ذكرى الإصلاح: ما هي النظريات التي كان لوثر سيطرحها اليوم؟
٣١ أكتوبر ٢٠١٧500 عام بعد الثورة الإصلاحية يتساءل الكثير من البروتستانتيين عن الموضوعات التي كان سيناقشها بقوة اليوم الإصلاحي لوثر. وحتى لو أن الأجوبة لا تعدو أن تخرج عن مجال التكهن، فإن شيئا يبقى قائما، وهو أن لوثر سيظل معاصرا غير مريح بتأثير سياسي كبير يشغل بال جمهور من ملايين الأشخاص.
"قدموا التوبة على مدى الحياة"، يطالب القس الكاثوليكي في أولى نظرياته الـ 95. مؤرخ شؤون الكنيسة من مدينة غوتنغن توماس كاوفمان يرى في ذلك دعوة إلى إدارة الظهر لأسلوب حياتنا المتبع: "قدموا التوبة يعني عودوا وغيروا سبل حياتكم المعهودة، وابتعدوا عن حياة تقبل أن يموت آخرون في الوقت الذي نعيش فيه في رخاء".
عمل الإصلاح
المؤرخ كاوفمان الذي ألف عدة كتب حول لوثر والفترة الإصلاحية يرى في لوثر "محاميا لآخر التساؤلات". ويقول: "بالنسبة إلى لوثر يكون أمرا تقليديا طرح أسئلة راديكالية وعدم الرضا بأجوبة سهلة". "وكان سيتساءل ما الذي يسير في اعوجاج في هذا العالم الذي ينتج ما يكفي من المواد الغذائية وعلى الرغم من ذلك يجوع فيه ملايين الأشخاص؟".
طرح أسئلة راديكالية وعدم الرضا بأجوبة سهلة ـ "هذا الفعل القديم للإصلاح"، كما يقول مندوب الشؤون الثقافية يوهان هاينريش كلاوسين، حيث يتابعه عدد متزايد من الناس في مواقع الشبكة الإلكترونية. هذا التعبير تجذر كإرث إصلاحي في جميع وسائل التواصل وطال جميع الأجيال.
وهذا الإرث أثار على ما يبدو قريحة بعض المسلمين في ألمانيا. إذ أثار خبير العلوم الإسلامية والتربية الدينية من فرايبورغ عبد الحكيم أورغي بنظرياته لإصلاح الإسلام في مسجد السلام بحي نوي كولن في برلين اهتماما كبيرا. فهو يطالب "بإصلاح للإسلام" وحسب.
التوبة نعم، صك الغفران لا
لوثر كان في هذا المجال متواضعا، فهو انتقد فقط طريقة صك الغفران التي مكنت من محو الذنوب بتقديم بعض قطع المال. ويؤكد كريستوف ماركشيس، أستاذ المسيحية القديمة بجامعة هومبولد ببرلين أن "لوثر كان لا يتطلع بنظرياته إلى إدراج إصلاح كنسي عام، بل كان ينتقد سوء استخدام شعيرة دينية مسيحية، أي إعلان التوبة". وإذا أدى انتقاد طريقة صك الغفران إلى انقسام كنسي، فهذا أمر آخر.
وبالنسبة إلى الفاتيكان كان انتقاد لوثر الجوهري كافيا لوصفه كزنديق. والاضطهاد الديني والسياسي الناجم عن ذلك كان صادما بالنسبة إلى لوثر إلى حد أنه اعتبر روما مرادفا للتسلط الديني وشتم البابا "بالمسيح الدجال".
وفي أطروحته "حول حرية إنسان مسيحي" انفصل لوثر نهائيا عن طاعة روما. وكتب:" الفرد المسيحي سيد حر لا يخضع لأحد". فقط الضمير والصلاة والتوبة هي التي كانت أمورا لها وزنها، أما مبادئ المعتقد من الفاتيكان فرفضها لوثر بشكل قاطع.
المعتقد دون الدوغماتية
واليوم كان سيُنظر إلى لوثر كمناضل من أجل الحرية الدينية ـ فالكثير من خبراء الإصلاح متفقون على ذلك. ويقول يوهان هاينريش كلاوسين، مندوب الشؤون الثقافية:" لوثر كان ضحية اضطهاد الزنادقة، كان يتطلع للحرية الدينية ورفض تعليم المعتقدات الكاثوليكية المتحجرة". وبالتالي فإنه سينتقد اضطهاد المسيحيين وأتباع المعتقدات الأخرى. ويعتبر كلاوسين أن "لوثر كان ضد الأصولية بحيث أن الإيمان ليس ممكنا إلا في حرية".
وهل كان لوثر سيدافع عن جاره اليهودي بقوة مثل ما فعل مع "حرية الفرد المسيحي" التي طالب بها في أطروحته في 1520؟ عالم اللاهوت كريستوف ماكشيس ليس متأكدا من ذلك. "لوثر كان قرويا من وسط ألمانيا. وكانت لديه أحكام مسبقة كبيرة"، يقول ماكشيس الذي أضاف "لا أريد البحث عن الإعفاء عن تجاوزاته المعادية للسامية، بل أن أضعها فقط في إطارها التاريخي". فالاستخدام السياسي والديني للإصلاحي والخلاف حول ذلك كانت جزءا من الذكرى السنوية للإصلاح.
الرأفة والضمير
وبالنسبة إلى عالم اللاهوت كريستوف ماركشيس لا يُعرف حتى يومنا هذا ما إذا كان لوثر بروتستانتيا. لكن الخبراء مثل ماركشيس متفقون على أن لوثر كان سيهتم اليوم بقضايا وجودية مثل الذنب والكفارة.
ولوثر كرجل دين أو طبيب نفسي؟ لما لا؟ فلوثر كان يريد القضاء على الخوف دينيا، ورسالته اليوم ستكون بمضمون: لا تخافوا!
فلوثر كان في آن واحد متمردا ومحافظا ورجل الريف ومحركا للعالم.
أستريد برانغه دي أوليفيرا/ م.أ.م