1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"دبلوماسية الزلزال".. هل تقرب القاهرة من دمشق وأنقرة أكثر؟

٢٧ فبراير ٢٠٢٣

زيارتان قام بهما وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى كل سوريا وتركيا لم تفصل بينهما إلا عدة ساعات. تقول مصر إن الهدف من الزيارتين هو إبداء الدعم والتضامن عقب الزلزال الذي ضرب البلدين. لكن قد يكون للزيارتين هدف آخر.

وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد
هل تنجح "دبلوماسية الزلازل" في إذابة الثلوج التي تراكمت على علاقات مصر بسوريا وتركيا؟ صورة من: Syrian Presidency/AFP

يبدو أن القاهرة قررت المضي قدماً في "إذابة الثلوج" التي انهمرت خلال السنوات السابقة على علاقتها مع كل من سوريا وتركيا. فقد زار سامح شكري وزير الخارجية المصري العاصمة السورية دمشق وأجرى عدة لقاءات رسمية، لينطلق منها لاحقاً إلى تركيا ويلتقي عدداً من المسؤولين الأتراك، في أول زيارة لوزير خارجية مصري لكلا البلدين منذ نحو عشر سنوات.

زيارة شكري تأتي في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين وأسفر عن مصرع عشرات الآلاف في البلدين، بهدف إبداء الدعم والتضامن المصري لكل من سوريا وتركيا، الأمر الذي جعل البعض يطلق على تلك الزيارات اسم دبلوماسية "الزلازل".

مصر وسوريا.. تمهيد لإنهاء القطيعة العربية؟

التقى سامح شكري خلال زيارته يوم الاثنين (27 فبراير/شباط) بالرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد في زيارة استمرت أربع ساعات. 

وعبر الرئيس السوري بشار الأسد عن شكره لمصر على ما قدمته من مساعدات لبلاده جراء الزلزال، مشدداً على حرص سوريا على علاقاتها مع مصر، واعتبر الأسد أنّ العمل لتحسين العلاقات بين الدول العربية بشكل ثنائي هو الأساس لتحسين الوضع العربي بشكل عام.

ونقل بيان رئاسي سوري أن الأسد "شكر الرئيس السيسي لما قدمته جمهورية مصر العربية من مساعدات لدعم جهود الحكومة السورية في إغاثة المتضررين من الزلزال، وأكّد أنّ سوريا حريصة أيضاً على العلاقات التي تربطها مع مصر، مشيراً إلى أنّه يجب النظر دائماً إلى العلاقات السورية المصرية من منظور عام وفي إطار السياق الطبيعي والتاريخي لهذه العلاقات".

زيارة دعم وتضامن فقط؟

بدوره، قال شكري للصحفيين في دمشق إن "هدف الزيارة إنساني في المقام الأول، ولنقل التضامن على مستوى القيادة والحكومة والشعب المصري مع الشعب السوري"، وأضاف أن مصر تتطلع لزيادة الدعم المُقدم بعد الزلزال "بتنسيق كامل مع الحكومة السورية" بعدما قدمت القاهرة بالفعل نحو 1500 طن من المساعدات.

ونوّه إلى أنّ مصر لم تعامل السوريين الذين استقروا فيها "خلال مرحلة الحرب على سوريا " كلاجئين، بل احتضنهم الشعب المصري في جميع المناطق. ما يؤكد على الروابط التي تجمع بين الشعبين، والأصالة التي يمتلكها الشعب المصري. واعتبر الوزير المصري أنّ العلاقات السورية المصرية هي ركن أساسي في حماية الأقطار العربية، مؤكداً أن مصر ستكون دائماً مع كلّ ما يمكن أن يساعد سوريا، وأنها ستسير قُدماً في كلّ ما من شأنه خدمة مصالح الشعب السوري.

وفي أعقاب الزلزال، قامت مصر بإرسال فرق للإغاثة إلى جانب المساعدات الإنسانية، فيما انطلقت داخل مصر حملات لجمع تبرعات لدعم السوريين، وتوالت الاتصالات بين مسؤولين مصريين وسوريين لتبدأ الثلوج في الذوبان.

وفي حديث لصحيفة الشرق الأوسط، اعتبر محمد بسام الملك، الناشط السياسي السوري، والقيادي السابق في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، التحركات المصرية "استمراراً لعلاقة شعبية وطيدة بين المصريين والسوريين"، مضيفاً أن مصر "كانت من أولى الدول التي استضافت آلاف السوريين الذي فرّوا من الصراع المسلح منذ 2011".

وأوضح المعارض السوري المقيم في القاهرة، في حديثه للصحيفة، أن "مصر حافظت على نهج سياسي متوازن تجاه الأزمة السورية منذ بدايتها، وكانت على اتصال بمختلف القوى السياسية السورية، واستضافت عدة اجتماعات سابقة لقوى المعارضة المدنية"، لافتاً إلى أن الاحتضان الرسمي والشعبي للسوريين في مصر "يعبّر عن تقدير مصر للعلاقات التاريخية بين البلدين، وأن فرص التقارب موجودة".

مساعٍ لإنهاء العزلة العربية لسوريا؟

 ويستفيد الأسد من تدفق الدعم العربي على بلاده عقب الزلزال، الأمر الذي ساعد في تخفيف العزلة الدبلوماسية التي واجهها بعد الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 والقسوة البالغة التي تصدى بها نظامه للانتفاضة الشعبية، الأمر الذي أدى إلى مصرع عشرات الآلاف وتهجير ملايين السوريين والكشف عن جرائم وانتهاكات مروعة بحق المدنيين.

وبسبب تصاعد الانتهاكات، علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا عام 2011 ، ودعمت العديد من الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة المعارضة السورية التي سعت للإطاحة بالأسد. لكن عدداً من الدول العربية - منها الإمارات - غيرت منهجها إلى تطبيع العلاقات مع سوريا بعدما هزم الأسد قوات المعارضة في معظم أنحاء البلاد بدعم من إيران وروسيا.

وتقول السعودية، التي لا تزال على خلاف مع الأسد، إن هناك توافقا متزايدا في الوطن العربي على أن عزل سوريا غير مجد وإن ثمة حاجة للحوار مع دمشق في وقت ما لمناقشة القضايا الإنسانية على الأقل.

لكن واشنطن تبدي معارضة لأي تحركات لتطبيع العلاقات مع الأسد، مشيرة إلى وحشية حكومته خلال الصراع وضرورة حدوث تقدم باتجاه حل سياسي أولاً، وهو ما قد يصطدم بمساعي الدول العربية التي تحاول استعادة علاقاتها مع نظام الأسد.

وكان رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي وصل أمس الأحد إلى العاصمة السورية برفقة عدد من رؤساء البرلمانات والوفود المشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي عقد بالعاصمة العراقية بغداد، في زيارة تعتبر هي الأولى من نوعها لمسؤول مصري رفيع المستوى إلى سوريا منذ عام 2011.

 

ولم يرد شكري على أسئلة الصحفيين بشأن ما إذا كانت مصر ستدعم إلغاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، لكنه قال رداً على سؤال حول إمكانية عودة العلاقات بين سوريا ومصر إلى سابق عهدها: "كما أكدت، نحن على أتم الاستعداد لما لدينا من موارد لتوفير كل سبل الدعم الانساني لمؤازرة اشقائنا في سوريا وسوف يتم بالتنسيق الكامل منذ البداية مع الحكومة السورية وفق الأولويات التي تحددها".

وأشار الدكتور عماد جاد، عضو مجلس النواب المصري السابق، ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية إلى أن "سوريا تدرك جيداً أنها بحاجة إلى مصر على أكثر من مستوى، سواء من أجل العودة إلى الجامعة العربية، أو للحصول على دعم مهم في المحافل الدولية، خصوصاً في ظل تراجع القدرة الإيرانية على توفير الدعم للسياسة السورية، نتيجة أزمات طهران الداخلية وتعقُّد علاقاتها مع كثير من القوى الكبرى على الساحة الدولية" بحسب ما نقلت عنه صحيفة الشرق الأوسط.

لم يرد شكري على أسئلة الصحفيين بشأن ما إذا كانت مصر ستدعم إلغاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربيةصورة من: SANA/AP/picture alliance

ولفت جاد إلى أن المواقف المصرية الأخيرة ركزت بشكل واضح على البعد الإنساني، لكنّ "أي تحركات لتقارب سياسي ترتبط في المقام الأول بالمصالح المتبادلة والوضع الإقليمي، ويمكن أن يكون التقارب الإنساني (بداية جيدة)، لكن الأمر يتطلب أيضاً تقديم دمشق مؤشرات على تفهمها للمتغيرات الإقليمية والدولية، والتخلي عن النهج المتشدد في المواقف، والذي أدى إلى فقدانها الكثير من علاقاتها العربية في السنوات الماضية" وفقا للصحيفة نفسها.

وانقطعت العلاقات بين سوريا ومصر لفترة وجيزة في أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وأعادت القاهرة فتح سفارتها في دمشق في عام 2013 بعد أن أطاح الجيش بمرسي، لكنها ظلت بمنأى عن تطوير العلاقات مع الأسد.

تركيا ومصر.. مزيد من الخطوات الإيجابية

غادر شكري دمشق وتوجه إلى تركيا، حيث التقى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في مدينة أضنة التي ضربها الزلزال أيضاً، مما يشير إلى تحول آخر في علاقات القاهرة وأنقرة. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد: إن وزير الخارجية سيقدم تعازيه في ضحايا الزلزال ويؤكد تضامن مصر قيادة وحكومة وشعبا مع تركيا، كما يؤكد استمرار تقديم المساعدات لدعم تركيا وشعبها. وتوجه شكري وجاويش أوغلو بعد ذلك في زيارة إلى ميناء مرسين حيث وصلت سفينة مساعدات مصرية.

 

وقال شكري في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي "زيارتنا هي رسالة صداقة وتضامن"، وأضاف: "نؤمن أن تركيا ستتغلب على هذا في أسرع وقت ممكن .. إنها كارثة كبيرة"، مشيرا إلى الزلزال، وتابع "سنواصل بذل قصارى جهدنا للمساعدة".

وقال أوغلو إن مصر كانت من أوائل الدول التي بادرت إلى إرسال مساعدات إنسانية إلى المتضررين من الزلزال في تركيا، وأضاف: "السفينة المصرية الأولى جلبت كمية كبيرة من المساعدات، وكذلك وصلتنا مساعدات عبر الطائرات، والآن وصلت السفينة المصرية الثانية التي تحمل مساعدات تقدر بـ 520 طنا وتتضمن مواد غذائية وألبسة ومستلزمات طبية ومواد سكنية".

"من مصلحتنا أن تكون مصر قوية"

وقال جاويش أوغلو للصحفيين في ميناء مرسين إن أردوغان والسيسي قد يجتمعان مرة أخرى قريباً، وأضاف: "تبادلنا خلال محادثاتنا اليوم وجهات النظر حول الزيارات المتبادلة في الفترة المقبلة. التقى نائبا وزيري الخارجية مرتين من قبل، وسيكون من المفيد أن يجتمعا مرة أخرى. وبعد محادثاتنا يمكن أن يجتمع الرئيسان في تركيا أو مصر".

وقال أوغلو إننا "نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر"، واصفاً زيارة شكري بأنها "مهمة للغاية وتعني الكثير". وأوضح أنهما ناقشا "الخطوات التي سنتخذها لتحسين وتطوير العلاقات بين تركيا ومصر بما يصب في مصلحة الطرفين، ويخدم تحقيق السلام والتنمية والاستقرار في منطقتنا".

قال وزير الخارجية التركي إنه ناقش مع شكري خطوات تحسين وتطوير العلاقات بين تركيا ومصر صورة من: Sezgin Pancar/AA/picture alliance

وأكد الوزير التركي على أن "الصداقة والأخوة تظهران في الأوقات الحرجة، ومصر حكومة وشعباً أظهرت بأنها صديقة وشقيقة لتركيا في هذه المحنة"، وتابع : "نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الدوحة كان مثمراً للغاية، وخلال لقائي مع الوزير شكري في مطار أضنة قبل قليل، تناولنا الخطوات الواجب الإقدام عليها لتعزيز علاقات البلدين".

واستطرد: "مصر بلد مهم بالنسبة لمنطقة البحر المتوسط وللعالم العربي وللعالم الإسلامي ولفلسطين ولإفريقيا، من مصلحتنا جميعًا أن تكون مصر قوية". وقال: "أنا على ثقة بأننا سنعمل سويا لتعزيز علاقاتنا نحو الأفضل".

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا في عام 2013 بعد إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي حظي بدعم أردوغان وحزبه العدالة والتنمية. لكن محاولات التقارب بين البلدين كانت مستمرة، إذ التقى السيسي وأردوغان وتصافحا خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر وهي دولة أخرى أعادت القاهرة بناء العلاقات معها، وتعهدت شركات تركية هذا الشهر باستثمار 500 مليون دولار في مصر.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أعلن حينها مرارا أنه لن يتواصل "أبدا" مع شخص مثل السيسي. لكن أردوغان أعرب في تشرين الثاني/ نوفمبر لدى مغادرته قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، عن استعداده لإعادة بناء العلاقات مع القاهرة "من الصفر". وكان جاويش أوغلو قد قال في نوفمبر/ تشرين الثاني إن تركيا قد تعين سفيراً لها في مصر "خلال الأشهر المقبلة".

عماد حسن

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW