خلاف مع ابن خاله وسط مشاكل مالية.. ماذا بقي من قوة الأسد؟
٢١ مايو ٢٠٢٠سفير روسيا في طهران، ليفان جاجاريان، اعتبر أن الوقت حان لتوضيح بعض الأمور: في نهاية الأسبوع أجرى مع وكالة الأنباء الإيرانية مقابلة تحدث فيها عن موقف الحكومة الروسية من الرئيس السوري بشار الأسد. ونفى جاجاريان في المقابلة الشائعات التي تتحدث عن وجود تفاهم بين روسيا وإيران يقضي بالتخلي عن الأسد.
وقال السفير الروسي بأن هناك شائعات تفيد أن روسيا غير راضية عن الرئيس الأسد. وهذه الشائعات لا تعكس موقف الحكومة الروسية. "أريد أن أؤكد بأننا نواصل دعم العملية السياسية في سوريا"، كما قال السفير الروسي الذي تابع: "سنقدم الدعم للحكومة الشرعية في سوريا. ومستقبل البلاد في يد الشعب السوري. فقط السوريون هم من يتحمل قرارات البلاد".
ويستند الخبر حول وجود تباعد بين روسيا وإيران من جهة وبشار الأسد من جهة أخرى إلى الوضع السائد في سوريا بعد تسع سنوات من الحرب وتواصل القتال ـ والأسد بموقفه الرافض لحل وسط يمنع التوصل لوقف لإطلاق النار. وروسيا وايران استثمرتا بقوة في الحرب، وهما تريدان منذ مدة طويلة إنهاءها. لكن منذ أن أُجبر البلدان على حشد الوسائل لمواجهة أزمة كورونا لحماية السكان المحليين، فإن النفقات تضغط أكثر على الميزانيات.
"ايران وروسيا تتشبثان بالأسد"
لكن روسيا وإيران تواصلان التشبث بالأسد، كما يقول جوليان بارنس-ديكاي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفرقيا في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية". "روسيا تأمل في أن يلعب الأسد دورا بناءا أكثر من الناحية السياسية. لكن موسكو تعلم أيضا أنه الشخصية الرئيسية المطلقة في سوريا، فهو يقف في صلب السلطة، ولذلك لا تتخلى عنه موسكو"، يقول بارنس-ديكاي.
وحتى في طهران يتواصل الرهان على الأسد، كما قال بارنس-ديكاي. "الحكومة الإيرانية تهتم أقل بالقدرة المستقبلية للنظام. فهي تهتم أكثر بالأمن القومي، وتراه مضمونا أكثر مع الأسد ولذلك هي تراهن عليه".
وعلى هذا النحو تحدث في نهاية الأسبوع أيضا حسين أمير عبد اللهيان، رئيس مستشاري رئيس البرلمان الإيراني عن موقف طهران تجاه الأسد. وهو من جانبه أيضا نفى الشائعات التي تفيد بأن القيادات السياسية في موسكو وطهران اتفقت على تنحية الأسد. وهذا النوع من التقارير حول هذا التفاهم ليس إلا "كذبة كبيرة"، كما أعلن.
انتقادات الميلياردير
الأسد يسمع في عقر داره تصريحات وتعابير استياء، ففي نهاية أبريل/ نيسان تحدث ابن خاله رامي مخلوف، أحد الرجال الأثرياء في البلاد، عبر تويتر، منتقدا الأسلوب السياسي المتبع من قبل الرئيس. واستند إلى أحداث تعود لأسابيع ماضية.
الأسد يسمع عبارات الاستياء في بلاده. وفي الثلاثاء (19 مايو/ أيار 2020) أعلن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد وأحد الأعمدة الاقتصادية للنظام منذ عقود، أنّ السلطات السورية التي تطالبه بدفع مستحقّات مترتّبة على إحدى شركاته، ألقت الحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده وأمرت بمنعه من التعاقد مع أي جهة حكومية لمدة خمس سنوات. ويأتي الإعلان كمنعطف في العلاقة بين النخبة الحاكمة في سوريا ورجال الأعمال في البلاد.
وفي هذا السياق صادرت الحكومة السورية، حسب مقال في مجلة "إيكونوميست" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي جزء من ثروة مخلوف. وذُكر بأن رجل الأعمال خرق تعليمات جمركية. وفي أبريل/ نيسان من العام الجاري هاجمت ميليشيات شركة "سيريتل" التابعة لمخلوف، وهي أكبر شركة للهاتف النقال في البلاد.
وأثناء المداهمة تم اعتقال عدد من الموظفين القياديين. وفي النهاية طالبت الدولة بالحصول على رسوم ملكية بقيمة 170 مليون دولار على الأقل. والعملية تتم في إطار حملة لمكافحة الفساد، كما أعلن الأسد. واشتكى مخلوف، المعروف بأسلوبه غير الناعم، على تويتر فكتب إن "قوات الأمن تعتقل موظفينا بطريقة غير إنسانية". وفي النهاية وجه حديثه مباشرة لابن خاله، ساكن القصر الرئاسي قائلا: "سيدي الرئيس، قوات الأمن بدأت في مهاجمة حريات الناس، إنهم مناصروك الأوفياء. الوضع خطير والله أعلم إذا واصلنا العمل على هذا النحو فإن الوضع في البلاد سيكون صعبا للغاية".
أسماء الأسد في دور جديد؟
العمليات الموجهة ضد مخلوف قد تفتح مرحلة جديدة في سياسة الاقتصاد السورية تلعب فيها عقيلة الأسد أسماء دورا رياديا. فصحيفة الشرق الأوسط ذكرت الأحد الماضي أن وسائل الاعلام الحكومية بثت بيانا لعقيلة الرئيس تعلن فيه أنها تعتزم الاعتناء داخل الرئاسة بجرحى الحرب وإصلاح الاقتصاد.
وحقيقة أن يتحدث مخلوف علناً، فهذا يُنبئ بوجود بوادر خلافات داخل النخبة السورية في القصر الرئاسي، كما يقول بارنس-ديكاي الذي يضيف أن ذلك لن يؤثر على الأسد. "الرئيس يسيطر على السلطة في السياسة الداخلية. وحتى النخبة ليس بإمكانها فعل شيء ضد إرادته".
نقص مالي مزمن
لكن الحكومة السورية تقف أمام مشاكل مالية كبيرة. فبغض النظر عن روسيا وإيران وأيضا حزب الله الموالي لطهران، ليس لها حلفاء مرموقون. فالدول الغربية متحفظة تجاه كل سياسة تساهم في بقاء الأسد في السلطة. فالموقف السائد في العواصم الغربية هو أنه في ظل وجوده لن يتحقق سلام مستدام في البلاد. وإلى ذلك تأتي التأثيرات العالمية بسبب وباء كورونا، ومن ثم فإن سوريا ستبقى تعاني من نقص مالي مزمن.
كرستين كنيب/ م.أم