1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دراسة لإعادة إحياء الحمام الشعبي الدمشقي كواحة للاسترخاء وحفظ التراث

دمشق – عفراء محمد ١٥ سبتمبر ٢٠٠٨

تمويل أوروبي لدراسة تهدف إلى إعادة تأهيل ما تبقى من الحمامات الشعبية في حوض المتوسط بما يتوافق ومتطلبات الحياة المعاصرة. الدراسة اتخذت من حمام شعبي دمشقي عينة بعدما تم ترميميه وإدخال الساونا إلى خدماته الشرقية العريقة.

حمام البرانيصورة من: DW/Afraa Mohamad

يقول أهل الشام عن الحمام الشعبي لديهم: "نعيم الدنيا الحمّام"، ألا تكفي هذه المقولة لزيارة حمّام دمشقي والتمتع بأجوائه الساحرة ومشروبات الزهورات ( شاء الليمون والأعشاب) المنعشة. غير أن الحمام الشعبي الذي كان يلعب دورا بارزا في حياة الدمشقيين لم يعد يلعب مكانة تذكر فيها هذه الأيام. فمن بين 160 حماما كانت تزخر بها دمشق أوائل القرن الماضي، لم يبق سوى القليل الذي لا يتجاوز عدد أصابع اليد. ويشبه حال الحمامات الدمشقية حالها مثيلاتها في دول البحر المتوسط الأخرى التي يعد الحمام من تقاليدها العريقة كذلك.

وانطلاقا من الحرص على إنقاذ ما يمكن إنقاذه منها تم إطلاق مشروع مشترك يموله الاتحاد الأوروبي، ويشرف عليه معهد فيينا للعمران المستدام OIKODROM، وبالتعاون مع اثنتي عشرة مؤسسة علمية من دول أوروبا وحوض المتوسط الشرقي والجنوبي. ويهدف المشروع بشكل أساسي إلى وضع دراسة تتضمن سيناريوهات وخطط لترميم وإعادة تأهيل الحمامات الشعبية بما يتلاءم مع متطلبات الحياة المعاصرة. وبمناسبة الانتهاء من إنجازها نظمت أمانة احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008، والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى IFPO، ومعهد فيينا للعمران المستدام والمفوضية الأوروبية بالتعاون مع جامعة دمشق والمديرية العامة للمتاحف والآثار أوائل سبتمبر، أيلول الجاري ندوة علمية دولية تحت عنوان: “ الحمّام التقليدي، هبة الماضي للمستقبل”.

دراسة حية اتخذت من حمام دمشقي عينة

حمام البكري في دمشقصورة من: DW/Afraa Mohamad

تضمن الجانب المتعلق بسوريا من المشروع دراسة وظائف وتقنيات الحمامات التقليدية بهدف تحديد تفاصيل خطط الترميم المنشودة وكيفية تنفيذها. وقد تم اتخاذ حمّام "أمونه الأيوبي" في منطقة العقيبة الدمشقية كعينة حية لاستكمال الدراسة. فهنا تم ترميم الحمام بالتعاون بين مالكية وسكان الحي الذي قدموا الاقتراحات والآراء قبل تنفيذ الترميم وخلاله. وقد لحظت الدراسة سير عملية الترميم ونتائجها بهدف الاستفادة منها. وفي هذا السياق تقول الباحثة الجزائرية سميرة دباش التي شاركت في وضعها بأن أهميتها تكمن في اعتمادها على حالة حية تم من خلالها إظهار "دور الحمام في محيطه الثقافي والاجتماعي بعيدا عن المعلومات السطحية والأحكام السلبية المسبقة عن الدور المذكور في حياة الشرقيين".

ترميم يراعي منطلبات الحياة المعاضرة

الحمامات تعد إرثا حضاريا يجب الحفاظ عليهصورة من: DW/Afraa Mohamad

وتقول أميمة عباد مديرة "حمام أمونة" بأن عملية الترميم التي تمت بإشراف خبراء عرب وأوروبيين راعت متطلبات الحمام المعاصرة من ساونا ومساج، بحيث يستطيع الزائر التمتع بهذه الخدمات الجديدة إلى جانب الاستحمام التقليدي بالألياف الطبيعية. وترى أميمة في ذلك إثراء لتقاليد الحمام الدمشقي أو حمام السوق الذي شهد طقوسا متنوعة ينبغي إحياء ما يمكن إحياؤه منها حسب رأيها. على سبيل المثال كان هناك ما يسمى "حمام العريس" الذي كان على الشاب القيام به قبل زواجه.

أما العروس فكانت تستحم أيضا مع صديقاتها وقريباتها في الحمام قبل أن تزف إلى عريسها. وهناك حمام الولادة والذي كان يقام بعد أسبوع من ولادة المرأة وحمام الأربعين بعد ولادتها بأربعين يوماً وغيرها من العادات التي اندثرت حالياً لتظل حمامات السوق الدمشقية بالدرجة الأولى وقفاً على السياح و"بعض الباحثين عن التراث أو الاستمتاع بالأجواء الحميمة الدافئة وبعض عابري السبيل القادمين من محافظات أخرى "، كما يقول فؤاد كنعان، مالك "حمام البكري" في حي باب توما بدمشق. ويفسر كنعان ذلك بوجود حمامات في جميع البيوت هذه الأيام على غير ما كان عليه الحال قبل قرن من الزمن، حيث لم يكن هناك منازل كثيرة تتمتع بذلك. كما أن الناس برأيه أهملت الحمام الشعبي لأنه رمز للقديم الذي لا يستهويه شباب اليوم في بلادنا.

حمام دمشقيصورة من: DW/Afraa Mohamad

غير أن الحمام لم يكن للاحتفال بمناسبات اجتماعية معينة وحسب، بل أيضا مكانا للاسترخاء والتخلص من متاعب الحياة العائلية وإرهاق الحياة اليومية، إضافة لإفشاء الأسرار بين الأصدقاء على حد تعبير الدكتورة سراب أتاسي، الباحثة في المعهد الفرنسي بدمشق .

"العالم الإسلامي يمكن أن يجمع بشكل فريد بين القديم والمعاصر"

وبالنسبة للحمامات في حوض المتوسط لاحظ الباحثون المشاركون في الدراسة احتفاظها بدور لا بأس به في المغرب العربي، بينما انحسر هذا الدور بشكل دراماتيكي في سوريا ومصر. غير أن المذكور يمكن أن يستعاد إلى حد كبير إذا تم ترميم الحمامات المهدمة جزئيا، أو تلك التي تحولت إلى متاجر ومخازن وخاصة في العاصمة السورية دمشق. وعلى ضوء ذلك تم فحص عمارتها ومواد البناء ونظم التبريد والتصريف المائي التي تعتمدها بهدف الكشف عن إمكانيات ترميمها. وفي هذا السياق يقول الباحث النمساوي ريتشارد ليفين : "يجب حماية ثقافة وتراث الشعوب العربية والإسلامية، والحمام هو جزء لا يتجزأ من ثقافتها". ويضيف: "ربما العالم الإسلامي لم يقدر قيمة تراثه فسارع إلى نشر القيم الاستهلاكية التي تدمر البنية المحلية". ورأى ليفين بأنه يمكن للعالم الإسلامي بأصالته وتراثه العريقين أن يسلك مسارا تنمويا "يجمع بشكل فريد بين القديم والمعاصر".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW