانت القيادات المصرية أقل بكثير من حجم مصر وبالتالي قلصت الحجم المصري الى حجمها هي".
وأكد أيضاً أن مصر فقدت الكثير من قدراتها التي كانت في زمن الرئيس جمال عبد الناصر، ومازالت تحاول أن يبقى لها رأي في الساحة العربية ولكن دون قيادة.
وكان الدور المصري قد شهد ترحيباً حكومياً فلسطينياً، حيث أكدت الرئاسة الفلسطينية على أهمية الدور الرسمي المصري، في حين رحبت حركة حماس بالجهود المصرية من أجل دفع التسوية السياسة.
إلا أن مغردين فلسطينيين علقوا بسخرية وتهكم شديدين من الخطاب، وأظهرت مواقع التواصل الاجتماعي تشككاً في حسن نية الجهود المصرية، خاصة بعد أن شدد السيسي على أهمية ضمان أمن إسرائيل:
كما رفض بعض المعلقين دعواته التي وجهها للفلسطينيين للتعايش.
وبالرغم من رفض معلقين عرب لأقوال السيسي، ظهرت أيضاً تعليقات مؤيدة تشيد بحكمته السياسية، وتطالبه ببذل الجهود من أجل إيجاد تسويات عادلة:
على الصعيد الإسرائيلي، أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي وجود بعض التضامن لأقوال الرئيس المصري، وقال السيسي موجهاً حديثه للإسرائيليين "لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة في السلام معكم منذ أكثر من أربعين سنة ويمكن أن نكرر هذه التجربة والخطوة الرائعة مرة أخرى أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي مع أمن وسلامة المواطن الفلسطيني".
ونقل مغرد إسرائيلي يدعى سكوب أقوال الرئيس المصري قائلاً:
الرئيس المصري السيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة: "يجب أن يكون الفلسطينيون مستعدين للتعايش مع إسرائيل".
وبالرغم من التضامن الإسرائيلي الشعبي، غابت أقوال الرئيس المصري عن افتتاحيات الصحف الإسرائيلية، وعن أقوال السياسيين الإسرائيليين.
إيدو سيلكوفيتس غرد قائلاً:
مصر بلد مركزي في المنطقة ولديها القدرة على التأثير على الفلسطينيين والمساهمة بشكل كبير في دفع عملية سياسية إقليمية.
وقال مغرد آخر يدعى داني إن اتفاق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني سيزيد من الأمن لجميع شعوب المنطقة:
وأكد سفير إسرائيل السابق في مصر إسحاق ليفانون لـDW عربية أن الدور المصري مرحب به في إسرائيل سواء على مستوى السلطة أو الشارع، فمصر شريك سلام منذ 30 سنة ولها نفوذ ووزن وتاريخ يمتد لأكثر من 7000 سنة كما أن الشارع الإسرائيلي مقتنع بالحل الإقليمي باعتباره ضماناً لعملية السلام مع الفلسطينيين.
في صورـ قصة الدور المصري في الملف الفلسطيني الإسرائيلي عبر التاريخ
لعبت مصر تاريخيا دورا رئيسيا ومؤثرا في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية. القاهرة خاضت حروبا ضد إسرائيل، في حين ساهمت أيضا في دفع عملية السلام. إليكم أبرز ملامح الدور المصري منذ عهد عبد الناصر وحتى عهد السيسي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Daugherty
التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمرة الأولى علنا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين (19 سبتمبر/ أيلول 2017) في نيويورك، في خطوة تعكس رغبة مصر في العودة إلى مقدمة الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وبحث السيسي ونتانياهو على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية المعطلة منذ عام 2014.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com
وشهدت زيارة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى مصر في سبتمبر/ أيلول 2017 لبحث المصالحة الفلسطينية من جانب آخر تطورا ملحوظا في موقف القاهرة حيال حركة حماس بعد فترة طويلة من الفتور. وكانت القاهرة اتهمت حماس بدعم جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفت "منظمة إرهابية" في مصر منذ الإطاحة في صيف 2013 بالرئيس الإسلامي محمد مرسي.
صورة من: Reuters/M. Salem
رغم الحضور القوي للقضية الفلسطينية في برامج الأحزاب المصرية، وبالأخص "حزب «العدالة والحرية"، الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين بعد الثورة، وحضورها لدى الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وبالرغم من تحسن العلاقات بين مرسي وحركة حماس في غزة كان بقاء معبر رفح مغلقًا -خاصة بعد مقتل 16 جنديًا مصريًا على الحدود في 6 أغسطس 2012- دليلًا على موقف مصر تجاه ملف حصار غزة وفتح معبر رفح.
صورة من: picture-alliance/dpa
دعمت مصر بقيادة مرسي حركة حماس في الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، فقامت بسحب السفير المصري في نوفمبر 2012 ردًا على الحرب. وصاحب الدعم الحكومي ردود فعل شعبية ورسمية وإرسال وفود للقطاع وحث دول الجوار على اتخاذ إجراءات قوية ضد "العدوان"، كما عملت مصر على رعاية تهدئة الأوضاع وإقرار هدنة بين الطرفين. وتُوِّج الدعم المصري بزيارة رئيس وزراء مصر حينها هشام قنديل إلى غزة.
صورة من: Jack Guez/AFP/Getty Images
بوصول أوباما إلى سدة الحكم، عاد الحديث مجددا إلى الدور المصري في عملية السلام، وكانت العلاقات الأمريكية المصرية شهدت تدهورا في عهد جورج بوش الابن والرئيس المصري محمد حسني مبارك، وذلك بعد انتقادات أمريكية لملف حقوق الإنسان. وزار مبارك واشنطن في آب / أغسطس 2009، وأكد هناك على أهمية الوصول إلى اتفاق سلام شامل بين الفلسطينيين والإسرائليين، وصرح أنه بوسع دول عربية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
صورة من: AP/picture-alliance/dpa/Montage DW
دعمت مصر وحضرت توقيع اتفاق أوسلو، الذي شهد اعترافا متبادلا بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل وإعلان المبادئ، الموقّع في البيت الأبيض بتاريخ 13 سبتمبر/ أيلول 1993، بعد مفاوضات سرية فلسطينية إسرائيلية في النرويج. وكان للرئيس الأسبق حسني مبارك دور كبير في دعم هذا الاتفاق.
صورة من: AFP/Getty Images
كان الرئيس المصري محمد أنور السادات أول رئيس عربي يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل، وهو ما عرف باتفاقية كامب ديفيد وذلك في 17 سبتمبر/ أيلول 1978،والتي تمت ضمن رعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وأثارت الاتفاقية انتقادات عربية. وتم تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية خلال الفترة بين 1979- 1989.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Daugherty
أحدثت حرب 1973 تغييرات عميقة على الصعيد المحلي المصري، وعلى الصعيد العالمي، ومهدت حرب أكتوبر إلى تعزيز العمل السياسي بين مصر وإسرائيل، حيث اتجه الرئيس السادات بعدها إلى المفاوضات من أجل تحقيق سلام مع إسرائيل، ودعا الفلسطينيين إلى المشاركة بالعملية السياسية وهو ما أثار انتقادات فلسطينية وقتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
كانت مصر القوة العربية الكبرى، ففي الخمسينيات والستينيات كان عبد الناصر يلهب حماس العرب بتحديه لقوى الاستعمار وعدائه لإسرائيل وبحديثه عن القومية العربية والاشتراكية، ورسخ عبد الناصر نفوذ مصر في شتى أنحاء المنطقة رغم الهزيمة أمام إسرائيل في حرب عام 1967. (إعداد: علاء جمعة)