1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دولة جنوب السودان الجديدة بعيون شمالية

٧ يوليو ٢٠١١

تتباين الآراء وتختلط المشاعر في الخرطوم إزاء إعلان دولة جنوب السودان، وبينما يتخوف البعض من التحديات التي تواجه الجنوب ويحزن البعض لتقسيم البلاد، ينظر آخرون بتفاؤل لمستقبل الدولة الوليدة وللعلاقات بين الشمال والجنوب.

بينما يريد الجنوبيون الاحتفال بانفصالهم عن الشمال، لم يستوعب الشماليون بعد حقيقة الأمرصورة من: picture alliance/dpa

ساعات معدودة تفصلنا عن حدث إعلان دولة جنوب السودان، في التاسع من يوليو/تموز الجاري، بعد أن صوَّت الجنوبيون في الاستفتاء الأخير بنسبة 98 بالمائة لصالح خيار الانفصال، ليتمكنوا أخيراً من إقامة وطنهم الذي حلموا به وعملوا من أجله منذ ستين عاماً. وبين الجنوب والشمال، تتباين الآراء وتختلط المشاعر إزاء هذا الحدث.

فى الجنوب، من المتوقع إقامة احتفالات شعبية صاخبة في الشوارع العامة، خصوصاً أن حكومة الجنوب كانت قد منعت المواطنين من الاحتفالات الصاخبة بعد إعلان نتيجة الانفصال، وطلبت منهم إرجاء الاحتفالات لحين إعلان الدولة رسمياً. أما في الشمال، فإن الموقف يختلف، إذ يبدو أن الشماليين حتى الآن لم يستوعبوا بعد، حقيقة انفصال الجنوب وإعلان دولته.

اختلاط الحزن بالفرح ومخاوف من فقدان الأصدقاء من الجنوب

هند عثمان تخشى أن تفقد أصدقاءها من الجنوبصورة من: DW

هند عثمان، الطالبة بجامعة الخرطوم، بدت مذهولة وهى تتحدث لدويشته فيله مؤكدة أنها لم تستوعب حتى الآن حقيقة انفصال الجنوب عن الشمال، وقالت إن إعلان دولة الجنوب رسمياً يعنى بالنسبة لها فقدانها لزميلات عزيزات وزملاء أعزاء من جنوب السودان، شاركوها مقاعد الدراسة بالجامعة طيلة أربع سنوات. وأضافت: "هذا يعنى، ببساطة، إنني لن أتمكن من التحدث مع ربيكا وإميلدا وشول وديفيد، زملائي في الجامعة، مثلما كنت أفعل في السابق" . إلاَّ أن هند تعزت بوجود وسائل اتصال حديثة سوف تمكنها من التواصل مع أصدقائها وزملائها من الجنوب عبر الفيسبوك والهواتف النقالة.

ولم يبتعد سامي صلاح، الطالب بجامعة جوبا، كثيراً عن حديث هند ، إذ أعرب عن اعتزازه بصداقة دامت سنوات مع زملاء شاركوه مقاعد الدراسة بالجامعة من جوبا وملكال ويامبيو ومريدى، إلاَّ أن سامي قال إنه أكثر فرحاً لأصدقائه من الجنوبيين الذين حلموا بهذه اللحظة التاريخية منذ سنوات طويلة.

أما بالنسبة للتقي محمد عثمان، الإعلامي المتخصص في الشأن الجنوبي، فإن اللحظة عبارة عن اختلاط للحزن بالفرح. ويفسر عثمان حالة الحزن لديه بعدم حفاظ السودانيين على وطنهم واحداً موحداً. أما سبب فرحه فهو أن الجنوبيين سيتمكنون، أخيراً، من إقامة وطنهم الذي حلموا به وعملوا من أجله لستين عاما، وصوتوا لانفصاله بنسبة 98 بالمائة في الاستفتاء الأخير.وهذا الأمر يجعله يفكر مع آخرين في مستقبل السودان، بما فيه من تعدد إثني وديني، يحتاج حسب عثمان، إلى انتباه ويقظة لكي لا تتشظى منه أجزاء أخرى.

تحديات كبيرة أمام دولة الجنوب

من جانبه يدفع إدريس آدم، بائع أحذية بسوق الخرطوم، بوجهة نظر أخرى، تؤكد أن دولة الجنوب لن يكتب لها النجاح في ظل التوترات الأمنية التي يشهدها الجنوب. وقال آدم لدويتشه فيله إن الجنوبيين غير متفقين فيما بينهم وإن المواطنين الجنوبيين سوف ينزحون إلى الشمال عند إطلاق أول طلقة بين الجيوش والمليشيات المتناحرة، حسب قوله. ويضيف آدم أن الشمال سوف يستقبلهم بصدر رحب إذا ما حدثت مشاكل بينهم، إلاَّ أنه يتمنى أن تشهد دولة الجنوب استقراراً وينعم المواطن الجنوبي بالأمن.

بائع الأحذية إدريس آدم لا يتوقع نجاح دولة الجنوبصورة من: DW

ويوافق الباحث المهتم بالشأن الجنوبي، حسن بركية، جزئياً على هذا الرأي فهو يرى أن دولة الجنوب الوليدة ستواجه العديد من المشاكل والعقبات، ويوضح وجهة نظره قائلاً إن العداء والموقف تجاه الشمال كان قاسما مشتركا يوحد كل الجنوبيين رغم تباينهم، لكنهم الآن بحاجة لخطاب مشترك يوحدهم. ويكشف بركية عن تحديات كثيرة سوف تواجه دولة الجنوب الوليدة، أبرزها تحدي بناء دولة من مرحلة (الصفر) في غياب شبه تام للبنى التحتية .

إلاَّ أن بركية يجد أمام الجنوبيين فرصة تاريخية لبناء دولة ديمقراطية تكون أنموذجا في المنطقة، وهو يعتقد أن قادة الجنوب قادرين علي بناء هذه الدولة الديمقراطية، خاصة في ظل الدعم الدولي الكبير المتوقع أن تحظى به الدولة الجديدة.

ويتهم الباحث المهتم بالشأن الجنوبي بعض الكتاب والصحفيين الذين دفعوا بقراءات وتقارير تتحدث عن مستقبل دولة الجنوب الفاشل بعدم المصداقية، إذ يقول إن أغلب هذه القراءات غير دقيقة ولا تعكس الواقع حيث تجنح إلي تهويل المشاكل والصراعات الموجودة.

"هناك تهويل في توقع فشل مستقبل الجنوب"صورة من: DW

ويؤكد بركية على فاعلية الاتفاق الأخير بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني بأديس أبابا والذي تقرر فيه خلق منطقة عازلة بين الشمال والجنوب بمراقبة دولية وقال إن هذا الاتفاق قد يسهم في تهدئة الأوضاع في الجنوب وخاصة أن كل المليشيات المتمردة على حكومة الجنوب تتمركز في جنوب الشمال وشمال الجنوب وتتلقي الدعم والتمويل من الشمال. وأضاف أن من مصلحة الشعبين إقامة علاقات ودية تستجيب لمصالح الدولتين لأن القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة، حسب رأيه، أكبر من كل دعوات "قرع طبول الحرب".

ويتوقع بركية أن تظل العلاقة بين الشعبين جيدة رغم كل المناوشات والتراشقات الحالية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ،ورغم سعي "بعض الجهات المتطرفة في المؤتمر الوطني" إلي جر البلاد مرة أخري إلى مربع الحرب. ويقول في هذا السياق إن هذه المحاولات مصيرها الفشل لأن الحرب، في رأيه، وسيلة مجربة ولم تحل أيه قضية وبل جلبت الويلات والمآسي وقضت علي الأخضر واليابس.

عثمان شنقر- الخرطوم

مراجعة: سمر كرم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW