على الرغم من الازدهار الاقتصادي في ألمانيا ونظام الأمن الاجتماعي، إلا أن أعداداً جديدة تدخل تحت خط الفقر خاصة من الأطفال ويعزو البعض ذلك للهجرة واللجوء، لكن هذا الأمر ليس دقيقاً بحسب ما خلصت إليه دراسة ألمانية جديدة.
إعلان
سلّطت دراسة جديدة، نشرت هذا الأسبوع، الضوء على أرقام تعطي بعداً جديداً لأسباب فقر الأطفال في ألمانيا، والذي هو الهجرة. وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة هانز بوكلر، عام 2015، فإن نحو 20 بالمائة من الأطفال في ألمانيا يعيشون تحت خط الفقر، لكن على ما يبدو فإن هذه الأرقام غير دقيقة.
وفي حين ارتفع المعدل العام للأطفال في ألمانيا، بنسبة 0,7 نقطة - أي حوالي 77 ألف طفل- انخفض العدد الإجمالي للأطفال الألمان الذين يعيشون تحت خط الفقر من13,7 إلى 13,5 بالمائة، ولم يتغير المعدل رغم أنه من بين الأطفال، الذين تم احتسابهم كأطفال مولودين في ألمانيا، أطفالاً من والدين مهاجرين.
لكن في العام نفسه، وبعد سياسة فتح الحدود واستقبال اللاجئين، وصل إلى ألمانيا حوالي 300 طفل على الأقل، وهذا ربما ما أدى إلى زيادة عدد الأطفال في ألمانيا.
اللاجئون ليسوا سبب المعاناة
تعتبر ألمانيا أن الذين يعيشون تحت خط الفقر هم الأسرة التي تمتلك ولدين دون 14 سنة ويبلغ دخلها الشهري الصافي 1978 يورو، أي ما يعادل 2129 دولار، أو أقل بقليل من 2000 يورو. ويحتسب هذا الرقم على أنه يحقق حوالي 50 بالمائة من المتوسط الطبيعي لدخل الأسرة، لذا فإن الدخل الذي يقل عن 60 في المائة من المتوسط الطبيعي للدخل، فإن صاحبه معرض للعيش تحت خط الفقر.
وتقدم الحكومة الألمانية مساعدة لطالبي اللجوء الذين حصلوا على الإقامة مساعدة نقدية أقل من المبلغ الذي يتقاضاه العاطلون عن العمل، حيث يتقاضى الشخص إذا كان أعزباً حوالي 400 يورو. من جهته يقول اريك سايلز -الذي أجرى الدراسة- لـDW: "لا يعاني الأطفال الألمان بسبب المساعدات التي تقدم للاجئين، وارتفاع معدلات الفقر بين الأطفال المولودين في ألمانيا لا يعود إلى أزمة اللاجئين، وهذه نقطة رئيسية".
غير أن الدراسة تشير إلى أن الانخفاض الطفيف بين الأطفال المولودين في ألمانيا لم يكن علامة على أن جميع الولايات لديها أسباب متشابهة، فعلى الرغم من الازدهار الاقتصادي ونظام الأمان الاجتماعي، شهدت ولايات شرق ألمانيا ارتفاعا في عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر بنسبة 3 نقاط، لتصل إلى 26.6 في المائة، مقارنة ب 18.3 في النصف الغربي من البلاد، وسجلت برلين، التي كانت تعاني من انخفاض نسبة الولادات منذ عقد تقريباً، ما يقرب من 30 في المائة.
وبحسب دراسة سايلز فإن الولايات التي تضم عدداً أكبر من السكان كولاية "شمال الراين- فستفاليا" والتي استقبلت أكبر عددٍ من اللاجئين، شهدت انخفاضاً في نسبة الفقر بين الأطفال، وعلى عكس ذلك فإن ولاية تورنغن في شرق ألمانيا، شهدت ارتفاعاً في نسبة الأطفال الذين يعيشون بفقر رغم أنها استقبلت أقل عددٍ من اللاجئين. ففي حالة تورنغن، أدى عدم كفاية مدخول الولاية أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة.
الفقر ليس نسبياً
العديد من المهاجرين الذي وصلوا إلى ألمانيا قد فروا من مناطق نزاع، كسوريا، أو من دول تعاني من فقرٍ مدقع، كإريتيريا، بعد رحلة خطيرة وشاقة، والعديد من اللاجئين يصلون بحالة صدمة جراء ما اختبروه، ويزداد الوضع النفسي للاجئ سوءاً مع صعوبة تسوية الوضع القانوني والإحساس بأنه أجنبي، وتتداخل بعض هذه الأعراض مع الأعراض الناجمة عن الفقر المزمن، كالاكتئاب والعزلة الاجتماعية وانعدام احترام الذات، وعادةً ما يعاني الأطفال اللاجئون من السببين معاً.
أوفي كامب المتحدثة باسم منظمة"أطفال ألمانيا الخيرية" " Deutsches Kinderhilfswerk" توضح: "الأطفال اللاجئون يشعرون عموماً بنفس الآثار الناتجة عن الفقر، مثل الأطفال المولودين في ألمانيا، فالفقر يؤدي إلى الاستبعاد، وهو ما يمكن رؤيته في سوء فرص التعليم، والرعاية الصحية السيئة، ويعاني الأطفال الفقراء في أغلب الأحيان من الأمراض والالتهابات، على سبيل المثال".
ر.ج / DW
أفقر المدن في ألمانيا
ألمانيا من الدول الغنية والمتطورة في العالم، لكن ذلك لا يمنع وجود فقراء ومدن فقيرة فيها. في بعض المدن تبدو ظاهرة الفقر واضحة للعيان ويمكن للزائر ملاحظتها فور دخوله المدينة. فما هي المدن الأفقر في ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Kalaene
المدن والأقضية الأفقر في ألمانيا
ذكر تقرير "فينانز ريبورت كومونال" الأخير الصادر من مؤسسة يبرتيلسمان، أن ميزانيات المدن والأقضية المحلية في ألمانيا ارتفعت بصورة كبيرة مقارنة بالأعوام الماضية، لكن الفارق بين المدن الغنية والفقيرة ما زال كبيرا، وذلك بالاعتماد على معدل الدخل ونسبة الضرائب المستقطعة من العاملين. وفيما وصل معدل استقطاع الضرائب في أغنى مدينة وهي ميوينخ إلى 3440 يورو سنويا لكل شخص تراجع إلى 462 يورو فقط في أفقرها.
صورة من: picture-alliance/dpa/W.Grubitzsch
مدينة فايمار في تورنغن
فايمار هي إحدى المدن المهمة في تاريخ ألمانيا وفيها عاش الأديب الألماني الشهير غوته والشاعر المسرحي شيلر، وفيها تأسست الجمهورية الألمانية الأولى بعد إسقاط الملكية في سنة 1919 وسميت بجمهورية فايمار نسبة إليها. وكانت تعد من أهم المدن الألمانية في القرن العشرين وحتى قدوم النازية. أما اليوم فتعد المدينة من الأفقر في ألمانيا واحتلت المركز 17 في القائمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Reichel
كوسيل في راينلاند فالتس
تعد مدينة كوسيل في ولاية راينلاند فالتس أصغر مدينة فيها إدارة محلية كقضاء في ألمانيا ويسكنها نحو 5 آلاف شخص فقط. وهي أفقر مدينة في ولايات جمهورية "ألمانيا الغربية سابقا" وفي المركز 16 في عموم ألمانيا. يدفع سكان المدينة في المعدل نحو 564 يورو من الضرائب سنويا.
صورة من: Imago/Chromeorange
غورليتس في سكسونيا
تعد مدينة غورليتس من المدن التاريخية المهمة في ألمانيا. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وترسيم الحدود وقعت المدينة مباشرة على الحدود مع بولندا. وتوجد في المدينة أكثر من 4000 قطعة وبناية مسجلة ضمن قوائم "المعالم الأثرية الثقافية" في المدينة، ولذلك تضم المدينة أكبر تجمع للإرث الثقافي والعمراني في ألمانيا. أما في قائمة الضرائب فاحتلت المركز الثامن في قائمة المدن الأفقر في ألمانيا.
صورة من: imago/Rainer Weisflog
قضاء غرايفسفالد في مكلينبورغ فوربوميرن
تعد مدينة غرايفسفالد عاصمة قضاء غرايفسفالد بولاية مكلينبورغ فوربوميرن من المدن الشهيرة والقديمة في شمال شرق ألمانيا وتطل مباشرة على بحر البلطيق، وعرفت بمدينة "الرومانسية". وتشتهر المدينة كذلك بإحيائها للكثير من الفعاليات الثقافية والموسيقية لكنها رغم الغناء الثقافي والعلمي تعد فقيرة جدا مقارنة بالمدن الأخرى ولا يدفع سكانها سوى 518 يورو ضرائب في السنة.
صورة من: Fotolia/Thomas Otto
مدينة هاله/ زاله في سكسونيا
تقع مدينة هاله على نهر زاله في ولاية سكسونيا أنهالت ويقطنها أكثر من 230 ألف شخص واشتهرت تاريخيا بمدينة الملح وكانت مركزا لصناعته وتجميعه. وفيها جامعة قديمة شهيرة. ورغم أنها نجت من الحرب العالمية الثانية دون أضرار كبيرة قبعت المدينة في قائمة المدن الفقيرة في ألمانيا ولم يتجاوز معدل استقطاع الضرائب من ضريبة الدخل سوى 513 يورو، وحلت بذلك في المركز السادس في القائمة.
صورة من: Picture-alliance/dpa/H. Schmidt
قضاء ألتينبورغر لاند في تورنغن
المدينة الألمانية الساحرة ألتينبورغ هي عاصمة قضاء ألتينبورغر لاند في ولاية تورنغن وكانت تعد من المدن المهمة في القرون الماضية وفيها الكثير من القلاع القديمة. كما اكتشف فيها ورق اللعب الشهير في القرن التاسع عشر، ويقام فيها مهرجان الملابس الفلكلورية. أما اليوم فتقبع في المركز الثالث بقائمة أفقر المناطق في ألمانيا وبلغ معدل استقطاع الضرائب من رواتب السكان فيها 497 يورو فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
قضاء إرتسغيبيرغس في سكسونيا
جمال الطبيعية والريف الساحر قد يجلب الهدوء والراحة والسرور لكنه لا يجلب المال دائما. فلذلك قبعت منطقة إرتسغيبيرغس الواقعة في ولاية سكسونيا شرق ألمانيا في المركز قبل الأخير في قائمة أفقر المناطق في ألمانيا. معدل استقطاع الضرائب كان فيها 485 يورو فقط سنويا من كل فرد.
صورة من: Martin Roddewig
قضاء مانسفيلد زود هارتس في سكسونيا أنهالت
أيسليبن هي المدينة الثانية في قضاء مانسفيلد زود هارتس ورغم غناها الثقافي والتاريخي كونها المدينة التي ولد ومات فيها مارتن لوثر وفيها أحد أهم معالم الإرث الحضاري العالمي لكنها تعد أفقر منطقة في ألمانيا. ووصل معدل استقطاع الضرائب من العاملين في قضاء مانسفيلد زود هارتس إلى 462 يورو سنويا فقط.