بدأ سريان هدنة إنسانية جديدة أعلنت عنها روسيا من جانب واحد بمدينة حلب السورية في الساعة التاسعة من صباح الجمعة بالتوقيت المحلي على أن تستمر لعشر ساعات بهدف إجلاء مقاتلين ومدنيين راغبين بمغادرة الأحياء الشرقية المحاصرة.
إعلان
أكدت روسيا اليوم (الجمعة الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) بدأ سريان هدنة جديدة في سوريا. وسيتم إجلاء الراغبين عبر المعابر الثمانية، بينها اثنان للمقاتلين، التي جرى تحديدها خلال الهدنة الروسية السابقة في تشرين الأول / أكتوبر والتي استمرت ثلاثة أيام من دون أن تحقق هدفها بخروج جرحى أو مدنيين ومقاتلين. ودعا الجيش السوري مقاتلي الفصائل ومن يرغب من مدنيين إلى الخروج من الأحياء الشرقية. وأكد انه "من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة السابعة مساء ستكون جميع المعابر الإنسانية المعلنة سابقا مفتوحة لخروج المسلحين ومن يرغب من المدنيين".
وحث الجيش السوري مقاتلي الفصائل على "وقف الأعمال القتالية (...) ومغادرة المدينة مع أسلحتهم الفردية عبر معبر الكاستيلو شمالا ومعبر سوق الخير - المشارقة باتجاه ادلب"، أما المعابر الستة الأخرى فهي مخصصة مثل السابق لخروج المدنيين والجرحى والمرضى. وعلق الجيش الروسي في 18 تشرين الأول / أكتوبر، أي قبل يومين من الهدنة الإنسانية السابقة، غاراته على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، ولا تتركز حاليا سوى على مناطق الاشتباكات في غرب المدينة.
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
11 صورة1 | 11
وتدور منذ 28 تشرين الأول / أكتوبر اشتباكات عند أطراف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في حلب اثر هجوم شنته فصائل مقاتلة بينها مجموعات إسلامية وجهادية (جبهة فتح الشام - جبهة النصرة سابقا - وحركة أحرار الشام). وبعد تصعيد الفصائل لهجومها صباح أمس الخميس عمّ الهدوء ليلا منطقة الاشتباكات. وتعليقا على الإعلان الروسي، قال ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي، وهي من ابرز الفصائل المشاركة في معارك حلب "لسنا معنيين به ولا نثق بالروس ولا بمبادراتهم الرخيصة".