خلافات جوهرية تثقل كاهل الشراكة الألمانية السعودية
٩ ديسمبر ٢٠١٦
تعتبر السعودية شريكا استراتيجيا لألمانيا وينتمي البلدان للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما تعد الرياض زبونا أساسيا لصناعة السلاح الألمانية، غير أن هذه الشراكة تعاني من خلافات في عدد من القضايا الجوهرية.
إعلان
تقوم وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون ديرلاين بزيارة للمملكة العربية السعودية في مرحلة دقيقة تجتازها العلاقات بين البلدين. وذكرت أوساط مرافقة للوفد المصاحب لوزيرة الدفاع الألمانية أنها ستتناول عددا من القضايا الشائكة وفي مقدمتها حقوق الإنسان، وكذلك العملية العسكرية المثيرة للجدل التي يقوم بها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.
ولكن إلى أي حد تملك ألمانيا والغرب بشكل عام أدوات للتأثير على سلطات الرياض خصوصا في الموضوعات المرتبطة بحقوق الإنسان؟ بهذا الصدد يرى آدام كوغل الخبير في الشؤون السعودية لدى منظمة هيومان رايتس ووتش في حوار سابق مع DW أن هناك "خوف من إغضاب السعوديين من قبل الحكومات الغربية التي تضطر لالتزام الصمت. فلو جعلت تلك البلدان حقوق الإنسان في قلب سياستها اتجاه السعودية لكان لذلك تأثير. لو قالت ألمانيا مثلا لن نبيع لكم من اليوم الدبابات إذا واصلتم انتهاك حقوق الإنسان، لكان ذلك رسالة جيدة".
بين القيم .. والواقعية السياسية
تنتقد عدد من القوى السياسية في ألمانيا من بينها حزب الخضر، صادرات الأسلحة الألمانية للسعودية التي تحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تقتني السلاح الألماني عام 2015. واشتملت صادرات ألمانيا إلى السعودية العام الماضي على زوارق استطلاع، وعربات برية، ومعدات إعادة تزويد بالوقود في الجو، وطائرات بدون طيار، وقطع مقاتلات، وعربات مصفحة. جدير بالذكر أن السعودية شغلت خلال الخمس الأعوام الماضية المركز الثاني بين أكبر الدول المستوردة للأسلحة في العالم بعد الهند.
المرأة السعودية مصرة على نيل حقها في قيادة السيارة
إصرارا منهن على نيل حقهن في قيادة السيارة، تطلق ناشطات سعوديات حملات عبر الصفحات الالكترونية احتجاجا على القيود المفروضة عليهن. وبينما يتفق البعض على عدم وجود نص فقهي يمنع المرأة من القيادة، يرى آخرون الأمر بشكل مختلف.
صورة من: picture-alliance/dpa
حقوق دون المعايير العالمية
ما يزال وضع المرأة السعودية دون المعايير العالمية: فهي تخضع لقراءة متشددة للشريعة الإسلامية تفرض عليها العديد من الضوابط كمنعها مثلا من قيادة السيارة أو السفر للخارج بدون إذن ولي أمرها أو الحصول على جواز سفر والسفر دون محرم ومنع الاختلاط بين الجنسين في الدراسة والعمل.
صورة من: Fotolia/macgyverhh
إصرار على قيادة السيارة
احتجاجا على الضوابط والقيود التي تحرم المرأة حق القيادة في السعودية، انتشرت حملة سعودية على الانترنت تدعو النساء إلى الاحتجاج في الـ (26 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول)، وذلك في ظل عدم وجود نص فقهي يمنع المرأة من القيادة.
صورة من: Getty Images/AFP
حجب رغم التأييد الكبير
ولقيت الحملة دعما من ناشطات معروفات وأيد آلاف السعوديين رجالا ونساء هذه الحملة بغية كسر الحظر المفروض على النساء في السعودية للجلوس خلف عجلة القيادة، ما دفع السلطات إلى حجب الموقع الالكتروني للحملة داخل المملكة.
صورة من: AP
هل تؤثر القيادة على الحمل؟
وفي مواجهة الناشطات اللواتي دعون لمنحهن حق القيادة يرى المستشار القضائي الشيخ صالح اللحيدان السعودي المحافظ، أن النساء اللواتي يقدن السيارات يخاطرن بالإضرار بمبايضهن وسينجبن أطفالا مصابين بنوع من الخلل الإكلينيكي. مشيرا إلى أن النساء اللواتي يرغبن في إلغاء حظر قيادة المرأة للسيارة ينبغي أن يقدمن العقل على القلب.
صورة من: picture-alliance/ZB
تغريدات ساخرة
أثارت تصريحات الشيخ اللحيدان هذه موجة من التغريدات والتهكمات الساخرة على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي. فبينما يرى أحدهم أن منع المرأة من القيادة هو قرار في منتهى الغباء في العصر الذي غزا العالم فيه الفضاء، نددت إحداهن بـ "اقتران الغباء بالعقيدة في معبد تقاليد القرون الوسطى"، في حين تساءلت أخرى عما إذا كان "ركوب المرأة الجمل لا يؤذي المبيض أيضا؟"
صورة من: Reuters
"سأقود سيارتي بنفسي"
وفي 2011 استجابت عشرات السعوديات لحملة مماثلة تحمل اسم "سأقود سيارتي بنفسي"، إذ قام بعضهن بنشر صور وتسجيلات فيديو لأنفسهن وهن يقدن سيارات على مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب. وتم احتجاز بعضهن لفترة وجيزة ووجهت اتهامات لاثنتين منهن بتهمة تحدي العاهل السعودي. وأطلق سراح واحدة بعدما وقعت تعهدا بعدم قيادة السيارة مرة أخرى في حين حكم على الثانية بـ 10 جلدات.
صورة من: picture alliance/dpa
محاولة لكسر طوق تقييد المرأة
وقد شهدت السعودية في عام 1990 محاولات مشابهة حين خرجت 47 امرأة في 15 سيارة تقودها نساء وسط العاصمة الرياض احتجاجا على منعهن من قيادة السيارات. وقد ألقي القبض عليهن آنذاك وتم فصل النساء اللواتي كن يعملن كموظفات في القطاع العام من عملهن.
صورة من: picture alliance/dpa
حرمان من القيادة غير ملزم بقانون
ورغم عدم وجود قانون يحظر قيادة النساء السيارات، إلا أن تراخيص القيادة تُمنح للرجال فقط. وتُغرم المرأة التي تقود السيارة بدون ترخيص.
صورة من: picture-alliance/dpa
8 صورة1 | 8
وفي كانون الثاني/ يناير حذر سيغمار غابرييل زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ونائب المستشارة أنغيلا ميركل من أن برلين قد تعيد النظر في صادراتها الدفاعية للسعودية وذلك بعد تنفيذ السعودية حكم الإعدام بحق 47 شخصا بينهم رجل الدين الشيعي نمر النمر، بعد إدانتهم بالضلوع في الإرهاب. كما انتقد تقرير للأمم المتحدة استخدام التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن لقنابل عنقودية محظورة، خلال 196 هجوما على الأقل. ورغم كل هذه المعطيات فإن زيارة أورزولا فون ديرلاين يهدف للتوصل لاتفاق لتدريب ضباط الجيش السعودي بحسب ما ذكرت السفارة الألمانية في الرياض. وقالت السفارة "ابتداء من العام المقبل ستستقبل كلية الدفاع الألمانية العديد من الضباط الشباب من الجيش السعودي".
وحسب نفس المصادر فإن الوزيرة الألمانية لا تعتزم منح المملكة أملا في توسيع نطاق صفقات الأسلحة التي تخضع لتقييد شديد في ألمانيا. من جهته حذر ماتياس جون خبير شؤون التسلح بمنظمة العفو الدولية من استخدام صادرات الذخائر الألمانية للسعودية والتي قد تستخدم ضد المدنيين في اليمن.
تطور في السعودية ولكن..؟
ويرى آدام كوغل أن "هناك مجالات تحقق فيها السعودية تقدما من بينها حقوق المرأة أو حقوق العمالة الأجنبية. ولكن هناك مجالات أخرى تسجل تراجعات كحرية التعبير والتجمع أو الحريات الدينية. هنا يمكن القول أن الوضعية سيئة جدا. كل الناشطين السعوديين في مجال حقوق الإنسان يقبعون في السجون ويواجهون عقوبات طويلة الأمد". وأضاف كوغل أنه "منذ بداية الربيع العربي عام 2011، تواجه السلطات بصرامة كل رأي مخالف (للتوجه الرسمي). وتقريبا لم يعد هناك أي ناشط حقوقي لا يقبع في السجن".
وبشأن وضع المرأة شجعت فون دير لاين الرياض لتحقيق المزيد من تكافؤ الفرص بالنسبة للنساء بصفة خاصة. وقالت "إنني على قناعة تامة أنه لم يعد ممكنا عرقلة الشابات في المملكة العربية السعودية"، لافتة إلى أنه على سبيل المثال ازداد عدد النساء اللائي أنهين دراستهن العام الماضي بعدد 100 ألف سيدة على الرجال.
حسن زنيند
زيارة شتاينماير: ومضات ألمانية في السعودية
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
زيارة شتاينماير: ومضات ألمانية في السعودية
أثارت زيارة وزير الخارجية فرانك ـ فالتر شتاينماير للسعودية عاصفة من الانتقادات الحادة من قبل المعارضة الألمانية، في الصورة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والوزير الألماني في افتتاح مهرجان الجنادرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
مركبة تقل العاهل السعودي ورئيس الدبلوماسية الألمانية في جولة في مهرجان الجنادرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
وزير الخارجية الألماني صحبة نظيره السعودي عادل الجبير في جناح شركة SAP الألمانية للإلكترونيات.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
صورة شتاينماير على شاشة كبيرة على جانب حلبة سباق الجمال أثناء إلقائه لكلمته في مهرجان الجنادرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
وزير الخارجية االسعودي عادل الجبير وهو يلتقط صورة "سيلفي" أمام ملصق كبير يمثل المنتخب الألماني لكرة القدم.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
عادل الجبير في سيارة تجريبية من طراز XL1 لفولكسفاغن معروضة في الجناح الألماني لمهرجان الجنادرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
شتاينماير بين ضيوف مهرجان الجنادرية الشعبي قرب الرياض والذي تستمر فعالياته لمدة أسبوعين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
وجهت أحزاب المعارضة الألمانية انتقادات حادة لمشاركة شتاينماير في مهرجان الجنادرية السعودي. وفي هذا الصدد، تحدثت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار سارا فاغنكنشت عن "إعلان إفلاس أخلاقي"، وقالت، إن شتاينماير يضفي بذلك شرعية على "ديكتاتورية قطع الرأس".