طور باحثون عقاراً يوفر حماية شبه كاملة ضد عدوى فيروس نقص المناعة البشرية. ما أهم ما يتميز به العقار؟ وهل هو في متناول اليد لذوي الدخل المحدود؟
على عكس الأدوية المضادة للفيروسات الأخرى للوقاية قبل التعرض، لا يتطلب ليناكابافير تناوله يوميا على شكل أقراص، بل يكفي حقنتان منه سنويا.صورة من: Nardus Engelbrecht/AP/picture alliance
إعلان
احتفت مجلة "ساينس" العلمية Science بفعالية دواء ليناكابافيرLenacapavir في علاج فيروس نقص المناعة المكتسبة كأهم إنجاز علمي في عام 2024. وفر الدواء حماية كاملة للنساء في أوغندا وجنوب إفريقيا من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية.
ما يميزه، وعلى عكس الأدوية المضادة للفيروسات الأخرى، لا يتطلب ليناكابافير تناوله يوميا على شكل أقراص، بل يكفي حقنتان منه سنويا. ويرى الخبراء بأن ليناكابافير Lenacapavir سيخفض معدلات الإصابة والعدوى بشكل كبير.
يؤخذ ليناكابافير مرتين سنويا، ويشترك في خصائص مهمة مع لقاح مثالي لفيروس نقص المناعة البشريةصورة من: Clarens Siffroy/AFP/Getty Images
حل لتحد عالمي
قد يساعد هذا الدواء على الوصول بشكل أسرع لهدف برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS)، الذي يهدف إلى خفض معدل الإصابة العالمي إلى أقل من 200,000 بحلول عام 2030.
في عام 2023، كانت عدد الإصابات قد وصلت لـ 1.3 مليون إصابة سنويا، ويتعايش ما يناهز 40 مليون شخص حول العالم مع فيروس نقص المناعة البشرية، ويحصل 77% منهم على أدوية مضادة للفيروسات.
وقد كتبت مجموعة من الخبراء من جنوب أفريقيا وزيمبابوي والولايات المتحدة الأمريكية في عدد نيسان/أبريل من مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين" New England Journal of Medicine أن الفعالية الملحوظة في الدراسات، تُضاهي فعالية العديد من اللقاحات التقليدية (ضد مسببات الأمراض الأخرى). وأضافوا: "يؤخذ ليناكابافير مرتين سنويا، وهو آمن وفعال للغاية في الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية. كما لا يتطلب نقله وتخزينه درجات حرارة معينة".
ويرى مختصون أن عقار ليناكابافير جيد، لكنه باهظ الثمن وغير متاح بعد في بلدان فقيرة ينتشر فيها فيروس نقص المناعة البشرية بشكل كبير.
ويبقى السؤال: هل نشهد قريباً لقاحاً رخيص الثمن ويوفر حماية مدى الحياة من الفيروس القاتل؟
تحرير: خ.س
حقائق وأرقام مخيفة عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسب
أثرت جائحة كورونا على الجهود الدولية لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة والإيدز وسط مخاوف من ارتفاع عدد المصابين وحالات الوفاة. فما هو هذا المرض؟ وما هي علاجاته حتى الآن؟
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
ما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟
يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/B. Coleman
متى شُخصت الإصابة الأولى؟
رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو بالتأكيد من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Goldsmith
هل ما زال المرض قاتلاً؟
في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص "فيروس نقص المناعة المكتسب" معادلاً لـ "الحكم بالموت". عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، وكان بمقدورها أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
ما حجم خطر العدوى؟
الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الأنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
كيف تحصل العدوى؟
لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يمكن الشفاء منه؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Farrell
كيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟
هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Tabassum
الحاجة لمزيد من التوعية
... من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
كم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟
كشف برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز أن جائحة كورونا يمكن أن تؤدي إلى رفع عدد المصابين بنحور 293 ألف إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة وما يصل إلى 184 ألف حالة وفاة بين مرضى الإيدز. ووفقاً للإحصائيات الأممية العام الماضي كان هناك نحو 700 ألف حالة وفاة بسبب الإيدز عام 2019 ونحو 1.7 مليون إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
90-90-90
كان من المقرر أن يكون هذا العام علامة فارقة في مكافحة الإيدز من خلال تحقيق أهداف استراتيجية "90-90-90"، أي 90 بالمئة من المتعايشين مع الفيروس، 90 بالمئة من المصابين يتلقون العلاج وانخفاض الحمل الفيروسي لدى 90 بالمئة ممن يتلقون العلاج، لكن المساعي الدولية تأخرت في تحقيق تلك الأهداف، ثم جاءت جائحة كورونا لتهدد بالكثير من المكاسب في مكافحة الإيدز.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Bo Bo
دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف
أعلنت وكالة مراقبة الأمراض التابعة للاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية مؤخراً أن أوروبا الشرقية باتت تشهد ارتفاعاً في حالات فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب غير المشخّصة، وسط دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف عن هذا الفيروس المسبّب للايدز. وتشمل المنطقة التي يغطّيها المكتب الأوروبي 53 بلداً، من بينها روسيا ودول عدّة في آسيا الوسطى حيث سجّل أيضا ارتفاع مقلق.