"المبادئ الثلاثة العظيمة للاتحاد الأوروبي" بحاجة لترسيخ جديد يقول ماكرون، داعيا لتأسيس نظام جديد للأمن والاستقرار في أوروبا. الرئيس الفرنسي رفع شعار "التحليق والقوة والشراكة" في فترة رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي".
إعلان
يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون استغلال رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي للضغط من أجل أوروبا مستدامة وقوية ومستقلة، بحسب ما قال ماكرون أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، اليوم الأربعاء (19 يناير/ كانون الثاني 2022).
وأوضح ماكرون أن المبادئ الثلاثة العظيمة للاتحاد الأوروبي؛ الديمقراطية والتقدم والسلام، بحاجة إلى ترسيخ جديد، مضيفا أنه لا بد من الدفاع عن حكم القانون كمبدأ في أنحاء الاتحاد لهذا السبب بالتحديد. وتحدث الرئيس الفرنسي عن المناخ والرقمنة ومسألة الأمن والسلام في أوروبا باعتبارها أكبر التحديات التي تواجه التكتل. وأضاف ماكرون أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى العمل ببصيرة لا أن يسمح باعتماد مستقبله على قرارات تتخذها دول أخرى.
وتولت فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، لمدة ستة أشهر، في الأول من كانون الثاني/ يناير، واختارت شعار رئاستها "التحليق والقوة والشراكة".
ودعا ماكرون الأربعاء الأوروبيين إلى التحلي بـ"الجرأة" لكي يفرض الاتحاد الأوروبي نفسه "قوة مستقبلية"، "تتمتع بالسيادة" من أجل عدم الاعتماد على قوى أخرى عالمية. واعتبر أن أوروبا بحاجة إلى تأسيس "نظام جديد للأمن والاستقرار" يستدعي عملية "إعادة تسلح استراتيجية" و"محادثات صريحة" مع روسيا.
وخلص ماكرون الى القول إنه في مواجهة "الانقسامات بين الأوروبيين، علينا استعادة وحدة الصف ووضرورة التحلي بالجرأة (...) لدينا القوة للقيام بذلك ولدينا الإمكانات".
وأضاف أن هذه التطلعات سيتم تأكيدها طوال فترة الرئاسة الدورية الفرنسية للاتحاد الأوروبي، رغم أنه لم يشر إلى الأثر الذي قد تتركه عليها الانتخابات الرئاسية المرتقبة في فرنسا في 10 و24 نيسان/أبريل.
ولم يعلن ماكرون ترشحه رسميا بعد لولاية ثانية فيما يتهمه معارضوه باستخدام الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الاوروبي للقيام بحملته بدون قول ذلك مباشرة.
ومنذ انتخابه العام 2017 والذي احتفل به على وقع نشيد الاتحاد الاوروبي، يقدم ماكرون نفسه قائدا للموالين لأوروبا في مواجهة "القوميين" و"الشعبويين". وفي خطابه أكد أنه "لا العودة إلى القومية ولا تفكك هوياتنا سيوفران أجوبة على هذا العالم القادم" الذي يتميز "بعودة مآسي التاريخ". وتابع أن الأولوية هي الدفاع عن سيادة القانون التي هي "كنزنا" و"إعادة اقناع الشعوب التي ابتعدت عنها" في كل مكان.
الموقف من روسيا
وفي ظل خطر تصاعد أزمة أوكرانيا، دعا ماكرون إلى تأسيس نظام جديد للأمن والاستقرار في أوروبا، مشيرا إلى أن أعضاء الاتحاد الأوروبي يجب أن يصيغوا مقترحا ثم يشاركونه مع الحلفاء داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل أن يتم تقديمه إلى روسيا للتفاوض.
وقال ماكرون، الذي يتحدث في وقت تتنامى فيه المخاوف من حشد روسيا لقواتها على الحدود مع أوكرانيا، إن فرنسا وألمانيا تريدان مواصلة السعي لحل سياسي للتوتر المتعلق بأوكرانيا في إطار ما يطلق عليه "صيغة نورماندي" التي تضم أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا.
وشدد ماكرون على أن الحوار مع روسيا ما زال ضروريا. وأوضح أن سلامة الحدود وحرية اختيار الحلفاء ونبذ استخدام القوة، كانت كلها مبادئ اتفقت عليها أوروبا وروسيا قبل سنوات عديدة. وأنهى الرئيس الفرنسي خطابه بالقول: "الدفاع عن هذه المبادئ يقع على عاتقنا، نحن -الأوروبيين- وعن الحق الأصيل لسيادة الدول.
البحث عن حلفاء جدد
ومن ناحية أخرى قال ماكرون إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يراجع علاقاته مع دول البلقان الغربية وأن يقدم لها فرصا حقيقية للانضمام إليه.
وتابع أن على الاتحاد كذلك اقتراح تحالف جديد مع الدول الأفريقية، مشيرا إلى أن ذلك سيجري بحثه بين الاتحاد والدول الأفريقية في قمة تُعقد في فبراير/ شباط.
ص.ش/ ع.ج.م (د ب أ، رويترز، أ ف ب)
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.