دراسة: انعدام فرص البقاء سبب جرائم اللاجئين من شمال إفريقيا
٣ يناير ٢٠١٨تكررت في الآونة الأخيرة جرائم العنف يرتكبها لاجئون أو طالبو لجوء في ألمانيا. آخر هذه الجرائم كانت جريمة قتل مراهقة ألمانية على يد لاجئ أفغاني قاصر يبلغ من العمر 15 عاماً في بلدة كاندل بولاية راينلاند بفالز.
هذه الجريمة، التي وقعت بعد وقت قصير من احتفالات أعياد الميلاد، فتحت باب النقاش مجدداً حول سياسة ووضع اللاجئين الذين يرتكبون جرائم في ألمانيا وطرحت تساؤلات حول أسباب ارتفاع الجرائم في أوساط فئة من اللاجئين والمهاجرين. وأوضحت دراسة جديدة قام بها مجموعة من الخبراء في علم النفس، وبدعم من الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة، الأسباب الكامنة خلف ارتفاع الجرائم في أوساط اللاجئين، خاصة المنحدرين من شمال افريقيا.
أغلبهم من دول شمال إفريقيا
في الدراسة قدم كريستيان بفايفر، الخبير في علم الجريمة والمدير السابق لمعهد بحوث علم الجريمة في ولاية ساكسونيا السفلى، مجموعة من النتائج أبرزها أن طالبي اللجوء الذين لا يملكون فرصة البقاء في ألمانيا هم الأكثر تورطاً في الجرائم.
كما أظهرت نتائج الدراسة التي نشرتها وسائل إعلام ألمانية مختلفة على مواقعها مثل "شبيغل أونلاين" و"زود دويتشه تسايتونغ" أن عدد اللاجئين المتورطين بارتكاب جرائم في ولاية ساكسونيا السفلى قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية مقارنة بعدد الجرائم التي يرتكبها المواطنون الألمان. إذ ارتفع عدد الجرائم المسجلة في ولاية سكسونيا السفلى بنسبة 10.4 في المئة في السنوات بين 2014 و 2016، بحسب إحصاءات الشرطة. 92 في المئة من مجموع هذه الجرائم يقف خلفها لاجئون أو طالبو لجوء، بحسب نتائج الدراسة.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن نسبة اللاجئين المشتبه في ارتكابهم جرائم والذين ينحدرون من سوريا والعراق وأفغانستان أقل بكثير من نسبة اللاجئين من المغرب، تونس والجزائر. ورغم أن نسبة اللاجئين من شمال أفريقيا في ولاية سكسونيا السفلى تبلغ 0.9 في المئة من مجموع اللاجئين في الولاية، إلا أنهم يمثلون ما نسبته 17.1 في المئة من المشتبه بارتكابهم جرائم.
انعدام فرصة البقاء والثقافة الذكورية
وقدمت الدراسة التي أشرف عليها كريستيان بفايفر تفسيراً لارتفاع نسبة الجرائم في أوساط طالبي اللجوء المنحدرين من دول شمال إفريقيا. وذكر بفايفر في مقابلة تلفزيونية له على القناة الألمانية الثانية ZDF بأن ذلك راجع بالأساس إلى وضعهم القانوني، إذ "وجدنا أنهم من البداية يخاطبون بأنه ليس لديكم فرصة للبقاء هنا وعليكم جميعا العودة إلى بلدانكم الأصلية، وذلك على عكس اللاجئين الفارين من الحرب والذين يدركون بسرعة إمكانية بقائهم وبالطبع لا يحاولون فعل شيء خاطئ .. ويتصرفون بشكل مهذب ولائق مقارنة باللاجئين من دول شمال إفريقيا".
وأظهرت الدراسة أن عامل العمر يلعب دوراً أيضاً في ارتفاع نسبة الجرائم بين اللاجئين، حيث أن الرجال الذين ينتمون إلى الفئة العمرية من 14 عاماً إلى 30 عاماً على مستوى العالم، هم الأكثر ارتكاباً لجرائم العنف والجرائم الجنسية، ولأن الكثير من اللاجئين في ألمانيا هم من الشبان. إذ أن حوالي 27 في المئة من اللاجئين المسجلين عام 2016 في ولاية سكسونيا السفلى ينتمون إلى هذه الفئة العمرية، بحسب الدراسة.
وأشارت الدراسة إلى عامل آخر يساعد على ارتفاع نسبة الجرائم في أوساط اللاجئين وهو غياب العنصر النسائي في محيط اللاجئين. وقال بفايفر إن "هذا النقص يزيد من خطر توجه الشباب إلى "قيم شرعنة العنف وفق المعايير الذكورية". ويرى فايفر أن فكرة لم شمل أسر اللاجئين في ألمانيا "ليست بالفكرة السيئة".
إضافة إلى ذلك هناك الاستعداد للتبليغ عن الجرائم، حيث يكون الاستعداد للتبليغ مرتفعاً إذا كان الضحايا والجناة لا يعرفون بعضهم البعض مسبقاً أو ينتمون إلى مجموعات إثنية مختلفة. ولذلك يفترض أن التبليغ عن الجرائم التي يرتكبها اللاجئون يتم بشكل أكثر.
إعادة النظر في سياسة اللاجئين
وانتقد بفايفر في المقابلة التلفزيونية قرار عدم الاعتراف بطالبي اللجوء من دول شمال افريقيا وقال "لا يمكننا أن نكون البلد، الذي يستقبل كل الذين يحطون الرحال به". ولكن لا تكفي الدعوة إلى ترحيل اللاجئين. وأضاف الخبير في علم الإجرام" اعتقد أنها مناسبة لاستغلال مفاوضات الائتلاف القادمة من أجل إعادة النظر من جديد في سياسة اللاجئين، وذلك باستثمار مبالغ ضخمة من المال في برنامج إعادة اللاجئين". وربط بفايفر نجاح برامج إعادة اللاجئين بنجاح تأمين الحدود. "من الصعب أن نسمح للجميع بالدخول، ومن ثم نعيدهم إلى بلدانهم عن طريق إجراءات العودة، لذا فإن برنامج العودة برمته يعتمد على ما إذا كان الاتحاد الأوروبي يعمل على جعل الحدود الخارجية اكثر أمانا".
ويرى خبراء الجريمة المشرفين على الدراسة أن الوقاية هي الوسيلة الناجعة في مواجهة ارتفاع الجرائم التي يرتكبها اللاجئون الشباب. وذلك عن طريق تحسين البرامج الموجهة للاجئين الشباب في ألمانيا مثل البرامج الرياضية والدورات التعليمية الخاصة باللغة وبرامج رعاية اللاجئين الشباب.
إ.م/ ع.خ (د ب ا ،DW )