1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف ستنعكس مبادرة أوجلان على أكراد سوريا ومستقبل قسد؟

عارف جابو
٧ مارس ٢٠٢٥

أثارت مبادرة أوجلان للسلام ودعوته إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، العديد من التساؤلات حول انعكاساتها داخل وخارج تركيا، ما دلالات ذلك على الأكراد في سوريا وعلى مصير قسد والحوار مع دمشق؟

تجمع للأكراد بمدينة الحسكة في شمال سوريا تأييدا لمبادرة أوجلان للسلام 27.02.2025
نجاح مباردة أوجلان للسلام سينعكس إيجابا على الأكراد في سوريا ومستقبل العلاقة مع دمشقصورة من: Orhan Qereman/REUTERS

في إعلان تاريخي أطلق زعيم حزب العمال الكردستاني،عبد الله أوجلان، مبادرة سلام دعا فيها رفاقه إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، في خطوة أساسية لإنهاء الصراع مع الدولة التركية وحل القضية الكردية سلميا عبر الحوار. دعوة أوجلان لاقت الترحيب داخل تركيا وخارجها، من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدولة الغربية بالإضافة إلى العراق وإيران، وأعرب الجميع عن أمله في نجاح المبادرة وإنهاء الصراع.

حزب العمال الكردستاني أيضا أعلن بدوره  الالتزام بدعوة زعيمه والاستعداد لحل نفسه وإلقاء السلاح. وجاء في بيان للحزب نشرته وكالة فرات للأنباء: "نحن، كحزب العمال الكردستاني، نتفق مع مضمون الدعوة المذكورة بشكل مباشر ونعلن أننا سنلتزم بمتطلبات الدعوة وننفذها من جانبنا". وأضافت الوكالة أن "تحقيق قضايا مثل إلقاء السلاح، لا يمكن أن يتم إلا بالقيادة العملية للقائد آبو (أوجلان)".

وقال  حزب العمال الكردستاني،الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون كمنظمة إرهابية، إنه مستعد لعقد مؤتمر كما دعا أوجلان، لكنه أشار إلى ضرورة تهيئة الظروف المناسبة، وإنه من أجل نجاح المؤتمر "لا بد أن يتولى القائد آبو قيادة المؤتمر شخصيا". لكن هل جاءت مبادرة أوجلان ودعوته لإلقاء السلاح، استجابة للدعوة التي وجهها زعيم الحركة القومية دولت بهجلي اليميني المتشدد وحليف أردوغان، لأوجلان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للقدوم إلى البرلمان وإلقاء كلمة يعلن فيها حل الحزب وإلقاء السلاح؟

زيارة وفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب لأوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي جاءت تتويجا لنحو سنة من الحوار والتحضير لهاصورة من: Peoples' Equality and Democracy Party/Handout via REUTERS

التحضير للمبادرة والتواصل مع أوجلان تم قبل دعوة بهجلي، وهي تأتي في سياق التغيرات التي شهدتها المنطقة بعد هجوم 7 أكتوبر والضربات التي وجّهت لإيران وحلفائها وما يسمى "محور المقاومة" في المنطقة وسقوط نظام الأسد في سوريا. وفي هذا السياق قال مدير المركز الكردي للدراسات في مدينة بوخوم الألمانية، نواف خليل، إن تلك التطورات "دفعت تركيا للتواصل مع زعيم حزب العمال الكردستاني منذ نحو عام،  وانتهت بزيارة وفد إمرالي لأوجلان، واللقاء في الأثناء مع قيادات حزب العمال الكردستاني والقيادات الكردية في إقليم كردستان العراق وشمال شرق سوريا". وأضاف خليل لـ DW عربية في برنامج ستوديو الحدث أن تلك الاتصالات توجت "بالبيان الذي أصدره اوجلان، مع الحاجة إلى المزيد من الخطوات من الجانبين التركي والكردي المتمثل بحزب العمال الكردستاني". 

استيعاب تغيرات المنطقة

ويبدو أن أوجلان وحزبه أيضا قد فهما المعادلة والتطورات في المنطقة، حسب رأي د. دانيال عبد الفتاح، الباحث في مركز آسام للدراسات الاستراتيجية في أنقرة، والذي قال إن ما طرحه أوجلان هو "استجابة لما أرادته تركيا. اويبدو أن أوجلان أيضا قد قرأ المتغيرات الجديدة في المنطقة بشكل صحيح. وأن المرحلة لا تقبل العمل المسلح. والمرحلة التي قرأها أوجلان هي مرحلة تغيير مفروض على الجميع".

وأضاف عبد الفتاح في برنامج ستوديو الحدث لـ DW عربية بأن تركيا أيضا تشعر أنها في "حالة من الحرج والضعف والمرحلة التي تمر بها هي مرحلة مواجهة مع التغيرات الإقليمية والدولية، وهي تريد أن تعد نفسها لتكون لديها جبهة داخلية قوية ومتماسكة". كما مستقبل حزب العدالة والتنمية والانتخابات أيضا بحاجة إلى الدعم الداخلي وهذا الدعم "يعتمد على العنصر الكردي، إذ أن القومية الكردية هي القومية الثانية الأكبر في تركيا".

ويبدو أن كلا الطرفين قد وصلا إلى قناعة بعدم إمكانية حسم الصراع بالسلاح ولا بد من الحوار، فلا تركيا تستطيع أن تهزم حزب العمال الكردستاني، ولا هو يستطيع أن يهزم الدولة التركية، وهذه الحالة "تسمى بالتوازن الكارثي، حيث لا يستطيع أن طرف تحقيق النصر. وهنا تبحث القيادات العقلانية عن حلول أخرى وأرى أن ما قاله أوجلان هو البحث عن هذه الحلول"، حسب خليل.

هل يكتب أوجلان الفصل الأخير في صراع الأكراد وتركيا؟

30:37

This browser does not support the video element.

فرص نجاح كبيرة للمبادرة، ولكن!

هذه المبادرة والحوار بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، ليست الأولى، حيث كان هناك أول حوار في عام 1993 حين أعلن أوجلان وقف الكفاح المسلح وكان يأمل في الحوار والتفاوض مع الرئيس التركي الراحل تورغوت أوزل الذي توفي في ظروف غامضة. وبين عامي 2008 و2010 جرت عشرة لقاءات بين مسؤولين أتراك ومسؤولي حزب العمال وتوقفت بزعم أن رجال الداعية التركي الراحل فتح الله غولان سربوا المعلومات وما جرى في المحادثات. وبين عامي 2013 و2015 كان هناك حوار وتم التوصل إلى الإعلان عن عشرة مبادئ وكانت المحادثات علنية مع أوجلان، لكنها فشلت بعد ذلك.
إذن في ضوء ذلك ما الذي يضمن نجاح هذه المبادرة الجديدة ولا يكون مصيرها الفشل كما المبادرات السابقة؟ دانيال عبد الفتاح الباحث في مركز آسام للدراسات الاستراتيجية في أنقرة، متفائل بنجاح هذه المبادرة، وأن لدى تركيا إرادة فعلية وجدية كبيرة "لكن أيضا تخوف من عدم النجاح. فهي تدرك أن فشل هذه المبادرة ستكون له ارتدادات كبيرة جدا وغير طبيعية، لأن حزب العمال الكردستاني قوي ويملك دعما كبيرا ولم يتعرض حتى الآن لأي تهديد وجودي حقيقي حتى مع تغير النظام في سوريا".

الصحافي المختص بالشأن التركي سركيس قصارجيان، أيضا يتفق مع هذا الرأي بأن هذه المبادرة لها حظوظ أكبر للنجاح مقارنة بالمبادرات السابقة لأن الظروف الدولية قد اختلفت، فهي "تدفع أكثر باتجاه مبادرة السلام، والظروف الداخلية في تركيا أيضا تدفع باتجاه إنجاح المبادرة، سواء ما يخص الحسابات السياسية لأردوغان فيما يتعلق بتعديل الدستور وإمكانية اكتسابه ولاية رئاسية جديدة، أو من الناحية الاقتصادية نتيجة العبء الكبير الذي تتحمله تركيا بسبب هذا الصراع" إذ تقدر السلطات التركية الخسائر التي لحقت بالدولة بـ 2 تريليون دولار  خلال 40 سنة الماضية نتيجة الصراع الدموي. لكن رغم كل ذلك فإن النجاح ليس مؤكدا، كل شيء لا يزال واردا "فالوضع هش والثقة المتبادلة لا تزال في أدنى مستوياتها. وبالتالي يمكن أن نشهد في أي لحظة انكسارا والعودة إلى مناخات الصراع السابقة" يقول قصارجيان لـ DW عربية.

نجاح مبادرة أوجلان ستنعكس إيجابيا على الحوار بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية حول مستقبل تلك القواتصورة من: AFP/Omar Haj Kadour/AFP

مصير وحدات حماية الشعب الكردية وقسد

وبالنسبة للأكراد في سوريا، حيث لحزب العمال الكردستاني امتداد ونفوذ كبير هناك، ماذا تعني مبادرة أوجلان لهم وخاصة  لقوات سوريا الديمقراطية(قسد) التي رحب قائدها، مظلوم عبدي بالمبادرة، لكنه قال إنها لا تعني قواته التي تضم إلى جانب المقاتلين الأكراد الذين يشكلون العمود الفقري لها، مقاتلين من المكون العربي والسرياني والأرمني أيضا.

لكن تركيا تصر على حل قسد وتعتبرها مع  قوات حماية الشعب الكردية جزءا من منظومة الحزب وأحد تشكيلاته العسكرية. ولذلك يعتقد قصارجيان أن "قسد ستواصل الضغط من أجل فصلها عن حزب العمال الكردستاني، ولتكن هذه فرصة من أجل كسب الشرعية والتخلص من العبء السياسي الذي يتسبب به حزب العمال الكردستاني لها، كون الحزب مصنف كمنظمة إرهابية في العديد من دول العالم".

وبالإضافة إلى ذلك "إذا تم حل هذه المجموعات بالكامل وخضعت لعملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، فإن هذا من شأنه أن يفتح فرصا غير مسبوقة للحكم الرشيد والاستقرار في شمال سوريا، بالإضافة إلى تغيير توازن القوى في جميع أنحاء البلاد" تقول بورجو أوزجيليك، الباحثة في مجال أمن الشرق الأوسط بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن (RUSI). وتضيف لـ DW بأن حل حزب العمال الكردستاني لن يعني "نهاية نضال الأكراد في سوريامن أجل حقوقهم، بل إنه سيمثل تحولا نحو وسائل سياسية وقانونية صريحة للتعبئة لصالحهم. لقد استهدف النظام البعثي الأكراد باعتبارهم أقلية غير مرغوب فيها لعقود من الزمن، وكانت المناطق التي يسكنها الأكراد مستهدفة بسياسات التعريب".

رحبت قوات سوريا الديمقراطية/ قسد بمبادرة أوجلان لكنها قالت إن دعوته لإلقاء السلاح لا تعنيها فهي موجهة لحزب العمال الكردستانيصورة من: Orhan Qereman/REUTERS

هل لا تزال زمام الأمور بيد أوجلان؟

لكن سيكون لنجاح المبادرة والحوار بين أنقرة وأوجلان انعكاس على الحوار بين الأكراد في سوريا والسلطات في دمشق، ويساهم في التوافق بينهما أيضا. فالتوصل إلى اتفاق داخل تركيا، "سيريح أكثر الإدارة الذاتية (الكردية في شمال شرق سوريا) وقسد، وسيدفع باتجاه المزيد من التقبل الدولي لفكرة الإدارة الذاتية، وهذا سينعكس على العلاقة بينها وبين ودمشق التي تمتلك البراغماتية الكافية للاتفاق معها" يقول الصحافي المختص بالشأن التركي، سركيس قصارجيان، ويضيف لـ DW عربية بأن "ما يحول دون التوصل إلى اتفاق (بين دمشق والأكراد) هو باعتقادي الضغوط التركية الممارسة على  دمشق".

لكن يبقى السؤال: هل لا يزال أوجلان يتمتع بتلك الكاريزما والقوة والسيطرة على الحزب وخاصة القيادات العسكرية ومن يعرفون بالصقور منهم؟ قيادة الحزب أشارت في بيانها إلى التزامها بما يقرره أوجلان وطالبت بإطلاق سراحه ليقود العملية والمؤتمر الذي سيعقده الحزب لحل نفسه وإعلان إلقاء السلاح. وأكد ذلك مدير مركز الدراسات الكردية، نواف خليل أيضا بقوله "حسب معرفتي بهذا الحزب وطبيعة العلاقة مع أوجلان، أجزم بأن قيادة الحزب ستوافق وتلتزم بما يقوله، هناك تناغم كامل بينهم وبين أوجلان وأثبتت تجربة 25 سنة الماضية وجود هذا التناغم بين الطرفين".

ساهمت في إجراء اللقاءات: جنيفر هولايس

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW