تزامنا مع التحضير لإعادة فتح سفارة المغرب بدمشق، أغلقت السلطات السورية مكاتب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. ما دلالات الخطوة السورية وتأثيرها على ملف الصحراء الغربية المتنازع عليها؟
تغيرات عدة على سياسة دمشق الخارجية وتحالفاتها منذ وصول أحمد الشرع لسدة الحكم بعد الإطاحة ببشار الأسدصورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
إعلان
أقدمت السلطات السورية رسميا على إغلاق مكاتب جبهة البوليساريوفي العاصمة دمشق (الثلاثاء 27 مايو/ أيار 2025)، وذلك تزامنا مع زيارة وفد تقني مغربي سيعكف على التحضير لإعادة فتح السفارة المغربية. وتؤسس هذه لخطوة لمرحلة جديدة في العلاقات بين الرباط ودمشق في مؤشر على إتمام عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفق ما أشارت إليه "وكالة المغرب العربي لللأنباء" المغربية.
الموقف السوري الجديد تم التعبير عنه بحضور لجنة مشتركة تضم مسؤولين مغاربة وسوريين كبار، انتقلت إلى عين المكان وعاينت فعليا، إغلاق المكاتب المذكورة. وذكرت الوكالة المغربية أن سوريا عبرت بذلك عن "التزامها باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، رافضة أي شكل من أشكال الدعم للكيانات الانفصالية"، وأضافت أنها "تعكس أيضاً الإرادة الراسخة لدى سوريا لتقوية تعاونها الثنائي مع المغرب وتعزيز الاستقرار الإقليمي".
يذكر أن السلطات السورية لم تؤكد أو تنفي خبر إغلاق مكاتب البوليسارية حتى ساعة إعداد هذا الخبر.
هل بدأت جبهة البوليساريو تقتنع بخطة "الحكم الذاتي"؟
39:29
This browser does not support the video element.
ويذكر أن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، عبر في خطاب وجهه إلى القمة العربية الرابعة والثلاثين التي انعقدت مؤخرا في بغداد، عن قرار إعادة فتح سفارة المملكة بدمشق المغلقة منذ 2012.
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، سادت الترقب والأمل في الرباط لعودة العلاقات بين البلدين بعد سنوات من القطيعة. وكان نظام الأسد يعتبر حليفا تقليديا للجزائر في المنطقة، حيث كان ملف الصحراء الغربية على مدار عقود من أبرز الملفات الخلافية بين الرباط ودمشق.
ويتزامن الموقف السوري مع زخم دولي يدعم الطرح المغربي لحل قضية الصحرء الغربية، كان من أبرز محطاته اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الإقليم المتنازع عليه، تبعته مواقف دول أخرى في نفس الاتجاه أبرزها الاعتراف الإسباني وبعده الفرنسي.
على المستوى القارة الإفريقية تعتبر كينيا آخر الملتحقين بهذا الزخم، حيث أعلنت دعمها (الاثنين 26 مايو/ أيار 2025) عن تأييدها لخطة المغرب لمنح إقليم الصحراء الغربية حكما ذاتيا تحت سيادة المملكة.
تحرير: خ.س
العلاقات المغربية الجزائرية.. محطات بين التلاحم والعداء
قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب هو أحدث تطور لعقود من التوتر والأزمات، حيث تحولت العلاقة بين البلدين من الدعم والمساندة إلى القطيعة والعداء بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك وتراشق الاتهامات بدعم الانفصاليين.
صورة من: daniel0Z/Zoonar/picture alliance
المغرب يدعم الثورة الجزائرية
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر 1954 سارع ملك المغرب محمد الخامس آنذاك إلى دعم حركة المقاومة، وبادر على مدار سنوات إلى استضافة قادة الثورة، مؤكدا على أن تحرر الجزائر هي قضية مركزية للدول المغاربية. وفي ظل تعاطف شعبي كبير، تمّ جمع التبرعات وفُتحت الحدود أمام الثوار الجزائريين، ما ساهم في رفد الثورة الجزائرية بالمال والسلاح.
صورة من: dpa
حرب الرمال
صفو العلاقات تكدر في العام 1963، حين اندلعت "حرب الرمال" بين البلدين الجارين بسبب مجموعة حوادث حدودية. وكان ذلك بعد عام على استقلال الجزائر لتستمر "حرب الرمال" عدة أيام تاركة شرخاً حقيقيا في العلاقات.
صورة من: picture-alliance/dpa/UPI
المسيرة الخضراء ساهمت في توتر العلاقة
عبر "المسيرة الخضراء" في 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي، بسط المغرب سيطرته على الصحراء الغربية. وفي آذار/ مارس 1976 قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.
صورة من: picture-alliance/dpa/DB UPI
تحسن في العلاقات
في 26 شباط/فبراير 1983 التقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الشاذلي بن جديد على الحدود الجزائرية المغربية. ساهم هذا اللقاء في عودة حرية التنقل بين البلدين، كما أُعلن عن ذلك في أبريل/ نيسان من العام ذاته. ثم في أيار/مايو تمّ الاتفاق على السماح تدريجيا بتنقل الأشخاص وبحرية نقل السلع بين البلدين وفتح الخطوط الجوية وسكك الحديد.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرض تأشيرة واغلاق الحدود
في 16 آب/أغسطس 1994 استنكرت الرباط تصريحات الرئيس الجزائري اليمين زروال التي اعتبر فيها أن الصحراء الغربية "بلد محتل". وفي 26 آب/ أغسطس فرض المغرب التأشيرة على جارته الشرقية عقب هجوم استهدف فندقا في مراكش قُتل فيه سائحان إسبانيان على يد إسلاميين متطرفين. واتّهم المغرب قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم، فيما أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
تقارب وجفاء
في 25 تموز/يوليو 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلا في جنوب غرب الجزائر، اتّهم بوتفليقة على خلفيتها المغرب بتسهيل تسلل إسلاميين مسلّحين إلى بلاده.
صورة من: AP
عودة اللقاءات
لقاءات بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس، أسهمت في "كسر الجليد" قليلاً. ففي تموز/يوليو 2011 أعلن ملك المغرب تأييده لإعادة فتح الحدود البرية ولتطبيع العلاقات. وهو ما ردّ عليه الراحل عبد العزيز بوتفليقة معرباً عن "عزمه إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg, F. Senna
دعوة لفتح صفحة جديدة
في كانون الأول/ديسمبر 2019 دعا الملك محمد السادس إلى فتح "صفحة جديدة" في رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
صورة من: Niviere David/ABACAPRESS/picture alliance
ملف الصحراء الشائك يتجدد
في كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت الجزائر بـ"مناورات أجنبية" تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل التي كانت قد وقعت مع المغرب "معاهدة تطبيع"، ضمن اتفاق ثلاثي أفضى أيضا إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي 18 تموز/يوليو 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب "للتشاور".
"اعادة النظر" بالعلاقات بين البلدين
في 31 تموز/يوليو الماضي، في خطابه بمناسبة اعتلاءه على العرش، أعرب ملك المغرب عن "أسفه للتوترات بين البلدين" ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. لكن الجزائر قررت في 18 آب/ أغسطس "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت البلاد.
صورة من: Billel Bensalem/App/dpa/picture alliance
قطع العلاقات
في 24 آب/ أغسطس أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضد الجزائر "منذ استقلالها"، إلى غاية "استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية" على حدّ قوله.
صورة من: Fateh Guidoum/AP/picture alliance
أسف مغربي لقطع العلاقات
وفي ردّ فعل رسمي، أعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن أسفها "للقرار الأحادي" الذي اتخذته الجزائر، معتبرة إياه قراراً "غير مبرر"، لكنه "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة"، كما جاء في بيان الوزراة المغربية. (اعداد: علاء جمعة)