حذر خبراء من أن الضربة الإسرائيلية في الدوحة تعيد خلط أوراق الوساطة في حرب غزة. وبين بيانات الإدانة وتحركات خلف الكواليس، تواجه الدوحة اختبارا صعبا في الحفاظ على دورها الإقليمي، فما هي خياراتها للرد؟
هاجمت إسرائيل قادة حماس في الدوحة، فما بدائل قطر للرد؟صورة من: Jacqueline Penney/AFP
إعلان
حتى الآن، اقتصر رد قطر على القصف الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف مسؤولين من حركة حماس في الدوحة، على إصدار بيانات إدانة. وأدان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الهجوم، محملا إسرائيل "مسؤولية تداعياته".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الهجوم "مبرر تماما"، نظرا لأن حماس هي من دبرت الهجوم الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.
وربط نتنياهو الهجوم بإطلاق النار في القدس الشرقية المحتلة، والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص قبل أيام.
من جانبها، أكدت حركة حماس - وهي جماعة إسلامية فلسطينية مسلحة تُصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى كمنظمة إرهابية - مقتل همام، نجل رئيس وفد حماس التفاوضي خليل الحية.
سعى ترامب إلى طمأنة القطريين بعد الهجوم، مؤكدا أن شيئا كهذا لن يحدث على أراضيهم مرة أخرى.صورة من: Alex Brandon/AP Photo/picture alliance
خيارات قطر للرد؟
وفي مقابلته مع شبكة "سي إن إن"، قال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إنه يبحث حاليا الرد على الهجمات الإسرائيلية مع الشركاء الإقليميين، وإن القادة سيجتمعون في الدوحة قريبا.
إعلان
وفي تعليقها، قالت سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" البحثي ومقره لندن، إن الضربة الإسرائيلية تمثل "جرس إنذار للمنطقة ككل، حيث تُعاد صياغة حدود الشراكات والتحالفات التقليدية".
وفي مقابلة مع DW، أضافت أن دول الخليج "تُدرك أهمية شراكاتها الأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة، لذا من الصعب توقع أي انقطاع أو انهيار فوري لهذه العلاقات".
من جانبه، قلل الباحث السياسي في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هيو لوفات، من احتمالات تفاقم الوضع الحالي وتحوله إلى صراع بين قطر وإسرائيل. وأضاف في مقابلة مع DW أن قطر "لن ترد عسكريا على الإطلاق"، مشيرا إلى أن الدوحة قد تستخدم صندوقها السيادي ونفوذها الاقتصادي للضغط.
ويتفق في هذا الرأي نيل كويليام، الخبير البارز في شركة "أزوري ستراتيجي" للاستشارات التي تركز على الشرق الأوسط ومقرها لندن. وفي مقابلة مع DW، قال إن قطر "ليست مستعدة لتصعيد الوضع، لأن أي رد سيدفع إسرائيل للرد بقوة أكبر، ومن المؤكد أن ثقة الدوحة في الولايات المتحدة لتوفير الحماية لها قد اهتزت بشكل كبير بعد الضربة الإسرائيلية".
وترتبط قطر منذ وقت طويل بمصالح تجارية رئيسية مع الولايات المتحدة، حليفتها وضامنة أمنها منذ أمد بعيد، حيث تستضيف قاعدة العديد الجوية، وهي الأكبر لواشنطن.
وسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي زار الدوحة في مايو/ أيار الماضي، إلى طمأنة القطريين بعد الهجوم، مؤكدا أن شيئا كهذا لن يحدث على أراضيهم مرة أخرى. وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن ترامب أجرى مكالمة هاتفية حادة مع نتنياهو الثلاثاء، وأبلغه فيها بأن قراره استهداف حماس داخل قطر لم يكن "حكيما".
وكانت انتقادات ترامب غير معهودة منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام، واعتبر أن الضربات لا تخدم مصالح واشنطن أو إسرائيل.وأكد أنه طلب إخطار قطر بالضربة، لكن ذلك أتى متأخرا.
وتؤدي قطر دورا أساسيا مع مصر والولايات المتحدة في الوساطة بين إسرائيل وحماس بشأن الحرب في غزة.
قال نتنياهو إن هجوم الدوحة "مبرر تماما"، نظرا لأن حماس هي من دبرت هجوم السابع من أكتوبر 2023.صورة من: Amos Ben Gershom/Israel Gpo/ZUMA/picture alliance
قطر.. "وسيط استثنائي"
وحذر رئيس الوزراء القطري من أن الهجوم الإسرائيلي قد يترك تداعيات خطيرة على ملف الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وقال في مقابلة مع "سي إن إن": "أعتقد أن ما فعله نتنياهو بالأمس (الثلاثاء) قضى على أي أمل لهؤلاء الرهائن".
وأوضح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: "كنت أعيد التفكير، حتى بشأن العملية برمّتها خلال الأسابيع الماضية، أن نتنياهو يضيع وقتنا فحسب".
وأضاف أن الدوحة "تعيد تقييم كل شيء" متعلق بدورها في محادثات مستقبلية لوقف إطلاق النار، وتجري "محادثة مفصلة جدا" مع واشنطن حيال كيفية المضي قدما". وجاءت الضربة في وقت بالغ الحساسية، في ضوء استضافة قطر مفاوضات تهدف إلى وقف إطلاق النار في حرب غزة المستمرة منذ نحو عامين.
ويرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط، نيل كويليام، أن قطر تُعد "بالفعل الوسيط الاستثنائي في المنطقة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل".
يُشار إلى أنه في عام 2012، انتقلت القيادة السياسية لحماس من سوريا إلى الدوحة، فيما يقول خبراء إن الولايات المتحدة أرادت من ذلك منع حماس من الانتقال إلى إيران. وافترضت واشنطن أنه سيكون من السهل مراقبة حماس في الدوحة.
بعد هجوم إسرائيل على قطر.. انهيار الثقة في أمريكا؟
25:24
This browser does not support the video element.
قطر وحماس.. "علاقة عملية"
يرى كويليام أن أفضل وصف لعلاقات قطر مع حماس هو أنها "علاقة عملية".وفي هذا السياق، قال إن قطر "أكثر ميلا لحركات الإسلام السياسي في المنطقة"، في موقف مغاير لما تتبناه دول الجوار الخليجي، السعودية والإمارات، التي تعارض الحركات الإسلامية. وأضاف أن قطر كانت أيضا من أشد منتقدي إسرائيل مقارنة بدول الخليج الأخرى.
ومع ذلك، أشار إلى أنه في حين أن قطر تحترم حماس "كحركة سياسية ومقاومة"، إلا أنها لم تُعلن تأييدها المطلق لسيطرتها على غزة. وقال إن هذا الموقف قد حظي بتقدير إسرائيل، التي عززت ثقتها في قدرات قطر التفاوضية بمرور الوقت.
ومع ذلك، لم تُقم قطر وإسرائيل علاقات رسمية، رغم حفاظهما على علاقات براغماتية منذ التسعينيات. ويرى مراقبون أن حكومة نتنياهو ترى أن إبقاء دور الوساطة القطري أمر بالغ الأهمية، في ظل تزايد الضغوط من داخل إسرائيل وخارجها لإنهاء الحرب في غزة التي اندلعت إثر هجمات حماس في السابع من أكتوبر.
أعده للعربية: محمد فرحان
ترامب في ولايته الثانية.. قرارات صادمة وتصريحات غير دبلوماسية
هذه هي الولاية الثانية لدونالد ترامب، لكنه عازم على أن تكون فارقة في تاريخ بلاده، مجموعة من القرارات المثيرة للجدل، بلغت حد خلق صراع مع حلفائه و"انتهاك" مسلمات في السياسة الداخلية والخارجية لبلاده.
صورة من: Brendan Smialowski/AFP
ريفييرا "الشرق الأوسط"
خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بداية فبراير/شباط، أعلن ترامب عن رؤيته "المذهلة" لقطاع غزّة المدمر نتيجة الحرب. خطة ترامب تقضي بـ"السيطرة" على القطاع الفلسطيني وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". فاجأت هذه التصريحات الصحافيين الحاضرين وأثارت موجة غضب دولية وعربية، خصوصا أن ترامب طالب بتهجير الفلسطينيين قسريا إلى أماكن أخرى.
صورة من: Chip Somodevilla/Getty Images
حرب تجارية شاملة
أعلن ترامب عن حرب تجارية شاملة، وقودها رسوم جمركية، قام بفرضها على الكثير من الدول، ما أثار انتقادات كبيرة خصوصا من الحلفاء الأوروبيين، بينما كانت التداعيات أكبر مع الصين التي أعلنت بدورها عن إجراءات ضد المنتجات الأمريكية. لكن ترامب لم يتوقف عند هذا الحد، بل تباهى بأنّ عشرات الدول اتصلت "تقبل مؤخرته" على حد تعبيره، طالبة التفاوض.
صورة من: Nathan Howard/REUTERS
مهاجمة القيادة الأوكرانية
من أكبر المشاهد إثارة للجدل، مشهد التنابز اللفظي بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، حين شن الرئيس الأمريكي ونائبه جاي دي فانس هجوما لاذعا على زيلينسكي خلال اجتماع انتشرت مشاهده على نطاق واسع، إذ طالباه أن يكون أكثر امتنانا لدور أمريكا في الحرب مع روسيا وخصوصا توفير الأسلحة، كما اتهماه أنه لا يريد مفاوضات سلام جادة. وتعاطف الكثيرون مع زيلينسكي، وخاصة في أوروبا.
صورة من: Saul Loeb/AFP/Getty Images
تناغم وتقارب مع بوتين
في الوقت نفسه، انخرط ترامب في محادثات مع موسكو، متجاوزا الأوروبيين، وأجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي "لطاما كانت تربطه به علاقة جيدة" والذي يعتبره "ذكيا". وأكد ترامب على استمرار الاتصالات مع بوتين، وتحدث عنه بكثير من الإيجابية عكس سلفه جو بايدن، وظهر ترامب باحثا عن خطب ود بوتين بأي طريقة.
صورة من: Maxim Shipenkov/Alex Brandon/AP Photo
مهاجمة الاتحاد الأوروبي
من جانب آخر، هاجم ترامب مراراً الاتحاد الأوروبي، وقال إن سبب إنشائه هو "استغلال" الولايات المتحدة، متّهما الأوروبيين بأنهم "انتهازيون"، كما دعاهم إلى استثمار 5% من ناتجهم الاقتصادي في الدفاع في المستقبل. أدت هجومات ترامب المتكررة إلى حذر كبير وسط الأوروبيين الذين أكد عدد من قادتهم عن ضرورة التفكير في علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة.
صورة من: Spencer Platt/Getty Images
طموح توسعي
أعلن ترامب مرارا رغبته في جعل كندا "الولاية الأمريكيّة الحادية والخمسين"، واصفا الحدود مع الجارة الشماليّة للولايات المتحدة بأنها "خطّ مصطنع"، ما خلق أزمة بينه وبين كندا. ولم يتوقّف الرئيس الأمريكي عند هذا الحدّ، بل قال أيضا "نحن بحاجة" إلى غرينلاند التابعة للسيادة النرويجية، كما أعلن أنه يرغب باستعادة قناة بنما.
صورة من: Alex Brandon/AP/picture alliance
سياسة هجرة صارمة
باشر ترامب تنفيذ سياسة صارمة للغاية لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، وطرد أكثر من 200 شخص إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، وشن حربا ضد عصابات المخدرات المكسيكية التي وصفها بأنها منظمات إرهابية أجنبية، لكن ترامب واجه أحكاما قضائية وقفت ضد عددا من مخططاته ومن ذلك تشديد الهجرة.
صورة من: Alex Brandon/AP/dpa/picture alliance
الانسحاب من معاهدات وهيئات دولية
مباشرة بعد بدء فترته الرئاسية، سحب ترامب بلاده من منظمة الصحة العالمية التي سبق أن وجه لها انتقادات كبيرة بسبب طريقة مواجهتها لفيروس كورونا، وأعلن عن عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها أمر قبض على نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، كما انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، بسبب رفضه انخراط بلاده في سياسة خفض الغازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ.
صورة من: Thomas Müller/dpa/picture alliance
العفو عن مثيري الشغب في الكونغرس
كما قام ترامب بالعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في مطلع العام 2021 احتجاجا على عدم انتخابه، كما أقر الرئيس الأمريكي تخفيضات هائلة في ميزانية المساعدات الخارجية، بذريعة مكافحة الهدر والبرامج التي تعزز التنوع والمساواة والشمول، ومن ذلك وقف المساعدات الموجهة إلى بلدان فقيرة كاليمن وأفغانستان.
صورة من: Roberto Schmidt/AFP/Getty Images
مناهضة الأقليات الجنسية
خلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بـ"وضع حدّ لـ"جنون التحوّل الجنسي". وأعلن في حفل تنصيبه أنه "اعتبارا من هذا اليوم ستكون السياسة الرسميّة لحكومة الولايات المتحدة الاعتراف بوجود جنسَين فقط؛ الذكر والأنثى". ووقّع لاحقا أوامر تنفيذيّة تمنع المتحوّلين جنسيا من الخدمة في الجيش أو ممارسة الرياضات النسائيّة.
صورة من: Andrew Caballero-Reynolds/AFP
مواجهة داعمي الفلسطينيين
دخلت إدارة ترامب في نزاع مع بعض الجامعات الكبري مثل هارفارد موجهة اتهامات لها بالتساهل مع "معاداة السامية" لسماحها بإقامة تظاهرات في الأحرام الجامعية، تنتقد إسرائيل على خلفية حرب غزة، وبدأت إجراءات ترحيل طلبة فلسطينيين أو مؤيدين للفلسطينيين للتهم ذاتها، وتعد قضية محمود خليل ومحسن مهداوي من أبرز هذه القضايا، إذ استندت واشطنن على بند قانوني غامض يتيح ترحيل من "يهددون السياسة الخارجية الأمريكية".
صورة من: Ben Curtis/AP/dpa/picture alliance
تقليض حجم القطاع الحكومي
أوكل ترامب لصديقه الميلياردير إيلون ماسك الإشراف على هيئة مستحدثة مهمتها خفض التكاليف الفدرالية وتقليص حجم القطاع الحكومي. من أكبر ضحايا هذه السياسة كانت مؤسسات إعلامية كمؤسسة "صوت أمريكا" وشبكة "الشرق الأوسط للإرسال" التي سرحت جل موظفيها، ما أثار مخاوف كبيرة من استغلال روسيا والصين للوضع بحكم أن هذه المؤسسات موجهة للخارج.