دعوات للاتحاد الأوروبي لإعادة النظر بسياسة اللجوء في المتوسط
٢٠ سبتمبر ٢٠١٩
دعت منظمتان إنسانيتان ألمانيتان الاتحاد الأوروبي لإعادة النظر في طريقة التعامل مع قضية اللاجئين القادمين إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط. جاء ذلك قبل أيام من انعقاد اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في مالطا.
إعلان
قبل أيام من انعقاد اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في مالطا الاثنين القادم، طالبت منظمات إنسانية ألمانية بإعادة النظر في التعامل مع أزمة اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط. جمعية إنقاذ اللاجئين المهددين بالغرق في البحر، "Mission Lifeline"، شجبت اليوم الجمعة (20 أيلول/سبتمبر 2019) استراتيجية "الردع عن طريق ترك المهاجرين يغرقون". وطالبت المنظمة التي مقرها مدينة دريسدن في شرقي البلاد بإعادة النظر في اتفاقية دبلن، بما يؤدي إلى تخفيف العبء عن دول البحر المتوسط وخاصة إيطاليا ومالطا واليونان: "نتمنى أن تتعاون معنا قوات فرونتكس وخفر السواحل الإيطالي لإنقاذ المهاجرين من الغرق في عرض البحر"، على حد تعبير أكسل شتاير، أحد مؤسسي المنظمة.
وبدورها، رحبت منظمة "Medico International" بانعقاد الاجتماع، بيد أنها انتقدت نقاطا عدة في سياسة اللجوء الأوروبية، من بينها "التعاون مع الأنظمة الظالمة" و"الجمود" في سياسة اللجوء: "ما حققناه حتى الآن لا يعود الفضل فيه لإرادة وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، بل للضغط على مدار سنوات من قبل المنقذين في البحر والمهاجرين والمجتمع المدني"، حسب المتحدثة باسم المنظمة رامونا لينس.
كما طالبت منظمة "Medico International" بوقف التعاون مع خفر السواحل الليبي وغيره من الجهات التابعة لأنظمة غير عادلة خارج أوروبا بقولها إن "تلك الأنظمة ليست الشركاء المناسبين لسياسة هجرة تستند إلى حقوق الإنسان"، على حد وصف المتحدثة.
وقبل القمة الأوروبية في تشرين الأول/أكتوبر في لوكسمبورغ يلتقي وزراء داخلية دول التكتل الأوروبي في مالطا الاثنين القادم، من بينهم وزراء داخلية ألمانيا وفرنسا ومالطا وفنلندا التي ترأس الاتحاد الأوروبي حالياً. وسيتم هناك مناقشة الموانئ التي سيتم نقل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق والدول التي ستستقبلهم فيما بعد، حسب وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر. ولكن حصص التوزيع لن يتم مناقشتها إلا في اجتماع مجلس وزراء داخلية الاتحاد في 8 تشرين الأول/أكتوبر.
ألمانيا مستعدة لاستقبال ربع اللاجئين
والجدير ذكره أن زيهوزفر كان قد أعلن أن ألمانيا على استعداد لاستقبال ربع اللاجئين عبر المتوسط. وقالت وزارة الداخلية الألمانية إنه قد وصل إلى ألمانيا عن طريق إيطاليا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية 561 شخصاً من لاجئي القوارب، مشيرة إلى أنه يمكن أن يتم التوصل قريباً لإحراز تقدم في مساعي إيجاد حل كيفية توزيع لاجئي القوارب داخل الاتحاد الأوروبي.
يشار إلى أن منظمة "Mission Lifeline" تعمل، حسب ما أعلنت، منذ عام 2016 على إنقاذ الغرقى من المهاجرين وبلغ عدد من أنقذتهم 1100 طالب لجوء. ودعت المنظمة مدينة دريسدن، حيث يقع مقرها، للانضمام إلى شبكة تضم من أكثر من 90 مدينة وقرية ألمانية أعلنت عن استعدادها لاستقبال من تم إنقاذهم من الغرق في عرض البحر.
وحظيت منظمة "Mission Lifeline" بشهرة، بعد أن أخذت سفينة تابعة لها تدعى "إليونوره"، وهو قارب رياضي يبحر كقارب بخاري تحت العلم الألماني بإنقاذ المهاجرين. واضطر قبطان السفينة كلاوس-بيتر رايش للمثول أمام القضاء في مالطا عقب مهمة إنقاذ. وأدين في أيار/مايو الماضي بتهمة الإبحار بسفينة غير مسجلة، وفرضت عليه غرامة 30 ألف يورو، إلا أنه طعن في الحكم. وتتعرض السفينة حتى الآن للتقييد في حرية الإبحار.
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو