ماسن ينتقد وسائل الإعلام أثناء مثوله أمام لجنة في البرلمان
١٢ سبتمبر ٢٠١٨
دافع رئيس الاستخبارات الداخلية الألمانية ماسن عن تصريحاته المثيرة للجدل بشأن وقائع معادية للأجانب في مدينة كمنيتس، وانتقد وسائل الإعلام في بلاده بشدة، وذلك خلال مثوله أمام لجنة الشؤون الداخلية التابعة للبرلمان الألماني.
إعلان
انتقد رئيس هيئة حماية الدستور في ألمانيا (الاستخبارات الداخلية) هانز-غيورغ ماسن، وسائل الإعلام في بلاده بشدة، وذلك خلال مثوله مساء اليوم الأربعاء (12 أيلول/سبتمبر 2018) أمام لجنة الشؤون الداخلية التابعة للبرلمان الألماني لتوضيح موقف بشأن تصريحاته المثيرة للجدل بشأن وقائع معادية للأجانب في مدينة كمنيتس، شرقي البلاد.
ونقل مشاركون في الجلسة عن ماسن قوله إنه لا يجب تحويل المطاردة إلى حقيقة واقعة عبر تكرار الكتابة عنها، مشيرا إلى أن المزاج العام لدى المواطنين حيال وسائل إعلام وصحفيين، سلبي. وعن مقابلته مع صحيفة "بيلد" والتي أثارت جدلا حادا، قال ماسن إنه لو عاد الأمر به، سيقدم المقابلة على نفس النحو الذي تمت به.
وذكر المشاركون في الجلسة أن وزير الداخلية هورست زيهوفر، الذي حضر الجلسة، قال إن ماسن لم ينسق معه بشأن محتوى المقابلة. وكان ماسن مثل في وقت سابق اليوم أمام اللجنة المختصة بالإشراف على عمل الاستخبارات. وفي أعقاب هذه الجلسة الأولى، أعلن ممثلو الكتل البرلمانية لتحالف المستشارة أنغيلا ميركل المسيحي (ويضم حزب ميركل المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري)، بالإضافة إلى الحزب الديمقراطي الحر، تأييدهم الواضح لماسن، فيما أعلن ممثلو الكتل البرلمانية لحزب الخضر واليسار أنه لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من المعلومات بشأن هذه التصريحات.
وقبل بدء الجلسة السرية، قال رئيس اللجنة أرمين شوستر: "لا بد أن ننهي الجدل المزعج حول تصريحات رئيس الهيئة"، مشيرا إلى أن النقاشات التي دارت خلال الأيام الماضية حول ماسن لم تكن مناسبة قياسا إلى المشاكل التي تواجهها البلاد والتي يتعين العمل على حلها.
ولم يدل ماسن بتصريحات لدى وصوله إلى مقر البرلمان. وكان ماسن برر تصريحاته في تقرير بعث به إلى وزارة الداخلية، وحصلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) على نسخة منه، بالخوف من حملات التضليل. ووجه ماسن في تقريره الذي جاء في أربع صفحات، والذي أرسله لوزير الداخلية هورست زيهوفر، أول أمس الاثنين، اتهامات لحساب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يحمل اسم "أنتيفا تسكنبيس".
وذكر ماسن في تقريره أنه من المرجح أن هذا الحساب وضع عن عمد عنوان "مطاردات في كمنيتس" على الفيديو، الذي من المفترض أنه يثبت وجود "مطاردات" في المدينة ضد أجانب، "لإحداث تأثير معين".
يذكر أن مواطنا ألمانيا (35 عاما) قُتل طعنا في كمنيتس يوم 26 آب/أغسطس الماضي خلال شجار مع مهاجرين. وتشتبه السلطات في تورط ثلاثة أفراد من طالبي اللجوء في الجريمة، ويقبع اثنان منهم حاليا في السجن على ذمة التحقيق، وتبحث السلطات عن الثالث حتى الآن. وفي أعقاب هذه الجريمة اندلعت احتجاجات وأعمال عنف معادية للأجانب في المدينة من جانب عناصر يمينية متطرفة.
وكان ماسن ذكر في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية يوم الجمعة الماضي أن المكتب الاتحادي لحماية الدستور ليس لديه معلومات دامغة عن حدوث مطاردات لأجانب في كمنيتس. وعارض ماسن بذلك تصريحات للمستشارة والمتحدث الحكومي شتيفن زايبرت. وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان ماسن قد أضر عموما بهيئة حماية الدستور بتصريحاته، قال شوستر:" هناك واحد فقط لديه مشكلة الآن وكلنا يعرف ذلك، وهو السيد جيورج-هانز ماسن نفسه"، وطالب شوستر ممثلي الكتل البرلمانية الأخرى بالتعامل النزيه مع ماسن حتى وإن كانت نتيجة تحليلهم للأحداث تتجه نحو "الاستقالة أو الإقالة".
ز.أ.ب/ع.ش (د ب أ)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.