دراسة: اللاجئات في أوروبا يعانين من الحرمان وتمييز مضاعف!
٣١ أغسطس ٢٠١٨
دراسة أوروبية حديثة كشفت عن تمييز مضاعف يواجه اللاجئات في البلاد الأوروبية المستضيفة مقارنة بالذكور. فاللاجئات لديهن فرص عمل أقل من الذكور كما أن مشاركتهن في برامج التدريب والتأهيل أقل من الرجال، وهذا يعود لعدة أسباب.
إعلان
كشفت دراسة أعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)الأوروبية أن اللاجئات يعانين من الحرمان والتمييز بشكل مضاعف لكونهن "نساء ولاجئات". ووضحت الدراسة أن "هذا له تأثير سلبي على الاندماج في البلدان المستقبلة. للاجئين وبالتالي، تقل احتمالية مشاركة النساء في إجراءات الدمج مقارنة بالرجال". ورصدت الدراسة أن نسبة التحاق النساء المهاجرات بسوق العمل تكون قليلة مقارنة بالرجال المهاجرين.
واعتبرت الدراسة أن اللاجئات بحاجة خاصة إلى المساعدة بحسب المنظمة الأوروبية المشرفة على الدراسة، لكونهن نساء ومن أصول مهاجرة ويفتقدن إلى مهارات اللغة في البلد المستضيف، كما أنهن في الغالب لديهن مستوى تعليم أقل من اللاجئين الذكور.
وقد أشرف على الدراسة توماس ليبيغ، كبير الاقتصاديين في دائرة الهجرة الدولية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بدعم من وزارة العمل السويدية وتم تقديمها بشكل نهائي ونشرها يوم الخميس (30 أغسطس/ آب).
وأوضح التقرير أن نسبة النساء بين اللاجئين في ألمانيا آخذة في الازدياد وهي الآن تقرب من 40 في المائة. خاصة في حالة طالبي اللجوء من سوريا والعراق وإيران، فقد نمت حصتها بشكل كبير على مدى السنوات الثلاث الماضية. ووفقا للدراسة فإن هناك عدم مساواة كبيرة بين الجنسين في هذه الفئات. فعلى سبيل المثال تقل احتمالية ذهاب النساء إلى المدرسة مقارنة بالرجال بين، وغالبا ما يكون الفقر في العائلة الذي يؤدي إلى منعهن من التعليم أو دفعهن للعمل.
وتظهر البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أن 16 بالمائة من طالبي اللجوء في العام الماضي لم يلتحقوا أبداً بالمدارس الابتدائية، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى سوق العمل. وثمة عقبة أخرى حسب التقرير، وهي أن النساء اللاجئات تزيد لديهن الفرصة بالحمل والولادة لدى قدومهن إلى أوروبا، مقارنة بفترة الحرب التي عشنها في بلادهن. وقال ليبيغ بهذا الخصوص "إن الخوف وعدم معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع يمنعان المرأة من تحقيق الرغبة في إنجاب الأطفال، كما أن فترات الانتظار الطويلة التي تلزم الزوج بالانتظار لفترة قد تطول إلى عامين من أجل لم شمل العائلة يؤدي إلى تأجيل هذا الأمر.
الدول الاسكندنافية مثال يحتذى
بناء على ذلك تقترح الدراسة بعض التدابير لزيادة تعزيز إدماج اللاجئات والعائلات. فعلى سبيل المثال، توصي الدراسة ببرامج التوجيه لمساعدة اللاجئات على التواصل مع المجتمع المضيف. ووفقاً للدراسة، فإن برامج التوجيه ستكون لها ميزة من ناحية كونها أداة تكامل فعالة من حيث التكلفة بوجه خاص، ومن ناحية أخرى إشراك مجتمع البلد المضيف.
ومن الضروري أيضا بحسب الدراسة تعزيز "المهارات الأساسية" وبالتالي إدماج النساء أيضا ممن يمتلكن مهارات بسيطة في سوق العمل، وذلك من خلال دورات اللغة أو إتاحة مجالات للتدريب. إذ أن ذلك سينعكس ايجابا ليس على النساء فحسب بل أيضا على عائلاتهن وأطفالهن.
كما أوصت الدراسة بتقديم المزيد من دورات تعليم اللغة خصيصا للآباء والأمهات والنساء، إذ أن معدل النجاح أعلى منها مقارنة من الدورات التدريبية العادية الخاصة بالاندماج؛ ووفقاً لتقييم ليبغ فإن النساء اللاجئات المعزولات اجتماعياً سوف يحتجن أيضاً إلى رعاية خاصة وإن برامج التوجيه ستكون ضرورية لإقامة اتصالات مع عالم العمل. بعد كل شيء المرأة هي أيضا ممثلة تمثيلا ناقصا في تدابير الدعم من قبل وكالة التوظيف.
وكنموذج اقترح ليبيغ النموذج المتبع في الدول الاسكندنافية والذي أثبت مرونته ونجاحه، إذ يقوم هذا النموذج بوضع وإعداد البرامج بحسب الطلب والحاجة، كما أنها تستغرق بين عامين إلى 3 أعوام وتشمل دورات اللغة والتعليم والتدريب الداخلي والتدريب على العمل، بالإضافة إلى إعانات الرواتب الحكومية، اعتمادا على الاحتياجات الفردية.
وتؤكد الدراسة على أن الدمج يتطلب عموما مزيدا من المرونة من حيث الوقت والتنظيم لتلبية الاحتياجات المحددة للنساء اللواتي لديهن أطفال صغار. خلاف ذلك، لا يمكن المطالبة باندماج أفضل دون تقديم برامج أكثر مرونة للاجئين تتناسب واحتياجاتهم وتراعي فروقاتهم الفردية.
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش