دولت بهتشلي.. مجرد حليف لأردوغان أم صاحب القرار الأمني؟
١٤ أبريل ٢٠٢١
يثير موقع دولت بهتشلي في السياسة التركية انقساماً بين من يصفه بصانع ملوك ومن يقول إنّه صاحب القرار في مجال السياسات الأمنية، فيما يرى مراقبون أنّه رجل الكواليس الذي يحرّك حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.
إعلان
هو رئيس الحركة القومية، ليس موجوداً في الحكومة ولم يحظ حزبه إلا بنسبة 11% في انتخابات 2018، ولكنّ تأثيره كبير خصوصا في مسائل على غرار التشدد في وجه المعارضة المساندة للأكراد والسياسة الخارجية المتصلبة.
وفي ظل تآكل شعبية الرئيس التركي على خلفية المصاعب الاقتصادية، قد يحتاج أردوغان إلى دعم دولت بهتشلي وحزبه أكثر من أي وقت مضى للفوز بولاية رئاسية ثالثة.
"رجل الشعب" الغامض
يظلّ هذا الرجل الذي يحب الظهور في صورة "رجل الشعب"، لغزاً بالنسبة إلى كثيرين رغم وجوده على رأس حزب الحركة القومية منذ عام 1997.
ويتعرّض أردوغان من منتقديه إلى اللوم لأنّهم يعتقدون أنّه اتجّه كثيراً إلى اليمين بسبب الاستسلام، كما يقولون، لابتزازات رئيس الحركة القومية الانتخابية، بما في ذلك منحه امتيازات لا تحظى بشعبية.
وعندما تفاقمت الأزمة الوبائية العام الماضي، حظي بهتشلي بإطلاق سراح رجل قريب منه وهو من كبار شخصيات المافيا في سياق عفو عن بعض السجناء.
ويقول إدريس شاهين، أحد قادة حزب العدالة والتنمية سابقاً ونائب رئيس حزب "ديفا" المعارض حالياً، إنّه منذ 2016 "تحدد رؤية السيّد بهتشلي مسار سياسات حزب العدالة والتنمية".
لا يشغل "الحركة القومية" مناصب وزارية، بيد أنّ وزير الداخلية النافذ سليمان صويلو يعدّ من المفضلين لدى قيادات هذا الحزب. وحينما أراد صويلو الاستقالة العام الماضي وسط انتقادات لإدارته أوّل إغلاق جزئي في البلاد لمواجهة تفشي فيروس كورونا، سارع بهتشلي وحزبه إلى مساندته. لكن أردوغان رفض الاستقالة، وخرج وزير الداخلية من الأزمة أقوى من ذي قبل.
وكان الزعيم القومي قد قاد حملة لإقرار هذا الحظر وتمّ الإعلان عن بدء المسار القضائي عشية مؤتمر حزبه، في خطوة فسّرها معارضون على أنّها "هدية" من أردوغان إلى شريكه القومي.
وقال الباحث السياسي بوراك بيلغيهان أوزبك إنّ حزب الحركة القومية يعمل كـ"مجلس أمن قومي" جديد، في إشارة إلى المؤسسة النافذة التي كانت تقرر في المسائل الأمنية والدفاعية لتركيا، مضيفا أن "حزب الحركة القومية يحدد إطار سياسة الأمن القومي. بهتشلي يقرر من سيصنّف إرهابياً".
اختلافات رغم التلاقي
رغم ذلك، فإنّ حزبي العدالة والتنمية الآتي من خلفية إسلامية محافظة والحركة القومية الراسخة في أقصى اليمين، يختلفان حول نقاط عدة وثمة أمور لا يقرّر بهتشلي بشأنها. فهو مثلاً أراد إعادة القسم القومي في المدارس الذي ألغاه أردوغان عام 2013، ولكن دون جدوى.
وكان "تحالف الشعب" اسم الائتلاف غير الرسمي لحزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية، قد تعذّر إنشاؤه إلى أن بدّل دولت بهتشلي رأيه بشأن النظام الرئاسي العزيز على أردوغان، بعدما كان يعارضه في البداية.
ويعتبر الباحث ارك ايسين أنّ مساندة حزب الحركة القومية للنظام الرئاسي أتاح أمام كثر من أنصارها الدخول إلى الوظائف العامة.
ولكن في المقلب الآخر، يتساءل دبلوماسيون غربيون عما إذا كان بهتشلي شريكاً وازناً لأردوغان أو عبئا عليه. فبعدما أقصى حلفاءه السابقين، بمن فيهم الليبراليون القريبون للغرب، لم يبق من حوله سوى القوميين المتشددين.
بيدَ أن إيسين يعتبر أنّ للرئيس التركي الكلمة الأخيرة دائماً، مضيفاً "لا أعتقد أنه يمكن إجباره على اتخاذ تدابير لا يريدها". وهذا ما يوافق عليه أيضاً بيلغيهان أوزبك. وقال إن رئيس الحركة القومية "لا يمكنه لعب هذا الدور إلا إذا سمح له أردوغان بذلك"، مضيفاً "يمكنه تولي دور مجلس الأمن القومي لأن أردوغان يستفيد منه".
إ.ع/خ.س (أ ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP