خطيبة خاشقجي والاتحاد الأوروبي ينتقدان الأحكام القضائية
٢٤ ديسمبر ٢٠١٩
واجهت الأحكام السعودية بحق متورطين بمقتل خاشقجي انتقادات، أبرزها من المقررة الأممية لحالات الإعدام خارج القضاء كالمار والتي وصفت المحكمة "بالمهزلة". اليوم انضمت خطيبة الصحفي المغدور والاتحاد الأوروبي إلى قائمة المنتقدين.
إعلان
مسائيةDW: انتقادات حقوقية للقضاء السعودي بعد أحكام قضية خاشقجي
25:32
الأحكام التي أصدرتها محكمة سعودية أمس الاثنين بإعدام خمسة متورطين بمقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول والحكم بالسجن بحق آخرين، أثارت انتقادات واسعة بين صفوف حقوقيين ومدافعين عن حقوق الإنسانإلى جانب دول غربية عديدة التي رأت في الأحكام انعدام الشفافية وعدم مثول أصحاب القرار في اغتيال خاشقجي أمام أي محكمة أو تحقيق جدي.
أحدث المواقف اليوم جاءت من التركية التي كانت خطيبة خاشقجي؛ إذ وصفت الحكم الصادر فيالسعودية بإعدام خمسة متهمين في قضية مقتله بأنه ظالم وباطل مضيفةأن إعدامهم سيخفي الحقيقة بدرجة أكبر. وقالت خديجة جنكيز في بيان اليوم الثلاثاء (24 كانون الأول/ديسمبر 2019) إن المحاكمة لم تكشف عن السبب الذي دفع من أدينوا بقتله إلى فعل ذلك مشيرة إلى أن المحاكمة أجريت وراء أبواب مغلقة. وأضاف البيان: "إذا تم إعدام هؤلاء الناس قبل أن تتاح لهم فرصة الحديث وشرح موقفهم فربما لن نعرف أبدا الحقيقة وراء هذا القتل". وأضافت "أدعو كل سلطة في العالم إلى إدانة هذا النوع من الحكم القضائي وأن تمنع بشكل عاجل أي إعدام لأن ذلك لن يكون سوى خطوة أخرى في إخفاء الحقيقة".
كالمار تجدد انتقاداتها
وكانت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات إعدام خارج القانون في المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنييس كالمار قد وصفت في حديث مع مؤسسة DW الأحكام بأنها لن تحقق العدالة المرجوة، فيما قالت في حديث آخر إن الأحكام تشكل "مهزلة". واليوم قالت أنييس كالمار، خلال مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د .ب .أ.) إنه لا تزال هناك إمكانيات أخرى للتحقيق في الجريمة وتقديم الجناة للمحكمة، مضيفة أن ألمانيا تستطيع أن تدلي بدلوها هي الأخرى في الموضوع.
وفي ردها على سؤال بشأن السبب وراء قرار السعودية المفاجئ بشأن الإعلانعن القضية رغم أن المحاكمة كانت سرية لفترة طويلة، وصدور الحكم أمس بحضور ممثلين عن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ذكرت مقررة الأمم المتحدة، أن هذه الخطوة تهدف لإشراك المجتمع الدولي في المسؤولية عن حكم خاطئ، "لأن توفير السعودية فرصة لممثلي هذه الدول لحضور المحاكمة يوحي بالمصارحة، ولكن الحقيقة هي أن ذلك يزج بمجلس الأمن في قضية بعيدة كل البعد عن النزاهة".
وذهبت كالمار إلى أن القضية "تفتقد لكافة المعايير الدولية المطلوبة لأي محاكمة نزيهة" وأضافت: "كما أن حقيقة حضور ممثلي هذه الدول الخمس وتركيا أمس يفسر السبب وراء الإعلان عن الحكم". وتابعت كالمار: "لا تحضرني كلمات تكفي للتعبير بقوة كافية عن مدى شجبي لما فعلته هذه الدول الخمس.. إذا ما أرادت أن تحضر المحاكمة، فإنه كان يتعين عليها التفاوض والتداول حتى يمكنها أن تتحدث بصورة علنية وصريحة عما كانت تشاهده".
ورداً على سؤال بشأن ما الذي تنوي كالمار فعله بصفتها المقررة، الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أوضحت: "قلت بالفعل فيتقريري الذي قدمته في حزيران/يونيو الماضي إنني لا أنتظر أن تأتي العدالة من السعودية، لا أنتظرها من السعودية التي نعرفها، وعلينا أيضا ألا نترك العدالة لجمال (خاشقجي) لأهواءجهاز القضاء السعودي".
تابعت كالمار: "عندما نشاهد المحاكمات القضائية نجد أن هناك ثلاثة إمكانيات حالياً، فباستطاعة مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي "أف بى أى"، حيث كان يعيش خاشقجي، التحقيق في مقتل خاشقجي، ويمكن السعي من أجل إجراء محاكمة مدنية ضد السعودية، وثانيا فإن من حق السلطات التركية دستورياً أن تقوم بمحاكمة غيابية.. لقد حققت السلطات التركية في الأشهر الـ 12 الماضيةفي مقتل خاشقجي، لديها كمية من المعلومات، أكثر بكثير مما أعلنت عنه وما وفرته لي، عليها الآن أن تستمر في ذلك من خلال محاكمة، وعليها أن تكشف عن جميع الأدلة المتوفرة لديها، بما في ذلك سلسلة الأوامر التي أدت للاغتيال".
وفيما يتعلق بالخيار الثالث، قالت كالمار: "ثالثاً، فإن جريمة قتل خاشقجي تعد من وجهة نظري جريمة دولية، تتيح إمكانية استخدام مبدأ القانون الدولي، مما يعني أن دولا مثل فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا...، لديها الاختصاص القضائي للتحقيق أولا ثم تقديم أي شخص له صلة بالقتل، للمحاكمة وربما يطأ أراضيها، وهو ما يمكن أن يطال في هذه الحالة (ولي العهد السعودي)، محمد بن سلمان، والذي لم يصبح رأس دولة بعد".
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت سبل أخرى لمحاسبة السعودية بشأن مقتل خاشقجي، قالت كالمار: "من بين هذه الطرق الإبقاء على الموضوع ضمن الأجندات المطروحة، والتأكد من أن الموضوع سيظل على الأجندة، وبالتحديد في كل موضع (و) في كل محاولة تقوم بها السعودية لشراء سمعة جديدة لها، وذلك من خلال استثمارها في الثقافة والرياضة والفن، ومن خلال شراء الناس، علينا أن نطالب بالإفراج عن جميع الصحفيين وغيرهم المسجونين حاليا، وأن يتم الإفراج عن نشطاء حقوق المرأة، هناك قدر من الأشياء التي يجب أن تظل على الأجندة، وهذا هو أيضاً جزء من العدالة لجمال خاشقجي".
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان من الممكن منع انعقاد قمة مجموعة العشرين العام المقبل في السعودية، قالت كالمار: "أشك في إمكانية ذلك، ولكن هناك العديد من الأشياء ممكنة الحدوث، فنحن نستطيع المطالبة بأن يكون الملك سلمان، وليس ولي العهد، هو مضيف القمة، نستطيع أن نطالب بأن تكون هناك نقاشات أثناء قمة العشرين بشأن حرية الصحافة وحقوق الإنسان بشكل عام، لابد أن يكون من الواضح جدا أن قمة مجموعة العشرين في الرياض ستكون وسيلة تستغلها هذه الدولة، وعلينا أن نكون مستعدين".
الاتحاد الأوروبي يشجب
أوروبياً، أدان الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء أحكام الإعدام التي صدرت أمس في المحاكمة الخاصة بمقتل الصحفي خاشقجي. وقال المتحدث باسم شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بيتر ستانو في بيان إن "الاتحاد الأوروبي يعارض تماماً استخدام عقوبة الإعدام دائما وبدون ستثناء".وقال البيان إن الحكم بالإعدام هو "عقوبة قاسية وغير إنسانية، فشلت في أن تكون رادعاً وهي تشكل إنكاراً غير مقبول للكرامة والسلامة الإنسانية". كما أكد الاتحاد الأوروبي ضرورة ضمان محاكمة كل المتورطين في جريمة القتل قائلاً: "يجب أن يعتمد هذا على مبادئ الشفافية واحترام الإجراءات القانونية الواجبة".
ح.ع.ح/خ.س(د.ب.أ، رويترز، أ.ف.ب)
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.