دور القطاع الخاص في التخلص من النفايات الصلبة
١٣ يناير ٢٠٠٥
يسعى العالم بمختلف دوله لإيجاد الحلول لمشاكل التخلص من النفايات الصلبة. وتعتبر بلدان أوروبا الغربية من الدول السباقة إلى إجراء التجارب والأبحاث الرامية للتوصل إلى حلول علمية وعملية لا تؤثر بشكل سلبي على المصادر الطبيعية التي تشكل أساس وجودنا. ويلعب القطاع الخاص دوراً أساسياً على صعيد تمويل وتنفيذ المشاريع المتعلقة بذلك.
مشكلة تمويل المشاريع
تريد الدول العربية من جهتها الاستفادة من الخبرات العالمية، لاسيما الأوروبية منها على صعيد توكيل القطاع الخاص بمهام جمع ونقل ومعالجة النفايات الصلبة. غير أن المشكلة تكمن في عدم توفير الشروط اللازمة لبناء وتجهيز وتشغيل المشاريع اللازمة لذلك حتى الآن. والقضية هنا لا تتعلق فقط بنقل التكنولوجيا فقط وإنما بتوفير الأطر القانونية والمالية لتشغيل وصيانة وتحديث المنشآت. ويبرز في مقدمتها وضع مواصفات وشروط خاصة بطرق المعالجة وتحديد المسؤوليات وضمان آليات جمع ضرائب ورسوم النظافة اللازمة لعمليات التمويل. ويعتقد الخبراء أن القضية الأخيرة هي الأصعب سيما وأن معظم الناس في البلدان العربية تتهرب من دفعها على أساس أن ذلك من مسؤوليات الدولة حصراً. غير أن هؤلاء ينسون أن توفيرها يخلق فرص عمل كثيرة متنوعة تشمل الكثيرين. ففي ألمانيا مثلاً تشغّل مشاريع معالجة النفايات التابعة للقطاع الخاص أكثر من مائتي ألف شخص.
تجربة أوروبا الغنية
تملك أوروبا تجربة غنية في مجال البحث عن حلول للتخلص من النفايات الصلبة. فقد بدأت في بالبحث عن الحلول المثلي في هذا المضمار منذ أكثر من ستة عقود. ولتسهيل القيام بذلك أصدرت دولها أكثر من 3000 قانون تم بموجبها تصنيف المخلفات حسب مصادرها وخطورتها وطرق معالجتها. إضافة لذلك صدرت في ألمانيا أواسط تسعينيات القرن الماضي قوانين تمنع طمر النفايات التي تحوي على أكثر من 5 بالمئة مواداً عضوية على أساس أن يتم تنفيذها بحلول عام 2005. وفي هذا السياق تم إدخال نظام فصل النفايات في الصناعة والمنازل بهدف خفض نسبة المواد التي تحتاج إلى حرق أو طمر. وبناء عليه يتم تقسيمها وفصلها إلى مواد عضوية لتصنيع الأسمدة وإعادة تصنيع الورق والزجاج والمعادن ومواد البناء. أما المواد التي لا يمكن فصلها وإعادة تصنيعها فيتم طمر القسم الأكبر منها في مطامر بعضها مصمم حسب المقاييس والشروط العالمية وبعضها الأخر لا يفي بها. وهناك قسم من النفايات يتم حرقه في محارق بيئية خاصة. وتكمن المشكلة الرئيسية في المطامر التي لا تحقق المواصفات المطلوبة بسبب الأضرار التي تسببها للبيئة. فعدم تحقيقها لهذا المواصفات لا سيما من جهة العزل الجيد يؤدي إلى تسرب المواد الملوثة للتربة والمياه الجوفية.
الاستفادة من التجرية عربياً
يرتبط التخلص من المخلفات الصلبة بجملة عوامل وقواعد على علاقة بالوضع السياسي والقوانين والإدارة والنظم المالية ومستوى التطور التكنولوجي. وتعاني معظم دول العالم بما فيها بلدان أوروبا من خلل في توفير هذه العناصر بالشكل المطلوب. وبدورها تعاني الدول العربية وخاصة مدنها الكبيرة من نقص كبير على هذا الصعيد. ولهذا السبب يوجد مشاكل كبيرة في مدنها على صعيد إدارة وتنفيذ عملية التخلص من النفايات الصلبة. ومن أجل التخفيف من هذه المشاكل يمكن للبلدان العربية الاستفادة بشكل انتقائي من تجارب وخبرات الدول الأوروبية. ويبرز في مقدمتها إضافة لتلك المتعلقة بالقوانين والأطر التي تنظم عمليات الإنشاء والتمويل والتشغيل تلك التي تحدد آليات التنفيذ. فقد يحدث أن تصدر هذه الدولة او تلك قوانين جيدة غير أن عوامل عديدة وفي مقدمتها التعقيدات البيروقراطية تعيق عملية التنفيذ. وفي حال تم تكليف القطاع الخاص بمشاريع فإنه يُنصح بالمنشآت التي تؤدي الغرض المطلوب منها. ومما يعنيه ذلك أنه ليس المطلوب منشآت باهظة الكلفة تعمل باستطاعات تفوق الحاجة ولا أخرى رخيصة الثمن وكثيرة الأعطال ولا تؤدي الغرض المطلوب منها. وبذلك يمكن تجنب الكثير من الأخطاء التي حدث في مجال بناء محطات فرز عملت لفترة قصيرة ثم توقفت عن العمل.
الدكتور المهندس عبدالله نصور
جامعة روستوك
abdallah.nassour@auf.uni-rostock.de