لا يزال العديد من الرجال يربطون تناول المزيد من اللحوم بارتفاع مستوى هرمون الذكورة لديهم. غير أن دراسات حديثة فندت هذا المفهوم الذكوري وكشفت أن النظم الغذائية النباتية ضرورية للصحة الجنسية أيضاً.
إعلان
من الأفكار الراسخة في الموروث الشعبي العربي أن تناول اللحوم، ضروري للرجال لأنها ترفع مستوى هرمون الذكورة "التستوستيرون" في الجسم كونها تحتوي على البروتينات والزنك. كما يعتقد غالبية الرجال أن تناول الكثير من البروتين، وخاصة البروتين الحيواني، ضروري للحفاظ على مستويات الهرمون الذكوري ولحمايتهم من ضعف الانتصاب.
لهذا يرفض العديد من الرجال تناول الغذاء النباتي خشية من أن يؤثر ذلك سلباً على مستويات هرمون "التستوستيرون" لديهم وبالتالي على صحتهم الجنسية. لكن ثلاث دراسات حديثة قدمها البروفيسور رانجيث راماسامي و فريقه و نشرت نتائجها على موقع كلية الطب بجامعة ميامي ميلر، نقلاً عن موقع “fitbook” الألماني، تفيد بأن الرجال الذين يعتمدون في نظامهم الغذائي على الحبوب الكاملة، الخضروات والفواكه والبقوليات، لا يتمتعون بصحة جنسية أفضل فحسب، بل إنها أقل عرضة للإصابة بسرطان البروستاتا.
مستضد البروستات
مستضد البروستات (PSA) هو بروتين تصنعه خلايا في غدة البروستاتا، يخفف السائل المنوي ويجعله يتحرك بشكل أفضل. يمكن أن تشير مستويات المستضد البروستاتي المرتفعة إلى الإصابة بسرطان البروستاتا أو الإلتهاب، وتعد علامة تحذير واضحة.
وداعا للفياغرا.. مواد طبيعية لزيادة القدرة الجنسية
01:07
قيّمت الدراسة الأولى العلاقة بين مستويات المستضد البروستاتي النوعي والنظام الغذائي لدى 1399 رجلاً في منتصف العمر. والنتيجة هي أن الرجال الذين يعتمدون على الأطعمة النباتية لكنهم ليسوا نباتيين صارمين، لديهم مستوى المستضد البروستاتي أقل من عشاق تناول اللحوم. من جانبه يوضح البروفيسور المشارك في الدراسة، علي مزنر، أن مستضد البروستات هو علامة حساسة للكشف عن سرطان البروستاتا، محذرا من أن اللحوم لا تزيد وحدها من مستوى هذا البروتين بشكل كبير فحسب، بل أيضاً المشروبات المحلاة والحبوب المكررة والوجبات السريعة.
الحماية من سرطان البروستاتا
أما الدراسة الثانية فقد ألقت نظرة فاحصة على دور اللحوم بكميات كبيرة في التسبب في سرطان البروستاتا المميت. يقول مزنر: "أظهرت دراسات سابقة أن سرطان البروستاتا الأكثر عدوانية يمكن أن يكون مرتبطًا باستهلاك اللحوم بكثرة". في الدراسة المذكورة ، لاحظ الباحثون 47243 رجلاً على مدار 28 عامًا. تم تشخيص 6660 منهم بسرطان البروستاتا، توفي منهم 807 شخصاً.
نتائج الدراسة أظهرت أيضاً أن الرجال الأصغر سنّاً ممن يعانون من المرض، كان استهلاكهم للحوم فوق المتوسط. في المقابل، أشار الشباب الأصحاء إلى أنهم يأكلون بشكل أساسي الأطعمة النباتية، وأقل من واحد في المائة فقط منهم نباتيون. ووفقًا لأطباء المسالك البولية، ليست هناك حاجة إلى تجنب تناول اللحوم بالكامل، فيكفي التقليل منها لتقليل خطر الإصابة بسرطان البروستاتا.
قلة الفاكهة والخضروات تؤدي إلى ضعف الإنتصاب
دراسة نُشرت في ربيع عام 2021، توصل من خلالها العلماء أن النباتي ليس أقل "ذكورة" من آكل اللحوم على مستوى الهرمونات الذكورية. بل إن بعض العناصر الغذائية التي توجد فقط في الفاكهة والخضروات وما شابهها تحمي من ضعف الإنتصاب. ووفقًا للدراسة، فإن إجمالي 2549 رجلاً عانى نصفهم تقريباً من ضعف خفيف إلى شديد في الإنتصاب.
وليس من المستغرب أن النسبة كانت أقل بكثير لدى الرجالالذين تناولوا وجبات نباتية في الغالب. وبهذا الصدد يقول البروفيسور المشارك في الدراسة، روبن بلاكمان-براون، إن "أسلوب الحياة الصحي مع زيادة الإستهلاك النباتي يمكن أن يؤدي إلى انتصاب أفضل".
تظهر نتائج الدراسات الثلاث أن النظام الغذائي الصحي، المتنوع والمتوازن، والحياة الجنسية المُرضية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. لكن لا يبدو أن هذه الحقيقة قد وصلت بالكامل إلى مدارك العديد من الرجال.
إ.م/و.ب
"اللحوم النباتية".. بدائل صحية وصديقة للبيئة؟
يزداد الطلب على الأغذية التي لا تحتوي على اللحوم، وفي الولايات المتحدة وحدها ارتفع الطلب نحو 23 بالمائة العام الماضي. لكن هل يمكن للبدائل النباتية تعويض اللحوم؟ وهل لمذاقها أن ينسينا طعم البرغر وطعم شرائح اللحم المشوية؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Soderlin
يحاول كثير من الناس تجنب إلحاق الضرر بالبيئية وخاصة تلك الأضرار لناتجة عن اعتمادهم على اللحوم كمصدر غذائي رئيسي وما ينتج عنه من أضرار للبيئة. الميل السائد حاليا هو تعويض اللحوم ببدائل اللحوم أو ما يطلق عليها "اللحوم النباتية".
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMAPRESS
تناول القليل من اللحوم لم يعد مجرد قرار مرتبط بصحة الجسم، بل أسلوب للحفاظ على البيئة. فوفقا لتقرير صادر عن "الصندوق العالمي للطبيعة" فإن التخلي عن المنتجات الحيوانية "طريقة سهلة ورخيصة نسبيا" لمعالجة تغيرات المناخ. لأن الثروة الحيوانية تولد كميات كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة وتستهلك عشر احتياطات العالم من المياه العذبة وتساهم في إزالة الغابات في أمريكا الجنوبية.
صورة من: picture-alliance/Arco Images GmbH
أصبحت بدائل اللحوم مثل "بايوند ميت" و"إمبوسيبل برغر" ممكنة بفضل التقنيات الغذائية الجديدة. وتحتوي هذه البدائل على فول الصويا والفول والبازلاء. وهذه الأغذية، وهي على عكس البرغر النباتي الشائع حاليا يشبه طعمها اللحم الأصلي ولها رائحة ولون وحتى "دم" شبيه باللحوم، بفضل عصير الشمندر الأحمر الذي يوحي بأنه دم. وغالبا ما تكون هذه البدائل صحية أكثر من اللحوم الحيوانية العادية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Drew
تباع منتجات "بايوند ميت" في آلاف المتاجر والمطاعم الأمريكية، ما شجع ماركات أخرى على الاستثمار في هذا المجال، مثل شركة "نيستله" التي قدمت كرات اللحم التقليدية "فريكاديله" خالية من اللحوم. فيما قدمت سلسلة مطاعم "برغر كنغ" وجبات من منتجات "بيوند ميت" في الولايات المتحدة. أما مطاعم ماكدونالدز فتجرب حاليا البرغر النباتي.
صورة من: Imago
هذا التحول شجع المستثمرين على الاستثمار في هذا المجال. وعندما دخلت شركة "بايوند ميت" بورصة "وول ستريت" في أوائل شهر مايو/ ايار 2019 استطاعت أن تضاعف قيم أسهمها في اليوم الأول. وقال بروس فريدريش رئيس مؤسسة "غود فود" لوكالة فرانس برس إن "المستثمرين يرون فرصة تجارية كبيرة" في مجال اللحوم النباتية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Photoshot/R. Levine
لكن يقال إن نباتات فول الصويا الصناعية تساهم هي أيضا في إزالة الغابات وعلى نطاق واسع، وكذلك زيوت النخيل التي يتم استخدامها في بعض بدائل اللحوم. وذكرت منظمة "فيرن" البلجيكية للمحافظة على البيئة أن هناك حاجة لأكثر من مليون كيلومتر مربع من الأراضي لزراعة فول الصويا. ويتم استخدام نسبة قليلة من الأراضي لبدائل اللحوم بينما يتم استخدام المساحات الواسعة لإنتاج أعلاف الحيوانات.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Photo/V. R. Caivano
هناك أيضا مخاوف غذائية من بدائل اللحوم، إذ يمكن أن تحتوي شطيرة البرغر النباتي على نسبة دهون مضاعفة وسبعة أضعاف نسبة الصوديوم الموجودة في البرغر التقليدي. وتشعر مجموعات مهتمة بحماية البيئة بالقلق حيال "إمبوسيبيل برغر" الذي يحتوي على خمائر معدلة جينيا التي تعطي طعما مشابها للحوم. والاستهلاك المفرط لهذه المواد المعدلة وراثيا يمكن أن يسبب السرطان، أي نفس أعراض الاستهلاك المفرط للحوم.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/R.B. Levine
قررت لجنة الزراعة في البرلمان الأوروبي مؤخرا منع تسمية بدائل اللحوم النباتية بأسماء توحي بأنها لحوم، مثل البرغر أو النقانق أو شريحة لحم "ستيك". وهو ما يعني أن هذه المنتجات البديلة ستنزل إلى الأسواق بأسماء أخرى. الكاتب: زمن البدري/DW