القدرة اللامحدودة على الجري هي ما يريد مدمن الرياضة بلوغه. لكن المبالغة في ممارسة الرياضة قد توقف القلب فجأةً. وتجاهل الآلام والإصابات هو إحدى علامات الإصابة بإدمان الرياضة. فكيف تكتشف وتقيس وتعالج إدمانك على الرياضة؟
إعلان
الحركة مهمة للحفاظ على الصحة. ولكن بعض الرياضيين يبالغون في ذلك. فما علامات المبالغة في الرياضة وما أخطارها؟ قد يصبح الإنسان مدمناً على الرياضة، ولا يزال العلم محتاراً فيما يخص معرفة أسباب إدمان الأشخاص الذين يعانون منه، غير أن تجاهل الإصابات والآلام هي علامة كلاسيكية للإصابة بإدمان الرياضة والمبالغة في ممارستها. كما أن من علامات ذلك أيضاً تجاهل علامات الإرهاق، ومواصلة التمرين إلى أن تخور قوى الجسد.
مثلاً الشاب الألماني ميركو بيرنر –الذي يعشق مسابقات الجري– يتدرب على الركض أكثر من عشرين ساعة أسبوعياً، "ويصبح المرء مدمناً على هذه الرياضة، لأنها تمنح شعوراً جيداً"، كما يقول. الحديث عن الإدمان على رياضات التحمُّل قد يبدو إيجابياً للوهلة الأولى، لكن "الناس لا يدركون أن الإدمان من الناحية الطبية هو نوع من الأمراض النفسية التي تتطلب العلاج المناسب لها"، وفق ما يقول الطبيب الألماني هايكو تسيمانتس لمجلة صحتك بين يديك على قناة DW.
رياضات خطرة... قوة خارقة تستكشف حدود الطاقة البشرية
أعلى وأسرع وأبعد، هذا هو هدف العديد من الرياضيين الذين يمارسون أنواع الرياضة الخطرة، فمن الباركور وحتى رياضة التسلق الحر، صممت لأناس لا يخافون، وقد لا تمنعهم الإصابة أو الكسور من تكرار المحاولة .
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Ali
أصل رياضة الباركور يرجع إلى ريموند بيل، وهو من قدامى المحاربين في فيتنام، وتعتمد هذه الرياضة على القدرة على الانتقال السلس، والتغلب على العوائق الموجودة، باستخدام القدرات الجسدية، حيث يمكن أن تكون العوائق أي شيئ ممكن، شجرة، جدار، صخور، وهو ما يجعل هذه الرياضة خطرة. في الصورة شاب فلسطيني من مدينة خان يونس في قطاع غزة، وهو يقفز إلى بناية أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Ali
من يسمع عن رياضة التسلق الحر Freeclimbing يعتقد أنها بدون استخدام أية أدوات حماية للمتسلقين، إلا أن هذا ليس صحيحا، فالحماية مسموحة هنا، إلا أنه يمنع استخدام أدوات خاصة بالتسلق، من أجل الصعود، بل يكون الاعتماد على القدرات الجسدية.
صورة من: picture-alliance/ASA/X. Kreuzeder
وخلافا للتسلق على الصخور ، فإن تزلق المرتفعات الثلجية يصاحبها تغير مستمر في عمق الأسطح الثلجية التي يرتكز عليها المتسلقون. كما أنها تكون زلقة، وتتعرض هذه الأسطح الجليدية لدرجات حرارة مختلفة، لذلك فإن على متسلق المرتفعات الجليدية، أن يعرف بأن عليه استخدام أدوات وأساليب تختلف عن تسلق الجبال الصخرية، فأي حركة خاطئة قد تتسبب في انهيارات ثلجية.
صورة من: picture-alliance/ASA/X. Kreuzeder
تعتبر هذه الرياضة شبيه بالمشي على حبل مرتفع (High Line)، إلا أنها تكون بين جبال مرتفعة، أو حتى ناطحات سحاب، ونشاهد هنا أحد الرياضيين المجريين الذي يمشي فوق جبال لاداخ، في الشطر الهندي من إقليم كشمير، كما أن هنالك العديد من الرياضيين، الذين يستخدمون شبكة للحماية.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Mohai
تزلج المنحدرات أو رياضة (downhill skateboarding)،هي من الرياضات السريعة والخطرة، بحيث يستخدم اللاعب لوحة تدرج (skateboard)، لنزول المرتفعات الجبلية بسرعة قد تفوق المئة كيلومتر في الساعة، وعادة ما يتم حظر الحركة المرورية بالسيارات، خشية من اصطدامها باللاعبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Naupold
السقوط من الفضاء، هي أيضا من الرياضات الخطرة، وتحتاج إلى إذن حكومي في العديد من الدول، لأنها قد تعرقل الحركة الجوية ومسارب الطيران. واحدة من أشهر تلك القفزات من الفضاء كانت من فيلكس باومغارتنر في العام 2012.
صورة من: picture-alliance/dpa/Red Bull Stratos
الطيران المجنح مثل الرجل الوطواط (Batman) . قبل إستخدام الأجهزة الحديثة داخل بدلات خاصة، والتي مكنت الرياضي من التحليق على المرتفعات، فقد الكثيرون حياتهم ثمنا لذلك، لأنهم لجأوا لمحاولة الطيران من خلال لبس أجنحة، وتقليد حركات الطيور.
صورة من: AFP/Getty Images/P. Desmazes
القفز العالي من أجل الغوص العميق، رياضة قد تصل سرعة القفز فيها إلى 100 كيلو/ ساعة، حيث يجب على اللاعبين الاسترخاء، واتخاذ وضعيات قفز مناسبة، لأن القفز من ارتفاعات كبيرة يكون خطرا وقد يتسبب بكسور وجروح، كما أن هنالك خطر الاصطدام في الصخور تحت الماء.
صورة من: Tomislav Moze/Red Bull Content Pool
ركوب الأمواج يكون عادة بالاستعانة بقوارب ( Jet-Ski)، والتي تمكن من التحرك بسرعات كبيرة، كما أن البعض يلجأ لاستخدام طائرات مروحية، من أجل التمتع بسرعات أكبر، ولا يلزم التجديف لساعات، بل يمكن أيضا الاستعانة بالموج، وحطم غاريت ماكنمارا الرقم القياسي في ركوب الأمواج، حيث كان طول الموجة حوالي 30 مترا.
صورة من: picture-alliance/dpa/E. Aeder
نوبات الذعر والخوف من الأماكن المغلقة، يمكن أن تكون له عواقب مميتة هنا. غوص الكهوف يحتاج إلى خبرة جيدة، ففي هذه الأماكن لا يمكن الغوص بشكل عمودي، كما أن الغواص عليه ان يعتاد على الظلمة المحيطة، بالنسبة للعديد من العلماء والباحثين فإن الغوص داخل الكهوف مهم من أجل التعرف على كائنات حية جديدة. (الكاتب توبياز فايغيل/ ترجمة علاء جمعة)
صورة من: picture-alliance/dpa/G.Tzanakis
10 صورة1 | 10
ويمكن اكتشاف أن الشخص يبالغ في ممارسة الرياضة بعمل فحص لدى طبيب القلب، الذي يقوم بفحص ما يعرف بالجهاز العصبي اللاإرادي. وهو يتكون من جزأين متضادين هما: الجهاز العصبي الودي المسؤول عن تنظيم هرمون الإدرينالين والضغط ويحفز الإنسان على تحمل الإجهاد على سبيل المثال. أما الجزء الثاني فهو الجهاز العصبي اللاودي المسؤول عن استرخاء الأعصاب، كما يشرح الطبيب الألماني ليو فراون بيرغَر لمجلة صحتك بين يديك على تلفزيون DW.
وفي حالة الإجهاد الجسدي، يسرّع الجهاز العصبي الودي نبض القلب، ويوسع المجاري التنفسية. وبعد زوال الإجهاد يحصل الاسترخاء عبر الجهاز العصبي اللاودي. يعادل الجهازان العصبيان عمل بعضهما البعض. لكن من خلال جهد التدريب يزداد عمل الجهاز العصبي الودي عن اللاودي. قياس التنفس ونبض القلب يشير إلى سلامة عمل هذه الآلية لدى الشخص الممارس للرياضة. وأجسام مدمني الرياضة والمبالغين في ممارستها تكون غير قادرة على الراحة والاسترخاء بعد الانتهاء من التمارين. المؤشر الأول هو نبضات القلب المرتفعة في حالة الاسترخاء. فنبض قلب الرياضي الاعتيادي يجب ألا يزيد عن 60 نبضة في الدقيقة. أما "معدل نبض القلب الذي يصل إلى ثمانية وثمانين نبضة في الدقيقة تقريباً، قد يدل على أن الرياضي لم يشرب كثيراً، أو لم ينم جيداً. والتدريب الشاق في اليوم السابق مسؤول أيضا عن ذلك"، كما يقول الأطباء.
نبض القلب المرتفع أثناء الاسترخاء هو حالة غريبة تشير إلى أن الرياضي يحتاج إلى راحة أكثر، وإلا فستكون العواقب وخيمة على جسده، و "على المدى الطويل قد يتضرر القلب، وهذا يشمل زيادة خطر اضطراب نبض القلب بشكل قد يؤدي إلى توقفه بشكل مفاجئ"، بحسب تحذير الطبيب ليو فراون بيرغَر.
يعترف الشاب الألماني –الـمُفْرِط في الرياضة– ميركو بيرنر بأنه لا يشعر أحيانا بتحذيرات جسده، ويقول: "في إحدى المرات سقطتُ ونزفت ركبتي، ولم أشعر بالنزيف أو حتى بالألم". فأثناء ممارسة الرياضة، يزداد إفراز هرمونات الإندروفين في الدماغ، وهذه تحسّن المزاج وتثبط الألم. هذا الشعور بالسعادة قد يؤدي إلى الإدمان. إنه إدمان له تأثير " يشبه تأثير مخدِّر الأفيون ومسكنات الألم القوية التي نستخدمها في علاج الآلام. وهذا يجعل المرء في حالة من السعادة وانعدام الألم"، وفق توضيح الطبيب ليو فراون بيرغر.
إن القدرة اللامحدودة على الجري وحالة انعدام الألم هو ما يريد مدمن الرياضة بلوغه. لكن على المدى الطويل يخاطر الرياضيون بصحتهم، وهذا ما لا يرغب به الشاب ابن العشرين عاماً ميركو بيرنر، إذ يقول: "أشعر الآن برغبة في الركض، لكن يجب أن أظهر بعض الإرادة لمقاومة هذه الرغبة وألا أفعل ذلك. قد يبدو كبح هذه الرغبة أمراً متناقضاً. أريد أن أذهب لأجري، يجب أن أتغلب على هذا الآن، أنا لن أذهب إلى الجري. يجب أن يُفَعِّل المرء عقله وألاّ يستسلم لهذا الإغراء". وها هو بات يعرف الآن كيف يمكن أن يصبح الإنسان بسرعة مدمناً على الرياضة.