1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لاجئون يتحدون "بعد ما شاب، ودّوه الكتّاب"

١٠ أبريل ٢٠١٧

بعد التدفق الكبير للاجئين، غصت مدارس تعلم اللغة الألمانية بالطلاب من مختلف الأعمار، وينبغي على الجميع الالتزام بحضور الدروس اليومية، غير أن تفاعل الكبار في السن قد يكون مختلفاً تبعاً لظروفهم الصحية أو الاجتماعية.

Leipzig, Deutschkurs für Flüchtlinge - Lehmbangruppe Language institute
صف المعلمة مالفينا مودريتسكا، لايبزيغ صورة من: DW/R. Dawa

كانت تجلس على الكرسي بتهالك، وكأنها قد خرجت للتو من عاصفة مدمرة وليس من حصة للغة الألمانية. ترتب الشال على رأسها بخفة وحذر، وفي عينيها وتجاعيد وجهها حزن يروي حكاية الحرب التي هربت منها. غير أن هذا الحزن تحول إلى ابتسامة لطيفة ارتسمت على وجهها عندما أقبل زملاؤها وجلسوا بقربها. كان صوتها يختفي حيناً من الضحك عند وصف شعورها وهي تتردد على مدرسة للتعلم اللغة الألمانية. DW عربية اقتربت منها ومن زملائها لتتعرف على طموحات هؤلاء الطلاب وعن العوائق التي تقف في وجههم، خاصة وأن رحلة الاندماج تبدأ بتعلم اللغة.

مشاكل صحية

قطنة.غ، امرأة سورية في العقد الخامس من عمرها، تسكن في مدينة لايبزيغ الألمانية منذ حوالي سنتين، قدمت إلى ألمانيا لتكون بالقرب من أولادها الذين يعيشون في لايبزيغ منذ أعوام. وكحال جميع اللاجئين، فهي ملزمة بتعلم اللغة الألمانية وحضور "الدروس الطويلة والمتعبة" كما تصفها. فبالنسبة لسيدة أُميّة مثل قطنة، فإن تعلم اللغة وحضور الدروس هو "مأساة حقيقة"، وخصوصاً تعلم الكتابة الذي يمثل التحدي الأكبر بالنسبة لها كما أكدت. فضلاً عن الالتزام اليومي والجلوس لساعات طويلة ما يسبب لها آلاما في جسدها، مستحضرة المثل القائل "بعد ما شاب.. ودّوه الكتّاب".

السيدة قطنة والمعلمة مالفيناصورة من: DW/R. Dawa

"الرغبة في تعلم اللغة الألمانية موجودة"، هكذا تقول زميلتهما هلا.ع البالغة من العمر 59 عاما، غير أن الدروس اليومية إلى جانب المسؤوليات الأخرى تزيد من تعبها. لكن يبدو أن الوضع مختلف إلى حد ما بالنسبة لزوج السيدة هلا، السيد علي.م -66- سنة، الذي يحضر مع زوجته والسيدة قطنة الصف نفسه، حيث يتابع دروس اللغة باهتمام  وحماس كبيرين ويسجل كل الملاحظات. إذ يرى بأن اللغة الألمانية بالرغم من صعوبتها إلا أن تعلمها ضروري، وذلك لمتابعة الأوراق الرسمية التي لم يعهدوها في بلدهم سوريا، أو لمعرفة محتويات البريد المستمر، أو للتعرف على المجتمع الألماني أكثر من خلال العلاقات الاجتماعية.  وأكد علي أن معرفته البسيطة باللغة الألمانية قد مكنته من التواصل إلى حد ما في الوقت الحالي مع المجتمع الألماني، وكل هذا بفضل متابعته الخاصة للغة إلى جانب الدروس.

أعمار مختلفة.. وتحصيل متفاوت

قاطعت المدرّسة الحوار بطرافة حين جاء صوتها باللغة العربية المكسورة وبلكنة ألمانية واضحة :"يا الله يالله عالصف". وضحت المدّرسة مالفينا مودريتسكا المشاكل التي اشتكى منها طلاب صفها بأن السبب الرئيسي يعود لوجود طلاب من أعمار متفاوتة في الصف نفسه، وأكدت على أهمية مراعاة الفرق بين الشباب والكبار في السن، إذ تختلف قدرتهم على التحمل والتفاعل مع إيقاع الدروس بسبب النسيان والمشاكل الصحية الذي يؤدي إلى التغيب. وقالت :" بعد أن بدأنا بمستوى (A2) اكتشفت بأن الوضع كارثي، باستثناء طالبين أو ثلاثة فقط، فاضطررت بالاتفاق مع الإدارة أن نعيد المستوى السابق من جديد"، ثم أضافت: "ولكن الوضع تحسن كثيراً الآن.. وأحب عملي معهم لأنهم لطفاء جداً، وتعلمت بعض الكلمات العربية كما تعلمت قطنة الكتابة أيضاً".

خصص المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين دورات مجانية تصل إلى 1200 ساعة بالمجمل، قد تكون كافية للوصول إلى مستوى B1، غير أن تحصيل هذا المستوى خلال الساعات المحددة قد يكون أمراً غير ممكن لجميع الطلاب وخصوصاً الكبار في السن، وسط التغيب المتكرر لأسباب صحية وأخرى اجتماعية.

وشرحت سوسن الخطيب، مديرة الشؤون الإدارية في مدرسة(Lehmbangruppe)  أن وجود طلاب بأعمار مختلفة في الصف ذاته غير منصف بحق الطرفين، لأن الملاحظ أن الكبار في العمر بحاجة لوتيرة معينة في عملية التدريس، أي فيما يتعلق بالوقت ومدة الفاصل أثناء الدراسة، والإعادة والسرعة، لذلك لا يمكن أن يتابعوا مع شباب في العشرينيات مثلاً. وأكدت بقولها: "يجب تخصيص دورات لكبار السن، غير أن هذا القرار يجب أن يصدر عن المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين".

صف الأستاذ حسين النعيمات، لايبزيغصورة من: DW/R. Dawa

هموم ونسيان

في الصف المجاور مباشرة يدرّس الأستاذ حسين النعيمات مجموعة من الطلاب بفئات عمرية مختلفة أيضاً. أوضح الأستاذ حسين نقطة هامة، مفادها بأن الكبار يحضرون دروس اللغة ويقومون بأداء واجباتهم وهم في الحقيقة قد وصلوا لمرحلة التقاعد أي للراحة، بينما الآن يتوجب عليهم البداية مجدداً ومن نقطة الصفر. لذا فإن عملية تلقين اللغة يجب أن تستند كذلك على أسس اجتماعية وأخرى نفسية، مشيرا في الوقت ذاته إلى الجانب الصحي، فأجسامهم في هذه المرحلة لا تساعدهم كثيرا في إتمام هذه الدورات، فضلاً عن الهموم الشخصية والعائلية والصعوبات التي يواجهونها يومياً بمجرد خروجهم من بيوتهم، أو استلام "البريد الغامض"، مروراً بشراء المستلزمات المنزلية ومحاولة فك طلاسم اللغة الجديدة، والبحث عن سكن فضلاً على أن الكثيرين يتساءلون عن فرصهم وقدرتهم على العمل.

وضمن هذه الانشغالات والهموم كلها، سيكون النسيان أكثر حضوراً من الذاكرة. إذ قال الأستاذ حسين: "منذ مدة طلب مني أحد طلابي السماح له بتسجيل الدرس عن طريق كاميرا فيديو.. لأنه لا يتذكر من الحصة شيئاً عند وصوله إلى بيته". ويرى الأستاذ حسين أن الحل الأمثل سيكون بتخصيص دورات للكبار مخففة، مع الانتباه إلى الأوضاع الصحية لهذه الفئة من الطلاب والقادمين من مناطق الحروب، إذ  من الطبيعي أن يختلف مستوى التركيز والقدرة على تحمل فترات الجلوس الطويلة لمن يعاني من آلام الظهر والسكري والضغط وغيرها التي يعاني منها معظمهم. وهذه الفكرة أكدها العديد من الطلاب في صف الأستاذ حسين خاصة ممن يزيد أعمارهم عن الـ 50 عاما، كخالد داؤود، وعدنان حمي.

خالد داؤود وعدنان حمي، وطارق الخالدي.صورة من: DW/R. Dawa

أما طارق الخالدي البالغ من العمر 50 عاماً، والذي وصل إلى ألمانيا قادما من العراق بعد رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر، فقد أكد أن التركيز في تعلم اللغة الألمانية في الصف صعب جدا، بل غير مجد في الكثير من الأحيان، موضحا أنه من: "الأفضل الدخول مباشرة إلى سوق العمل، ربما من خلاله سأتعلم اللغة أفضل، كل ما يشغل تفكيري خلال الدرس هو كيفية الحصول على فرصة عمل وبأسرع وقت، لأنه مصدر الأمان في هذا البلد".

 

ريم ضوا

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW