ذكر باحثون أن مريضة أمريكية مصابة بسرطان الدم أصبحت أول امرأة وثالث شخص على الإطلاق يتعافى من الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) بعد خضوعها لعملية لزراعة خلايا جذعية من متبرع كان مقاوما بشكل طبيعي للفيروس.
الحالة الجديدة تعطي سبباً للأمل في الشفاء من الإيدز.صورة من: Roberto Escobar/dpa/picture alliance
إعلان
وفق تصريحاتهم الخاصة، تمكن أطباء أمريكيون من علاج امرأة كانت تعاني من فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز وسرطان الدم. حالتها هي واحدة من ثلاث حالات كان فيها علاج مرض نقص المناعة المكتسبة ناجحاً.
قاد العلاج الدكتورة، إيفون برايسون، أخصائية الأمراض المعدية للأطفال في كلية ديفيد جيفين للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وزملائها، وفق الدراسة التي نقلت نتائجها عدد من وسائل الإعلام، منها صحيفة "واشنطن بوست".
تعد هذه هي الحالة الأولى التي يتم فيها علاج امرأة من أمريكا اللاتينية، يطلق عليها اسم "مريضة نيويورك"، للتخلص من إصابتها بفيروس نقص المناعة المكتسب. تم استخدام طريقة جديدة أيضاً لأول مرة. وشارك في دراسة الحالة ما مجموعه عشرة معاهد وجامعات بحثية من الولايات المتحدة الأمريكية.
الخلايا الجذعية للأقارب والرضع
على عكس المحاولات السابقة، تم الإستعانة بدم" الحبل السري"، الذي يتكون من خلايا جذعية من أحد الأقارب وخلايا جذعية من الحبل السري للرضيع. الميزة في هذه التقنية هي أن الخلايا الجذعية للرضع تحتوي على خاصية وراثية تحدث بشكل طبيعي ولكنها نادرة تجعل المرضى يقاومون فيروس نقص المناعة المكتسبة. على وجه التحديد، يتعلق الأمر بوظيفة في ما يسمى بجين CCR5 تجعل من الصعب على فيروس نقص المناعة المكتسبة إصابة الخلايا. تحدث هذه الخصوصية في الغالب في الأشخاص من أصل شمال أوروبا أو القوقاز.
منذ تلقيها دم الحبل السري لعلاجها من اللوكيميا النخاعية الحادة، وهو سرطان يبدأ في الخلايا المكونة للدم في نخاع العظم، كانت أعراض الإيدز خامدة لدى المرأة وشفيت من الفيروس طوال 14 شهرا، دون الحاجة إلى العلاجات القوية لفيروس نقص المناعة المكتسبة، والمعروفة باسم العلاجات المضادة للفيروسات الرجعية.
خرافات حول الإيدز
05:52
This browser does not support the video element.
أما الحالتان السابقتان للشفاء، فقد حدثت بين الذكور، أحدهما أبيض والآخر لاتيني، بعد تلقيهما خلايا جذعية بالغة وهو أسلوب أكثر استخداما في عمليات زرع نخاع العظام. وقالت شارون ليوين، الرئيسة المنتخبة لجمعية الإيدز الدولية في بيان "هذا هو ثالث إعلان عن تعاف لحالة مصابة وفقا لهذه الطريقة، والأول الذي يخص امرأة مصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة".
الأمل في الشفاء؟
تهدف الدراسة لمتابعة 25 مصابا بالفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة، خضعوا لعملية زرع خلايا جذعية مأخوذة من دم الحبل السري لعلاج السرطان وحالات مرضية خطيرة أخرى.
يخضع المرضى في التجربة للعلاج الكيميائي أولا لقتل الخلايا السرطانية. ويقوم الأطباء بعد ذلك بزرع خلايا جذعية مأخوذة من أفراد لديهم طفرة جينية معينة ولا توجد لديهم المستقبلات التي يستخدمها الفيروس لإصابة الخلايا. ويعتقد العلماء أن هؤلاء يطورون بعد ذلك جهازا مناعيا يقاوم الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة.
في عام 2009، أعلن العلماء لأول مرة عن شفاء رجل مصاب بسرطان الدم يُعرف باسم "مريض برلين"، من فيروس نقص المناعة المكتسبة من خلال زرع خلايا جذعية مقاومة للفيروس. غير أن الرجل توفي في وقت لاحق بسبب اللوكيميا.
بعد عقد من الزمان، تم تطبيق هذا النهج على "مريض لندن" ، وهو رجل من أمريكا الجنوبية مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية. كما أعلن عن تراجع أعراض المرض لدى رجل من دوسلدورف كان مصاباً بفيروس نقص المناعة المكتسبة منذ عملية الزرع في عام 2019، ولكن لم يتم اعتباره قد شفي بشكل كلي.
من جانبها، قالت شارون ليوين، الرئيسة المنتخبة لجمعية الإيدز الدولية إن عمليات زرع نخاع العظم ليست استراتيجية قابلة للتطبيق لعلاج أغلبية المصابين بالفيروس. لكنها قالت إن التقرير "يؤكد أن علاج فيروس نقص المناعة المكتسبة ممكن ويتعزز بشكل أكبر باستخدام العلاج الجيني كاستراتيجية قابلة للتطبيق لعلاج هذا الفيروس". وتشير الدراسة إلى أن أحد العناصر المهمة للنجاح هو زرع الخلايا المقاومة لفيروس نقص المناعة المكتسبة.
(رويترز) / إ.م/ ا.ف
حقائق وأرقام مخيفة عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسب
أثرت جائحة كورونا على الجهود الدولية لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة والإيدز وسط مخاوف من ارتفاع عدد المصابين وحالات الوفاة. فما هو هذا المرض؟ وما هي علاجاته حتى الآن؟
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
ما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟
يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/B. Coleman
متى شُخصت الإصابة الأولى؟
رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو بالتأكيد من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Goldsmith
هل ما زال المرض قاتلاً؟
في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص "فيروس نقص المناعة المكتسب" معادلاً لـ "الحكم بالموت". عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، وكان بمقدورها أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
ما حجم خطر العدوى؟
الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الأنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
كيف تحصل العدوى؟
لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يمكن الشفاء منه؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Farrell
كيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟
هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Tabassum
الحاجة لمزيد من التوعية
... من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
كم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟
كشف برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز أن جائحة كورونا يمكن أن تؤدي إلى رفع عدد المصابين بنحور 293 ألف إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة وما يصل إلى 184 ألف حالة وفاة بين مرضى الإيدز. ووفقاً للإحصائيات الأممية العام الماضي كان هناك نحو 700 ألف حالة وفاة بسبب الإيدز عام 2019 ونحو 1.7 مليون إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
90-90-90
كان من المقرر أن يكون هذا العام علامة فارقة في مكافحة الإيدز من خلال تحقيق أهداف استراتيجية "90-90-90"، أي 90 بالمئة من المتعايشين مع الفيروس، 90 بالمئة من المصابين يتلقون العلاج وانخفاض الحمل الفيروسي لدى 90 بالمئة ممن يتلقون العلاج، لكن المساعي الدولية تأخرت في تحقيق تلك الأهداف، ثم جاءت جائحة كورونا لتهدد بالكثير من المكاسب في مكافحة الإيدز.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Bo Bo
دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف
أعلنت وكالة مراقبة الأمراض التابعة للاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية مؤخراً أن أوروبا الشرقية باتت تشهد ارتفاعاً في حالات فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب غير المشخّصة، وسط دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف عن هذا الفيروس المسبّب للايدز. وتشمل المنطقة التي يغطّيها المكتب الأوروبي 53 بلداً، من بينها روسيا ودول عدّة في آسيا الوسطى حيث سجّل أيضا ارتفاع مقلق.