طالبت دمشق بخروج القوات التركية من إدلب فوراً، قائلة إن توغلها يشكل "عدواناً سافراً". وأضاف بيان لوزارة الخارجية السورية أن انتشارها لا يمت بصلة إلى اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مباحثات أستانا.
إعلان
طالبت دمشق السبت (14 تشرين الاول/أكتوبر 2017) بخروج القوات التركية "فوراً" من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، مؤكدة أن انتشارها لا يمت بصلة إلى اتفاق خفض التوتر، الذي تم التوصل إليه في مباحثات أستانا، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن وزارة الخارجية السورية.
وقال مصدر في وزارة الخارجية، بحسب ما أوردت وكالة أنباء "سانا" الحكومية، "تطالب الجمهورية العربية السورية بخروج القوات التركية من الأراضي السورية فوراً ومن دون أي شروط"، واصفاً الانتشار التركي في محافظة إدلب مساء الخميس بـ"العدوان السافر".
واعتبر المصدر أن "لا علاقة له من قريب أو بعيد بالتفاهمات التي تمت بين الدول الضامنة في عملية أستانا بل يشكل مخالفة لهذه التفاهمات وخروجا عنها (...) وعلى النظام التركي التقيد بما تم الاتفاق عليه في أستانا".
وتشكل محافظة إدلب (شمال غرب) واحدة من أربع مناطق سورية تم التوصل فيها إلى اتفاق خفض توتر في أيار/ مايو في إطار محادثات أستانا، برعاية كل من روسيا وإيران حليفتي دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة. ويستثني الاتفاق بشكل رئيسي تنظيم "الدولة الإسلامية" و"هيئة تحرير الشام"، التي تعد "جبهة النصرة" سابقاً أبرز مكوناتها، والتي تسيطر على الجزء الأكبر من إدلب. وينص اتفاق خفض التوتر على وقف الأعمال القتالية بما فيها الغارات الجوية، بالإضافة إلى نشر قوات شرطة تركية وإيرانية وروسية لمراقبة تطبيق الاتفاق.
والجدير ذكره أن الجيش التركي بدأ الخميس، وفق أنقرة، نشر قواته في محافظة إدلب في إطار بدء إقامة منطقة خفض توتر. وقالت هيئة الأركان التركية في بيان أمس الجمعة "بدأنا (الخميس) 12 تشرين الأول/ أكتوبر أعمال إقامة مراكز مراقبة". وبعيد ذلك، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أروغان، أنه "ليس من حق أحد التشكيك" في هذا الإجراء. وأوردت وسائل الإعلام التركية أن الاتفاق ينص على أن تقيم تركيا 14 مركز مراقبة في محافظة إدلب سينشر فيها ما مجمله 500 جندي. ودخل صباح السبت رتلٌ جديدٌ من الآليات العسكرية التركية إلى محافظة إدلب، وفق ما أفاد مراسل فرانس برس و"المرصد السوري لحقوق الإنسان".
ويعد الانتشار التركي في إدلب أكبر عملية عسكرية لأنقرة في سوريا منذ انتهاء عملية أخرى عبر الحدود نفذتها العام الماضي واستهدفت في الوقت نفسه تنظيم "الدولة الإسلامية" وقوات "وحدات حماية الشعب" الكردية.
خ.س/ص.ش (أ ف ب، رويترز)
"سوريا الصغيرة" في تركيا
في بلدة ريحاني الحدودية التركية، يكاد عدد اللاجئين السوريين يفوق عدد سكان البلدة. هؤلاء اللاجئون أسسوا ما يشبه سوريا مصغرة في تلك البلدة، وهذا بات يقلق السكان من احتمال استقرارهم هناك لفترة طويلة للغاية.
صورة من: DW/G. Anderson
تجارة رائجة
محل الحلاقة الذي يديره أحمد، البالغ من العمر 13 عاماً، عبارة عن غرفة ومقبس للكهرباء لشحن آلة الحلاقة. أحمد هو أحد آلاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في بلدة ريحاني، الواقعة على الجانب التركي من الحدود مع سوريا. ويبلغ تعداد سكان هذه البلدة 62 ألف نسمة، إلا أن عدد اللاجئين السوريين قد يزيد عن عدد السكان المحليين قريباً. كثيرون من اللاجئين قاموا بافتتاح محلات صغيرة تشبه ما كانوا يمتلكونه في موطنهم.
صورة من: DW/G. Anderson
كسب لقمة العيش
وحتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كان أنس عبد الجواد يقسّم وقته بين العمل في مخبز عائلته بمدينة إدلب والمحاربة ضد الجيش النظامي السوري. لكن ذلك تغير بعدما قدم "الشبيحة" إلى المخبز وأمروا بتحويل كل إنتاجه إليهم، وفتحت النار على أصحاب المخبز والزبائن، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص. ويقول أنس إنه سعيد بتقديم المساعدة لعائلته في سوريا من خلال عمله في تركيا.
صورة من: DW/G. Anderson
المضي قدماً
"سوريا الصغيرة" التي أنشئت في ريحاني خلقت توترات مع السكان المحليين، بسبب ازدياد حدة المنافسة وارتفاع إيجارات المحلات. لذلك، اضطر أحمد عبدو زكريا لنقل مطعمه إلى الجانب الآخر من الشارع بسبب الارتفاع الكبير في الإيجارات، وهو ثمن زهيد مقابل هروبه وعائلته من سوريا، فمطعمه في إدلب تعرض للتدمير من قبل مليشيات محلية.
صورة من: DW/G. Anderson
ذكريات من الماضي
أعادت عائلة زكريا افتتاح مطعمها في ريحاني تحت نفس الاسم "الفروج الذهبي"، وقائمة الطعام هي ذات القائمة من مطعمهم في إدلب – نوعان من الدجاج المشوي بالبطاطا المقلية المقطعة يدوياً، بالإضافة إلى سلطة مخللات وصلصة الثوم. ويقول عبد الغني، شقيق أحمد، إن الطعام في ريحاني يذكر السكان المحليين بطبخ جداتهم، إذ كانت بلدة ريحاني جزءاً من سوريا تحت الاستعمار الفرنسي لعقدين تقريباً بين الحربين العالميتين.
صورة من: DW/G. Anderson
حلويات تركية وعربية
أصحاب الأعمال المحليون، مثل ياسين ساكين، استغلوا تدفق اللاجئين على البلدة. ساكين قام بافتتاح محل للحلويات في قلب "سوريا الصغيرة". وبضائعه تهدف إلى إرضاء أذواق السوريين والأتراك على حد سواء. ومن بين العمال في محله سوريون علموه تحضير الحلويات العربية. ورغم تفاؤله، فإن ياسين ساكين يعتقد بأن هذا النوع من المحلات لن يدوم أكثر من خمس سنوات.
صورة من: DW/G. Anderson
افتتاح فروع
لدى أحمد كابوغا، ابن بلدة ريحاني، فكرة أخرى عن كيفية تطوير المحلات، إذ بعد أن قام بافتتاح مطعم تركي لتقديم الحساء ووجبة الفطور، أدرك أنه إذا قام بإعطاء السوريين الطعام الذي يريدونه، فإن مطعمه سيزدهر. وبعد ذلك بفترة وجيزة، أصبح أخوان من إدلب شركاء في مطعمه، وقاما بتوسيع قائمة الطعام لتشمل وجبات سورية. ويفكر كابوغا بافتتاح فروع لمطعمه في أنحاء مختلفة من تركيا.
صورة من: DW/G. Anderson
فرصة للعودة
لم يكن الاستثمار في المستقبل يدور في مخيلة عبد الله البيطار، الذي انشق عن الجيش النظامي. فالهدف الأساسي من وراء افتتاحه لمحله كان دعم عائلته، وتوفير أي نوع من الدخل، سواء من خلال المتاجرة بالهواتف النقالة أو الصرافة أو خدمات سيارات الأجرة أو توفير الأجهزة الكهربائية. وتطمح عائلة البيطار إلى العودة إلى مسقط رأسها في محافظة اللاذقية، حيث كانت تمتلك معرضاً لبيع الأثاث.
صورة من: DW/G. Anderson
البدء من الصفر
وعلى بعد مسافة قصيرة من قلب "سوريا الصغيرة"، يدير محمود محلاً لبيع شطائر الفلافل، ويقول إنه لا يريد العودة إلى سوريا بعد انتهاء الصراع. وبعد أن قام بادخار المال لأكثر من عشر سنوات، عاد محمود إلى مسقط رأسه في إدلب كي يتزوج خطيبته ويؤسس عائلة. كما قام بشراء بيت، إلا أنهم فقدوا كل شيء بعد اندلاع القتال.
صورة من: DW/G. Anderson
ثمن الاستقلال
تدير زاهدة قنديل محلاً لبيع الملابس الداخلية في ريحاني، وتعتبر أن صاحبات المحلات السوريات يواجهن صعوبة في الحصول على أماكن بإيجارات مناسبة. وكان جارها يمتلك محلاً لبيع تذكارات الثورة السورية، إلا أنه اضطر لإقفال محله وإسكان عائلته في المحل لأنه لم يكن يقدر على دفع إيجارين. وتضيف قنديل أن جارها لا يمتلك مطبخاً حتى، وأنها على الأقل مستقلة بذاتها وتستطيع الاستثمار فيما تريد.
صورة من: DW/G. Anderson
الجمع بين المصلحة والمنفعة العامة
تخطى علي عتيق مرحلة توفير لقمة العيش لعائلته من خلال محله في تركيا، فهو استغل المهارات التي اكتسبها من عمله السابق كتاجر سيارات وقام بافتتاح محل "استيراد وتصدير"، فهو يشتري بضائع مثل لحوم الدجاج وغاز الطهي والأدوية من تركيا ويقوم ببيعها في سوريا. وبعد ذلك يقوم علي باستثمار دخله في شراء مواد أساسية يتم توزيعها على مخيمات اللاجئين في محافظة إدلب.
صورة من: DW/G. Anderson
المشاركة في الكعكة
تمتد الحدود السورية-التركية بين محافظة إدلب على الجانب السوري ولواء الإسكندرون على الجانب التركي، حيث تقع بلدة ريحاني. والصراع في سوريا يعد تحدياً جديداً لروح الأخوة بين سكان ريحاني واللاجئين السوريين. والمأمول هو إيجاد نوع من التوازن بين الطرفين، وهذا مرهون فقط بالنوايا الحسنة لكليهما.