تأمل متسابقة الدرجات الهوائية الأفغانية معصومة علي زادة أن يسلط السباق الذي ستشارك فيه مع أفغانيات أخريات في فرنسا الضوء على واقع المرأة الأفغانية. زادة تعتبر أن الرياضة ماتت بالنسبة للنساء مع عودة طالبان للحكم.
إعلان
تستعد راكبة الدراجات الأفغانية معصومة علي زاده للحظة حلوة ومرّة في آن واحد، فللمرة الأولى منذ خمس سنوات تشارك الأحد (23 أكتوبر/تشرين الأول 2022) في سباق دراجات هوائية نسائي أفغاني، ولكن ليس في كابول.
تشارك الشابة البالغة 26 عاما في جنوب غرب سويسرا مع العشرات من راكبات الدراجات الأفغانيات اللائي صرن يعشن في بلدان مختلفة.
تقول علي زاده إن "الرياضة ماتت" بالنسبة للمرأة الأفغانية منذ عودة حركة طالبان المتشددة إلى السلطة العام الماضي وفرضها قيودا على حريات النساء. فقد منعت طالبان النساء من ممارسة الرياضة ومن العديد من الوظائف الحكومية، وحظرت تعليم الفتيات في المدارس الثانوية. لكن علي زاده التي تعيش في فرنسا منذ خمس سنوات، لم تستسلم ولا تزال تمثل بلدها.
"طالبان أفسدت ما عشته في طوكيو"
عاشت الشابة الصيف الماضي لحظة مميزة عندما شاركت في أولمبياد طوكيو حيث كانت تأمل أن تكون نبراسا للنساء اللائي أجبرن على مغادرة بلدهن أو التخلي عن أحلامهن الرياضية. وكانت أول راكبة أفغانية تنافس في الألعاب ضمن الفريق الأولمبي للاجئين. لكنها تقول لوكالة فرانس برس إن "طالبان أفسدت ما عشته في طوكيو".
وبسبب عدم قدرتها على الاستمتاع بمغامرتها الأولمبية، أمضت بقية الصيف حزينة وهي تتابع عن كثب الأحداث الحاصلة في أفغانستان، مع سقوط كابول في آب/أغسطس 2021 وعودة طالبان إلى السلطة.
بداية جديدة للاعبة سلة بارالمبية أفغانية في اسبانيا
03:04
وبعد سنوات من الاعتداءات الجسدية بسبب جرأتها على ارتداء ملابس رياضية، وتعرضها للإهانات لمجرد ركوب دراجة ورشق الحجارة عليها، طلبت اللجوء في فرنسا عام 2016. وأصبح الضغط عليها للاستسلام قويا للغاية مع تتالي انتصاراتها، لكن الوضع ساء مذاك في أفغانستان.
تقول بصوت هادئ "كل يوم، تفقد النساء حقا جديدا"، مضيفة أن العديد منهن سجنّ أو أجبرن على مغادرة البلاد. منذ عودتها، فرضت طالبان قيودا تهدف إلى إجبار النساء على العيش في ظلّ تطبيق صارم للشريعة.
لم يعد بإمكان الفتيات ارتياد المدرسة الثانوية، وبينما لا يزال بإمكان النساء الالتحاق بالجامعة، فإن ذلك سيكون صعبا في المستقبل.
وتوافقها الرأي بنفشه فضي، الصحافية والمتحدثة السابقة باسم اللجنة الأولمبية الوطنية الأفغانية التي فرّت من البلاد مع الاتحاد الدولي للدراجات عام 2021. وتقول إن "ممارسة المرأة للرياضة في أفغانستان أمر لا يمكن تصوره حاليا. والوضع يزداد سوءا كل يوم".
تعتقد علي زاده التي انضمت إلى مفوضية الرياضيين باللجنة الأولمبية الدولية، أن "العالم صار صامتا" إزاء قمع المرأة الأفغانية. وتضيف "جرى التخلي عن النساء في أفغانستان. كل من يقولون إنهم يدافعون عن حقوق الإنسان، وكل من يقولون إنهم يدافعون عن النساء، لم يفعلوا شيئا". وتأمل أن سباق الأحد والاهتمام الإعلامي الذي سيلقاه "سيدق ناقوس الخطر" من أجل "إيقاظ العالم".
وتشارك 49 راكبة دراجات من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وسنغافورة وسويسرا في السباق الذي يمتد 57 كيلومترا في مدينة إيغل السويسرية الواقعة في كانتون فود حيث مقر الاتحاد الدولي للدراجات.
معصومة علي زاده "حزينة بعض الشيء" بسبب تفكيرها في النساء "المتروكات في أفغانستان". لكنها "سعيدة للغاية" بلقاء "زميلاتي في الفريق اللائي تدربت معهن في أفغانستان. لقد مرت خمس سنوات منذ آخر مرة رأيتهن فيها".
هـ.د/أ.ح (أ ف ب)
رأسا على عقب.. الحياة في ظل حكم حركة طالبان
بعيدا عن الأجواء الدرامية التي صاحبت سقوط كابول وسيطرة طالبان على زمام الأمور، عادت الحياة إلى أفغانستان. بيد أنها لم تعد كسابق عهدها إذ تغيرت شتى مظاهر الحياة اليومية خاصة بالنسبة للمرأة في البلد الذي مزقته الحرب.
صورة من: WANA NEWS AGENCY/REUTERS
عالم ذكوري محض.. لا للنساء
تظهر الصور والمقاطع المصورة نشاطا صاخبا في الشوارع الأفغانية كما هو الحال في هذا المطعم بمدينة هرات غرب البلاد حيث تم الترحيب بعودة رواد المطعم من جديد. بيد أن اللافت أن الأمر اختلف كثيرا عن ما كان عليه قبل سيطرة طالبان إذ اقتصر الزبائن فقط على الرجال الذين اضطروا إلى ارتداء الأزياء التقليدية مثل "الكورتا" وهي سترة طويلة بطول الركبة. وغابت النساء عن المشهد داخل المطعم بل وفي أرجاء المدن الأفغانية.
صورة من: WANA NEWS AGENCY/REUTERS
فصل الذكور عن الإناث
بهذه الستارة، تم فصل الطلاب الذكور عن الطالبات الإناث داخل هذه الجامعة الخاصة في العاصمة كابول. وعقب سيطرة طالبان على البلاد، أصبح الفصل بين الجنسين إلزاميا في هذه الجامعة ويتوقع أن يمتد الأمر إلى مواقع أخرى. وفي ذلك، قال وزير التعليم العالي في حكومة طالبان عبد الباقي حقاني إن "التعليم المختلط يتعارض مع مبادئ الإسلام والقيم والعادات والتقاليد الأفغانية".
صورة من: AAMIR QURESHI AFP via Getty Images
الأفغانيات وفقدان الحرية
أفغانيات في طريقهن إلى أحد مساجد هرات. وبالنظر إلى الملابس، يبدو أن حرية المرأة الأفغانية التي كسبتها بشق الأنفس خلال العشرين عاما الماضية باتت الآن في مهب الريح. فقد حظرت طالبان ممارسة الأفغانيات للرياضة وهو ما أشار إليه أحمد الله واسيك - نائب رئيس اللجنة الثقافية لحكومة طالبان- بقوله إن "لن يسمح للنساء في أفغانستان بلعب الكريكيت والألعاب الرياضية الأخرى التي يمكن أن تظهر فيها أجسادهن".
صورة من: WANA NEWS AGENCY/REUTERS
نقاط تفتيش في عموم البلاد
انتشرت نقاط التفتيش الأمنية في عموم البلاد حيث يتمركز مقاتلو طالبان وباتت القاسم المشترك في شوارع أفغانستان. ورغم محاولات عناصر طالبان المدججين بالسلاح في ترهيب الأفغان، إلا أن السكان يسعون إلى التأقلم مع التغيرات الكبيرة التي طرأت على البلاد وأبرزها أن الملابس الغربية باتت نادرة جدا وأصبحت مشاهد الجنود المدججين بالسلاح الأكثر شيوعا.
صورة من: Haroon Sabawoon/AA/picture alliance
في انتظار العمل
ينتظر العمال في أفغانستان كثيرا على قارعة الطرق للحصول على عمل وكسب قوت يومهم. وقبل سيطرة طالبان، كانت أفغانستان تعاني من وضع اقتصادي مترد. وبعد سيطرة الحركة بات الاقتصاد الأفغاني على شفا الانهيار مع ارتفاع معدلات البطالة بشكل حاد. ويبلغ معدل الفقر في الوقت الحالي 72 بالمائة فيما يتوقع أن يصل إلى 98 بالمائة.
صورة من: Bernat Armangue/dpa/picture alliance
استمرار نضال الأفغانيات رغم قمع طالبان
ورغم تعرض أفغانيات للقمع على يد طالبان، إلا أن العديد منهن يواصلن النضال للمطالبة بحقوق المرأة في التعليم والعمل والمساواة. وقد حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من رد عنيف متزايد من قبل طالبان لقمع الاحتجاجات السلمية، مضيفا أن عناصر طالبان استخدموا الذخيرة الحية والهراوات والسياط لقمع المتظاهرين ما أسفر عن مقتل 4 متظاهرين فيما تم الاعتداء على الكثيرين منهم.
صورة من: REUTERS
مؤيدو طالبان
تقول هؤلاء الأفغانيات إنهن سعداء بعودة حكم طالبان إذ قمن بمسيرات في شوارع البلاد للتعبير عن الرضا التام بطريقة إدارة الحركة لأفغانستان. واللافت أن عناصر أمنية رسمية كانت ترافق هؤلاء الأفغانيات اللاتي اعتبرن أن من هرب من البلاد لا يمثلن المرأة الأفغانية وأكدن أن طريقة طالبان في تطبيق الشريعة الإسلامية لا تعرض حياتهن للخطر.
صورة من: AAMIR QURESHI/AFP/Getty Images
تحيز لمسيرات مؤيدة لطالبان
وقد تم دعوة الصحافيين لتغطية المظاهرات المؤيدة لطالبان في تناقض تام مع الاحتجاجات المناوئة للحركة إذ تم ترهيب الصحافيين الذين يقومون بتغطية هذه الاحتجاجات وتم الاعتداء على العديد منهم. كل هذه الصور تدل على أن مظاهر الحياة قد تغيرت تماما في أفغانستان خاصة للنساء. كلوديا دن سونيا أنجليكا دين/ م.ع