بينما يحث خبراء الصحة على ضرورة ممارسة الرياضة لما لها من فوائد على باقي أعضاء الجسم، توصلت دراسة حديثة إلى أن مزاولة الرياضية بشكل معتدل أو مكثف يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض الخرف.
إعلان
ممارسة الرياضة بشكل منتظم والأكل الصحي والنوم بقدر كاف من أهم التوصيات، التي ينصح بها خبراء الصحة من أجل أن يتمتع المرء بصحة جيدة ويقي نفسه من عدة أمراض، خاصة وأن ضغوطات الحياة اليومية، تضع الصحة غالبا في موضع اختبار.
بيد أن ممارسة الرياضة بشكل مكثف قد تأتي بنتائج عكسية وتُفاقم بالتالي بعض الأمراض عوضا عن معالجتها، على غرار مرض الخرف، الذي يُصيب بالأخص الأشخاص الطاعنين في السن.
وفي هذا الشأن، خلصت دراسة حديثة إلى أن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة والمُكثفة لا تُساعد المرضى، الذين يُعانون من مرض الخرف بل يمكن أن تؤدي إلى تفاقم حالة المرضى، وفق ما أشار إليه موقع "هايل براكسيس"، نقلا عن دراسة نشرت في المجلة العلمية المتخصصة "بريتيش ميدكل جورنال".
وأفادت الدراسة الصادرة عن الجامعة البريطانية المرموقة "أوكسفورد"، أن ممارسة الرياضة بشكل معتدل أو مكثف لا تحمي من الإصابة بمرض الخرف، مضيفة أن العكس هو الذي يحدث، فالأنشطة الرياضية تفاقم من حدة هذا المرض.
ويُشير الموقع العلمي المتخصص "ساينس ديلي"، أن النتائج اعتمدت على دراسة شارك في حوالي 500 شخص يعانون من الخرف ويبلغ متوسط أعمارهم (77 عاما)، كما أنهم يعيشون في 15 منطقة في إنجلترا.
وخضع المشاركون، الذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين، إلى نظام رياضي تتراوح مدته بين 60 إلى 90 دقيقة مرتين في الأسبوع ولمدة أربعة أشهر، بالإضافة إلى ساعة إضافية من التمارين الرياضية في المنزل مرة واحدة في الأسبوع.
ولاحظ الخبراء أن الأشخاص الذين خضعوا إلى نظام رياضي كانت لديهم قيم معرفية أقل من أولئك الذين لم يتدربوا، وأضاف الخبراء أن اتباع المرضى لنظام رياضي جعلهم أكثر لياقة بدنية غير أن ممارسة الرياضة لم تبطئ من تقدم المرض.
وقال أحد المشاركين في الدراسة، إنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن ممارسة بعض أنواع الرياضة، قد يزيد من تدهور القدرات الإدراكية للأشخاص المصابين بمرض الخرف. ويُشار إلى أن 47.5 مليون شخص في العالم يعانون من مرض الخرف، تبعا للموقع العلمي "ساينس ديلي".
ر.م
أمراض الدماغ الناتجة عن ممارسة الرياضة
الصدمات التي تصيب الرأس أثناء ممارسة بعض الرياضات قد تؤدي إلى أضرار كبيرة في الدماغ، وتسبب تغيرات سلوكية وإدراكية و"خرف ارتجاج الدماغ". تكمن المشكلة في افتقار العلم لعملية تشخيص معتمدة للتعرف على هذه الأمراض.
صورة من: Getty Images/D. Rogers
كان لاعب كرة القدم الأمريكية مايك ويبستر يلقب بـ"مايك الحديدي". حاز أربع مرات مع فريقه على لقب السوبر بول، وهي البطولة الوطنية لكرة القدم الأمريكية. لكن مايك تعرض لعدة إصابات دماغية رضية بسبب ممارسته لهذه الرياضة العنيفة وتوفي مبكراً في سنة 2002 وهو في الخمسين من عمره. اكتشف الأطباء بعد تشريح جثته وجود ارتجاجات في الدماغ، ولذلك يعد مايك أول لاعب يصاب بأمراض الدماغ الناتجة عن الرياضة.
صورة من: picture alliance/AP Photo/G.J. Puskar
الطبيب الشرعي بينيت أومالو (وسط الصورة) هو أول طبيب يختص بعلاج وتشخيص أضرار الدماغ المزمنة الناتجة عن ممارسة الرياضة. تعرض أومالو للكثير من الضغوطات والتهديدات للتوقف عن البحث عن أسباب هذه الأمراض، لكنه أستمر في عمله ما جعله نجماً عالمياً، وهو ما حفز المخرج بيتر لانديسمان (يمين) لعمل فيلم يروي قصة حياته من بطولة ويل سميث (يسار). الفيلم يحمل عنوان "كونكشن" (وتعني ارتجاج الدماغ).
صورة من: picture alliance/AP Photo/M.S. Gordon
الصدمات التي تصيب الرأس تسبب تغيرات سلوكية وإدراكية للشخص، ويسمى هذا المرض "سي تي إي" أو "خرف ارتجاج الدماغ". ويحدث لدى الملاكمين مثلاً فقدان القدرة على الكلام والكآبة والخرف. وتسبب الصدمات المتكررة أضراراً في الخلايا العصبية بالدماغ وإطلاق البروتينات التي تتجمع في الجسم، مسببة التغيرات السلوكية وزيادة الميل إلى العنف وارتفاع الرغبة في الانتحار.
صورة من: picture-alliance/dpaW. Grubitzsch
انتحر الكثير من لاعبي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية بين عامي 2008 و2015، مثل تيري لونغ وتوم ماكهيل ويوفان بيلشر وأدريان روبنسن وديف ديورسون (في الصورة)، الذي انتحر في سنة 2011 وتبرع بدماغه للطب. وبعد الكشف على الدماغ وجد الأطباء إشارات على وجود مرض خرف ارتجاج الدماغ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Walsh
حتى في عالم الكرة القدم يعاني بعض اللاعبين من إصابات الدماغ، إذ تعرض لاعب المنتخب الألماني لكرة القدم كريستوف كريمر في المباراة النهائية لمونديال 2014 لصدمة في الدماغ، لكنه استمر في اللعب لدقائق بعد ذلك، ما كاد يعرضه لخطر الإصابة بـ"الصدمة الثانية"، التي قد تؤدي إلى خرف ارتجاج الدماغ. المشكلة التي يعاني منها الرياضيون والأطباء هي افتقار العلم لعملية تشخيص معتمدة طبياً للتعرف على المرض.
صورة من: picture alliance/dpa/T.Eisenhuth
يمكن للاعبي كرة القدم التعرض لإصابات الدماغ عبر الاحتكاك بالرأس مثلاً مع لاعب آخر. وذكرت دراسة حديثة صادرة عن المؤسسة الاتحادية الألمانية للعلوم الرياضية أن مخاطر التعرض لإصابات الدماغ تصل إلى نحو 38 في المائة عند لاعبي الدفاع وإلى 28 في المائة عند لاعبي خط الوسط والهجوم وإلى سبعة في المائة عند حراس المرمى.
صورة من: picture alliance/dpa/N.Schmidt
تعد الرغبي أكثر الرياضات التي تحدث فيها حالات خرف ارتجاج الدماغ، بالإضافة إلى ارتجاج الدماغ والإصابة الدماغية الرضية، حسب المؤسسة الاتحادية الألمانية للعلوم الرياضية، ومن ثم تتبعها كرة القدم الأمريكية وهوكي الجليد وكرة السلة. وتعد الإصابات في الدماغ بسبب ممارسة كرة القدم قليلة مقارنة بالرياضات الأخرى، ولكن وبسبب انتشار اللعبة جماهيرياً تنتشر هذه الحالات بين ممارسيها.
الكاتب: زمن البدري/ DW