1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دول الربيع العربي- من دولة "الشخص الواحد" إلى دولة المؤسسات

٣٠ سبتمبر ٢٠١٢

ساهمت الثورات في الدول العربية في تقوية الديمقراطية في تلك الدول، بيد أن قلب أنظمة الحكم هناك أضعف سلطة وهيبة الدولة، ما يهدد بفراغ في السلطة يدخل دول ما يعرف بالربيع العربي في دوامة عدم الاستقرار والصراعات الطائفية.

صورة من: Reuters

شكلت بداية الاجتياح الأمريكي للعراق في مارس/ آذار 2003 بداية نهاية دكتاتور، إذ لم تمض سوى ثلاثة أسابيع حتى سقط نظام صدام حسين. كان الأمل يحدو آنذاك حكومة جورج بوش الابن في أن يقود ذلك إلى بناء دولة ديمقراطية، لذا عملت مباشرة على إنهاء سيطرة حزب البعث على أجهزة الدولة، بعد أن تحكم فيها طيلة أربعة عقود، وقامت على إثرها بتسريح عدد ضخم من العاملين في أجهزة الدولة من موظفين وخبراء من بينهم خبراء أمنيون أيضا. نجحت الولايات المتحدة في إسقاط حزب البعث العراقي، لكن ثمن ذلك كان انهيار الدولة، إذ أدخلت إقالة الموظفين الحكوميين البلد في حالة من الفراغ الأمني الذي مازال يلقي بظلاله على العراق إلى يومنا هذا، وتزيد من حدته العمليات الإرهابية التي تهز البلد بين الفينة والأخرى، ناهيك عن توترات طائفية تهدد بتقسيمه.

أنظمة "الشخص الواحد"

يمنع على المدنيين حمل الأسلحة. غرافيتي من اليمنصورة من: DW

يعد العراق في منطقة الشرق الأوسط أبرز مثال لدولة قدرتها على العمل محدودة ووجودها مهدد إن لم نقل أن العراق يمثل نموذجاً للدولة الفاشلة. وحسب دانيل لامباخ، الباحث الألماني في مجال العلوم السياسية لدى جامعة دويسبورغ – إيسن، كان العراق يشمل إلى غاية عام 2003 بعض الخصائص المحددة لنموذج الدولة الفاشلة، والمتمثلة في "نظام "الشخص الواحد" الذي كان يقوم عليه نظام صدام حسين، أي نظام الدولة الذي تم تفصيله على مقاس شخص واحد". ومثل هذه الأنظمة في نظر لامباخ "أكثر عرضة للخطر".

صحيح أن الديكتاتور العراقي صدام حسين أسقطه الاجتياح الأمريكي، لكن ليس من باب الصدف أن تجتاح الثورات العربية الدول ذات هياكل سلطوية مبنية على شخص واحد مثل معمر القذافي في ليبيا، زين العابدين بن علي في تونس وعلي عبد الله صالح في اليمن. أما الديكتاتور السوري بشار الأسد فيخوض في الوقت الراهن بكل الوسائل حربا من أجل الاحتفاظ بالسلطة، فيما يواجه الرئيس السوداني عمر البشير منذ فترة احتجاجات متواصلة.

مخاطر أدلجة الصراعات وصبغها بالطائفية

حين يوظف الدين لخدمة أهداف سياسية- سلفيون في تونسصورة من: DW

ويرى الباحث الألماني لامباخ أن معظم دول الربيع العربي تواجه خطر أن تكتسي الصراعات القائمة طابعا طائفيا وإيديولوجيا. وظهرت هذه الظاهرة بشكل جلي خلال الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت من عام 1975 إلى غاية 1990 وشهدت قتالا بين السنة والشيعة والمسيحيين قاتلوا بعضهم بعضا في إطار تحالفات متغيرة. وهو نفس خط الصراع الذي يجتاح الدول العربية "الهشة" لاسيما في سوريا حاليا.

ومثلما كان في لبنان، تشارك أيضا في القتال الدائر في سوريا دول الجوار وتسير بدورها على الخط الطائفي. فدول الخليج التي تحكمها الغالبية السنية تدعم إلى جانب تركيا الثوار، فيما تدعم إيران ذات الأغلبية الشيعية والعراق الذي تسيطر على مشهده السياسي الأحزاب الشيعية، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني، نظام الأسد. وبدورهم يراعي اللاعبون الدوليون، خاصة روسيا والولايات المتحدة، في سياستهم تجاه المنطقة خطوط الصدع الطائفي هناك، الأمر الذي يثير قلق دول الجوار لاسيما تركيا ولبنان حيث دارت مواجهات بين أنصار النظام والمعارضة.

تأثير محدود للدول العظمى

السودان تشهد بدورها احتجاجات متواصلة ضد البشيرصورة من: Mohammed Fiat

ورغم أن الصراع في سوريا والوضع في العراق يظهران أن تأثير ونفوذ المجتمع الدولي محدود، يرى دانيل لامباخ عكس ذلك أن "الدول العظمى لم تفقد تأثيرها ونفوذها، لأنه لم يكن لديها في نظره أي نفوذ من قبل" ويمضي بالقول: "لقد فشل البريطانيون في أفغانستان في القرن التاسع عشر ثم السوفيات في القرن العشرين. إن هذا العجز ليس ظاهرة تخص عصرنا، لكنه يعكس حدودا جيواستراتيجية مفادها أنه لا يمكن بناء دول ضد رغبة شعوبها".

لذا يوضح مارتين بيك، الباحث في العلوم السياسية لدى "مركز الدراسات المعاصرة في الشرق الأوسط" في الدنمارك، أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يعيد النظر في نهجه لأنه بات اليوم مرغما على التعامل مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء. الأمر الذي يحتم في نظره أيضا على المجتمع الدولي صياغة رؤى سياسية واضحة. فبإمكانه التعاون مع منظمات المجتمع المدني العاملة على الأرض والتي يتقاسم معها القيم المشتركة، لكنها "ليست تلك التي تملك السلطة السياسية، ما يعني أنه يتعين على المجتمع الدولي التعامل أيضا مع مجموعات لديها في حالات معينة رؤى مختلفة جزئيا للعالم". ويضيف في نفس السياق قائلا: "ينبغي عدم الخجل، في التعاون أيضا مع المجموعات الإسلامية المعتدلة لتحقيق أهداف دولة الحق والقانون في الإطار الممكن".

وتمثل الدول في الشرق الأوسط، وإن لم تكن فاشلة، التي تراجعت فيها سلطة الدولة مصدر خطر إقليمي لأن الفراغ في السلطة الذي تعيشه يجتذب جماعات إرهابية إسلاموية. فمثل هذا الوضع يشجع أيضا - مثلما هو الحال في ليبيا- الجماعات المنظمة على أساس عشائري على انتزاع جزء من سلطة الدولة. نفس الشيء بالنسبة للجماعات الإرهابية التي تستغل المناطق الخارجة عن نفوذ ومراقبة الدولة كأوكار للاختباء ومنطقة تنطلق منها لشن هجمات على مصالح الدولة وأيضا لمهاجمة مصالح الدول المجاورة. لذا يمكن للدول الضعيفة التي لا تستطيع بسط سيطرتها الأمنية وفرض سلطة الدولة على كافة مناطقها، يمكنها في أسوأ الأحوال أن تزعزع أمن محيطها الإقليمي بأكمله.

كيرستن كنيب/ طارق انكاي

مراجعة: عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW