دول غربية وعربية تطلق مبادرة سياسية جديدة لحل أزمة سوريا
٢٦ أبريل ٢٠١٨
تشهد العاصمة الفرنسية باريس مساء اليوم اجتماعاً دبلوماسياً على مستوى رفيع يجمع وزراء خارجية دول غربية بينها ألمانيا، لأول مرة ودول عربية، بهدف الإعداد لإطلاق مبادرة سياسية لحل الأزمة السورية.
إعلان
التقى وزراء خارجية أهم الدول الغربية وأخرى عربية بعد ظهر الخميس (26 أبريل/ نيسان 2018) في باريس للإعداد لإطلاق مبادرة دبلوماسية لحل الأزمة السورية. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الذي يشارك لأول مرة في اجتماع من هذا النوع، قبيل اللقاء: "بعد مؤتمر المانحين، يعتبر هذا الاجتماع نقطة انطلاق لجهود سياسية لإيجاد حل سلمي للأزمة".
ويشارك في الاجتماع إلى جانب ألمانيا وفرنسا الولايات المتحدة وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والأردن.
يشار إلى أن هذه المجموعة الغربية العربية قد تشكلت في خضم الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قبل سنوات. فيما تشارك ألمانيا لأول مرة في اجتماعاتها بشكل رسمي. وأوضح وزير الخارجية الألماني ماس أن ألمانيا مستعدة لتعلب دوراً مركزياً إذا ظهرت بوادر مشاورات مع روسيا. وأضاف ماس: "إذا كان ذلك مرغوباً بأن تجري مشاورات، سنكون مستعدين للقيام بذلك". وتابع ماس: "ننطلق في ذلك من أن كل طرف يستغل الإمكانيات المتوفرة لديه ليقدم ما يستطيع تقديمه في مجال البحث عن حل سياسي للأزمة".
ويمثل الولايات المتحدة في الاجتماع مبعوثها إلى الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، فيما تشارك الدول الأخرى بوزراء خارجيتها.
يذكر أن بعد الضربات الجوية التي وجهتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى مواقع تابعة لنظام الأسد، الذي يتهم بالوقوف وراء استخدام أسلحة كيماوية، روجت برلين وباريس لمبادرة دبلوماسية لحل الأزمة سياسياً.
على صعيد آخر، تعهدت نحو 70 دولة الخميس باتخاذ تدابير جديدة لمنع تمويل المنظمات الإرهابية، وذلك في ختام مؤتمر استمر يومين في باريس. وتعهدت الدول المشاركة في المؤتمر، ومن بينها العديد من الدول الأوروبية والعربية، بتجريم تمويل السفر والتجنيد لأغراض الإرهاب بشكل كامل، حتى عندما لا يمكن ربط ذلك بأي عمل إرهابي محدد.
ووعدت الدول باتخاذ إجراءات لمعالجة المخاطر المرتبطة بطرق الدفع الأقل قابلية للتتبع، مثل النقد والبطاقات مسبقة الدفع ونظام التحويلات المالية المتعارف عليه في بعض البلدان الأفريقية.
وشارك في مؤتمر باريس أكثر من 450 خبيراً من مختلف أنحاء العالم وممثلون من 72 دولة ومنظمة دولية، بينهم وزراء وقضاة ورجال استخبارات وموظفون ماليون. وأعرب مسؤولون فرنسيون عن أملهم في إحراز تقدم بشأن خفض إخفاء الهوية في التحويلات المالية.
وتستخدم التنظيمات الارهابية، مثل القاعدة و"داعش"، اللتان تستخدمان السيولة النقدية على الأغلب، بشكل متزايد آليات تحويل مالي مجهولة مثل البطاقات المدفوعة مسبقاً والمحافظ الرقمية.
ح.ع.ح/ ي.أ (د.ب.أ/أ.ف.ب)
محطات في الدور الألماني خلال الأزمة السورية
إلى جانب الدور الإنساني، لعبت ألمانيا أدوارا أمنية وسياسية في الأزمة السورية. وعلى مدى سبع سنوات، لم تتخلف برلين عن تسجيل حضورها في ملفات الأزمة داعية دائماً إلى وقف الحرب و"الجرائم ضد الإنسانية" في سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
منفذ اللاجئين
منذ بداية الأزمة في سوريا سنة 2011، يبحث السوريون عن منافذ لمغادرة بلدهم نحو بلدان أكثر أمانا. وكانت ألمانيا واحدة من المنافذ التي فتحت الباب أمامهم منذ 2015، كما أتاحت لهم فرصة النفاذ من ويلات الحرب حتى صار عدد السوريين من غير الحاملين للجنسية الألمانية، عام 2017، يقدر بحوالي 699 ألف شخص، في ألمانيا، أي ثالث أكبر جالية أجنبية في البلاد، حسب ما أفاد "مكتب الإحصاء الاتحادي".
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
"ماما ميركل" محبوبة اللاجئين السوريين
لعبت قرارات ميركل في ملف اللاجئين دورا رياديا. وكان قرارها الشهير عام 2015، بفتح الحدود الألمانية أمام اللاجئين السوريين خاصة وقد وصلوا أوروبا عبر البحر المتوسط، محط أنظار العالم بأسره، إذ لم تقف عند "اتفاقية دبلن" و"فضاء شينغن" والهدنة مع دول أوروبا الشرقية. وتمسكت بشعارها "نستطيع أن ننجز ذلك"، في إشارة منها إلى تفاؤلها بالتغلب على أزمة اللاجئين. قرارات ميركل جعلتها تُنعت بـ"ماما ميركل".
صورة من: Reuters/F. Bensch
إدماج وإندماج
تعمل ألمانيا بشكل مكثف على إدماج اللاجئين في الحياة العامة. وتخصص ميزانيات مهمة من أجل تعليم اللغة وتوفير دورات للاندماج ، فضلا عن دورات التأهيل للعمل لصالح اللاجئين. علاوة على ذلك، يحظى الأطفال باهتمام خاص، إذ يذهبون، بعد وصولهم بفترة بسيطة إلى ألمانيا، إلى المدارس أو إلى دور الحضانة وذلك بهدف الانفتاح على العالم الجديد والتأقلم معه.
صورة من: picture-alliance/W. Rothermel
إنقاذ وتطبيب ومليارات اليورو للدعم
قدمت ألمانيا مساعدات كثيرة للسورين خلال الحرب. فبالإضافة إلى التطبيب، رصدت عام (2017) للمساعدات الإنسانية في سوريا 720 مليون يورو. فضلا عن 2.2 مليار يورو، قدمتها لسوريا منذ بداية الحرب الأهلية هناك في عام 2012، وكان وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل، قد تعهد بعشرة ملايين يورو إضافية للمساعدات المقدمة لسوريا في ظل الوضع المأساوي في الغوطة الشرقية.
صورة من: Ärzte ohne Grenzen
مساعدات إنسانية في الداخل والخارج
لا تنحصر المساعدات الإنسانية الألمانية على المحتاجين اليها في سوريا فحسب، بل تشملهم في ألمانيا أيضا، حيث تتظافر جهود الدولة والمجتمع المدني لمد اللاجئين بالمعونة الضرورية، خاصة في الأيام الأولى من التحاقهم. وتعتبر موائد "تافل" من بين الجهات التي يتوجه إليها اللاجئون بهدف الحصول على الطعام.
صورة من: DW/B. Knight
حضور ألماني أنساني حتى في مخيمات اللجوء عبر العالم
تقديم ألمانيا لمساعداتها الإنسانية لصالح اللاجئين لا يقتصر على سوريا أو ألمانيا، وإنما يتجاوزه وصولاً الى مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان، مثلا. وقد مولت الحكومة الألمانية مشاريع مهمة في المخيمات، كمشروع الكهرباء الذي استفاد منه مخيم الزعتري والذي بلغت طاقته 12.9 ميغاوات. وبالإضافة إلى توفير الكهرباء، فقد أتاحت المحطة بيئة أكثر أماناً للأطفال والبالغين في هذا المخيم.
صورة من: picture-alliance/dpa/B.v. Jutrczenka
إنقاذ من الجوع والعطش
عانى الدمشقيون من ندرة المياه وانقطاعها المتواصل بسبب الحرب واستمرار المعارك، خاصة في منطقة وادي بردى، قرب دمشق. وكانت الحكومة الألمانية أول من بادر لحل هذا المشكل، إذ قالت وزارة الخارجية الألمانية، في يناير/ كانون الثاني 2017، إن دبلوماسيين ألمانا ساعدوا في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقوات المعارضة في وادي بردى، بهدف إعادة إمدادات المياه إلى دمشق.
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
محاربة داعش
شارك الجيش الألماني في الحملة العسكرية الدولية ضد تنظيم داعش في سوريا. وقد شارك في العملية ما يناهز 1200 جندي ألماني. المهمة العسكرية الألمانية في سوريا، شملت عناصر المشاة، إضافة إلى طائرات استطلاع من نوع "تورنادو" وطائرة للتزود بالوقود وسفينة حربية لدعم حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" في البحر المتوسط، فضلا عن عمليات استطلاعية عبرالأقمار الصناعية.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive/USAF
اتفاق مع تركيا ساهم في إنقاذ أرواح آلاف من طالبي اللجوء
في بدايات عام 2016، وقع الاتحاد الأوربي وأنقرة اتفاقية للحد من تدفق اللاجئين من السواحل التركية إلى أراضي الاتحاد. هذا الاتفاق الذي تعرض لانتقادات، وتبعه توتر كبير بين الطرفين التركي والأوروبي، كانت ألمانيا من بين مناصريه. فقد اعتبرته اتفاقا ناجحا ما دام قد حقق هدفه، و"ساهم في مكافحة أعمال التهريب المميتة للاجئين عبر بحر إيجة بشكل فعال"، حسب تصريح المتحدث باسم الحكومة الألمانية.
صورة من: Reuters/Yves Herman
محاربة الأسلحة الكيماوية
لعبت ألمانيا دورا بارزا في محاربة الأسلحة الكيماوية في سوريا، وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، قد أعلنت دعمها للضربة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على أهداف منتخبة في سوريا يوم 14 أبريل/ نيسان2018، كما رأتها "ضرورية وملائمة للحفاظ على فعالية الحظر الدولي لاستخدام الأسلحة الكيماوية ولتحذير النظام السوري من ارتكاب انتهاكات أخرى".
صورة من: picture alliance/AP Photo/H. Ammar
ألمانيا وسيط محايد محتمل و"رسول سلام"
تساءل البعض عن سبب عدم مشاركة ألمانيا في الضربة العسكرية على النظام السوري، فيما أعتبر آخرون إمكانية لعب ألمانيا دور الوسيط المحايد للبحث عن حل للنزاع. وتشير معطيات إلى إمكانية تأثير ألمانيا في إيجاد حل للأزمة السورية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، الذي أكد أن الصراع السوري بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة. مريم مرغيش.