1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خمس سنوات من الانتظار.. ثورة غير مكتملة في تونس

تونس – طارق القيزاني١٤ يناير ٢٠١٦

هناك الكثير ما يمكن الاحتفاء به في الذكرى الخامسة للثورة التونسية. ومع الرمزية الكبيرة التي يمثلها هذا الحدث إلا أنه لا يمكن إخفاء حالة الإحباط لدى فئات واسعة من التونسيين وهم يرون أغلب أهداف ثورتهم لا زالت معلقة.

Tunesien 5 Jahre nach der Revolution Stadt Sidi Bouzid
صورة من: DW/K. B. Belgacem

هنات كثيرة يكشف عنها الواقع في تونس بعد خمس سنوات من الوعود التي لم تنجز، لكن مع كل النقائص الحالية فإنه يحسب للثورة التونسية أنها أطلقت الألسن من عقالها ومنحت التونسيين حريات واسعة شملت الصحافة والتعبير وتأسيس الجمعيات والأحزاب بعد أن كانت هذه الأمور تصطدم بقمع السلطة والعوائق البيروقراطية.

يوضح الكاتب الإعلامي والمحلل السياسي نور الدين المباركي في حديث مع DW عربية إن الشيء الايجابي أن هذه الحقوق أصبحت راسخة ولا يمكن التراجع عنها خاصة حرية الإعلام مع دسترتها جميعا في دستور 2014.

ثلاثة نجاحات

ويضيف المباركي أنه يمكن القول "إن المسار السياسي برمته في تونس قد نجح إذا ما تم مقارنته بما حدث في باقي ثورات الربيع العربي وبخاصة في ليبيا وسوريا".

وفي الواقع كان المسار متعثرا في تونس وكاد يشهد انتكاسة بفعل االلاغتيالات السياسية وصراع الهوية والايدولوجيا بين الإسلاميين والعلمانيين ولكن في نهاية المطاف فاجأت النخبة السياسية في تونس العالم بحوار وطني انتهى بتوافق الفرقاء حول خارطة طريق سياسية مكنت من تجاوز مأزق الانتقال الديمقراطي الصعب.

وتدين تونس لهذا الحوار الوطني والتوافق بأن كسبت أولى جوائز نوبل المرموقة (نوبل السلام) في تاريخها في 2015. لكن السؤال المطروح إلى أي مدى يمكن الاستمرار في اعتماد سياسة التوافق في إدارة البلاد خاصة مع استكمال بناء كافة المؤسسات الدستورية.

يحسب للثورة التونسية أيضا أنها قامت، ولو بصفة نسبية حتى الآن، على تغيير منظومة شاملة مبنية على الفساد والاستبداد بمنظومة تقوم على مبادئ الشفافية والديمقراطية والحوكمة الرشيدة.

ويؤكد سليم بسباس وزير المالية السابق والنائب عن حركة النهضة الإسلامية على هذه التحولات، بيد أنه يشير أيضا في حوار مع DW عربية إلى نجاح المسار الانتقالي في التمهيد لتأسيس مؤسسات دستورية جديدة والمضي قدما في تركيز مؤسسات أخرى مثل المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والحكم المحلي، وهو أمر يلقى إشادة دولية بالمقارنة مع اخفاقات تشهدها دول أخرى تمر بمراحل انتقال سياسي.

سليم بسباس وزير المالية السابق والنائب عن حركة النهضة الإسلاميةصورة من: DW/T. Guizani

ثلاثة إخفاقات

لكن مع النجاح يمكن ملاحظة أن نقطة ضعف الانتقال الديمقراطي في تونس أنه منح الأولوية للإصلاحات السياسية ومعالجة الخلافات بين الأحزاب وأزمة الحكم دون أن يسير ذلك بشكل متوازي مع الإصلاحات الاقتصادية.

ويوضح المباركي لـDW عربية أن الإخفاق ينسحب على كافة الحكومات منذ عام 2011 في عدم القدرة على الاستجابة لمطالب الجهات الداخلية الفقيرة في التنمية والتشغيل، وهي المطالب التي مثلت المحرك الأساسي للثورة، ما يفسر تواتر الاحتجاجات الاجتماعية وإضرابات الجوع لفاقدي العمل.

وعلى الرغم من برامج التعاون بين تونس وصندوق النقد الدولي إلا أن هناك استياء من النخبة السياسية في تونس بسبب تباطؤ المجتمع الدولي ومجموعة دول السبع الغنية في الدفع بمخطط مارشال حقيقي للاقتصاد التونسي للحيلولة دون توسع حالة الإحباط في صفوف الشباب العاطل والمنتفضين في المناطق المهمشة.

وبالفعل، فبعد سنوات من الانتظار والوعود يمكن ملاحظة أن منسوب السخط لا يزال عاليا في مناطق مثل سيدي بوزيد والقصرين وتالة وقفصة وقبلي وتطاوين ومدنين. بل أن التحذيرات تصدر من السلطة نفسها حول احتمال اندلاع ثورة ثانية للجياع في حال استمرت وتيرة التباطؤ وتأخرت برامج التنمية خاصة مع تواصل الزيادات في الأسعار وارتفاع تكاليف العيش.

صورة لأعضاء في الجمعية التونسية لضحايا الثورةصورة من: DW/T. Guizani

هنا تكمن المعضلة الحقيقية لثورة تونس المهددة بعد خمس سنوات من اندلاعها في ظل الوضع الاجتماع والاقتصادي الهش. فمثلا بينما تبرز فكرة الائتلاف والحكم التشاركي في السلطة كتجربة نموذجية مكنت تونس عمليا من تجنب ويلات الصراع الداخلي والحرب الأهلية ومنح هامش نسبي من الاستقرار السياسي وتركيز الجهود في الحرب ضد الإرهاب، إلا أن هذا النمط من الحكم لم يسمح بحسب النائب سليم بسباس، في واقع الأمر بحلحلة الوضع الاقتصادي. وبسبب افتقاد الأحزاب الكبرى إلى أغلبية مريحة في البرلمان فإن التوجه إلى التحالفات السياسية ساهم في غياب برامج واضحة ودقيقة.

وهناك مآخذ لدى المعارضة الضعيفة اليوم إزاء التحالف المفاجئ بين قطبي البلاد حركة نداء تونس وحركة النهضة، من أن الائتلاف قائم في جوهره على المحاصصة والترضيات السياسية أكثر من اعتماده على عنصر الكفاءة ما أفقد هذا التحالف الفاعلية في الأداء وما دفع أيضا رئيس الحكومة إلى إجراء تحوير واسع شمل نصف الوزارات بعد عام واحد من الحكم.

ويوضح وزير المالية السابق في تعليقه على هذه النقطة أنه "حتى في الديمقراطيات العريقة تجد حكومات الائتلاف صعوبات في إدارة الاستحقاقات الاقتصادية خاصة إذا تعلق الأمر بإصلاحات عميقة فما بالك بديمقراطية ناشئة".

ثلاثة تحديات

والتحديات الاقتصادية والاجتماعية تبدو مضاعفة في تونس لأنها ترتبط بقدرة الدولة محدودة الموارد والإمكانيات في التغلب على الإرهاب الصاعد على الساحة الدولية.

وفي حديثه مع DW عربية يوضح زهير المغزاوي النائب عن حركة الشعب المعارضة في البرلمان أن "الاستحقاق الاجتماعي وانتظارات الناس لا تزال غير مدرجة في جدول أعمال السياسيين. وأن ما يحصل الآن هو أن البلاد تسير من دون مشروع واضح بل إننا بصدد مسايرة المرحلة في منطقة مليئة بالزوابع".

زهير المغزاوي النائب عن حركة الشعب المعارضة في البرلمانصورة من: DW/T. Guizani

وما يطلبه المغزاوي وشق واسع من المعارضة هو تعميم تجربة التوافق على أوسع نطاق لتشمل مشروع وطني للإنقاذ ومكافحة الإرهاب يمكن من التصدي للمخاطر التي تحيط بتونس من الداخل والخارج.

من دون شك يمثل مكافحة الإرهاب والانتعاش الاقتصادي أكبر تحدي لتونس في 2016 ولكن يتعين على الديمقراطية الناشئة قبل كل شيء أن تسرع الخطى في إنصاف جرحى وشهداء الثورة. وهو ملف لا يزال يراوح مكانه في أروقة المحاكم العسكرية والإدارة التونسية.

ويوضح عادل حزاز الناشط بالجمعية التونسية للنهوض بجرحى الثورة لـDW عربية أن "من العار أن لا تنصف الثورة الجرحى والشهداء حتى اليوم. الأوضاع الصحية للجرحى تزداد سوء والقضاء يمثل أكبر نقطة استفهام".

ولم تتمكن الحكومة بعد خمس سنوات من اندلاع الاحتجاجات من حصر القائمة النهائية للشهداء والجرحى بما يمكن من إنصاف الضحايا وصرف مستحقاتهم. وبحسب حزاز يرجع هذا التعطيل إلى أن الملف خضع في أغلب الفترات إلى السمسرة السياسية والحزبية ودفع بالكثير من الدخلاء على الخط وهو الأمر الذي عطل إنصاف الضحايا الحقيقيين.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW