1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خمس سنوات على انسحاب إسرائيل من القطاع- الإحباط محل التفاؤل

٢٩ أغسطس ٢٠١٠

تصادف هذه الأيام الذكرى السنوية الخامسة على انسحاب الجيش الإسرائيلي ونحو ثمانية آلاف مستوطن من قطاع غزة. هذا الانسحاب أحاديّ الجانب بعث الأمل والتفاؤل لدى أبناء القطاع آنذاك، غير أن الإحباط التشاؤم يحلا محلهما اليوم.

قبل خمس سنوات بدأت الجرافات الإسرائيلية بهدم المستوطنات في قطاع غزة قبل إخلائهاصورة من: AP

"هنا على هذا الحاجز من خمس سنوات ونصف توفي طفلي الصغير حسام...ارتفعت حرارته فجأة مع ضيق في التنفس، نقلناه بالإسعاف، لكن الجنود الإسرائيليين لم يسمحوا لنا بالدخول إلا بعد ساعات من الانتظار، ساءت حالته على الحاجز فوصلنا مستشفى ناصر وطفلي ميت".

بهذه الكلمات بدأ عزمي النجار حديثه لدويتشه فيله مضيفا "أنا أسكن هنا في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس قرب مجمع مستوطنات غوش قطيف وكان فيه 12مستوطنة، وكان يوجد هنا قبل خمس سنوات حاجز التفاح، كنا نسميه حاجز الذل والموت، لأنه لا يسمح لنا بالدخول أو الخروج إلا ست ساعات يوميا وبطريقه معقدة ومهينة جدا".

وهنا يقاطعه شقيقه عبد الكريم قائلا :"لم يكن يُسمح لنا إلا بإدخال القليل جدا من الأكل أو الشرب، فكنا ننتظر ساعات على الحاجز في الصباح لكي ندخل إلى المدينة، فكانت حياتنا في جحيم لا يطاق. تخيل أننا كنا نخفي اللحمة في ملابسنا لأن دخولها ممنوع، وأحيانا وبعد ساعات انتظار طويلة يقولوا لنا إن الحاجز مغلق اليوم، فننام على الحاجز".

وأضاف الشقيقان أن حياتهما اختلفت تماما في السنوات الخمس الماضية بعد زوال المستوطنات والحواجز "حياتنا تغيرت للأفضل 180درجة، أصبحنا نتحرك بحرية، كنا متفائلين أن تتغير الأحوال بشكل أفضل، لكن الحصار الإسرائيلي وخلاف فتح وحماس واللي بصير عندنا لا يسر لا عدو ولا حبيب، نتمنى أن الأطراف تتصالح حتى تتحقق أحلامنا".

من سجن صغير إلى سجن كبير

عزمي النجار مع أخيه يرويان قصص معاناتهما على الحواجز الإسرائيلية قبل 2005صورة من: Shawgy Al-Farra

أما أبو سالم والذي لا يبعُد بيته سوى عشرات الأمتار عن مستوطنة إيلي سيناي فقال لنا :"الله لا يعود تلك الأيام، كانت أسوَد من قرن الخروب، كنا علشان نخرج أمتار عن بيوتنا نحتاج إلى تصريح إسرائيلي وعندنا دائما منع تجول بالليل".

ويضيف مواطن يسكن بالقرب من مستوطنه دوغيت، شمال القطاع، رافضا الكشف عن اسمه :" كنا في سجن صغير، لكن والحمد لله خرجنا منه، ومنذ أربع سنوات تقريبا أصبحنا في سجن أكبر، وراح احتلال إسرائيلي، وجاء احتلال حماس وقمعها عالفاضي والمليان". وهنا انضم إلى الحديث أحد الواقفين مع هذا الرجل: "وضعنا قبل الانسحاب وبعد الانسحاب الإسرائيلي كان أفضل من أيام حماس، فحماس إذا الواحد ما كان معهم أو أيّدهم يعتبروه عدوهم، الكل متشائم من الأوضاع".

إلا أن أحد أبناء منطقة مستوطنه كيسوفيم الواقعة جنوب دير البلح من عائلة السميرى قال:"صحيح إحنا في المنطقة تغيرت أحوالنا بعد الانسحاب والحواجز راحت، وقلنا حنبنى مصانع والحياة حتصير عندنا زي العالم في الخارج، لكن إحنا محبطين جدا في ظل وضع الحصار وإحنا مازلنا محتلين لأنو إسرائيل مسيطرة على المعابر كلها وعلى البحر، ونتمنى لو حماس تحاول تتنازل شويه مع الإخوة في فتح خلينا نحل مواضيعنا الداخلية. أنا أؤيد حماس بس مش راضي على اللي بصير الآن".

مشاريع على أنقاض المستوطنات

في مثل هذه الأيام وقبل خمس سنوات بدأت إسرائيل بالانسحاب من إحدى وعشرين مستوطنة، كانت مقامة على مساحات شاسعة وتسيطر على أراض زراعية وساحلية وحدودية. وما أن بدأت عملية الانسحاب حتى أخذ الجنود والمستوطنون يهدمون مستوطناتهم ويفجرونها، كي لا يتركوا وراءهم غنائم أو مبان صالحة للسكن، وفي 12 أيلول/ سبتمبر 2005 انسحب آخر جنود جيش الاحتلال من القطاع.

جامعة الأقصى، أكبر جامعة في قطاع غزة، شيدت على موقع مستوطنة نافيه دكاليم بالقرب من خان يونسصورة من: Shawgy Al-Farra

وعلى الفور بدأت السلطة الفلسطينية بالتفكير في إعمار ما أسمته محررات القطاع ( أماكن المستوطنات سابقا)، فتعاونت مع أكاديميين ورجال أعمال فلسطينيين لبناء جامعة الأقصى على موقع مستوطنه نافيه دكاليم السابقة، غرب خان يونس، وهي اليوم أكبر جامعة في القطاع وتحتوى على كليات مختلفة.

ويقول محمد عبد الحميد، أحد طلبة الجامعة في قسم التاريخ:" لم يكن لدينا في المنطقة سوى مدرسة، أما الآن فلدينا مدارس وجامعة بكل الأقسام يأتي إليها الطلبة من كافة أنحاء القطاع، وهذا إنجاز علمي كبير يعود علينا بالنفع".

وعلى أنقاض مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة، وبجهود خاصة لأحد رجال الأعمال المستقلين، تم بناء مدينه ملاهي وحديقة حيوان متواضعة جدا. كما تم بناء شاليهات ومئات الاستراحات والمقاهي الصغيرة، التي يرتادها آلاف الفلسطينيين، خصوصا في العطلة الصيفية، على طول ساحل القطاع في أماكن لم يستطع أي فلسطيني دخولها منذ عام 1967. ويقول احد المزارعين من شمال القطاع :" عادت إلينا عشرات الدونمات بعد مصادرتها من إسرائيل، لكن الوضع على الحدود مازال خطرا ولا نستطيع زراعة كافة أراضينا ".

مشاريع معطلة وحريات غائبة

لم تدم عجلة الإعمار والبناء كثيرا، فبعد الانسحاب الإسرائيلي بعام واحد خطفت مجموعات فلسطينية مسلحة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، فحوصر القطاع برا وجوا وبحرا، ثم اشتد الحصار بعد أن سيطرت حركة حماس على القطاع عام 2007.

تم زرع مليون شجرة نخيل ومليون غرسة زيتون على اراض كان المستوطنون يسيطرون عليهاصورة من: Shawgy Al-Farra

وقد وضعت حكومة حماس يدها على كافة أراضي "المحررات"، فقامت بتقسيمها إلى مناطق والاستثمار فيها وزرعت مساحات كبيرة منها بالفواكه والخضروات، دون أن تصبح هذه السلع أرخص مما كانت عليه في الماضي، كما يقول بائع متجول:" زادت أسعار الفاكهة والخضروات بمقدار الضعف عن خمس سنين فاتت على الرغم من توفرها وزراعتها في المحررات ".

كذلك قامت حكومة حماس بإنشاء أضخم مشروع للنخيل في الشرق الأوسط على أراضي المحررات جنوب القطاع، حيث تم غرس مليون شجرة نخيل، إضافة إلى غرس مليون شجرة زيتون. ولم يقتصر الأمر على هذا، بل شيدت مدينة إنتاج إعلامية ضخمة في موقع المحررات جنوب القطاع، إلا أنها قصفت ودمرت في الحرب الأخيرة.

وبمناسبة مرور خمس سنوات على الانسحاب الإسرائيلي من المستوطنات، أعلن طاهر النونو الناطق باسم حكومة حماس عن نية الحكومة إقامة مدن نموذجية :" نريد تحويل المحررات إلى مصدر للحرية والأمل بدلا من الموت والمعاناة". ويعقب أبو داوود وهو من عناصر الجبهة الشعبية على هذا بالقول:" الأوْلى بحماس أن تبني وتطلق مساحات لحرية الكلمة، اعتقلنا وتمت إهانتُنا من قبل عناصرهم منذ أيام وسط غزة، عندما دعونا، في اعتصام سلمي، إلى فض نزاع وخلاف الكهرباء مابين حكومة حماس وحكومة الضفة ".

شوقي الفرا – غزة

مراجعة: عبدالرحمن عثمان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW