داعش يتبنى هجوم وزارة الخارجية الليبية وطرابلس تطلب دعما
٢٦ ديسمبر ٢٠١٨قالت مجموعة "سايت" الاستخباراتية التي تتعقب أنشطة التنظيمات الجهادية عبر الإنترنت إن تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي أعلن مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف وزارة الخارجية الليبية في العاصم طرابلس.
وكان وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق الوطني الليبية، المدعومة دوليا، فتحي باش آغا، أعلن مقتل شخصين وإصابة 18 آخرين في الهجوم والتفجير الإرهابي الذي تعرضت له الوزارة. وأكد باشاغا، في مؤتمر صحفي عقده ظهر أمس (الثلاثاء 25 ديسمبر/ كانون الأول 2018)، رفقة وزير الخارجية المفوض محمد سيالة والناطق باسم رئيس المجلس الرئاسي محمد السلاك في مقر رئاسة الوزراء بطرابلس، أن الهجوم لن يثني الليبيين عن التقدم والاستمرار في بناء الدولة الليبية، مشيرا إلى أن التحقيقات بشأنه لاتزال جارية.
وذكرت آخر التقارير أن عدد القتلى ارتفع ليبلغ ثلاثة في الهجوم الذي نفذه "ثلاثة أو أربعة" مسلحين أحدهم انتحاري. وذكرت مصادر أمنية أن أحد القتلى الثلاثة دبلوماسي يتولى إدارة في وزارة الخارجية. ولم تعرف هويتا القتيلين الآخرين.
واتهم طارق الدواس الناطق باسم القوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية تنظيم "الدولة الإسلامية" بتنفيذ الهجوم. وقال إن "التفجير الغادر كان من قبل المجموعات المارقة من مجموعات داعش".
وصرح الدواس لوكالة فرانس برس أن "سيارة مفخخة" انفجرت أولا بالقرب من المبنى ما دفع قوات الأمن إلى التوجه إلى الموقع.
وأضاف أن انتحاريا دخل بعد ذلك المبنى حيث قام بتفجير نفسه في الطابق الثاني. وقتل مهاجم ثان في حرم المبنى بعد انفجار حقيبة كان يحملها بينما قتلت قوات الأمن في الخارج المهاجم الثالث الذي لم يكن مسلحا و"كان لديه سترة واقية للرصاص فقط".
وضربت قوات الأمن طوقا أمنيا حول مكاتب وزارة الخارجية التي أتت عليها النيران بينما وصلت فرق الدفاع المدني إلى المكان لمحاولة إخماد الحريق، حسبما ذكر صحافيون من فرانس برس في المكان.
وكان شهود عيان ووسائل إعلام بينها القناة التلفزيونية الرسمية لحكومة الوفاق الوطني، تحدثوا عن دوي انفجار واحد على الأقل وإطلاق نار صباح الثلاثاء في حرم وزارة الخارجية في العاصمة الليبية.
وأقر وزير الداخلية الليبي فتحي باش آغا في مؤتمر صحافي الثلاثاء بأنّ "الفوضى الأمنية مستمرة الآن" في ليبيا ما تسبب بإيجاد "بيئة خصبة" لتنظيم الدولة الإسلامية في البلد العربي الواقع في شمال إفريقيا. وكشف باش آغا أن وزارته تنقصها المعدات المناسبة لاستعادة الأمن بالبلاد.
وقال إنه تسلم منصبه في تشرين الأول/أكتوبر الفائت حين كان هناك "صفر آليات وصفر سلاح" في مخازن الوزارة. وطالب وزير الخارجية الليبي طاهر سيالة الأمم المتحدة برفع حظر مفروض على الأسلحة إلى ليبيا منذ العام 2011.
وقال في المؤتمر الصحافي نفسه إنّه "لا يمكن استتباب الأمن في ليبيا بدون اعطاء استثناء من مجلس الأمن ومن لجنة العقوبات على بعض الانواع المتميزة من السلاح لمواجهة خطر الارهاب". وأضاف أنّ "البشر وحدهم لا يكفون لمواجهة هذا الخطر".
وفي سياق متصل، أكد سفير ألمانيا لدى ليبيا أوليفر أوفتشا أن الهجوم لن يغير أي شيء في تعاون برلين مع طرابلس. وقال اوفتشا في تغريدة له بموقع "تويتر" إن الهجوم على طرابلس مروع، مضيفا "تعاطفنا مع الضحايا وعائلاتهم وجميع الزملاء" في وزارة الخارجية مؤكدا أن الوزارة ستبقى مكاناً للتبادل السلمي ولن يغير الهجوم أي شيء في تعاون ألمانيا مع ليبيا والليبيين.
من جهتها، استنكرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا "العمل الارهابي الجبان" في بيان. وتعهد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة "بالعمل مع الشعب الليبي لمنعهم (الجهاديين) من تحويل ليبيا ملاذا ومسرحا لإجرامهم الأعمى".
وفي القاهرة، دان الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط "بأقسى العبارات العملية الإرهابية" بمقر وزارة الخارجية الليبية. وقال المتحدث باسم الأمين العام محمود عفيفي إنّ "هناك من يسعى لعرقلة الجهود المبذولة لإحلال الأمن والاستقرار في ليبيا وإطالة أمد الأزمة الليبية، وهو الأمر الذي يستلزم بذل المزيد من الجهد على المستويين الدولي والإقليمي لمساعدة الشعب الليبي على تخطي هذه الأزمة".
ونددت الخارجية المصرية بالهجوم، واكدت في بيان "أهمية حشد الدعم الدولي للجهود الأممية في استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، وخاصة في تنفيذ الترتيبات الأمنية الخاصة بالعاصمة الليبية طرابلس، وتأكيد الاختصاص الحصري في الملف الأمني لمؤسسات الدولة الشرعية في ليبيا دون غيرها".
وتتنافس حكومتان على الشرعية والسيطرة، إحداهما حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بدعم الأسرة الدولية برئاسة فايز السراج غرب البلاد، والثانية حكومة موازية برئاسة عبد الله الثني في شرقها يدعمها "الجيش الوطني الليبي" الذي أعلنه المشير خليفة حفتر.
وساعدت هذه الفوضى الأمنية والسياسية على ظهور جماعات جهادية شنت العديد من الهجمات في السنوات الأخيرة. كما استغل تنظيم "الدولة الإسلامية: هذه الفوضى لإقامة معقل له في منطقة سرت (450 كلم شرق العاصمة طرابلس). وقد تبنى في أيلول / سبتمبر الماضي هجوما انتحاريا في العاصمة على مقر المؤسسة الوطنية للنفط، قتل فيه شخصان.
وقبل أشهر نفذ انتحاريان مطلع أيار/مايو هجوما على مقر هيئة الانتخابات في العاصمة، أسفر عن سقوط 14 قتيلا. كما شهدت طرابلس بين 27 آب / أغسطس والسابع من أيلول / سبتمبر مواجهات بين مجموعات مسلحة متناحرة أسفرت عن سقوط أكثر من ستين قتيلا.
وجرت محادثات في الأشهر الأخيرة في باريس ثم في صقلية لدفع العملية السياسية قدما في هذا البلد الذي يضم ستة ملايين نسمة ويشهد انقسامات ونزاعات على السلطة، وخصوصا لإجراء انتخابات.
وإلى جانب المخاوف من تحول ليبيا إلى ملاذ للجهاديين، تشعر الدول الأوروبية بالقلق من قضية المهاجرين إذ يسعى عشرات الآلاف كل سنة للتوجه إلى السواحل الإيطالية انطلاقا من ليبيا، حيث ينشط المهربون مستفيدين من الفوضى.
ح.ز/ م.س(د.ب.أ، أ.ف.ب)