دون خارطة طريق.. اشتباكات دير الزور قد تشتعل مجددا
١٤ سبتمبر ٢٠٢٣
رغم انتهاء الاشتباكات بين عشائر عربية وقوات سوريا الديمقراطية في دير الزور ، إلا أن خبراء يحذرون من احتمالية تجددها بسبب غياب خارطة طريق تنهي السخط والصراع على السلطة.
إعلان
يبدو أن احتمالات تجدد الاشتباكات بين العشائر العربية و "قوات سوريا الديموقراطية" التي يشكّل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، في دير الزور شمال شرق سوريا، ضئيلة في الأيام المقبلة.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة رويترز عن قائد قوات "سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي (الخميس، 7 سبتمبر / أيلول)، إنه التقى بزعماء العشائر العربية وسوف يلبي طلبهم بإطلاق سراح العشرات من المقاتلين المحليين من العشائر، مضيفا "قررنا إصدار عفو عام عن المتورطين. لقد أطلقنا سراح نصف المعتقلين وسنطلق سراح الباقين".
وكان عبدي يشير في حديثه إلى مقاتلين من العشائر العرب انتفضوا ضد اعتقال أحمد الخبيل، أبو خولة، "أمير عشائر البكير" أواخر الشهر الماضي لتورطه في نشاط إجرامي.
وسبق الاعتقال إصدار "قوات سوريا الديمقراطية"، المعروفة اختصارا بـقسد"، بيانا يفيد بعزل أحمد الخبيل من قيادة "مجلس دير الزور العسكري" التابع لها.
وتعهد عبدي بإعادة هيكلة المجلس المدني للمحافظة ومجلس دير الزور العسكري بما يمهد الطريق أمام جعلهما أكثر "تمثيلاً لكافة العشائر والمكونات في دير الزور".
وأدت الاشتباكات الأخيرة في محافظة دير الزور الغنية بالنفط إلى مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا وإصابة العشرات، بحسب ما أفاد به مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا.
جذور الأزمة
ورغم أن إطلاق سراح المقاتلين العرب قد ينهي الاشتباكات، إلا أن جوليان بارنز ديسي، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لا يرى أن الأمر يقضي على جذور المشكلة.
وأضاف "يتضمن الحل قصير المدى إجراء محادثات وترتيبات جديدة بين الأكراد والعشائر العرب، لكن هناك خلافات كبيرة تعيق التوصل إلى حل دائم وهو الأمر الذي يزيد من احتمالات استمرار التوترات وتجدد الاشتباكات في مقبل الأيام".
الجدير بالذكر أن " قوات سوريا الديمقراطية " هي جماعة مدعومة من الولايات المتحدة ساعدت في هزيمة تنظيم داعش في سوريا وهي تتالف من قوات عربية وكردية بقيادة كردية.
ورغم هزيمة داعش في سوريا في عام 2019، إلا أن الولايات المتحدة تحتفظ بقاعدة تضم حوالي 900 جندي في دير الزور يواصلون دعم وتدريب وتجهيز "قوات سوريا الديمقراطية"، بيد أن التحالف الأمريكي-الكردي أثار قلق ومخاوف العشائر العربية في دير الزور.
ويقول زعماء العشائر العربية إنهم لا يشعرون بأنهم ممثلون في مجالس الحكم بدير الزور بشكل كافي رغم وجود بعض عرب في المناصب القيادية في قوات سوريا الديمقراطية مثل أبو خولة الذي كان قائدا في "مجلس دير الزور العسكري".
وشدد زعماء العشائر العربية على أنهم لا يستفيدون من عائدات حقل "العمر" النفطي الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا والذي تم السيطرة عليه في عام 2017 بعد دحر داعش ومازال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية منذ ذلك الحين.
وفي مقابلة مع DW، قال المحلل الاقتصادي ومدير "مشروع سوريا" في مجموعة الأزمات الدولية، هيكو فيمن، "لقد ظل سكان دير الزور (من العرب) يشكون منذ سنوات من أن مشاركتهم في الإدارة الذاتية مجرد واجهة تجميلية وأن كوادر قوات سوريا الديمقراطية يمارسون سلطتهم بقوة كبيرة".
وأضاف أن "يتذمر السكان (العرب) من أن القتال ضد داعش غالبا ما يتم استغلاله لتصفية الحسابات أو تعزيز قوة بعض الجماعات وتمكينها على حساب جماعات أخرى".
لكنه أشار إلى أن الاشتباكات الحالية ليست ترتبط بمشاكل عربية-كردية بشكل أساسي، قائلا: "الأمر يرتبط بشكل أكبر بالثقافة التنظيمية لقوات سوريا الديمقراطية إذ في المناطق ذات الأغلبية العربية مثل مدينة الرقة يمتلك قادة سوريا الديمقراطية قراءة أفضل للديناميكيات والقوى المحلية المؤثرة".
ويتفق في هذا الرأي أحد المتظاهرين في دير الزور، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية.#
وقال المتظاهر في مقابلة مع DW "انتفاضتنا هي ضد الأزمات التي تسببت فيها قوات سوريا الديمقراطية وما تُقدم عليه من انتهاكات جسيمة، ولا يهمنا مشكلة قوات سوريا الديمقراطية مع أحمد الخبيل. عاداتنا وعشائرنا ترفض سياسة قوات سوريا الديمقراطية".
وأضاف أن الأحداث الأخيرة تأججت جزئيا بسبب الرغبة في تغيير المناهج الدراسية "بما يصب في صالح خدمة مصالح وأجندة قوات سوريا الديمقراطية..ما نريده يتمثل في العيش بكرامة دون أن تسيطر علينا مجموعة أجنبية".
خطر عدم التوافق حيال خارطة طريق
وفي سياق متصل، يقول محللون إن مستقبل دير الزور ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لم يعد مرهونا بالتوافق والتعاون بين العرب والكرد بل هناك أطرافا سياسية أخرى.
وفي ذلك، يحذر جوليان بارنز ديسي، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، من أن تركيا في الجوار السوري يمكن أن تصعد مجددا هجماتها على منطقة الحكم الذاتي الكردية في دير الزور.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد دعمه للعشائر العربية في دير الزور، قائلا: "العشائر العربية هم أصحاب تلك المناطق الأصليين... حزب العمال الكردستاني لا يعترف بحق الناس في الحياة وعلى الدول الداعمة لهذا التنظيم معرفة ذلك، كما أنه لا يتردد بارتكاب أي مجزرة للسيطرة على النفط في دير الزور".
وعلى صعيد متصل لم تظهر الولايات المتحدة أي مؤشر قد ينذر بانسحابها من دير الزور أو تراجع دعمها لقوات سوريا الديمقراطية إذ شددت السفارة الأمريكية في سوريا على استمرار "الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش في سوريا."
جنيفر هوليس / م. ع. شارك في إعداد التقرير عمر البم
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance