1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دور الصفيح في الجزائر- سكانها جيران لبوتفليقة وغرباء في بلدهم

٤ ديسمبر ٢٠١٠

تواجه الحكومة الجزائرية معضلة دور الصفيح أو ما يعرف بالأحياء الهامشية التي يتوارث سكانها، أبا عن جد، ظروف حياة مريرة. إقدام بعض البلديات في الجزائر على هدم دور الصفيح فجَر غضب فئات اجتماعية مهمشة وكشف حقيقة معاناتها.

الشيخ بودادي وجاره حسان يتحدثان عن معاناة عمرها نصف قرن في دور الصفيحصورة من: DW

تعود معاناة بن حمدي بوداود الذي يسكن في حي الصفيح " ديسوليي" إلى عام 1956، ويعتبر حي"ديسوليي" أقدم حي صفيحي في الجزائر، ولم يهدم لحد الآن، بل وُعد أهله بالرحيل من حياة الجحيم منذ استقلال البلاد عام 62 من القرن الماضي، إلا أن هذا لم يحدث مع توالي السنين و تعاقب رؤساء البلديات، و يضيف بوداود في حوار مع"دويتشه فيله": "اتصلنا بكل المسئولين ووعدنا عشرات المرات دون جدوى، كما أنني و أحد أبناء حيي توجهنا إلى رئاسة الجمهورية عدة مرات و طرحنا قضيتنا مرات عديدة و لكن دون جدوى".

وأضاف بوداد قائلا:"بعد إلحاح شديد تم مدنا، قبل بضعة أشهر، بوثيقة موقعة من والي الجزائر العاصمة، يأمر فيها رئيس بلدية الحراش التي ننتمي إليها بمنحنا مساكن لائقة في العام 2011". ويقاطعه جاره، عمري حسان، قائلا: " كيف تصدقهم وهم قد كذبوا علينا منذ عشرات السنين؟ أنا أسكن مع اثني عشر فردا في غرفتين منذ عام 1964 ولم يكترثوا لحالنا رغم الزيارات العديدة التي قام بها موظفو إدارة الخدمات الاجتماعية".

معاناة يتوارثها الأحفاد عن أجدادهم

إحدى دور الصفيح التي أقيمت قريبا من مقر مكتب الرئيس عبد العزيز بوتفليقةصورة من: DW

وتحمل قصة الشيخ بوداد وجاره الكهل حسان، في طياتها ملامح المعاناة التي يواجهها عشرات الآلاف الذين يسكنون في دور الصفيح بضواحي الجزائر العاصمة وغيرها من كبريات المدن الجزائرية، ولا يبدو أن قرار الحكومة الجزائرية بالقضاء على أحياء دور الصفيح سيعالج مشاكل هؤلاء فهم لم يستحسنوا القرار، ويقولون أن من يهدم له كوخه لابد أن يعوض بمسكن لائق، إلا أن الحكومة ترد بالقول أنها "كلمة حق أريد بها باطل"، إذ لابد من معرفة هوية وأوضاع كل من بنا كوخا واحدا بواحد، ومعالجة المشكلة من منظور شامل.

ويسكن عمري وبوداود في حي ديسوليي الشعبي الذي يبعد عن وسط مدينة الجزائر بعشر كيلومترات، ويقع ضمن دائرة بلدية الحراش شرق العاصمة، ويبدو أن انعزال هذا الحي هو سبب سوء طالعه، إذ لا يراه من يزور العاصمة، كما أن موقعه يثير اهتمام الناس لإقامة خدمات أو تجارة أو ترفيه. ورغم ذلك فإن مأساة ساكنيه مستمرة منذ عام 56 من القرن الماضي، بعد أن جمعتهم السلطات الاستعمارية الفرنسية إبانها في حي واحد على اعتبار أنهم عرب مسلمون يشكلون خطرا على الأمن العام، و مع فجر الاستقلال توقع أهله أنهم سيخرجون من المحتشد الاستعماري إلا أنهم بقوا فيه ليروا أبناء أحفادهم.

ويعج هذا المحتشد الذي يضم ثماني مائة عائلة تعيش بجوار الأوساخ والقاذورات صباحا، وجموع الجرذان ليلا، كما أن بعض الأمراض الفتاكة تقض مضجع الكثير من العائلات، مثل عائلة عبد الرحمان الخضار، الذي تعاني بناته الثلاث من مرض غريب يجبرهن على أكل الذرة فقط طوال حياتهن، وإذا أكلن غير الذرة لوجب على والدهن تحمل مسؤوليته بسبب تعريضهن للموت، و لم يجد عبد الرحمان خضار أي حل لمرض بناته الغريب. وتنتشر أحياء دور الصفيح في ضواحي العاصمة الجزائر، وأحدها يوجد في بلدية القبة على هضبة مطلة على مكتب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.

معضلة تواجه الحكومة

ومن جهتها تقول الحكومة إنها "واعية تمام الوعي بما يحدث" ولذلك فقد قررت التحرك سريعا لهدم أحياء الصفيح، في العاصمة وفي غيرها، إلا أنها اصطدمت بمشاكل لا حصر لها، يعددها المحلل الاقتصادي رابح هوادف في حوار مع "دويتشه فيله": "أول هذه المشاكل نقص الأراضي الصالحة للبناء في العاصمة والمدن الكبرى، ما يعني إجبار الناس على قبول السكن في ولايات وأقاليم أخرى وهو ما قد يسبب غضب المواطنين وما يتبع ذلك من احتجاجات عنيفة، أما ثاني المشاكل فهو تواجد أكثر من عائلتين في الكوخ الواحد وقد وصل العدد إلى ثمان عائلات ما يعني أن على السلطات توفير السكن لهؤلاء جميعا كلا على حدة، و ليس إعادة جمعهم في شقة واحدة.

حي ديسوليي القصديري بإحدى ضواحي العاصمة الجزائرية، ويعود إلى فترة ما قبل استقلال الجزائر عام 1962صورة من: DW

وأضاف هوداف "هناك أيضا مشكلة المحتالين الذي أخذوا بيتا أو قطعة أرض في السابق ثم باعوهما وهاهم الآن يريدون الحصول على بيت جديد". وبرأي هوداف فإنه يتعين"تطوير شبكة المعلومات التي تتوفرعليها الدولة كي تقطع الطريق على المحتالين، و قد نجحت هذه الشبكة المعلوماتية في قطع الطريق على بعض المحتالين في مؤسسة البيع بالإيجار التي تقع في العاصمة الجزائرية".

ويتفق عدد من المحللين لظاهرة دور الصفيح مع رأي رابح هوادف، لكن حالة السيدة حورية غوجيل، تظهر التعقيدات التي تنطوي عليها مشكلة دور الصفيح، فقد هدم كوخ حورية مع كوخين آخرين، وتقع هذه الأكواخ المهدومة خلف مبنى رسمي تابع لبلدية القبة، وقد جر معه غضب العشرات من الشباب في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر /تشرين الماضي، فقطعوا الطريق و أحرقوا إطارات السيارات، وبعضهم لا زال في قبضة الأمن إلى وقت كتابة هذه السطور، بتهمة الإخلال بالأمن العام.

قصة هدم كوخ حورية

تتمثل قصة السيدة غوجيل في أنها طردت من بيتها من طرف زوجة والد زوجها، بعد أن تحولت ملكية البيت إلى غير من سكن فيه عشرات السنين، فوجدت نفسها في الشارع، و بعد أن طلبت العون من بلدية القبة دون جدوى، فلم تجد حلا غير بناء كوخ يقيها العراء هي و زوجها و أبناؤها السبعة.

لكن بلدية القبة قامت بهدم كوخ الأم وأبنائها السبعة، وعلمت "دويتشه فيله" أن رئيسة بلدية القبة، قد وعدت عائلات كثيرة مثل عائلة غوجيل بحل خلال الأشهر الستة المقبلة، بناء على وعود تسلمتها بدورها من الحكومة، وتقضي بأن يكون عام 2011 عام الفرج للجميع، بعد أن أمر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ببناء مليون وحدة سكنية أنجز الكثير منها لحد الآن.

زقاق ضيق يخترق دور الصفيح المكتضة في حي ديسوليي بالجزائرصورة من: DW

ويبدو أن وعد الحكومة لرئيسة بلدية القبة، يشبه وعودا كثيرة أخرى تلقاها رؤساء بلديات آخرين في كامل أنحاء البلاد، وينظر رسيما إلى الالتزام بهذه الوعود كسبيل للحفاظ على السلم المدني، والحفاظ على كرامة رؤساء بلديات مثل رئيسة بلدية القبة، التي تقول إنها مندهشة من شدة اللعن والشتائم التي تعرضت لها خلال الاحتجاجات، وهي التي كانت تُعدُ من إيقونات التلفزيون الجزائري، عندما يتعلق الأمر بحل المشاكل الاجتماعية.

هيثم رباني - الجزائر

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW