داء الليشمانيات في سوريا - خطر يتفاقم وسط عوامل متعددة
إلهام الطالبي
١٤ نوفمبر ٢٠٢٥
بين ركام المدن السورية ينهش داء الليشمانيات أجساد الفقراء والنازحين، مستفيدًا من انهيار النظام الصحي وتوقف المكافحة وتفاقم آثار الحرب وتغير المناخ.
يُعد المرض الليشمانيات متوطنًا في المناطق المدارية وشبه المدارية ويؤثر على ملايين الأشخاص عالميًاصورة من: CAVALLINI JAMES/BSIP/picture-alliance
إعلان
بين انهيار النظام الصحي، وتوقف برامج المكافحة، وتزايد أعداد النازحين، يجد الليشمانيات، هذا الطفيلي القاتل، بيئة مثالية لينتشر من القرى إلى المخيمات، ومن سوريا إلى حدود الجوار.
داء الليشمانيات هو مرض طفيلي ينتقل عبر نواقل حشرية، وتُنقَل إلى الإنسان بواسطة ذبابة الرمل (Phlebotomus). ويُعد المرض متوطنًا في المناطق المدارية وشبه المدارية ويؤثر على ملايين الأشخاص عالميًا، وتتفاوت أعراضه حسب نوع الطفيلي والمناعة الجسدية للمصاب.
داء الليشمانيات هو مرض طفيلي ينتقل عبر نواقل حشرية، وتُنقَل إلى الإنسان بواسطة ذبابة الرمل صورة من: Gemeinfrei
ويشار إلى أن داء الليشمانيات في سوريا كان متوطنا منذ الثمانينيات، خصوصًا في ريفَي حلب ودمشق، لكنّتغير المناخ أسهم في توسيع نطاق انتشاره. وبحسب الفريق الدولي المتخصص في تغير المناخ (IPCC)،فإن ارتفاع الحرارة وتغير أنماط الأمطار أطالا موسم نشاط ذباب الرمل، مما زاد فرص العدوى. كما ساهم الدمار العمراني وتكدس الأنقاض والمخلفات في خلق بيئات خصبة لتكاثر الذباب، ما جعل المرض يعود بقوة غير مسبوقة بعد عام 2011.
إعلان
الحرب والنزوح... محرك الوباء الصامت
بدأ النزاع السوري في مارس، آذار 2011، ومعه انهارت برامج مكافحة النواقل وتوقفت حملات الرش بالمبيدات. كما أن أكثر من 7.2 ملايين نازح داخلي أسهموا في نقل العدوى إلى مناطق جديدة لم تكن موبوءة سابقًا مثل الرقة ودير الزور والحسكة.
بدأ النزاع السوري في مارس/ آذار 2011، ومعه انهارت برامج مكافحة النواقل وتوقفت حملات الرش بالمبيداتصورة من: Juma Muhammad/ZUMA/picture alliance
الفقر والتدهور الصحي... دائر ة مغلقة
ويؤكدتقريرمبادرة منتور (MENTOR) لعام 2024 أن انقطاع التمويل الدولي أدى إلى إغلاق مراكز علاج في شمال شرق سوريا، ما حرم أربعة ملايين شخص من خدمات التشخيص والعلاج.
ويحذر الأطباء من ظهور مقاومة دوائية ضد مضادات الطفيليات، في حين أن اللقاحات ما زالت غائبة. وتبقى الوسيلة الوحيدة للوقاية هي المعالجة بالمبيدات، وتحسين إدارة النفايات والمياه.
وصمة اجتماعية وآثار نفسية عميقة
لا يقتصر المرض على الجسد، بل يمتد إلى النفس والمجتمع. الآفات الجلدية المشوهة التي تصيب الوجه تُسبّب وصمة اجتماعية قاسية، خصوصًا بين النساء والفتيات في المناطق الريفية، مما يؤثر على فرص الزواج والتعليم والعمل ويعاني الأطفال في المخيمات من نقص الرعاية الصحية وسوء الصرف الصحي، ما يزيد معاناتهم ويجعلهم أكثر عرضة للعدوى المتكررة.
المناخ كعامل خفي في انتشار الطفيليات وفقًالتقرير الفريق الحكومي الدولي لتغير المناخ (IPCC, 2023)، فإن ارتفاع حرارة الأرض والجفاف المتكرر في سوريا أدّيا إلى اختلال النظم البيئية، مما زاد تكاثر ذباب الرمل قرب المناطق السكنية.
كما ساهمت الفيضانات الموسمية في خلق بيئات رطبة مثالية لتكاثر الناقلات، بينما تسبّب تراجع الغطاء النباتي في اقتراب الذباب من البشر والحيوانات المنزلية على حد سواء.
لا يقتصر المرض على الجسد، بل يمتد إلى النفس والمجتمع ويتسبب في الوصم الاجتماعيصورة من: Akharinkhabar.ir
تحديات التشخيص والعلاج
تشير التقارير الميدانية لمنظمة الصحة العالمية إلى أن التشخيص في سوريا ما زال يعتمد على الفحص المجهري التقليدي، في غياب تقنيات حديثة. أما العلاج، فيتوزع بين الحقن الموضعية والأدوية الفموية، لكن نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار يحدّان من وصول المرضى إلى العلاج.
داء الليشمانيات في سوريا ليس مجرد عدوى جلدية، بل مرآة تظهر انهيار النظام الصحي والبيئي والاجتماعي الذي أصاب البلاد. فبين الحرب والنزوح والفقر والتغير المناخي، يجد هذا الطفيلي أرضًا خصبة للانتشار.
مشاهد لا تُنسى من عشر سنوات من الحرب والدمار في سوريا
إنها شواهد مهمة من التاريخ المعاصر، فقد وثق مصورون سوريون محليون الحياة اليومية في بلدهم الذي مزقته الحرب على مدار عشر سنوات. والآن قام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بتجميع تلك الوثائق المؤلمة والمهمة.
صورة من: Muzaffar Salman/OCHA
صورة حزن لا ينتهي
إدلب في 2020: شابان يبكيان والدتهما، بعد تعرض منزلهما لهجوم جوي. كان المصور غيث السيد نفسه في السابعة عشرة من عمره عندما اندلعت الحرب. كما قتل شقيقه في هجوم بالقنابل أيضا، ويقول: "عندما التقطت الصورة، عادت إليَّ كل مشاعر الرعب التي شعرت بها عندما مات أخي. وفجأة بدأت أبكي أنا بنفسي".
صورة من: Ghaith Alsayed/OCHA
ذكريات مدمرة في الرقة
الرقة في عام 2019. امرأة تدفع عربة أطفال عبر مدينة مدمرة المعالم. ويقول المصور عبود همام: "في عام 2017 بدأت ألتقط صوراً لمدينتي. الذكريات تتواصل مع كل زاوية هنا. لقد دمروا كل ذلك. ستصبح صوري يوماً ما وثائق تاريخية".
صورة من: Abood Hamam/OCHA
ضائعون وسط الأنقاض
بنش (إدلب)، أبريل/ نيسان 2020. امرأة وابنتها. في لقطة سجلها مهند الزيات، إنهما تظهران وكأنهما كائنين صغيرين في صحراء من الأنقاض لا نهاية لها. لقد وجدتا الحماية في مدرسة مدمرة. مأوى خطير، لكنه أفضل من لا شيء. فالمخيم القريب للنازحين لم يعد به مكان شاغر.
صورة من: Mohannad Zayat/OCHA
الشرب من حفرة ناجمة عن القنابل
حلب في يونيو/ حزيران 2013: تدمير خط مياه في هجوم، ويبدأ الصبي على الفور بالشرب من الحفرة الناتجة عن القنابل والتي امتلأت بالمياه. ويقول المصور مظفر سلمان: "في ذلك الوقت، قال بعض الناس إن الصورة غير واقعية، وأنه كان علي من الأفضل أن أعطيه ماءً نظيفاً. لكني أعتقد أنه من أجل تغيير الواقع، من المهم أولاً تصويره كما هو".
صورة من: Muzaffar Salman/OCHA
الهروب من الغوطة
عند الهروب من الغوطة في مارس/ آذار 2018، رجل يحمل طفلته في حقيبة سفر إلى نقطة الخروج، والتي من المفترض أن تمهد الطريق للحرية. وكتب المصور عمر صناديقي: "الحرب في سوريا لم تغير البلد فحسب. لقد غيرتنا أيضًا. وغيرت طريقة نظرتنا إلى الناس وكيف نلتقط الصور وبالتالي نرسل رسائل إنسانية إلى العالم".
صورة من: Omar Sanadiki/OCHA
مواصلة العيش والمثابرة
إحدى ضواحي دمشق في 2017: أم محمد وزوجها يجلسان في منزلهما المدمر وكأن شيئًا لم يحدث. يقول المصور سمير الدومي: "هذه المرأة من أكثر الأشخاص الذين قابلتهم إثارة للإعجاب. لقد أصيبت بجروح بالغة وبعد ذلك بقليل أصيب زوجها أيضًا، فبقيت في المنزل لتعتني به. وصمودها يعكس الوجه الحقيقي للسوريين".
صورة من: Sameer Al-Doumy/OCHA/AFP
أم تبكي ولدها في عيد الفطر
منطقة درعا في 2017. ليس هناك شيء للاحتفال به في عيد الفطر. يقول المصور محمد أبازيد: "في عام 2017، رافقت هذه المرأة وهي تزور قبر ابنها في أول أيام عيد الفطر. وأنا نفسي عندها غلبني البكاء، لكني مسحت دموعي حتى يكون بمقدوري التقاط الصور".
صورة من: Mohamad Abazeed/OCHA
طفولة في الكرسي المتحرك
دمشق ، يناير/ كانون الأول 2013. الطفلة آية البالغة من العمر خمس سنوات تنتظر على كرسي متحرك بينما والدها يحضر لها وجبتها الغذائية. كانت في طريقها إلى المدرسة عندما أصابتها قنبلة، وتقول: "كنت أرتدي حذائي البني في ذلك اليوم. وفي البداية رأيت الحذاء يطير في الهواء، ثم رأيت ساقي تتطاير معه".
صورة من: Carole Alfarah/OCHA
ألعاب بهلوانية سورية
في كفر نوران بالقرب من حلب، حوَّل رياضيون سوريون مشهد الأنقاض إلى أماكن لممارسة "الباركور" (حركات الوثب) البهلوانية الجريئة. وعلى ما يبدو تظهر لقطة المصور أنس الخربوطلي أن رياضات الحركة في المدن والحركات المثيرة تصلح ممارستها أيضًا وسط الأنقاض الخرسانية.
صورة من: Anas Alkharboutli/OCHA/picture alliance/dpa
أمل في بداية جديدة
بعد توقيع وقف إطلاق النار، تعود عائلة إلى موطنها جنوب إدلب عام 2020. التقط علي الحاج سليمان الصورة بمشاعر مختلطة ويقول: "أنا سعيد بالناس القادرين على العودة إلى قريتهم الأصلية. وحزنت لأنني طردت أنا أيضا ولا أستطيع العودة".
صورة من: Ali Haj Suleiman/OCHA
تراث روماني
هذه هي سوريا أيضًا في حالة الحرب: المسرح الروماني في بصرى في منطقة درعا. في عام 2018، غمرته الأمطار الغزيرة.
ملحوظة: قدم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) جميع الصور في هذه الجولة المصور، لكنه لا يضمن دقة المعلومات المقدمة من أطراف ثالثة. والتعاون مع هؤلاء لا يعني وجود اتفاق من قبل الأمم المتحدة. إعداد: فريدل تاوبه/ غوران كوتانوسكي/ص.ش