توصلت الدول المصدرة للنفط (أوبك) مساء الأربعاء في الجزائر إلى "اتفاق تاريخي" لتخفيض إنتاج النفط من أجل دعم الأسعار التي تراجعت منذ فترة طويلة بسبب العرض المفرط في الأسواق.
إعلان
توصلت الدول المصدرة للنفط مساء أمس الأربعاء (28 سبتمبر/أيلول 2016) في الجزائر إلى "اتفاق تاريخي" لتخفيض إنتاج النفط من أجل دعم الأسعار التي تراجعت منذ فترة طويلة بسبب العرض المفرط في الأسواق.
وفي ختام اجتماع استمر حوالى ست ساعات ومشاورات استغرقت أسابيع، أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مساء الأربعاء أنها قررت خفض إنتاجها إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، بينما كان الإنتاج يبلغ 33.47 مليون برميل في آب/اغسطس الماضي، حسب وكالة الطاقة الدولية. وهو أكبر خفض في الإنتاج منذ الخفض الذي أقر بعد انخفاض الأسعار خلال أزمة 2008. وقال وزير الطاقة القطري محمد بن صالح السادة الذي يرأس الاجتماع، في مؤتمر صحافي إن "الاجتماع كان طويلا جدا لكنه تاريخي". وأضاف أنه مع أن السوق تصدر "إشارات إيجابية" وخصوصا تراجع في المخزونات وطلب ثابت، "علينا تسريع إعادة التوازن الى السوق".
انهيار سعر النفط.. يخلط أوراق اقتصاديات الدول المنتجة
يستمر سعر برميل النفط بالانخفاض. وتتسبب توقعات تعثر النمو الاقتصادي العالمي وطفرة في الإنتاج منذ أكثر من عام في انتشار أجواء انعدام الثقة التي قلصت بقوة من عائدات بعض الدول النفطية.
صورة من: picture-alliance/dpa
عارضت العربية السعودية قبل فترة وجيزة تقليص كميات إنتاج البترول لمواجهة المنافسة الأمريكية والخصم إيران. لكن ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم يواجه هو الآخر وضعا صعبا. وصندوق النقد الدولي حذر من عجز كبير في الميزانية. والآن تريد السلطات السعودية إدراج ضرائب وإلغاء دعم بعض المواد الاستهلاكية والكهرباء.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Grimm
من كان يتوقع ذلك؟ النرويج الغنية تشكو هي الأخرى من تدني سعر البترول. فالبترول من بحر الشمال جعل من بلد زراعي فقير إحدى أغنى دول العالم. لكن النرويج بدأت تغير سياستها في التركيز على النفط والغاز، وباتت تهتم أكثر باستغلال خيرات البحر من السمك.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Hagen
روسيا لا تئن فقط تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الغربية بل حتى بسبب نزول سعر النفط. في 2015 انخفضت القوة الاقتصادية في إمبراطورية فلاديمير بوتين بنحو 4 في المائة. والتداعيات هي انخفاض مستوى الأجور، والروبل فقد نصف قيمته أمام الدولار، والتوقعات ليست جيدة بالنسبة إلى 2016.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Druzhinin
نيجيريا هي أكبر منتج إفريقي للنفط. وكان الرئيس الجديد قد أعلن عن نيته رفع مستوى النفقات الحكومية، وهو وعد قد لا يتحقق بسبب تدني الأسعار. والعديد من مشاريع البنية التحتية تظل جامدة. ويدر قطاع النفط ثلاثة أرباع عائدات البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
ليس فقط نيجيريا، بل العديد من الدول الأخرى تبني حساباتها على أسعار مرتفعة للنفط والنتيجة هي عجز في الميزانية. فمنذ منتصف 2014 تراجع سعر النفط بنحو 75 في المائة. ولا يتوقع خبراء عودة الأسعار إلى المستويات السابقة التي تعدت 120 دولارا للبرميل.
تعتزم إيران عرض نصف مليون برميل إضافية يوميا على سوق النفط بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها. وبذلك توجه إيران لنفسها ضربة موجعة، لأن الكمية المتزايدة تضغط على السعر نحو الأسفل. لكن إيران ترى سببا آخر لتراجع أسعار النفط، وهي سياسة خصمها العربية السعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Taherkenareh
الدول الخليجية الغنية بالنفط مثل العربية السعودية وقطر وعمان والإمارات العربية المتحدة ما تزال تمتلك صناديق حكومية كبيرة. لكن دول الخليج الست تعاني مشتركة من عجز في الميزانية يصل إلى 260 مليار دولار، حسب بعض التوقعات.
صورة من: M. Naamani//AFP/Getty Images
فنزويلا تمتلك أكبر احتياطي للنفط في العالم، ومولت الحكومة الاشتراكية طوال سنوات برامجها الاشتراكية بعائدات النفط، والآن أعلن الرئيس نيكولا مادورو مواجهة البلاد لأزمة اقتصادية. ويتزامن تراجع سعر النفط مع تراجع شعبية مادورو.
صورة من: Reuters
بفضل تقنية استخراج النفط الصخري تحولت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكبر منتج للنفط في العالم. لكن السعر المنخفض يجعل هذه التقنية غير مربحة. وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة في العالم. ويستغل الناس هذه اللحظة لاقتناء سيارات كبيرة، وذلك يؤثر سلبا على البيئة.
صورة من: picture-alliance/dpa
9 صورة1 | 9
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه الذي اختلف مرارا مع السعودية في الاجتماعات السابقة: "اتخذت أوبك قرارا استثنائيا اليوم... فبعد سنتين ونصف السنة توصلت أوبك إلى توافق على إدارة السوق."
وستناقش طرق تطبيق الاتفاق خلال قمة المنظمة في فيينا في 30 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وستشكل خصوصا لجنة عليا لتحديد مستويات الإنتاج التي يمكن أن تطبق على كل بلد. وهذه اللجنة ستبدأ حوارا مع الدول الكبرى غير الأعضاء في أوبك، ولا سيما روسيا ثاني بلد منتج للنفط في العالم، من أجل المشاركة في جهود إعادة توزان الأسواق.
وكانت موسكو عبرت عن تأييدها لتجميد إنتاجها عند مستواه القياسي الذي سجل في أيلول/سبتمبر.
من جانبه، عبر وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة عن ارتياحه للاتفاق، وقال إن "أوبك اتخذت اليوم قرارا تاريخيا". وأضاف أن قرار "أوبك يسمح للمنظمة باستعادة وظيفة المراقبة للسوق النفطية وهي الوظيفة التي فقدتها منذ مدة طويلة". وأضاف أن "هذا القرار اتخذ بالإجماع ومن دون تحفظ"، موضحا أن الاجتماع غير الرسمي تحول إلى جلسة استثنائية للمنظمة لإتاحة إمكانية اتخاذ قرار.