دراسة: يهود ألمانيا يشعرون بالعزلة والخوف منذ هجوم 7 أكتوبر
٣٠ سبتمبر ٢٠٢٥
غالبًا ما يوصف السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنه نقطة تحول في حياة اليهود حتى خارج إسرائيل. دراسة ألمانية تكشف أن يهود ألمانيا يشعرون بالعزلة والرفض منذ ذلك الحين، وسط تزايد مظاهر معاداة السامية في الحياة اليومية.
كشفت دراسة حديثة في ألمانيا عن تصاعد مشاعر العزلة لدى اليهود في البلاد منذ الهجوم الإرهابي، الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.صورة من: Rainer Jensen/dpa/picture alliance
إعلان
كشفت دراسة حديثة في ألمانيا عن تصاعد مشاعر العزلة لدى اليهود في البلاد منذ الهجوم الإرهابي، الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأظهرت النتائج أن اليهود غالبًا ما يشعرون بأنهم تُركوا وحدهم، ويواجهون تراجعًا في التضامن الاجتماعي، بل وحتى مظاهر من العداء والتمييز في حياتهم اليومية.
الدراسة، التي دعمتها مفوضية مكافحة التمييز التابعة للحكومة الاتحادية وشملت مقابلة 110 أشخاص يهود على مدى عام، تم عرض تقريرها المرحلي اليوم الثلاثاء (30 سبتمبر/ أيلول 2025) في العاصمة برلين.
شوستر: نتائج مثيرة ولكنها غير مفاجئة
ومن جهته، قال جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، إن نتائج الدراسة "مثيرة ولكنها للأسف غير مفاجئة"، مضيفًا: "منذ الهجوم الإرهابي لحماس، أصبح تهديد معاداة السامية يطبع حياة اليهود هنا في ألمانيا بشكل كبير، سواء في المؤسسات التعليمية أو أماكن العمل أو وسائل النقل العامة".
مظاهر الرفض والبرود الاجتماعي
وأوضحت فريدريكه لورنتس-سينا، إحدى معدّات الدراسة، أن المشاركين وصفوا كيف يواجهون رفضًا للتعاطف وسحبًا للتضامن، بل وحتى برودًا في محيطهم الاجتماعي، وأضافت: "اليهود باتوا يعتبرون مجرد طرح أسئلة عليهم أو إبداء ردود متعاطفة، أحداثًا بالغة الأهمية بالنسبة لهم".
كما رصدت الدراسة مظاهر متعددة للمضايقات، من بينها "تمجيد المجزرة" على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقف عدائية في الحياة اليومية، وحتى خلال زيارات الأطباء الذين يرغبون في الحديث عن حرب غزة.
"الظهور العلني أم الأمان؟"
وقالت مارينا تشيرنيفسكي، المشاركة في إعداد الدراسة، إن العديد من اليهود يشعرون بأنهم عالقون في معضلة لا يمكن حلها، حيث يضطرون للاختيار بين "الظهور العلني والأمان".
وأشارت إلى أن ارتداء رموز دينية مثل نجمة داود قد يشكل خطرًا على سلامتهم.
إعلان
التمييز في العمل والسكن والتعليم
وأكدت مفوضة شؤون مكافحة التمييز، فيردا أتمان، أن من يعلن عن هويته اليهودية أو الإسرائيلية علنًا، يخاطر بالتعرض للتمييز في العمل، أو يُحرم من الحصول على سكن، أو يُتنمّر عليه في المدرسة، أو يُرفض تقديم الخدمة له في المطاعم. وأضافت أن بعض الأشخاص يعانون من أعراض ضغط نفسي مثل خفقان القلب واضطرابات النوم والإرهاق.
من اليمين لليسار جوزيف شوستر رئيس المجلس المركزي لليهود، مارينا تشيرنيفسكي، فريدريكه لورينتس-سيناي ثم فيردا أتمان مفوضة مكافحة التمييز خلال عرض نتائج الدراسة في برلين (30/9/2025)صورة من: dts-Agentur/picture alliance
فيليكس كلاين: اليهود باتوا غير مرئيين
ويصل الأمر لدرجة أن بعض اليهود يستخدم أسماء مستعارة لتجنب التعرض للتمييز. وقال فيليكس كلاين، مفوض الحكومة لشؤون مكافحة معاداة السامية، إن غياب التضامن أدى إلى تدهور جودة حياة اليهود، حيث يخفون هويتهم حتى في تفاصيل يومية كطلب سيارة أجرة أو بيتزا. وأضاف أن اليهود باتوا "غير مرئيين"، وأن النظرة إليهم أصبحت أكثر اغترابًا، مما صعّب إيجاد حلفاء حتى بين منظمات كانت سابقًا مناهضة للعنصرية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الكاثوليكية (ك ن ا).
يهود يهُبُّون لإنقاذ مسلم من الإفلاس في مدينة ألمانية
04:40
This browser does not support the video element.
وأكد كلاين أن دعم الفلسطينيين لا يجب أن يتحول إلى عداء لليهود في ألمانيا، مشيرًا إلى تزايد إنكار حق إسرائيل في الوجود وتصويرها كمشروع استعماري، في مقابل التهوين من شأن حماس.
يذكر أن حركة حماس هي جماعة فلسطينية إسلاموية مسلحة تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وأضاف كلاين أن "بناة الجسور" في المجتمع يتناقصون شيئا فشيئا، وأن مشاريع الحوار بين الأديان، حيث يذهب مثلا حاخام وإمام معًا للتدريس في المدارس، تواجه ضغوطًا متزايدة، ما أدى إلى احتراق العديد من جسور التفاهم.
تفاصيل الدراسة
وأُجريت الدراسة من قبل مركز الكفاءة للتربية والبحث النقدي لمعاداة السامية بالتعاون مع جامعة بوتسدام التطبيقية، وشملت مقابلات فردية وجماعية مع 111 يهوديًا تتراوح أعمارهم بين 16 و80 عامًا من مختلف أنحاء ألمانيا، منذ بداية عام 2024.
ص.ش/ع.ج.م د ب أ، ك ن ا
حياة اليهود في العاصمة الألمانية برلين
رغم محاولات طمس الهوية اليهودية في ألمانيا خلال الفترة النازية، إلا أن الكثير من الآثار والمواقع، التي تؤرخ لدور اليهود في ألمانيا وحياتهم ما تزال قائمة حتى يومنا هذا. جولة مصورة حول التاريخ اليهودي في برلين.
صورة من: Aviv Netter
مطلع القرن الثالث عشر
عاش يهود مدينة برلين، وكان أغلبهم من التجار والصيارفة والمقرضين، خلال العصور الوسطى في الحي اليهودي. وكانت تُفرض عليهم ضرائب عالية جداً. وفي مناسبات الأفراح والمآتم، كان يُطلب منهم دفع أموال إضافية. وفي الحي الذي كان يقطن فيه اليهود في تلك الفترة، يوجد حالياً مبنى البلدية الحمراء التي يوجد بها مكتب عمدة برلين.
صورة من: DW/Nadine Wojcik
القرن السابع عشر
استقبل الأمير فريدريش فيلهيلم اليهود الأغنياء في برلين. ولم يكن ذلك من باب التسامح معهم، فبعد "حرب الثلاثين عاما"، أصبح مرحباً بدافعي الضرائب من كل الديانات. وكان فايتل هاينه إيفرايم من بين اليهود الأغنياء الذين رحب الأمير بهم. ولا يزال القصر الذي تعود ملكيته لهاينه إيفرايم (قصر إيفرايم) حتى اليوم أحد أجمل الشواهد لأثرية على تاريخ برلين.
صورة من: picture-alliance/ZB
سقراط الألماني 1729- 1786
جاء موسى ميندلسزون إلى برلين وعمره 14 ربيعاً، وكان ميندلسزون تلميذاً مجتهداً، يتحدث لغات كثيرة ويهتم بالفلسفة. وتحول ميندلسزون إلى فيلسوف مشهور ذاع صيته عبر العالم وأصبح أحد أكثر اليهود نفوذاً في وقته. وأسس ميندلسزون في برلين حركة التنوير اليهودية (هاسكالا).
صورة من: picture-alliance/akg-images/Erich Lessing
صالونات برلين في القرنين 18 و19
كانت النساء اليهوديات من ذوي النفوذ، مثل راهل فارنهاغن، يدعون ضيوفهن إلى جلسات ثقافية في بيوتهن الخاصة. وكان يدعى لهذه الجلسات التي كان يطلق عليها الصالونات البرلينية، كتاب وفنانون ومفكرون. وكان هاينريش هاينه وهومبولدت وهاينريش كلايست من بين الضيوف، الذين كانوا يترددون على هذه الصالونات، إذ شكلت آنذاك مركز الحياة الثقافية والاجتماعية في برلين.
صورة من: picture-alliance/akg-images
التحرر والنجاح في القرن التاسع عشر
بمرور الوقت تحولت برلين إلى مدينة أوروبية كبرى، ارتفع فيها عدد الجالية اليهودية. ولم يُمنع اليهود من ممارسة بعض المهن كما هو الحال في بعض الأقاليم النائية. وكانوا يمارسون المحاماة والتجارة والصناعة والطب، وأيضاً الصحافة. وفي عام 1866 تم بناء كنيس يهودي جديد، يتسع لثلاثة آلاف شخص، لأكثر من 35 ألف يهودي كانوا يعيشون في برلين. وحضر افتتاح الكنيس رئيس وزراء بروسيا أوتو فون بيسمارك.
صورة من: picture-alliance/ZB
حي شوينن - حي الفقراء
هذا الحي اليهودي يرجع إلى عهد فريدريش فيلهيلم الأول. ففي عام 1737 أمر فيلهيلم الأول اليهود الذين لم يكن لهم مساكن خاصة بهم بالانتقال إلى هذا الحي، الذي كان في بداية القرن العشرين حياً فقيراً، وكان أيضاً ملجأ ليهود أوروبا الشرقية الفارين من المذابح هناك. واليوم ينتمي هذا الحي إلى مقاطعة "وسط برلين"، و"برلين سينبيتسيرك".
صورة من: Bundesarchiv, Bild 183-1987-0413-501/CC-BY-SA/Buch, P.
ازدهار ثقافي
في العقد الثاني من القرن العشرين، كانت برلين حاضرة أوروبية ثقافية تجذب الزوار، نظراً لوجود عدد كبير من المقاهي والحانات والنوادي الليلية وقاعات الرقص فيها. وكان اليهود يساهمون في الحركة الثقافية للمدينة.
صورة من: picture-alliance
هتلر يتسلم الحكم عام 1933
بعد نجاح الحزب النازي في الانتخابات وتسلم أدولف هتلر السلطة، بدأت المداهمات والمضايقات ضد اليهود في حي شوينن. وفي العام نفسه تم إحراق 25 ألف كتاب أمام جامعة هومبولت، كانت من بينها كتب لموسى ميندلسزون وهاينريش هاينه وفرانتس كافكا.
صورة من: Ullstein
مذبحة نوفمبر/ تشرين الثاني 1938
خلال مذبحة نوفمبر/ تشرين الثاني قتل النازيون أربعمئة يهودي ودمروا أكثر من 1400 محل تجاري تعود ملكيتها ليهود ألمان، إضافة إلى المعابد والمقابر. كما طُرد آلاف الموظفين اليهود ومُنع آخرون من ممارسة بعض المهن مثل الطب والفن والصحافة.
صورة من: Bundesarchiv, Bild 146-1970-083-42/CC-BY-SA
مؤتمر فانزيه 1942
خلال مؤتمر فانزيه، تباحث المسؤولون النازيون في النهج الأكثر فعالية "للتخلص من اليهود". هنا تقرر ترحيل عدد منهم إلى معسكرات الاعتقال وتمت مناقشة سبل التخطيط لذلك.
صورة من: DW/N.Wojcik
1945، بعد انتهاء الحرب
قبل الحرب العالمية الثانية كان 160 ألف يهودي، أي قرابة ثلث يهود ألمانيا، يعيشون في برلين. هاجر منهم خلال الحرب وقبيلها قرابة 90 ألف منهم إلى خارج ألمانيا، وقضى 60 ألف في معسكرات الاعتقال أو تعرضوا للقتل، فيما تمكن ألف وخمسمائة يهودي فقط من البقاء على قيد الحياة في برلين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa
تقسيم برلين: اليهود في برلين الشرقية
دعا الزعيم السوفيتي السابق جوزيف ستالين عام 1952 إلى حملة معادية لليهود، قادت إلى أعمال معادية للسامية وتجسدت في اندلاع أعمال شغب في ألمانيا الشرقية آنذاك. وبعد وفاة ستالين "عاد الوضع لطبيعته"، لكن رغم ذلك تقلص عدد اليهود في برلين الشرقية من 1500 شخص إلى 200 شخص فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
تقسيم برلين: اليهود في برلين الغربية
أغلب العائدين من الناجين من مراكز الاعتقال النازية كانوا يريدون مغادرة ألمانيا في أقرب وقت ممكن. لكن البعض الآخر من اليهود قرر البقاء وبدء حياة جديدة في برلين الغربية. وفي شارع "فازاننشتراسه" تم بناء كنيس يهودي جديد محل الكنيس الذي هُدم عام 1958.
صورة من: picture-alliance/dpa
بدايات جديدة في برلين الغربية
فيما كانت حياة الجالية اليهودية في برلين الشرقية تشهد بعض الركود، كانت مثيلتها في برلين الغربية تسجل تدريجياً بعض الازدهار، ففي 1962 تم تأسيس مدرسة يهودية ومن ثم روضة أطفال في 1971، ثم دار للعجزة 1978. واليوم، يوجد في برلين مدرسة ابتدائية يهودية وأخرى ثانوية إضافة إلى جامعة، فضلاً عن مسرح يهودي ومطاعم ومقاهي، كما أن برلين دأبت على الاحتفال بمهرجان الفيلم اليهودي.
صورة من: picture-alliance/dpa
اندماج يهود برلين الغربية والشرقية
بعد توحيد شطري ألمانيا اندمجت الجاليتان اليهوديتان في برلين الغربية والشرقية. وازداد بذلك عدد أعضاء الجالية اليهودية بشكل عام في برلين ليصل إلى 12 ألف شخص، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وتوجد في برلين اليوم 11 كنيسا يهوديا.
صورة من: AP
ثقافة يهودية جديدة في برلين
تجذب برلين اليوم العديد من الشباب الإسرائيليين. كثير منهم يزور برلين لجاذبيتها الفنية والثقافية وآخرون يحطون الرحال فيها لأسباب سياسية. هناك 10 آلاف إسرائيلي يعيشون في برلين، ولا تلعب خلفيتهم الدينية اليهودية أي دور هام بالنسبة للكثيرين. ومع ذلك يحملون معهم ثقافة يهودية جديدة إلى برلين. ويظهر ذلك من خلال المطاعم والمعارض الفنية أو حتى النوادي الليلية مثل مرقص „Meschugge Berlin“.