أوروبا والصين تتحديان واشنطن بخطة لإنقاذ اتفاق نووي إيران
٦ يوليو ٢٠١٨
تسعى الدول الأوروبية الراعية للاتفاق النووي مع إيران إلى جانب الصين إلى إنقاذه عبر خطة تدعم الاقتصاد الإيراني رغم العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب على طهران بينها التضييق على بيعها نفطها وغازها دوليا.
إعلان
تلقت إيران الجمعة (السادس من تموز/ يوليو 2018) دعم القوى الخمس الكبرى الموقعة على الاتفاق النووي (روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) التي أكدت حق طهران في تصدير نفطها، وفي أن تستمر طرفا في التجارة الدولية، رغم التهديدات الأميركية بإعادة فرض عقوبات عليها. جاء ذلك في ختام اجتماع للدول الخمس مع وزير الخارجية الإيراني عقد في العاصمة النمساوية فيينا.
والتقى وزراء خارجية الدول الكبرى الخمس الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران بفيينا مع نظيرهم الإيراني للمرة الاولى منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق. وحددوا معا خارطة طريق لإنقاذ الاتفاق التاريخي الذي وقع في تموز/ يوليو 2015، ولمحاولة إبقاء طهران فاعلة في النظام التجاري والمالي الدولي.
ومن بين 11 هدفا أعلن الوزراء الجمعة عزمهم على تحقيقها، يؤكد الهدف الأول على "استمرار صادرات الغاز والنفط الإيرانيين"، في وقت طلبت فيه واشنطن من كافة الدول الوقف التام لوارداتها من النفط الإيراني بحلول الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
وسيكون رافضو القرار الاميركي عرضة للعقوبات التي ستعيد فرضها واشنطن على كافة الشركات التي تتعامل مع إيران.
وإثر الاجتماع أشاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "بإرادة سياسية لمقاومة" الولايات المتحدة، أبداها شركاء الاتفاق النووي. وقال ظريف "ما لاحظته خلال هذا الاجتماع أن جميع الأعضاء، حتى الحلفاء الثلاثة (لواشنطن أي برلين وباريس ولندن) تعهدوا، ولديهم الإرادة السياسية لاتخاذ إجراءات ومقاومة الولايات المتحدة" التي انسحبت من الاتفاق النووي في أيار/ مايو.
لكن الدول الموقعة على البيان لم تحدد الوسائل العملية لرفع هذا التحدي، في وقت بدأ شبح العقوبات الاميركية يدفع مستثمرين أجانب إلى مغادرة إيران. وتعمل الدول الأوروبية التي أكدت تمسكها بالاتفاق، على أن تستمر إيران في التزامها بالاتفاق الذي تعهدت بموجبه بعدم حيازة سلاح نووي.
وكانت واشنطن طلبت إثر انسحابها في أيار/ مايو 2018 من الاتفاق الموقع في 2015، من كافة الدول الوقف التام لوارداتها من النفط الإيراني بحلول الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر اذا رغبت في تفادي العقوبات الأميركية.
فيما أكد المشاركون في الاجتماع أنهم يريدون، علاوة على دعم صادرات النفط الإيراني، "الحفاظ والإبقاء على قنوات مالية فاعلة مع إيران، واستمرار عمليات التبادل بحرا وبرا وجوا وعبر السكك الحديد، وتطوير تغطية الائتمان عند التصدير، ودعم واضح وفاعل للمشغلين الاقتصاديين الذين يتاجرون مع إيران (...) وتشجيع الاستثمارات الجديدة في إيران، وحماية المشغلين الاقتصاديين لجهة استثماراتهم وأنشطتهم المالية في إيران".
من جانبه، اعتبر الوزير الإيراني أنها "المرة الأولى التي يعبرون فيها عن مثل هذا الالتزام وفي هذا المستوى، لكن يجب أن نرى في المستقبل (ما إذا كان هناك فارق) بين ما يريدون فعله وما يمكنهم فعله". وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قال الخميس إنه يعتبر العرض الأوروبي غير كاف.
في المقابل قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قبل اجتماع الجمعة "نقدم عرضا نرى أنه مثير للأهتمام". وأضاف ماس "لن يكون هذا اللقاء الأخير" بين إيران وشركائها، مع إقراره بأن الأوروبيين "لا يمكنهم تعويض كل شيء".
وكان نظيره الفرنسي جان ايف لودريان اعتبر قبل الاجتماع أن صياغة مقترحات ملموسة سيتطلب بضعة أشهر.
جدير بالذكر أن إيران تملك ثاني أكبر احتياطي عالمي من الغاز بعد روسيا، ورابع احتياطي عالمي من النفط.
وقال روحاني خلال زيارة هذا الأسبوع لسويسرا إن الولايات المتحدة لن تستطيع أبدا منع إيران من تصدير نفطها واصفا إعلان الخارجية الأميركية بأنه "محض خيال".
ح.ع.ح/ع.خ(أ.ف.ب)
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة