دمشق تنتقد مؤتمر الحسكة وتنسحب من اجتماعات باريس مع قسد
خالد سلامة أ ف ب، د ب أ، رويترز
٩ أغسطس ٢٠٢٥
أكدت الحكومة السورية أن مؤتمر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شكل ضربة لجهود التفاوض الجارية، وبناء على ذلك فإنها لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس.
رجل أمام جدارية لقوات سوريا الديمقراطية صورة من: Delil Souleiman/AFP/Getty Images
إعلان
أعلنت الحكومة السورية رفضها المشاركة في أي مفاوضات جديدة مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) بما في ذلك اجتماعات باريس، على خلفية مؤتمر موسع عقدته الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد، واعتبرته دمشق "ضربة" لجهود التفاوض الجارية.
وعقدت الإدارة الذاتية الكردية اجتماعات موسعا في مدينة الحسكة الجمعة، تخلله كلمات عبر الشاشة لكل من الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز الزعامات الروحية الدرزية في مدينة السويداء، والمعروف بمواقفه المنتقدة للسلطات السوريّة الجديدة، والشيخ غزال الغزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي في سوريا.
دعا الاجتماع في بيانه الختامي الى عقد "مؤتمر وطني سوري جامع وشامل، تشارك فيه مختلف القوى الوطنية والديمقراطية".
وقالت الحكومة في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن المؤتمر الذي شاركت فيه شخصيات كردية إلى جانب ممثلين عن الأقليتين العلوية والدرزية، "يشكل تقويضاً لمسار الحوار"، مؤكدة أنها "لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس، ولن تجلس إلى طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام البائد تحت أي مسمى أو غطاء".
وأدانت دمشق "بشدة استضافة شخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية"، معتبرة أن ذلك يمثل "خرقاً واضحاً لاتفاق العاشر من آذار/مارس"، وحمّلت قسد وقيادتها "المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا المسار".
وفي أواخر الشهر الماضي، أعلنت سوريا وفرنسا والولايات المتحدة موافقتها على عقد محادثات في باريس "بأسرع وقت ممكن" بشأن تنفيذ بنود اتفاق ثنائي.
ويعد المؤتمر الذي عُقد في مدينة الحسكة في شمال شرق البلاد، الأول من نوعه الذي تشارك فيه مكونات كردية إلى جانب ممثلين عن الاقليتين لعلوية والدرزية اللتين تعرضتا لأعمال عنف على خلفية طائفية بعد وصول الشرع إلى السلطة.
وطالب المجتمعون بـ"دستور ديمقراطي يكرّس ويعزز التنوع القومي وَالثقافي والديني، ويؤسّس لدولة لا مركزية تضمن المشاركة الحقيقية لكافة المكونات في العملية السياسية والإدارية".
واتهمت الحكومة المؤتمر بمحاولة "تدويل الشأن السوري، واستجلاب التدخلات الأجنبية، وإعادة فرض العقوبات"، داعية قسد إلى "الانخراط الجاد" في تنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس، وحصر الحوار بين السوريين في العاصمة دمشق باعتبارها "العنوان الشرعي والوطني" للتفاوض.
زادت مخاوف الأكراد بعد أعمال العنف والاشتباكات الدامية التي شهدتها مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية الشهر الماضي، وقبلها أعمال العنف الطائفية في منطقة الساحل ذات الغالبية العلوية، اتهمت السلطات مسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بإشعالها عبر شنّ هجمات دامية أودت بالعشرات من عناصرها.
وطرحت أعمال العنف التي طالت الأقلية العلوية حينها ثم الدرزية الشهر الماضي تساؤلات إزاء قدرة السلطة الانتقالية على بسط سلطتها على كامل التراب السوري والتعامل مع الأقليات.
الدروز في الشرق الأوسط... سرية العقيدة ودواليب السياسة
تصدر "بنو معروف"، وهم أقلية دينية عربية عمرها نحو ألف عام، واجهة الأحداث مؤخراً وخاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد. ألبوم صور نحاول فيه إلقاء الضوء على مذهبم الباطني وتاريخهم السياسي وأعدادهم وتوزعهم.
صورة من: Suwayda24/AP/picture alliance
الدروز طائفة باطنية تحافظ على درجة من السرية فيما يخص ممارساتها الدينية. ونشأت الدعوة الدرزية في مطلع القرن الحادي عشر، وهي متفرعة من المذهب الاسماعيلي، ثاني أكبر المذاهب الشيعية بعد الاثني عشرية. وتضم العقيدة الدرزية شعائر من الإسلام وفلسفات أخرى كالأفلاطونية مع التركيز على التوحيد وتناسخ الأرواح من بين أمور أخرى.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
المعتقد الدرزي غير تبشيري وتبقى تعاليم الطائفة ضمن أبنائها، ومن غير المستحب ومن النادر الزواج من خارج الطائفة. ولا يسمح المذهب بتعدد الزوجات. يرتدي المتدنيون من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء المتدينات منهن رؤوسهن وقسماً من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
يقدر عدد الطائفة الدرزية بنحو مليون إنسان تتركز غالبية أتباعها في مناطق جبلية في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن ودول المهجر. وهاجر بعضهم إلى مختلف أنحاء العالم مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأستراليا، إضافة الى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. من أبرز وجوههم في المهجر المحامية أمل علم الدين زوجة الممثل جورج كلوني. على رغم الانتشار، عمل الدروز على الابقاء على روابط وثيقة فيما بينهم.
صورة من: Alberto Pezzali/Invision/AP/picture alliance
في لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد، وخاصة الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا. وأدى كمال جنبلاط دوراً سياسياً محوريا اعتباراً من الخمسينات من القرن الماضي وحتى مطلع الحرب الأهلية (1975-1990)، الى حين اغتياله في 1977 على يد مخابرات حافظ الأسد كما يتهم ابنه وخلفه في زعامة دروز لبنان، وليد جنبلاط.
صورة من: Houssam Shbaro/Anadolu/picture alliance Houssam Shbaro / Anadolu
أما في إسرائيل، يتوزع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا. يضاف إليهم نحو 23 ألفاً في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة. ووفق مركز التراث الدرزي في اسرائيل، تعترف إسرائيل بالطائفة "بصفتها كياناً منفرداً له محاكمه الخاصة وقيادته الروحانية المستقلة". يتطوع الكثير من أبناء الطائفة في الجيش الإسرائيلي.
صورة من: Ammar Awad/REUTERS
النسبة الأكبر من الدروز في سوريا بعدد يبلغ نحو 700 ألف شخص يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد. اشتهر منهم في سوريا سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي عام 1925. كما يُقدّر وجود ما بين 15 و20 ألف درزي في الأردن، خصوصاً في الشمال.
صورة من: Jalaa Marey/AFP/Getty Images
عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيد الدروز أنفسهم عن تداعياتها، فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. بعد سقوط بشار الأسد اتسمت العلاقة بين السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع والدروز، وخاصة زعيمهم الروحي حكمت الهجري بالتوجس والتوتر. وفي بداية أيار/مايو أدت أعمال العنف ومواجهات في جرمانا وأشرفية صحنايا قرب دمشق بين مسلحين دروز وقوات الأمن إلى مقتل 119 شخصاً.
صورة من: Rama Jarmakani/DW
في تموز/يوليو 2025 اندلعت مواجهات بين عشائر البدو وفصائل مسلحة درزية في مواجهات دموية اتخذت طابعاً طائفياً ذهب ضحيتها مئات القتلى من المدنيين والفصائل المسلحة من البدو والدروز وقوات الجيش والأمن العام. طلب حكمت الهجري تدخل إسرائيل التي استجابت بشن غارات "مؤلمة" في دمشق والسويداء ودرعا. وتقول إسرائيل إنها تريد حماية الدروز، مشددة على أنّها لن تسمح بوجود عسكري للحكومة الجديدة في جنوب البلاد.