دول الاتحاد الأوروبي تتفق على حزمة مشددة من إجراءات اللجوء
علاء جمعة ا ف ب
٨ ديسمبر ٢٠٢٥
في خطوة تعكس تنامي نفوذ اليمين داخل أوروبا، وافقت أغلبية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل على حزمة تشريعات جديدة تشدد سياسة الهجرة، وتفتح الباب لإرسال مهاجرين إلى مراكز عودة في دول ثالثة تعتبرها بروكسل "آمنة".
وزراء الداخلية أقرّوا خلال اجتماعهم في بروكسل ثلاثة نصوص رئيسية قدمتها المفوضية الأوروبية لتنظيم وصول المهاجرين وكيفية إعادتهم ومقترحات لإنشاء "مراكز عودة" في دول خارج الاتحاد صورة من: Petros Giannakouris/AP/picture alliance
إعلان
صادقت دول الاتحاد الأوروبي على تشدد واضح في سياسة الهجرة، في قرار يمهّد لإرسال مهاجرين إلى مراكز خاصة خارج حدود التكتل. وحظيت هذه الخطوة بتأييد واسع بين الدول السبع والعشرين، بدفع من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، لكنها لا تزال بحاجة إلى موافقة البرلمان الأوروبي لتصبح نافذة.
وزراء الداخلية في دول الاتحاد أقرّوا خلال اجتماعهم في بروكسل ثلاثة نصوص رئيسية قدمتها المفوضية الأوروبية لتنظيم وصول المهاجرين وكيفية إعادتهم. وتتيح هذه النصوص إنشاء "مراكز عودة" في دول خارج الاتحاد يُرسَل إليها المهاجرون الذين رُفضت طلبات لجوئهم، وتشديد العقوبات على من يرفضون مغادرة الأراضي الأوروبية ، عبر إطالة فترات الاحتجاز، إضافة إلى إمكانيةنقل مهاجرين إلى دول لا يتحدرون منها لكنها تُصنَّف أوروبيا على أنها "آمنة".
غضب أحزاب اليسار
المفوض الأوروبي ماغنوس برونر، الذي يقف خلف تشديد هذه التدابير، برر الخطوات الجديدة بالقول إن على الاتحاد أن يظهر لمواطنيه أنه قادر على "ضبط الوضع" في ملف الهجرة غير النظامية، معتبرا أن تحقيق تقدم في هذا الملف ضروري للحفاظ على ثقة الرأي العام.
في المقابل، أثارت هذه التوجهات غضب أحزاب اليسار ومنظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين ، التي ترى أن الإجراءات الجديدة تهدد حقوق الإنسان وتوسع دائرة الهشاشة القانونية. سيلفيا كارتا من منظمة "بيكوم" غير الحكومية المعنية بالمهاجرين غير النظاميين، انتقدت المسار الأوروبي قائلة إن الاتحاد بدلا من الاستثمار في الحماية والإدماج، يختار سياسات قد تدفع مزيدا من الأشخاص إلى المخاطر القانونية والإنسانية.
وجاء تسريع العمل على هذه الحزمة تحت ضغط من الدنمارك التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وتدعو منذ سنوات إلى تشديد الرقابة على الهجرة. وأكد دبلوماسي أوروبي أن النقاشات في عواصم الاتحاد تتقدم "بسرعة كبيرة"، مشيرا إلى وجود "إرادة سياسية مشتركة على نطاق واسع" بين معظم الدول الأعضاء للمصادقة على المقترحات الجديدة.
إعلان
تشديد الأجراءات على الحدود
مع ذلك، لا تزال بعض العواصم متحفظة. ففرنسا تطرح تساؤلات قانونية وعملية حول جدوى بعض التدابير، بينما تبدي إسبانيا شكوكا خاصة بشأن فكرة "مراكز العودة" في دول ثالثة، مستندة إلى تجارب سابقة لم تحقق نجاحا حقيقيا. وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا أقر بأن الدفاع عن هذا الموقف يصبح أكثر صعوبة في ظل الضغوط المتزايدة من شركاء أوروبيين يدفعون باتجاه تشديد أكبر.
تحظى هذه الحزمة بدعم واضح من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، التي تحالفت في البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي لمنحها موافقة مبدئية، ما يزيد الضغوط على القوى السياسية المتحفظة ومعارضي المشروع.
إلى جانب تشديد الإجراءات على الحدود، يناقش الاتحاد الأوروبي أيضا نظاما جديدا لتوزيع طالبي اللجوء بين الدول الأعضاء. ويهدف هذا النظام إلى تخفيف العبء عن دول الخط الأمامي لمسارات الهجرة، مثل إيطاليا و اليونان، من خلال إلزام دول أخرى باستقبال حصص من طالبي اللجوء على أراضيها. الدول التي ترفض استقبال هؤلاء سيكون عليها دفع مساهمة مالية قدرها عشرون ألف يورو عن كل طالب لجوء، تُحوَّل إلى الدول التي تتحمل العبء الأكبر.
المفاوضات حول هذا النظام مستمرة منذ أسابيع وشهدت عدة انتكاسات، خاصة في ظل تجاذبات سياسية داخلية في عدد من الدول. وبحسب مسؤول أوروبي، لا يرغب إلا عدد قليل من وزراء الداخلية في إعلان استعدادهم علنا لاستقبال آلاف من طالبي اللجوء، ما يعقّد الوصول إلى صيغة نهائية.
ورغم الخلافات، يواجه الاتحاد الأوروبي سباقا مع الزمن للتوصل إلى اتفاق بشأن توزيع آلاف طالبي اللجوء قبل نهاية العام، في وقت يُتوقع أن تستمر المعركة السياسية والقانونية حول مشروعية نقل المهاجرين إلى مراكز في دول خارجية وما يترتب على ذلك من التزامات حقوقية وإنسانية.
تحرير: عبده جميل المخلافي
حياة المهاجرين البائسة في "كاستل فولتورنو" الإيطالية
في وقت سابق جسّدت مدينة "كاستل فولتورنو" الحلم بمستقبل أكثر إشراقا لهذه المنطقة المهملة في جنوب إيطاليا. أما اليوم فتواجه المدينة مشاكل كثيرة في مقدمتها الهجرة غير النظامية وقلة الخدمات العامة والحرمان منها.
صورة من: DW/V. Muscella
من حلم إلى بؤس
نشأت "كاستل فولتورنو" في الستينيات كمدينة ساحلية للطبقة الوسطى في منطقة نابولي. وقد امتدت لمسافة 27 كيلومترًا على طول شاطئ البحر الأبيض المتوسط، دون أي تخطيط حضري لها. عام 1980 أصبحت المدينة ملجأً للذين فقدوا مأواهم بسبب زلزال في منطقة إربينيا القريبة منها. مؤخرا تحول السياح إلى مناطق بحرية أخرى، فانهار الاقتصاد المحلي بالمدينة، إذ يوجد الآن 30 ألف غرفة خالية بالمنطقة.
صورة من: DW/V. Muscella
منزل لا احد يقوم بصيانته
تعد مدينة "كاستل فولتورنو" موطنًا لحوالي 40 ألف شخص. جاء كثيرون بينهم من أفريقيا جنوب الصحراء، وينحدر معظمهم من نيجيريا وغانا. يعود وجود المهاجرين هنا إلى ثمانينيات القرن العشرين، عندما قدم الأفارقة طلباتهم للعمل في مزارع الطماطم.
صورة من: DW/V. Muscella
اقتصاد جديد
تتمتع "إستر" بموهبة لتصفيف الشعر والمكياج، لهذا افتتحت من فترة قريبة صالونها الخاص. وقد اعتمد آخرون أمثالها بشكل رئيسي في حياتهم على المتاجر الصغيرة والمطاعم ومحلات الهواتف المحمولة كذلك. وهكذا أنشأت مجموعات إفريقية اقتصادها الخاص هنا بسبب غياب الخدمات والفرص الاقتصادية.
صورة من: DW/V. Muscella
"ما زلت أتسول"
اسمه إسرائيل، جاء من نيجيريا، تم رفضه في العديد من الوظائف بسبب عدم استكماله للأوراق الخاصة بذلك. بعد مرات عديدة من مراجعة مكتب اللاجئين تم منحه حق الإقامة لغاية عام 2021. ومع ذلك ظل عاطلا عن العمل. انتهى به المطاف في كاستيل فولتورنو بعد البحث عن مكان رخيص للعيش فيه.
صورة من: DW/V. Muscella
موطن الجريمة المنظمة
هذه المنطقة أُثبت مرات عديدة أنها أرض خصبة لا تساع نطاق الجريمة المنظمة الممتدة من مدينتي نابولي وكاسيرتا القريبتين. في 18 سبتمبر/ أيلول 2008 قتلت "مافيا كازاليزي" ستة مهاجرين أفارقة لتؤكد بذلك سيطرتها على المنطقة. حينها تم اختيار الضحايا عشوائيا دون أن يكون لهم صلة بالجهات التي تقوم بجرائم تجارة المخدرات.
صورة من: DW/V. Muscella
بيوت لأنشطة متنوعة
البيوت لأعمال متنوعة هي شقق خاصة عبارة عن مطاعم وأماكن للتجمع وأيضا بيوت للدعارة. يأتي الرجال الأفارقة إلى هنا لتناول وجبة معينة أو مشروب وتدخين السجائر، كما يأتي الكثيرون لممارسة الجنس مع بائعات الهوى.
صورة من: DW/V. Muscella
أحلام لا تتحقق
ج.، عمرها 26 عاما، من ولاية دلتا في نيجيريا وصلت إلى إيطاليا قبل عام. كان حلمها إكمال تعليمها في إيطاليا، لكن انتهى بها الأمر في إحدى البيوت المتصلة في قلعة فولتورنو. وفقا للمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، فإن 11 ألف امرأة نيجيرية وصلت إلى الشواطئ الإيطالية عام 2016. وقد انخفض الرقم إلى 5 آلاف في عام 2017، لكن ما تزال النيجيريات من بين الجنسيات الأكثر قدوما إلى إيطاليا.
صورة من: DW/V. Muscella
"أحدهم يصرخ سبحان الله"
شهدت السنوات العشرين الأخيرة ارتفاعا في عدد كنائس حركة الخمسينيين، التي يمكن العثور على معظمها في مبان مهجورة ومهدمة. حاليا، يوجد حوالي 30 كنيسة في منطقة فولتورنو.
صورة من: DW/V. Muscella
"الله وحده يريد مساعدتنا"
يحتفل القساوسة بمزيج من اللهجة الإنجليزية والإيطالية ويقومون بجميع أنواع العلاج، بما في ذلك طرد الأرواح الشريرة.
صورة من: DW/V. Muscella
أمل جديد
ب. كانت ضحية اتجار بالبشر. أوتي بها إلى فولتورنو في عام 2004. وقد طلبت المساعدة من جمعية "نيو هوب" (أمل جديد) الخيرية في كاسيرتا، التي تعمل على تعليم ضحايا الاتجار بالبشر وتدريبهم مهنيا، ليصبحوا خياطين مثلا. اليوم، هي متزوجة وسعيدة بذلك، كما أنها أم لطفلين.
صورة من: DW/V. Muscella
الجيل الثاني يطارد الفرصة
أسس اللاعب السابق ماسيمو أنتونيلي فريق تام لكرة السلة " TAM TAM Basketball" كأداة للاندماج في مكان توجد فيه أنشطة اجتماعية قليلة للمراهقين. في نهاية عام 2017 أطلق الفريق حملة للعب في الدوري الإيطالي الرسمي. وبعدها وافق البرلمان على مشروع قانون تغيير اللوائح الرياضية، بحيث يسمح لجميع الأطفال الذين ولدوا في إيطاليا لأولياء أمور مهاجرين دخول المنافسة.
صورة من: DW/V. Muscella
الحلم بالمستقبل
ترعرع فيكتور (14 عاما) وفابيان (12 عاما) بمدينة "كاستل فولتورنو" في كنف عائلات نيجيرية. بالرغم من المشاكل الكثيرة التي يعانون منها في مسقط رأسهم، إلا أنهم يعتبرونه مكانا جميلا. كلاهما يريدان أن يصبحا لاعبي كرة سلة محترفين، كما أن فيكتور لديه اهتمامات بالإلكترونيات واللوجستيات أيضا. ويقول: "سأنتقل من هنا. المكان جميل، لكن لا توجد به وظائف على الإطلاق". إعداد: فاليريو موسسيلا/ مريم مرغيش.