في جلسة استماع مطولة أمام مجلس النواب الأمريكي، قال رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي إنّ بلاده خاضت "حرباً خاسرة" في أفغانستان وأن هذا "الفشل الاستراتيجي" كان "نتيجة لسلسلة قرارات استراتيجية تعود إلى زمن بعيد".
إعلان
أقرّ رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي الأربعاء (29 سبتمبر/ايلول 2021) أمام لجنة برلمانية بأنّ الولايات المتّحدة "خسرت" الحرب التي استمرّت 20 عاماً في أفغانستان، وذلك بعد شهر على انتهاء الانسحاب الأمريكي من هذا البلد وما رافقه من تخبّط وفوضى.
وقال الجنرال ميلي خلال جلسة استماع في مجلس النواب: "من الواضح والظاهر لنا جميعاً أنّ الحرب في أفغانستان لم تنته بالشروط التي أردناها، مع وجود طالبان في السلطة في كابول".
وقال إنّ بلاده خاضت "حرباً خاسرة"، مضيفاً : "لقد كانت كذلك، بمعنى أنّنا أنجزنا مهمتنا الاستراتيجية لحماية أمريكا من تنظيم القاعدة، ولكن من المؤكّد أنّ الوضع النهائي يختلف تماماً عمّا أردناه".
وتابع: "عندما يحدث شيء من هذا القبيل، تكون هناك عوامل تفسيرية كثيرة"، مشيراً إلى أنّ هذا "الفشل الاستراتيجي" كان "نتيجة لسلسلة قرارات استراتيجية تعود إلى زمن بعيد".
"فرص ضائعة"
واستشهد الجنرال ميلي بالفرص الضائعة لاعتقال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أو قتله بعد وقت قصير من بدء التدخّل في أفغانستان في 2001، وغزو العراق في 2003، وفشل واشنطن في منع باكستان من أن تصبح "ملاذاً" لطالبان، وسحب الجيش الأمريكي في السنوات الأخيرة مستشاريه العسكريين من الوحدات الأفغانية.
وشدد ميلي على أنه حذر في وقت مبكر من خريف عام 2020 من أن سحب القوات من أفغانستان بسرعة كبيرة قد ينتج عنه "استيلاء طالبان الكامل على السلطة" أو قد يؤدي إلى "حرب أهلية "، وتابع: "كان ذلك قبل عام ، وتقييمي لا يزال كما هو اليوم"، بحسب ما نشرت شبكة "آر ان دي" الألمانية.
لكن ميلي قال إن انهيار الجيش والحكومة الأفغانية بهذه السرعة لم يكن متوقعاً "على الإطلاق". وكانت وكالات الاستخبارات تتوقع استيلاء طالبان على السلطة في أواخر الخريف أو الشتاء ، وربما الربيع المقبل.
أفغانستان تقف على أعتاب كارثة انسانية مع استمرار ارتفاع أسعار السلع وندرة المعروض
02:30
بايدن لم يأخذ بالنصيحة
وقال ميلي والجنرال كينيث ماكنزي ، القائد الأمريكي المسؤول عن المنطقة ، إنهما اعتقدا أنه سيكون من الأفضل ترك حوالي 2500 جندي أمريكي في البلاد. ومع ذلك ، فقد تهرب الاثنان من أسئلة المتابعة حول ما نصحا الرئيس بشأن هذه القضية ومتى.
واختار بايدن عدم الأخذ بهذه النصيحة، مؤكداً في آب/أغسطس أنّه لم يتلقّها. وقال بايدن في 19 آب/اغسطس الماضي خلال مقابلة مع محطة "ايه بي سي" التلفزيونية "لم يقل أحد لي ذلك على حدّ علمي".
وبعدما تولّى جو بايدن سدّة الرئاسة ودقّق في تفاصيل الاتفاق مدى أشهر، قرّر تنفيذه إنما أرجأ الموعد النهائي للانسحاب إلى 31 آب/أغسطس.
ورأى الجنرال مارك ميلي أنّ ما حصل شكل "فشلاً استراتيجياً. فالعدو في الحكم في كابول. ولا مجال لوصف الوضع بطريقة أخرى". وحذّر كذلك من أنّ خطر إعادة تشكيل صفوف تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان "إمكانية واقعية جدا".
وتطورت العملية العسكرية الانتقامية الأميركية التي بدأت بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، إلى مشروع ضخم لإعادة بناء أفغانستان منعاً لعودة طالبان إلى السلطة. لكنّ هذا الأمر حدث في النهاية في 15 آب/أغسطس إثر هجوم خاطف شنّته الحركة المتشدّدة.
وعجّل انهيار الجيش والحكومة الأفغانيان بانسحاب الجيش الأمريكي والمدنيين الأفغان الذين تعاونوا معه، وتخلّل عملية الانسحاب في أيامها الأخيرة هجوم انتحاري استهدف محيط مطار كابول وتبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية.
وأقر قادة البنتاغون أمام مجلس الشيوخ الثلاثاء بأنّهم قلّلوا من شأن الإحباط الذي أصيب به الجيش الأفغاني بعد اتفاق تم التوصل إليه في شباط/فبراير 2020 بين إدارة الرئيس دونالد ترامب وطالبان وهو الاتفاق الذي نص على انسحاب جميع الجنود الأجانب من أفغانستان قبل 1 أيار/مايو 2021 مقابل ضمانات أمنية وبدء مفاوضات مباشرة غير مسبوقة بين المتمرّدين وحكومة كابول.
ع.ح./ا.ف. (أ ف ب)
في صور.. مشاهد الفرار من "إعصار طالبان"
يحاول كثيرون الفرار من أفغانستان، بعد أن تقدمت حركة طالبان إلى العاصمة كابول، مطيحة بالحكومة، بينما تقوم القوى الغربية بنقل المدنيين جوا من مطار كابول. مشاهد الرعب والتخوف في أفغانستان ضمن هذا الملف المصور.
صورة من: Wakil Kohsar/AFP/Getty Images
أفغان يائسون يحاولون دخول مطار كابول
تواصل العائلات الأفغانية محاولاتها اليائسة للوصول إلى مطار حامد كرزاي الدولي في كابول. وحتى الأطفال تدفقوا بين الحشود التي تسعى بكل قواها للهروب في اللحظات الأخيرة من حركة طالبان التي اقتحمت العاصمة.
صورة من: REUTERS
مستقبل غامض أمام الأفغان
كان أمام الأفغان خياران، منذ انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من البلاد، وأحلاهما مر: إما البقاء اعتمادا على قدرة القوات الحكومية على وقف زحف طالبان أو الفرار إلى الدول المجاورة. والآن بعد أن استولت حركة طالبان على العاصمة كابول، بات كثيرون الآن في مأزق، خصوصا مع الغموض الذي يلف المشهد الأفغاني، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث بعد ذلك.
صورة من: REUTERS
حشود غير مسبوقة تتجمع في المطار
المطار الرئيسي في كابول، والذي سمي على اسم حامد كرزاي، أول رئيس تولى السلطة بعد الإطاحة بطالبان، بات مسرحا لحشود يائسة مطلع الأسبوع، يحدوهم الأمل في ركوب الطائرات والفرار من طالبان. وبينما سارعت القوى الغربية لإجلاء مجموعات صغيرة، مؤلفة في معظمها من رعايا تلك الدول، وبعض الموظفين المحليين، تم إيقاف الرحلات الجوية التجارية من وإلى البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
طالبان تستولي على القصر الرئاسي
زحف طالبان الذي تواصل حتى سقوط العاصمة كابول، شهد سيطرة مقاتلي الحركة على القصر الرئاسي يوم الأحد (15 أغسطس/آب). وأظهرت مقاطع فيديو قادة ومقاتلي طالبان جالسين داخل القصر معلنين النصر في حملتهم ضد الجيش الأفغاني.
صورة من: Zabi Karim/AP/picture alliance
الخوف من حكم الإسلامويين
الأنظار تتركز الآن نحو الخطوات القادمة، إذ يخشى كثيرون من الحكم الإسلامي المتشدد لطالبان، رغم أن الحركة أصدرت بيانا زعمت فيه أنها لن تنتقم من الأشخاص الذين ساندوا التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة. خلال حقبة حكم طالبان السابقة، منعت النساء والفتيات من التعليم. والآن سارع السكان في كابول للتصرف قبل فوات الآن، محاولين إخفاء الصور التي قد لا يحبها الأصوليون.
صورة من: Kyodo/picture alliance
عبور الحدود إلى باكستان
وبينما اكتظت الحشود حول وفي داخل مطار حامد كرزاي سعيا منهم للمغادرة، كان هناك آخرون يعبرون الحدود برا باتجاه باكستان. وقال وزير الداخلية الباكستاني الشيخ رشيد أحمد لـDW إن حكومة بلاده أغلقت معبر تورخام الحدودي مع أفغانستان.
صورة من: Jafar Khan/AP/picture alliance
عودة طالبان لم تستغرق سوى أسابيع بعد الانسحاب الأمريكي
الولايات المتحدة وحلفاؤها دخلوا أفغانستان معلنين الحرب، بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001، وأطاحوا بحركة طالبان. ولكن بعد عشرين عاما انهار الجيش الأفغاني بشكل مفاجئ، بعيد انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو.
صورة من: Hoshang Hashimi/AP Photo/picture alliance
قيادة طالبان
الفترة الأولى لحكم طالبان امتدت من عام 1996 إلى عام 2001. وخلالها فرضت الحركة تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية. الحركة تأسست تحت قيادة الملا عمر. أما قائدها الأعلى اليوم فهو هبة الله آخُند زاده. الرئيس المؤسس المشارك الملا بردار، الظاهر في هذه الصورة، يترأس المكتب السياسي للحركة.
صورة من: Social Media/REUTERS
طالبان تنصب رايتها
تقول طالبان إنها مستعدة للسيطرة على البلاد، متعهدة أنها لن تضر بالمدنيين الذين تعاونوا مع القوات الغربية. وأكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، في تصريح أنهم "مستعدون لإجراء حوار مع جميع الشخصيات الأفغانية وضمان الحماية اللازمة لهم". الأمر نفسه أكده الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحفي له من كابول. قد يكون من الصعب تصديق هذا الكلام.
صورة من: Gulabuddin Amiri/AP/picture alliance
خطر على النساء والأطفال
من المرجح أن تعاني النساء والأطفال والأقليات الأخرى بشكل كبير تحت حكم نظام طالبان. فالنساء والفتيات منعن من التعليم خلال الفترة الأولى لحكم طالبان، والذي انتهى بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001.
صورة من: Paula Bronstein/Getty Images
فرار الرئيس غني
هرب الرئيس الأفغاني أشرف غني من البلاد في 15 أغسطس/آب. وصرح بالقول: "كي نتجنب الفيضان النازف، اعتقدت أنه من الأفضل الخروج"، لكنه شدد على أنه سيواصل الكفاح من أجل بلاده.
صورة من: Rahmat Gul/AP Photo/picture alliance
الرئيس السابق كرزاي يدعو للسلام
أنشأ القادة الأفغان مجلسا للقاء طالبان وإدارة نقل السلطة. الرئيس السابق حميد كرزاي، الذي يقود هذا المجلس، قال إن الهدف هو: "منع الفوضى وتقليل معاناة الشعب" وإدارة "انتقال سلمي" للسلطة.
صورة من: Mariam Zuhaib/AP Photo/picture alliance
جلاء الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون
قامت ألمانيا بإرسال طائرات عسكرية للمساعدة في الإجلاء من أفغانستان، بعد أن أغلقت سفارتها في كابول. الأمر نفسه تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، حيث تقوم بإجلاء القوات والدبلوماسيين ومسؤولين آخرين من البلاد.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
احتجاجات في الولايات المتحدة
خرج متظاهرون في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة للاحتجاج أمام البيت الأبيض مطالبين باستعادة السلام في أفغانستان. وقال الأدميرال مايك مولين: إن الولايات المتحدة وحلفاءها "قللوا من شأن تأثير ما تقوم به الحكومة (الأفغانية) الفاسدة".