خيار الضرورة لا القناعة: الأكراد يدعمون منافس أردوغان
٧ مايو ٢٠٢٣
بعد دعم استمر عقدين لحزب العدالة والتنمية وزعيمه الرئيس رجب طيب أردوغان، يبدو أن أكراد تركيا يصطفون هذه المرة مع كمال كليجدار أوغلو، مرشح المعارضة. لماذا يراهن الأكراد على غريم أردوغان وحلفائه؟
مرشحا الرئاسة الرئيسيان في تركيا: الرئيس رجب طيب أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو.صورة من: Umit Turhan Coskun/NurPhoto/picture alliance
إعلان
سيعتمد "علي" خيارا واضحا في الانتخابات التركية في 14 أيار/مايو، بالتصويت لصالح كمال كليجدار أوغلو (كليتشدار أوغلو) على حساب رجب طيب أردوغان، ليس اقتناعا بخيارات هذا المرشح، بل رفضا لبقاء الرئيس الحالي بعد الحملات المتكررة التي شنّها ضد الأكراد.
ويقول علي "حان وقت التغيير" وذلك خلال لقاء مع فرانس برس في مدينة دياربكر، مركز الثقل لأكراد تركيا، والواقعة بجنوب شرق البلاد. ويضيف الرجل البالغ 50 عاما وطلب عدم كشف اسمه الكامل إنّ "الأكراد إرهابيون... هذا ما يخلُص إليه كل من يشاهد التلفزيون في تركيا".
وعلى رغم تأكيده أنه سيصوّت الأسبوع المقبل لصالح مرشّح حزب الشعب الجمهوري العلماني كليجدار أوغلو، لا يخفي بأنه سيكون "كاذبا اذا قلت إنني أثق بمرشح المعارضة بالكامل".
أردوغان يقترب من القوميين
وعانى الأكراد الذي يشكّلون نحو 20 بالمئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة، من الاضطهاد في حقبة الجمهورية التي أنشأها عام 1923 مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس حزب الشعب.
ونفت الجمهورية التركية رسميا وجود هذه الأقلية العرقية وحرمت الأكراد الحقوق الثقافية والتعليمية. لكن العديد من الأكراد دعموا حزب العدالة والتنمية الإسلامي بزعامة أردوغان لدى وصوله إلى الحكم عام 2002، وقيادته البلاد تدريجا بعيدا عن عقود من العلمانية سياسيا واجتماعيا.
وسعى أردوغان لإبرام اتفاق مع الأكراد المطالبين بدولة مستقلة، يضع بموجبه حدا لنزاع دام امتد أعواما، وتدوين اسمه تاريخيا كمن وضع حدا لإحدى أكثر المشكلات إيلاما للأتراك وتركيا.
إلا أن انهيار المباحثات بين الطرفين في العام 2015، ومحاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرّض لها أردوغان في العام التالي، دفعته إلى استئناف العمليات العسكرية في مناطق الأكراد، وجعلته أقرب إلى القوميين الأتراك.
حزب الشعوب يدعو للتصويت لكليجدار أوغلو
وبعدما التزم الصمت خلال معظم الحملة، دعا حزب الشعوب الديموقراطي اليساري المؤيد للأكراد وحلفاؤه في أواخر نيسان/أبريل إلى التصويت لصالح كليجدار أوغلو، في تبنٍّ قد يسهم في ترجيح الكفّة خلال الانتخابات التي تعدّ الأكثر تقاربا منذ فترة طويلة.
ويرى المحلل في شركة فيرسك مايبلكروفت الاستشارية هاميش كينير لوكالة فرانس برس أن دعم حزب الشعوب هو "دفع هائل" لكليجدار أوغلو.
ويؤكد أكراد أنّهم سيصوتون لصالح المرشح البالغ 74 عاما لمجرّد تأييد الحزب له، ومنهم محمد أمين يلماظ. وقال الرجل الستيني الذي ارتدى زيا كرديا تقليديا "أنا كردي. حزب الشعوب يدافع عن حقوقي. إذا أوقفتني الشرطة تعسفيا اليوم، حزب الشعوب سيهتمّ بي".
هل يخسر أردوغان الانتخابات بسبب الزلزال؟
05:46
This browser does not support the video element.
اهتمام كردي ضعيف
على رغم ذلك، وعلى رغم أن الانتخابات ستكون مفصلية في تحديد مستقبل حكم إردوغان الممتد لأكثر من عقدين، يبدو الاهتمام بها ضعيفا في دياربكر.
وقال المسؤول المحلي في حزب الشعوب إردم أونال "الناس تحت الترهيب. ثمة كاميرات في كل مكان. إذا تجمّع أكثر من شخصين، يحضر عناصر الشرطة بالزي المدني" إلى المكان فورا. وتابع "وضع إردوغان الأكراد أمام خيارين لا ثالث لهما: المسجد أو السجن"، مضيفا "تحولت دياربكر الى سجن في الهواء الطلق".
وتحالف أردوغان مع حزب الدعوة الحرة الذي يرتبط بصلات مع حزب الله الكردي، وهي جماعة تتألف من إسلاميين يشتبه بضلوعهم في عمليات قتل لناشطين أكراد ونسائيين في تسعينات القرن الماضي.
ورأى محللون أن حزب الله الكردي كان ذراعا للحكومة بمواجهة التمرّد الكردي بقيادة حزب العمال الكردستاني. إلا أن أيوب بورتش، مؤسس قناة "آي أم سي" المؤيدة للأكراد التي تم إغلاقها، يعتبر أن أردوغان يسعى بالتقارب مع حزب الدعوة الحرة، إلى التمسك بأكثر الأصوات تحفظا لدى الأكراد.
ويوضح "تظهر الاستطلاعات أن التأييد لأردوغان في دياربكر يناهز 15 بالمئة، وهو يتضاءل بشكل إضافي".
في المقابل، ينعدم تقريبا التأييد المعقود لحزب كليجدار أوغلو في دياربكر، الا أن المرشّح السبعيني بدأ يستقطب التعاطف بعدما كشف انتماءه إلى الأقلية العلوية، كاسرا بذلك إحدى المحرّمات في تركيا.
وينافس أردوغان (69 عاما) ثلاثة مرشحين أبرزهم كليجدار أوغلو المرشح عن تحالف ستة أحزاب معارضة تشمل اليمين القومي والديني وصولا إلى اليسار الديموقراطي.
تأييد ولكن!
وعلى رغم تأييد حزب الشعوب لكليجدار أوغلو، يبدي العديد من الأكراد تحفظهم على التشكيل الداعم له، خصوصا وأن أطرافه سبق أن دعمت العمليات العسكرية للجيش التركي التي استهدفت قوات كردية في شمال سوريا.
وأتى دعم حزب الشعوب لكليجدار أوغلو بعد توقيف أكثر من 100 ناشط وصحافي ومحامٍ كردي في عملية ضد "الإرهاب" وفق التصنيف الرسمي، بينما رأتها شخصيات كردية محاولة للترهيب.
وأكدت نائبة رئيس الحزب في دياربكر غولستان تيك دمير أن على مرشح المعارضة ألا يعتبر دعم حزب الشعوب مسلّما به، مشيرة الى أن الأخير يتوقع من كليجدار أوغلو أن يظهر "شجاعة".
خ.س/أ.ح (أ ف ب)
محطات تاريخية في مسار "القضية الكردية"
على مر التاريخ تشبث الأكراد بحلم إنشاء دولة مستقلة لهم، غير أن السياسة على أرض الواقع كان لها رأي آخر. في ما يلي ملف صور عن أبرز الأحداث التاريخية المفصلية للقضية الكردية في الشرق الأوسط.
صورة من: Metin Yoksu/AP Photo/picture alliance
معاهدة سيفر
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، جاءت معاهدة سيفر عام 1920 لتمنح الأكراد الأمل في إنشاء دولة مستقلة لهم. غير أن رفض حكومة أتاتورك الاعتراف بالمعاهدة جاء بمعاهدة جديدة، وهي معاهدة لوزان، التي غيرت موازين القوى لصالح تركيا وأجهضت حلم تأسيس الدولة الكردية المستقلة.
صورة من: Imago/United Archives International
جمهورية مهاباد
في الثاني والعشري من يناير/ كانون الثاني من عام 1946، ولدت جمهورية مهاباد الكردية بدعم من الاتحاد السوفييتي. واتخذت الجمهورية الكردية من مدينة ماهاباد في أقصى شمال غرب إيران عاصمة لها. وكان قاضي محمد ومصطفى البارازاني مؤسسي الجمهورية. لكن بسبب تراجع الدعم السوفييتي بسبب ضغوط إيران، سقطت الجمهورية بعد شهور من تأسيسها.
صورة من: Imago/S. Simon
ثورة الشيخ سعيد بيران
في عام 1923 أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة. وبعد أقل من عامين على تأسيسها، واجهت الدولة الفتية أول انتفاضة كبرى قام بها الأكراد في جنوب شرق تركيا بقيادة الشيخ سعيد بيران. الانتفاضة كانت ضد سياسة القمع التي تتبعها حكومة أتاتورك ضد الأقلية الكردية. لكن سرعان ما تم قمع التمرد، وأُعدم الشيخ بيران.
صورة من: Gemeinfrei
الأزمة مع العراق
في عام 1974 تأزمت العلاقة بين الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني بعد مطالبة الملا مصطفي برزاني بالحصول على آبار نفط كركوك ودعا الأكراد إلى ثورة جديدة ضد الحكومة العراقية.
صورة من: picture-alliance/dpa
اتفاقية الجزائر 1975
وقعت هذه الاتفاقية بين الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وشاه إيران آنذاك محمد رضا بهلوي، وأشرف عليها الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين، وكان الهدف منها هو وقف النزاعات بين الدولتين حول الحدود. لكن بعد إلغاء صدام حسين للاتفاقية، انهارت الانتفاضة الكردية بسبب انقطاع دعم إيران لها.
صورة من: Gemeinfrei
تأسيس حزب العمال الكردستاني
كان تأسس حزب العمال الكردستاني محطة بارزة أيضا. وبعد سنوات من العمل، تأسس الحزب بتاريخ 27 نوفمبر 1978، بشكل سري. وكان من بين المؤسسين عبد الله أوجلان، والذي اختير رئيسا للحزب. بدأ الحزب صغيرا قبل أن يبلغ ذروة نشاطه في تسعينات القرن العشرين. وقد دعا للكفاح المسلح ضد الدولة التركية.
صورة من: AFP
الصراع المسلح ضد تركيا
في عام 1984 شن حزب العمال الكردستاني أولى هجماته المسلحة على الجيش التركي. ومعها اندلعت حقبة الصراع المسلح التي بلغت ذروتها في التسعينات، وأدت لعشرات الآلاف من الضحايا على الجانبين. وجرى تصنيف حزب العمال كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول كثيرة أخرى. و
صورة من: AP
مجزرة حلبجة
في عام 1988، تعرضت مدينة حلبجة الكردية لغارات بالسلاح الكيماوي في إطار ما عُرف بحملة "الأنفال"، التي قام بها النظام السابق برئاسة صدام حسين ضد الأكراد. يذكر أن الهجوم الكيماوي على حلبجة أسفر عن مقتل ما بين 3500 إلى 5000 شخص، وفقاً لمصادر مختلفة، فيما قدر عدد المصابين بحوالي عشرة آلاف شخص.
صورة من: Safin Hamed/AFP/Getty Images
انتفاضة 1991 في العراق
بدأت قوات من الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي انتفاضة ضد الحكومة العراقية إثر غزو الكويت. لكن سرعان ما أخمدها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بالقوة، ما تسبب في نزوح أكثر من مليون كردي إلى دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/dpa
القبض على أوجلان
استقر أوجلان لسنوات في سوريا، واضطر فيعام 1998 للخروج منها بعد تهديدات تركية باجتياح الأراضي السورية. وفي 1999، تمكنت تركيا بالتعاون مع أجهزة استخبارات دولية، من اعتقال أوجلان في عاصمة كينيا ونقلته إلى تركيا، حيث خضع للمحاكمة وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد.
صورة من: Reuters
أزمة الاستفتاء
في سبتمبر/ أيلول عام 2017 أعلن رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، عن إجراء استفتاء شعبي لاستقلال الإقليم عن العراق. لكن ذلك قوبل برفض شديد من الحكومة في بغداد. كما رفضت الأمم المتحدة الإشراف على عملية الاستفتاء.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/Y. Keles
سقوط عفرين
بعد حملة عسكرية استمرت ثمانية أسابيع لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من مدينة عفرين بشمال سوريا، سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في الثامن عشر من مارس/ آذار 2018 على مدينة عفرين، التي شكلت أحد "الأقاليم" الثلاثة التي أنشأ الأكراد فيها الإدارة الذاتية. إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/K. Ashawi
فبراير 2025: دعوة أوجلان لحل الحزب وإلقاء السلاح
بعد سنوات من المفاوضات مع أوجلان في سجنه ومع مقربين منه، توصلت الدولة التركية إلى تفاهم معه، وخرج أوجلان في 27 فبراير 2025 بخطاب تلاه سياسيون أكراد زاروه في سجنه، ودعا فيه أوجلان إلى حل حزب العمال وإلقاء السلاح، والانخراط في مسار المصالحة.