1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ديمقراطية العراق : لا أحد مع المعارضة

١١ نوفمبر ٢٠١١

"قررنا أن نكون مع المعارضة"، هذه الجملة نسمعها من الساسة العراقيين حين لا تتحقق مطالبهم الشخصية غالبا، وأنهم مع الحكومة إذا حققوا منصبا وزاريا أو نيابيا أو استشاريا، وضد الحكومة إن لم يتحقق هذا، ويتغير الولاء تبعا لذلك.

مؤتمر صلاح الدين حيث التقت المعارضة التي ساهمت في اسقاط نظام صدام حسين عام 2003صورة من: AP

لكن الساسة الذين نتحدث عنهم هم عراقيون، أبا وأما، ولادة ومنشأ، فكيف نفسر هذه المواقف الانتهازية؟ هذا السؤال لا يعني تعميما لحكم سلبي مسبق على مواقف العراقيين، لكنه إظهار لمزاج اجتماعي طبع المشهد السياسي منذ التغيير الجوهري عام 2003، فسمة العراقيين البارزة هيعلى ما يبدو أنهم لا يحبون المعارضة، هم في مجملهم يريدون أن يكونوا مع السلطة أو هم السلطة، ولا أحد يقبل بموقع المعارض.

ربما يعود هذا إلى تربية العراقيين المرتبط كثيرا بسلطة الأب في العائلة، أو ربما يكون لهذا علاقة بسنوات طويلة من الطغيان والديكتاتورية عاشها العراقيون عبر قرون من الظلم والتسلط المتجبّر، فقادت إلى تشويه نفوسهم، وأنستهم موقع المعارضة.

بعض العراقيين يفهم أن المعارضة تعني أن تحمل السلاح وتخرج على السلطة، وفي كل هذه المفاهيم، أو غياب المفاهيم، مشكلات كبرى يعيشها الناس والحكومة والنخب السياسية. الكل يريد السلطة ولا أحد يريد المعارضة، فأي نوع من الديمقراطية هذه؟

الصحفي ضياء رسن دخل حوار العراق اليوم - دويتشه فيله من بغداد ليجيب عن هذا السؤال بالقول" إن المعارضة الحالية ليست هي المنشودة التي ينتظر الشعب منها أن تستطيع الضغط على الحكومة لانتزاع مكاسب تخدم مصالحه، بل هي معارضة وصولية، تتغير مواقفها بشكل جذري بمجرد تحقيق مكسب شخصي صغير لأي من عناصرها".

ومضى إلى القول" إن المكاسب أحيانا تثير السخرية". الصحفي الشاب ضياء رسن ذهب إلى القول" وفي ظل غياب الإيمان بأي مبادئ نجد هناك تمييزا كبيرا في المقاييس، فالمجرم البسيط الصغير يجرم، والمجرم الكبير الممثل بوزير أو بنائب يسن له قانون خاص يحمي جريمته أو سرقته من الانكشاف للحساب والمساءلة".

معارضون يتظاهرون في شوارع بغداد عام 2010صورة من: Karlos Zurutuza

ديمقراطية بلا معارضة

يعاب على التجربة الديمقراطية في العراق أنها توافقية تحاصصية، ويفسر مبدأ التوافق بأنه الحرص على الاتفاق على جميع النقاط وعدم ترك شيء عرضة للاختلاف، ولكن هذا المبدأ الغريب يتناسى أن مصالح الناس لا يمكن أن تتوافق مهما حاول المعنيون، كما إن رضاء الناس غاية لا تدرك، وإذا تم ترضية الجميع فسيجري هذا حتما على حساب النفع العام. من جانب آخر فإن المحاصصة الطائفية والإثنية لا تترك أي هامش فعّال يمكن للمعارضة أن تنشط من خلاله.

الكاتب السياسي طلال شاكر شرح أن المعارضة هي التي تصنع المشهد السياسي، أما ما نشهده في العراق فهو معارضة خارج السلطة، وتعارضات من أطرف مشاركة في السلطة هي انعكاس للتحاصص الطائفي ولا تمثل معارضة متحضرة. في المجمل لا يمكن أن نقول إنه لا توجد معارضة في أروقة السلطة التشريعية، ولكن، خارج السلطة توجد معارضة تكتب وتنبه وتتابع، وهي الآن جنينية فتية، ومع ذلك فإن الحكومة تحسب لها ألف حساب".

ومضى إلى القول: " التنافس في البرلمان والحكومة اليوم على المنصب والنفوذ والموقع، هو اقتسام غنيمة. من هنا لا توجد معارضة في مجلس النواب، وسبب ذلك الجوهري هو وجود توافق أو تراضي. والبرلمان اليوم عبارة عن تكتل طائفي وإثني يسعى إلى إرضاء رموز مكوناته".

سلطة الأب هي استبداد يعم مؤسسات العراق

في معرض تحليله لوقائع ونتائج ما سمي بالربيع العربي كتب الصحفي مأمون فندي في صحيفة الشرق الأوسط قبل أيام :

مقاتلات البيشمركة في كردستان العراقصورة من: AP

(رغم حماستي للتغير في ثورة مصر ووجودي في قلبها، فإنني أطرح أمامكم مقولة مفادها إن "الربيع العربي" لن يمثل قطيعة مع الاستبداد، بل هو امتداد له بتنويعات مختلفة، فالاستبداد كما الميكروبات تحدث له تحورات لمقاومة الأمصال المضادة، فنحن أمام حالة تحولات الاستبداد، لا التحول الديمقراطي، والأسباب كثيرة.

ويمضي فندي إلى القول:" الديكتاتورية في مصر كانت نظاما كاملا له دعائمه، من الأب في البيت إلى عمدة القرية إلى رئيس الحي إلى المحافظ، إلى رأس الدولة. كان المجتمع متشربا للديكتاتورية، وكانت التيارات برمتها متورطة فيها حتى الرقاب، الإسلامي والاشتراكي، سيان في هذا. مرشد الجماعة ومبارك ورئيس الحزب الشيوعي كلهم من ذات القماشة، إذن لكي نتحول إلى الديمقراطية مطلوب ناس جديدة، "ومنين أجيب ناس"؟!)

وهذا ما حدث في العراق، فقد حاول التحالف الدولي الذي أسقط نظام صدام حسين أن يرسي في هذا البلد نظاما سياسيا يقوم على الديمقراطية متجاهلا أن ثقافة بلاد الرافدين تفتقد إلى حد كبير إلى مقومات الديمقراطية، كما أن المجتمع لا زال يرضخ إلى سلطة الأب، ومفهومها هو السائد لدى النخب والأحزاب.

في هذا السياق أشار الصحفي يوسف أبو الفوز الذي شارك في الحوار من هلسنكي إلى " وجود مكونات كثيرة غير ممثلة في الحكومة والبرلمان، وهي في الحقيقية تمثل المعارضة اليوم. كما أن علينا أن نتذكر أن نجاح الانتخابات لا يعني أنا وصلنا إلى الديمقراطية، والبرلمان العراقي اليوم يمثل الديمقراطية العرجاء، لأنه يفتقد إلى وجود الرأي والرأي الآخر، فالكل يتبعون رأي واحد، والمعارضة غائبة"

ووصف أبو الفوز سلطة الأب بأنها " السلطة الشرقية الاستبدادية، والأب هو إنسان معرض للخطأ، والمجتمع العراقي يفتقد إلى مفهوم الديمقراطية في التربية، وهذا يعني أن مجتمعنا هو عبارة عن مؤسسات قمعية أبوية شمولية، والدولة في مجملها تقاد اليوم بقوانين سنها صدام حسين، ولم تستطع السلطة الجديدة تغييرها".

وأجمعت اتصالات المستمعين على أن مفهوم المعارضة بمجمله غريب عن المشهد العراقي وعن ثقافة العراقيين، فأشار المستمع علي من البصرة إلى أن "المعارضة الحالية فاشلة لأنها لا تخدم المواطن، وهي ليست معارضة بالمعنى الصحيح، بل هي مجموعات ذات مطامع شخصية، ونلاحظ أن المعارضة الحالية تستفيد من الحكومة وتعمل ضمن تشكيلاتها، فتسكت عن أخطائها، فإذا أصاب ضرر ما مصالحها الخاصة، تلوح بصوت المعارضة، وتملأ الدنيا ضجيجا، ومن خبرتنا نعرف أن هذه الأصوات كلها لا تهمها مصالح الشعب، قدر ما تهمها مصالحها القريبة والبعيدة".

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW