المعروف عن سَمَنْدل المكسيك أو عفريت الماء أنه إذا ما فقد أحد أعضائه كاليد أو الرجل، فإن لديه القدرة على إعادة تجديده مرة أخرى. فريق من العلماء بحث عن السر في ذلك وأنجز هذه الدراسة.
إعلان
في موطنه الأصلي المكسيك، أصبح السمندل أو عفريت الماء نادرا، لكن بالمقابل زاد حضوره في مراكز الاختبار. فهذا النوع من قنافذ البحر لطالما فتن الناس العاديين والخبراء على حد سواء بقدرته على تجديد أطرافه المقطوعة أو حتى أعضاء جسمه مثل أجزاء من القلب، حيث تعود للنمو مرة أخرى وفي غضون أسابيع قليلة.
قامت مجموعة من الباحثين بتعقب القدرة العجيبة للسمندل المكسيكي على التجدد. وضع الباحثون في إحدى دراساتهم خريطة خلية لأجزاء من دماغه، كما جاء في موقع شبيغل الألماني. فوجد الباحثون أنه بعد ثمانية أسابيع من إصابة الدماغ الأمامي، وهو المسؤول أيضًا عن حاسة الشم، نمت خلايا جديدة وعوضت الخلايا العصبيةالمفقودة لدى السمندل الخاضع للاختبار.
تقول كاتارينا لوست من معهد فيينا لبحوث الأمراض الجزيئية، إن بعض الخلايا أعادت بناء روابطها القديمة بالخلايا المجاورة. وتضيف الباحثة التي شاركت في نشر الدراسة في مجلة Science. "لكننا لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت الشبكة العصبية المستعادة ستعمل بالفعل كما كانت من قبل".
وبقيادة إيلي تاناكا وبربارا ترويتلاين من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ قام فريق البحث بتحديد أنواع الخلايا في الدماغ الأمامي للسمندل والخلايا التي تمنحه القدرة الاستثنائية على التجدد؛ كما قارن هذه الخلايا بخلايا السلاحف والفئران. ففي الشجرة التطورية كانت البرمائيات قد انفصلت عن بقية الفقاريات منذ حوالي 350 مليون سنة. ومن غير المعروف حتى الآن مدى تشابه دماغ السمندل مع أدمغة الفقاريات الأخرى.
كيف يشفي سمك الزرد نفسه
05:15
حدد الباحثون أيضًا مجموعات من الخلايا العصبية في دماغ السمندل تتوافق مع حصين الفأر والسلحفاة، وهي منطقة مسؤولة عن الذاكرة والتعلم. ويقول الباحث تاناكا: "إن رسم خرائط لأنواع الخلايا في دماغ السمندل لا يجلب رؤى تطورية إلى دماغ الفقاريات فحسب، بل يمهد الطريق أيضًا لأبحاث مبتكرة حول تجديد الدماغ".
من جهتها توضح كاتارينا لوست أن الهدف هو فهم ما تفعله الخلايا الجذعية للدماغ بعد الإصابة - وما هي الجينات التي تنشطها؟ وكيف تتفاعل وكيف تستعيد الخلايا العصبية الاتصال بالوصلات المفقودة؟ وتضيف الباحثة "السؤال هو كيف تعرف كل خلية ما يجب أن تفعله؟!".
وفي دراسات سابقة، كان العلماء قد بحثوا أي نوع من الخلايا هي المسؤولة عن إعادة نمو الأطراف لدى عفريت الماء. وخلصوا في ورقة بحثية نشرت عام 2018 إلى أن الأمر يتعلق بخلايا النسيج الضام العادية التي تجدد نفسها.
فمن خلايا الجسم عالية التخصص، االتي يطلق عليها الخلايا الليفية، يتم تكوين أنواع مختلفة من النسيج الضام - سواء الجلد أو العظام أو الأوتار.
بالمقابل لا تستطيع الخلايا الليفية البشرية القيام بذلك. فعندما نتعرض للإصابة، فإنها تتحول إلى ما يسمى الخلايا الليفية العضلية، والتي تشكل نسيجًا ندبيًا.
هـ.د/ ‘زج
الطب المتجدد: عندما يعالج الجسم أمراضه ذاتياً
يتكون الجسم من أكثر من مائتي نوع من الخلاياـ تكون في البداية متشابهة وتعرف بالخلايا الجذعية. لكن سرعان ما تصبح لها وظائف محددة، تتحول بعدها إلى مصدر للخلايا الجذعية المهمة في الطب المتجدد، إذ تمنح الأمل لكثير من المرضى.
صورة من: picture-alliance/dpa
الخلايا الجذعية أصل الطب المتجدد
للخلايا الجذعية دور مهم في تطوير الطب المتجدد، فهي أصل جميع خلايا في الجسم، وبانقسامها تنشأ من الخلايا الجذعية خلايا فرعية لها وظائف محددة، لتتحول ثانية إلى خلايا جذعية. والمميز هو أن هذه العملية تستمر طيلة حياة الإنسان، وبذلك تتجدد أعضاء الجسم.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتقادات حادة
في عام 1998 نجح باحثون أمريكيون في الحصول على خلايا جذعية جنينية بشرية عبر قتل الأجنة، الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة. فتوقيت بدء حياة الجنين الذي يتشكل بعد اتحاد البويضة بالنطفة لا يمكن تحديده، وفي عام 1991 تمّ تطبيق قانون حماية الأجنة في ألمانيا، الذي يمنع الحصول على خلايا جذعية من الأجنة، فضلاً عن أن استيراد هذه الخلايا الجنينية إلى ألمانيا لا يمكن أن يتم إلا وفق شروط صارمة.
صورة من: picture-alliance/dpa
خلايا جذعية مقبولة أخلاقياً
على عكس الخلايا المشتقة من الأجنة، فإن الحصول على ما يعرف بالخلايا الجذعية المستحثة أمر مقبول من الناحية الأخلاقية. فهي خلايا يتم الحصول عليها من خلايا جسدية بالغة، ويمكن تحويلها إلى خلايا جذعية بواسطة أربع خلايا يتم زرعها في المختبر. وتستخدم لعلاج الخلايا أو كأساس لاختبار الأدوية. وكثيراً ما تستخدم في بحوث خاصة بتطور مرض الشلل الرعاش مثلاً.
صورة من: AFP/Getty Images
تجديد أعضاء الجسم
لا يمكن لجميع أعضاء الجسم أن تتجدد، كالعيون والدماغ والقلب. ومع التقدم في العمر، تصبح قدرة الأعضاء على التجدد محدودة، إذ تموت الخلايا وتنخفض قدرة الأعضاء على القيام بوظائفها. أحد أهداف الطب المتجدد هو إعادة تفعيل قوى الشفاء الذاتي للجسم ثانية.
صورة من: Adimas/Fotolia.com
أنسجة بديلة
عبر هندسة الأنسجة يمكن تطوير أنسجة تشبه الأصلية. ويمكن استخدام هذه الأنسجة في علاج الحروق وفي إنتاج الأوردة الدموية والأعضاء. هذه الطريقة تعزز عملية الشفاء الذاتي وهي بمثابة تقدم مهم في عالم الطب يفتح الباب أمام إمكانيات عديدة. وعبر هندسة الأنسجة يسعى الباحثون لاستبدال أعضاء كاملة مثل الكبد أوالكلى.
صورة من: Colourbox
العلاج بالخلايا
الهدف من العلاج بالخلايا هو تحفيز عمليات التجديد، فضلاً عن استبدال الخلايا المشوهة أو المصابة. ويستخدم العلاج الخلوي كثيراً في حالات زراعة الخلايا الجذعية في الدم، وذلك عن طريق استبدال نخاع العظام المريض بخلايا سليمة، مثل علاج الحالات المتقدمة من سرطان الدم. فالعلاج الكيميائي والإشعاعي يؤثر سلباً على عملية إنتاج خلايا الدم والجهاز المناعي للمريض.
صورة من: C. Lee-Thedieck/KIT
العلاج بالجينات
ما يزال العلاج الجيني موضع جدل كبير في عالم الأبحاث. وفيه يتم حقن مادة وراثية جديدة في الخلايا الجذعية، وبهذا يتم استبدال المورثة الجينية المصابة بمورثات سليمة. وتستخدم هذه الطريقة لعلاج الأمراض الوراثية بشكل أساسي وبعض أمراض السرطان. أما مشكلة هذا العلاج فهو استخدام بعض الفيروسات المعدلة وراثياً لنقل هذه المورثات، وهنا من الممكن للفيروسات أن تستعيد نشاطها وبالتالي إصابة المرضى بأمراض أخرى.