أشارت دراسة حديثة أجريت بطلب من الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة في ألمانيا للتعرف على خصوصيات المستهلك الألماني إلى أن نسبة الاستهلاك لدى الفئة العمرية ما فوق الخمسين عاما في نمو مطرد، إذ توقعت الدراسة أن تصل هذه النسبة عام 2035 إلى 58%، بينما من المنتظر أن ترتفع نسبة الاستهلاك لدى المسنين الذين تجاوز عمرهم الخمسة والستين عاما من 18% إلى 26 %.

وتعكس هذه النسب التغيرات التي يشهدها الهرم السكاني في ألمانيا من تزايد في نسبة المسنين وتراجع لنسبة الولادات، الأمر الذي قد يؤدي إلى احتلال المجتمع الألماني بعد أقل من 30 عاما المرتبة الأولى عالميا في ارتفاع نسبة الشيخوخة. وعليه، فإن الشريحة العمرية التي تجاوزت الخمسين عاما ستمثل أهم فئة من المستهلكين، خاصة وأنهم يخصصون حتى نسبة 85% من مداخليهم المالية للاستهلاك، خاصة في مجالات الصحة والأسفار والفنادق.

قدرة شرائية مرتفعة وسوق واعدة

وبدورها تقول وزيرة شؤون الأسرة في ألمانيا أورزلا فون ديرلاين إنه من المنتظر أن يكون الجيل القادم من المسنين أكثر تعليما وسيتمتع بصحة أفضل ويكون أكثر إقبالا على الاستهلاك مقارنة بالأجيال السابقة، وعليه يمكن القول إنهم سيمثلون في المستقبل القريب "محركا اقتصاديا كبيرا". وأضافت السياسية من الحزب المسيحي الديمقراطي أنه يتعين على ألمانيا استغلال هذه الإمكانيات المتاحة وعدم ترك المجال على سبيل المثال للمنافسة اليابانية التي كانت أدركت من قبل الفرص الكبيرة التي توفرها السوق الموجهة للمسنين في اليابان، مع العلم أن لهذا البلد تركيبة سكانية مماثلة لنظيرتها الألمانية.

على صعيد آخر ترى الدراسة أن هناك العديد من المجالات الاقتصادية التي لم تأخذ المعطيات الديموغرافية الجديدة بعين الاعتبار، مثل قطاع الآلات الاليكترونية وقطاع الخدمات والأسفار وكذلك قطاع الإعمار من خلال تشييد المنازل التي تتناسب مع حاجيات الأشخاص المتقدمين في السن.

إجراءات تتماشى مع المعطيات الديموغرافية

ولاحظت فون ديرلاين أنه على الرغم من أن الشركات الألمانية قد انتبهت منذ فترة إلى التغيرات الديمغرافية التي يشهدها المجتمع الألماني وأخذت تزايد نسبة الشيخوخة في المجتمع الألماني بعين الاعتبار، إلا أن السوق التي تقدم منتجات وخدمات تتناسب مع حاجيات المستهلكين المسنين ورغباتهم مازالت صغيرة.

في هذا الإطار وتماشيا مع التغييرات الديموغرافية وتزايد نسبة الشيخوخة في المجتمع الألماني قررت الحكومة الألمانية وضع برنامج خاص يهدف إلى إعداد الاقتصاد الألماني للاستفادة من هذه المعطيات ولاستعداد لمواجهة طلبات واحتياجات متزايدة لهذه الفئة العمرية من المستهلكين.

ومن المقرر أن توفر الدولة الألمانية حتى عام 2010 نحو أربعة ملايين يورو لتمويل البرنامج الاقتصادي الخاص بالمستهلكين الذين يتجاوز عمرهم الخمسين عاما. كما سيتم تأسيس مكتب حكومي يقدم خدمات في مجالي الإعلام والتعاون بهدف مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تمتلك مكاتب خاصة بها لدراسة السوق للتماشي مع احتياجات ورغبات