1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رئيس الوزراء الصيني في برلين.. مدخل للتقارب وتعزيز العلاقات؟

١٩ يونيو ٢٠٢٣

في خضم نقاش مثير للجدل حول كيفية التعامل مع الصين، وصل رئيس الوزراء لي تشيانغ لألمانيا في زيارة لأول مرة. فالصين تريد تعزيز الشراكة مع برلين وتسعى لكسب الثقة. إنه سياسي متفهم لعقلية المستثمرين فماذا يمكن أن يقدم للبلدين؟

 رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ بضيافة المستشار أولاف شولتس في برلين (19.06.2023).
رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ بضيافة المستشار أولاف شولتس في برلين (19.06.2023).صورة من: Fabrizio Bensch/REUTERS

رحلته الأولى إلى خارج الصين قادته إلى برلين، التي وصل إليها الأحد 18 يونيو/ حزيران في زيارة لعدة أيام، حيث يُنتظر بفارغ الصبر كيف يخطط رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ لتشكيل العلاقات مع الشركاء الأوروبيين بعد جائحة كورونا.

فرئيس الوزراء الجديد، الذي سيقود الحكومة في بكين للسنوات الخمس المقبلة، ليس معروفا بشكل جيد في أوروبا. وحتى الآن، كان نشاطه السياسي يركز دائما على الصين نفسها. وساعده قربه من القطاع الخاص في الصين ومن الرئيس شي جين بينغ على الارتقاء إلى المرتبة الثانية في التسلسل الهرمي للحزب في المكتب السياسي خلف شي، وبالتالي أصبح تلقائيا رئيس الحكومة في مارس/ آذار 2023.

وعلى عكس أسلافه، لم يكن لدى الرجل البالغ من العمر 63 عاما أي خبرة في سلطات الدولة المركزية حتى الآن، وهذا أمر غير عادي بعض الشيء. لكن تشكيلة الوظائف التي شغلها من قبل هي أمر فريد من نوعه. فقد كان محافظا وزعيما حزبيا لأقوى ثلاث مقاطعات شرقية من الناحية الاقتصادية وهي جيانغسو وتشجيانغ وشنغهاي في دلتا نهراليانغتسي. ولم يكن تعيينه رئيسا للوزراء مفاجأة كبيرة للعديد من المراقبين.

لي يُقَوِّي القطاع الخاص

ليس هناك شك في أنه قادر على القيام بإصلاح اقتصادي. وعندما يتحدث لي، يمكنك سماع لهجة بسيطة تعود إلى مسقط رأسه، مقاطعة تشجيانغ، والتي أصبح حاكما لها فيما بعد. ومن أصل 100 شركة موجودة في المقاطعة هنالك 91 شركة مملوكة للقطاع الخاص تؤمن 87 في المئة من جميع الوظائف وفرص العمل. وقد أزال السياسي الإصلاحي لي تدريجيا العقبات البيروقراطية للاستثمار الخاص خلال فترة ولايته.

في وقت تزداد فيه انتقادات برلين للصين وصل رئيس الوزراء الصيني إلى برلين في زيارة تبدو أكثر صعوبة بعدما نشرت ألمانيا وثيقة تصف الصين على أنها "قوة معادية".صورة من: Huang Jingwen/Xinhua/picture alliance

وبالفعل في عام 2014، أنشأ لي منصة على الإنترنت لخدمة المواطنين والمستثمرين في المقاطعة التي يبلغ عدد سكانها 65 مليون نسمة. ومنذ ذلك الحين، أصبح تقديم الطلبات "لاورقيا" الكترونيا متاحا لجميع الشؤون الخاصة بالتراخيص والتصاريح تقريبا. وأصبح مشروع لي الريادي في وقت لاحق مشروعا نموذجيا في جميع أنحاء الصين.

عندما انتقل لي تشيانغ إلى منصب سكرتير الحزب في مقاطعة جيانغسو المجاورة (البالغ عدد سكانها 85 مليون نسمة مع ناتج اقتصادي يضعها في المرتبة الثانية بين جميع المقاطعات الـ 31 بعد قوانغدونغ/كانتون)، غادر لي مسقط رأسه لأول مرة في حياته السياسية في عام 2016. وكان وقتها يبلغ من العمر 56 عاما.

وبعد 14 شهرا، تمت ترقيته إلى سكرتير الحزب في شنغهاي، وكانت هذه هي المرحلة الأخيرة قبل الانتقال إلى بكين. وعلى الرغم من إلقاء اللوم عليه في إغلاق العاصمة الاقتصادية لمدة ثلاثة أشهر أثناء أزمة كورونا في عام 2022، إلا أنه اكتسب بذلك ثقة الموجودين بالمقر الرئيسي للحزب الحاكم.

"المجهول" رقم 2 خلف شي . رئيس الوزراء الصيني الجديد لي تشيانغ (الأول من اليمين) يصفق أثناء وقوفه بجوار الرئيس الصيني شي بينغصورة من: NOEL CELIS/AFP

متفهم لعقلية المستثمرين

كما لفتت مهاراته التفاوضية مع المستثمرين الأجانب الانتباه. على سبيل المثال، استطاعت شركة تسلا الأمريكية، كأول مصنع أصلي، أن تنشئ شركة تابعة لها بنسبة 100 في المائة في الصين في عام 2018. وبهذا، سلك لي تشيانغ سبلا جديدة بخصوص توطين الشركات الأجنبية لصناعة السيارات في شنغهاي. قبل ذلك كان المعتاد دائما هو أن يقوم المستثمرون الأجانب بإنشاء مشروع مشترك مع شريك صيني، وبذلك تمكن الشركاء الصينيون من اكتساب المعرفة التقنية على نحو أسرع.

وبموافقة لي، لم يتوجب على تسلا دفع ولا حتى دولار رمزي لموقع تبلغ مساحته 860 ألف متر مربع لأول مصنع "غيغافاكتوري" (تسمية تطلقها تسلا على مصانعها) خارج الولايات المتحدة. واستغرق بناء قاعات الإنتاج اثني عشر شهرا فقط من وضع حجر الأساس حتى تسليم السيارات من ماركة تسلا 3 للعملاء. واستخدم لي صلاته بالقطاع الخاص في المناطق النائية الصناعية للمقاطعات المجاورة ووجد بسرعة وموثوقية موردين لشركة تسلا. وفي عام 2022، تم تحقيق رقم إنتاج قياسي بلغ 100 ألف (سيارة) تسلا في شهر واحد فقط.

مصنع "غيغافاكتوري" (تسمية تطلقها تسلا على مصانعها) في شنغهاي بالصينصورة من: CFOTO/picture alliance

البحث عن تعاون وثيق مع أوروبا

في برلين، يتعين على رئيس الوزراء الآن القيام بجهود شاقة، فقد قال في بداية يونيو/ حزيران في حفل استقبال رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني لارس كلينغبايل في بكين: إن الصين وألمانيا دولتان مؤثرتان. وأضاف: "كلا البلدين ملتزمان بنية فعلية للتعاون. ومن الناحية الاستراتيجية، يجب أن نبقى ثابتين، وأن نعزز المحادثات بشأن المشاركة البناءة، ومن ثم نرسل للعالم إشارة بشأن المزيد من الاستقرار والقدرة على حل المشكلات بطريقة فعالة".

وبلغة واضحة: وفقا لتفسير الصين، يجب على ألمانيا أن تدافع بشكل مستقل عن مصالحها الخاصة ولا تتبع الولايات المتحدة بشكل أعمى في السياسة العالمية والاقتصادية. وفي صراع القوى العظمى بين واشنطن وبكين، هنالك منافسة شرسة على التفوق في المستقبل. وأدرجت الولايات المتحدة عددا كبيرا من الشركات الصينية على القائمة السوداء وفرضت عقوبات اقتصادية، خاصة في قطاع التكنولوجيا الفائقة، مثل أشباه الموصلات. ووفقا لرأي بكين، فإن هذه التدابير موجهة ضد التجارة الحرة والعولمة.

تدرك بكين جيدا أن الائتلاف الحاكم في برلين منقسم حول كيفية التعامل مع الصين. والاستراتيجية الكبرى للتعامل مع الصين، التي أعلنت عنها الحكومة الألمانية تثير الخواطر خلف الجدران الحمراء. ولم يعلن بعد عن تفاصيل النسخة النهائية لتلك الاستراتيجية. لكن الشيء الوحيد المعروف هو أن سياسة برلين تروج حاليا لـ" سياسة خارجية قائمة على القيم" والتي، جنبا إلى جنب مع مجتمع القيم الغربي، قد تهمش أو حتى تستبعد الصين الشيوعية. كما أن الاتحاد الأوروبي يرى في الصين "شريكا وغريما ومنافسا منهجيا".

قال رئيس الوزراء الصيني خلال استقباله رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني: إن الصين وألمانيا دولتان مؤثرتانصورة من: picture alliance/dpa

صوت موضوعي

وترى لجنة آسيا والمحيط الهادئ بالاقتصاد الألماني "APA" أن هذا الثالوث (شريك وغريم ومنافس) صحيح من حيث المبدأ، لكنها تدعو إلى "توازن مناسب بين الأبعاد الثلاثة في صنع السياسات". وتضيف "يجب على الحكومة الألمانية أن تراقب مخاطر وتكاليف سياسة مواجهة مع الصين وكذلك المخاطر المعقدة وطويلة الأجل الناشئة عن طموحات الصين العالمية". وينتظر الاقتصاد الألماني من حكومته "تعايشا مشتركا بشكل مسؤول، ونظما قادرة على التنافس ومترابطة في الوقت نفسه، ومزيدا من التطوير المسؤول للنظام العالمي متعدد الأطراف".

مازالت أوروبا أكثر انفتاحا نسبيا على الصين، مقارنة بدول أخرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، كما تقول، أغاثا كراتز في بودكاست مريكس. وأغاثا كراتز هي مديرة مجموعة روديوم البحثية (Rhodium Group) ومقرها نيويورك، وتوضح: "خطر وقوع تدهور سياسي في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين هو أمر حقيقي، وخاصة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. وإذا ما اتضح أن الصين تدعم روسيا بالأسلحة، فسيكون ذلك منعطفا كبيرا في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين، تلك العلاقات التي لا تقف على أساس جيد على أي حال".

وصحيح أن الرئيس الصيني شي جين بينغ انتقد في اجتماع مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الإيماءات الروسية المهددة باستخدام السلاح النووي، إلا أنه مع ذلك، منذ بداية الحرب ضد أوكرانيا، تُعتبر الصين حليفا وثيقا للكرملين. ورغم ذلك كله، ربما تكون الصين أيضا، من خلال ارتباطها المباشر بروسيا، الدولة التي لا يزال من الممكن أن يكون لها تأثير كبير على استعادة نظام السلم في القارة الأوروبية.

يوان دانغ/ ص.ش

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW